خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
خاض الاقتصاد الإيراني، في العام 2020م، مرحلة من التقلبات والتوتر المتزايد في الأسواق المختلفة، تلكم التقلبات التي كانت مدمرة وماتزال آثارها قائمة.
فقد ارتفع معدل السيولة بسبب المخاوف المتزايدة من إنهيار قيمة العُملة الوطنية وانكماش الودائع المصرفية، فضلاً عن تدهور العوائد، وقد تكاتفت عوامل مثل خطأ الحكومة في الإقتراض من “البنك المركزي”، وطباعة المزيد من العُملات، والاستيلاء على “صندوق التنمية الوطنية” في توفير التكاليف، واشتداد العقوبات، وانتشار جائحة (كورونا)؛ في ارتفاع معدلات التضخم، وتحولت “إيران” بفضل هذا النمو غير المبارك إلى واحدة من الدول الخمس في العالم التي تعاني من تضخم مزدوج الرقم.
ويرى بعض الخبراء أن معدل التضخم تجاوز، في بعض المراحل؛ نسبة 50% بالمخالفة للتقارير الشهرية الصادرة عن المراكز الرسمية، مثل “البنك المركزي” و”مركز الإحصاء” وغيرها.
ولا يمكن أن تجد سوق في “إيران” لم يتأثر بنمو السيولة، والتضخم، وتقلبات العُملة. والمعروف أن العُملات الأجنبية من أهم المتغيرات في الاقتصاد الإيراني، وذلك بسبب إرتباط الاقتصاد الإيراني الكامل بعوائد العُملات الأجنبية نتاج مبيعات النفط، خلال الأربعين عامًا الماضية، ما تسبب في تجاهل المسؤولين للاقتصاد الوطني.
وقد واجه الدولار، منذ بداية العام 2020م، تغيرات عجيبة وسجل أرقام تاريخية، حيث ارتفعت قيمة الدولار بشدة وتكبد الاقتصاد الإيراني خسائر فادحة بسبب التغير اللحظي في قيمة الدولار. بحسب صحيفة (آرمان ملي) الإيرانية.
اضطراب سوق العُملة والذهب..
يرتبط سعر الذهب، في “إيران”، بالسعر العالمي كأي دولة أخرى، ومع تفشي وباء (كورونا) في العالم، إزداد الإقبال على شراء الذهب، في “إيران”، إذ يعكس مؤشر المتغيرات الاقتصادية ارتفاع فيمة أوقية الذهب العالمي؛ رغم تقييد مصادر التأمين بسبب الوباء ونقص المعروض.
لذلك فقد اتجه الجزء الأكبر من الاستثمارات الكبيرة والصغيرة، على السواء، باتجاه سوق الذهب. ومع زيادة الطلب على سوق الذهب سجلت أسعار الذهب والعُملات أرقامًا تاريخية، وبلغ سعر العُملة 16 مليون طومان، وغرام الذهب، عيار 18، حوالي 2 مليون طومان !
وعزا البعض أسباب الزيادة في “ضغوط الحد الأقصى” الأميركية على “إيران”، والآمال معقود على إصلاح الوضع بعد انتخاب “بايدن”؛ واكتشاف مصل (كورونا).
سوق السيارات في ركود..
السيارة؛ من السلع المحلية، والتي قلما ترتبط بالخارج، بحسب تأكيد المسؤولين ! مع هذا فقد إزدادت أسعار السيارات بسبب تقلبات العُملة والضغط على الاقتصاد المحلي وزيادة تكلفة الإنتاج.
وهذا في الحقيقة منطقي، لكن المشكلة الأخرى تكمن في الإقبال على السوق الحرة رغم ارتفاع الأسعار في السوق الحرة بمقدار الضعف وربما ثلاثة أضعاف.
وزيادة الطلب مرتبط بالمخاوف من ارتفاع أسعار السيارات، وهو ما تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل كبير. ناهيك عن تصريحات المسؤولين الواهية.
بشكل عام؛ فقد واجه سوق السيارات طفرة غير مسبوقة، بحيث وصل سعر السيارة (برايد)، 200 مليون طومان !، لكن بالنهاية تغير هذا المسار بانخافض سعر العُملة. حيث اختبر سوق السيارات، في الأسبوع الأول، من إنهيار سعر الدولار؛ تراجع في الأسعار بقيمة 50 مليون طومان بما يؤشر إلى حقيقة كذب الأسعار.
والآن وبعد التعادل الطفيف في الأسعار، يعيش سوق السيارات حالة من الركود والكساد بسبب التوقعات بانخفاض الأسعار وعزوف المشتري.
إقفال السعر على سوق الإسكان..
المسكن؛ من أهم الاحتياجات، وقد تحول إلى أكبر الاحتياجات تكلفة بالنسبة للأسرة. وقد ارتفعت أسعار سوق الإسكان على نحو جعل متوسط سعر الوحدة السكنية، في مدينة مثل، “طهران”، حوالي 28 مليون طومان، وهو ما يخرج عن نطاق قدرة قطاع عريض من الكتلة السكنية، التي تحصل على عوائد شهرية ثابتة.
ومع انكماش القدرة الشرائية، ارتفعت الإيجارات على نحو مخيف، بحيث إزدادت في بعض الحالات عن العائد الشهري.
واختبر سوق الإسكان، كما السيارات، حالة من الكساد، بحيث لم يُعد أحد يعرف ماذا يفعل !.. فقد إزدادت الأسعار من جهة؛ وانكمشت القدرة الشرائية من جهة أخرى، وهذا التضاد تسبب في حالة من الكساد بسوق الإسكان وختم بالحقيقة على هذا السوق بشكل قوي ومتين.