18 ديسمبر، 2024 9:36 م

النوروز في الإسلام والشعر العربي والأمم المتحدة !

النوروز في الإسلام والشعر العربي والأمم المتحدة !

يعتبر عيد النوروز من أقدم الأعياد في العالم ، إذ يرجع تاريخ الإحتفال بيوم النوروز الى أكثر من أربعة آلاف عام ، وإن أول من آحتفل به تاريخياً هم الكرد والفرس ، ومن ثم آنتقل الإحتفال به الى البلدان الأخرى بالمنطقة ، مثل في مصر خلال عهد الفراعنة الذي حكموها في غابر الأيام . ففي عهد الفراعنة كان يُطلق عند المصريين القدماء ب[ يوم الزينة ] ، حيث ذكره القرآن الكريم بالتسمية تماماً ، يقول القرآن مسجلاً حوار نبي الله موسى مع فرعون مصر الذي طلب من موسى تحديد موعد للمناظرة العلنية والتحدي العلني معه ، فقال : { قال ؛ موعدكم يومُ الزينة وأن يُحْشرَ الناس ُ ضُحىً } طه / 59
قال الكثير من مفسري القرآن الكريم في الماضي والحاضر بأن [ يوم الزينة ] المقصود في الآية المذكورة من سورة طه ، هو يوم النوروز ، أو كما بالكتابة العربية [ يوم النيروز ] . قال بذلك محمد بن أبي بكر القرطبي [ 1214 – 1272 ] ، وأبو محمد الحسن بن مسعود البغوي [ 1044 – 1122 ] ، والبيضاوي [ 1286 ت ] ، ومحمود شهاب الدين الآلوسي [ 1803 – 1854 ] ، ومحمد علي الصابوني [ 1930 – 2021 ] وغيرهم من المفسرين والعلماء في تفاسيرهم ، حيث قالوا بأن [ يوم الزينة ] المقصود به في القرآن الكريم هو يوم النيروز ، ويوم النيروز، أوالنوروز وكلاهما واحد وبنفس المعنى ، وهوبمعنى اليوم الجديد باللغتين الكرديةوالفارسية فإنه يصادف الربيع الذي فيه تحيى الأرض وتتزين بالورود والأزهار والخضرة وكثرة المياه وآعتدال المناخ ، لذا سماه المصريون القدماء بيوم الزينة ، وفي العصور المتأخرة تمت تسميته في مصر بيوم [ شم النسيم ] . عليه ، إن النوروز والإحتفال به إنتقل من كردستان وبلاد فارس الى مصر وغيرها من البلدان بالمنطقة مثل أفغانستان وتاجيكستان وآذربايجان وكشمير والهند وغيرها ، حيث مازالوا يحتفلون بالنوروز حتى أيامنا هذه !
بالأصل ، وعلى الراجح إن يوم النوروز ، أو عيد النوروز له جذور دينية تعود الى الديانة الزرادشتية التوحيدية الربانية السماوية بالأساس ، وليس له علاقة بالأسطورة ، أوبالأحرى الخرافة التاريخية المختلقة لكاوه والضحاك الملك على الإطلاق ، وقد بسطنا الموضوع في ذلك بالتفصيل ، في بحثنا المنشور عام 2003 بعنوان [ الكورد والأيْرَنة ] بتقديم الدكتور الراحل جمال نَبَزْ ومقدمة الأخ الدكتور جواد ملا المطبوع في لندن .
يقول الدكتور سليم نجيب حول آحتفال المصريين القدماء أيام الفراعنة بعيد النوروز : [ كان المصريون من أيام الفراعنة يحتفلون بعيد النيروز الذي أدخله الملك ماناوش في عهد الأسرة السابعة أو الثامنة ] . يُنظر كتاب ( الأقباط عبر التاريخ ) لمؤلفه الدكتور سليم نجيب ، ج 2 ، نقلاً عن مقالة : ( يوم الزينة يكشف رمسيس الثاني فرعون موسى ) لكاتبه المهندس محمد عبدالرزاق حويلي ، موقع ( إعجاز القرآن والسنة ) ,
عيد النوروز في السنة النبوية والتاريخ الإسلامي : وفق ما ورد في بعض من الأحاديث النبوية إن الصيام في يوم الزينة ، أي في يوم النوروز ، كما التصدُّق فيه ، هو من أجلِّ العبادات في الإسلام . قال رسول الله محمد – عليه الصلاة والسلام – : { من صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة ، ومن تصدَّق يومئذ أدرك ما فاته من صدقة تلك السنة } يُنظر كتاب ( المرويات الموقوفة للخلفاء الراشدين ) لمؤلفه فيصل بن عابد بن عباد اللحياني . بالإضافة وردت رواية عن كريب بن سعد قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : { إن الله تبارك وتعالى لا يسألكم يوم القيامة إلاّ عن صيام رمضان ، وصيام يوم الزينة } . وفي نفس الموضوع نقل الآلوسي [ ] المفسر المعروف للقرآن الكريم حديث أهمية الصيام في يوم الزينة ، أي في يوم النوروز . عن إبن عباس – رضي الله عنهما ، قال رسول الله محمد – عليهةالصلاة والسلام – : { من صام يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة } يُنظر كتاب ( روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني ) لمؤلفه الآلوسي ، ج 1 ، ص 11
وفي عهد الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – في عيد النوروز أحد من بلاد فارس قطعة من الحلوى ، فقال علي : ما المناسبة ..؟ ، فقال الفارسي : النوروز وشرح له ، فقال الإمام علي : { نيروزنا كل يوم } ، وذلك تعظيماً من الإمام علي بمناسبة النوروز الكريمة والمباركة.
النوروز في الشعر العربي : النوروز معروف لدى الشعراء العرب في العصر الأموي والعباسي ، وكذلك في العصر الحالي ، منهم البحتري الشاعر العربي الذي أنشد في النوروز ما يلي ؛
أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكاً * من الحسن حتى كاد أن يتكلما
وقد نبه النوروز في غلس الدجى * أوائل ورد كن بالأمس نوَماً

يقول أبو تمام الطائي في النوروز وكأنه يعتقد به شفاءٌ للناس ؛

قد شرَّد الصبح هذا الليل عن أفقه * وسوغ الدهر ما قد كان شرقه

سيقت الى الخلق في النيروز عافية * بها شفاؤهم جديد الدهر من خلقه

ويقول إبن الرومي في النوروز ؛

لم يبق للأرض سرٌ تكاتمه * إلاّ وقد أظهرته بعد خفاء

أبدت طوائف شتى من زواهرها * حمراً وصفراً وكل نبتٍ غيرا

فأسعد نوروزك المسعود طالعه * ياآبن الأكارم في خفض ونعماء

أما إبن المعتز فيقول عن النوروز ؛

كيف آبتهاجك بالنوروز يا أملي * فكل ما فيه يُحكيني وأحكيه

فتارة كلهيب النار في كبدي * وماؤُه كتوالي عَبْرتي ؟

وفي النوروز أدلى أبي نواس دلوه ، فقال ؛

يُباركنا النوروز في غلس الدجى * بنور على الأغصان كالأنجم الزاهر

ويقول الوليد البحتري في النوروز ؛
وقد نبه النوروز في غسق الدجى * أوائلُ وردٍ كنَّ بالأمس نُوَّما

يفتقها برد الندى ، فكأنه * بنت حديثاً كان قبل مكتما

ويقول إبن الرومي في النوروز معتقداً كأنه مثل عيد الأضحى المبارك ؛

أسعد بعيد أخي نُسُكٍ وإسلام * وعيدٌ لَهُوَ طليقُ الوجه بَسَّام

عيدان ؛ أضحى ونوروزٌ كأنها * يوماً فعالك من بُؤسٍ وإنعام

أضحت يمينك في النوروز فائضة * بالمال لا الماء فيضاً غير أرهام .

الأبيات الشعرية للشعراء العرب إقتبستها من الأنترنيت .

الأمم المتحدة ؛ نوروز يوم عالمي !

في عام 2009 أدرجت منظمة الأمم المتحدة يوم النوروز كيوم دولي وعالمي للبشرية ، وفيما يلي شطراً من قراها ؛

[ الأمم المتحدة ، الجمعية العامة ، الدورة الرابعة والستون ، البند 49 من جدول الأعمال .

قرار إتخذته الجمعية العامة في 23 شباط / فبراير 2010 .

64 / 253 – يوم نوروز الدولي

إن الجمعية العامة ؛

إذ تعيد تأكيد مقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه ، وبخاصة تحقيق التعاون الدولي في الميادين الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ،

وإذ تشير الى قرارها 56 / 6 المؤرخ 9 تشرين الثاني / نوفمبر 2001 المتعلق بالبرنامج العالمي للحوار بين الحضارات ، وإذ تشير أيضاً الى إعلان مباديء التعاون الثقافي الدولي الذي إعتمده المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 4 تشرين الثاني / نوفمبر 1966 ،

وإذ تؤكد الإعلان العالمي المتعلق بالتنوع الثقافي الذي آعتمده المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2001 ، بما في ذلك مناشدته تدعيم أوجه التضامن القائم على أساس الإعتراف بالتنوع الثقافي والوعي بوحدة الجنس البشري ، وتنمية العلاقات المتبادلة بين الثقافات ،

وإذ تأخذ في آعتبارها إتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي التي آعتمدها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة في 17 تشرين الأول / أكتوبر ، وإذ تُسلِّمُ بأهمية حماية التراث الثقافي غير المادي ، بما في ذلك الممارسات الإجتماعية والطقوس والمناسبات الإحتفالية ، على الصعيدين الوطني والدولي ،

وإذ تضع في آعتبارها التضامن القائم بين التراث الثقافي غير المادي ، والتراث الثقافي المادي والطبيعي ، وإذ ترحب بقيام منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة في 30 أيلول / سبتمبر 2009 بإدراج عيد نوروز في القائمة النموذجية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية . ] يُنظر القرار الأممي بكامله لمنظمة الأمم المتحدة حول جعلها يوم النوروز يوماً عالمياً للبشرية على موقعها في الأنترنيت .