خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة تحسم الجدل المتفجر، صوت “البرلمان العراقي”، أمس الخميس، بأغلبية أعضائه، على تعديل “قانون المحكمة الاتحادية العليا”.
ووفق بيان صادر عن “مجلس النواب”، جرى التصويت على تعديل المادة الثالثة ومادة جديدة من قانون التعديل الأول، (الأمر رقم 30 لسنة 2005)، من “قانون المحكمة الاتحادية العليا”.
وتم تمرير التعديل بأغلبية الأصوات؛ خلال جلسة حضرها 204 نواب، من أصل 329، وذلك وسط مقاطعة النواب الكُرد وممثلي الأقليات.
هذا التصويت يأتي على تعديل القانون؛ بعدما فشلت الكتل السياسية في التوافق بشأن مشروع قانون المحكمة الاتحادية الجديد، إذ يتطلب تشريعه حضور ثلثي عدد أعضاء البرلمان.
وخلال الفترة الماضية، صوت البرلمان على تمرير 21 مادة من مشروع “قانون المحكمة الاتحادية العليا” الجديد، وكانت الخلافات تدور بشأن ثلاث مواد لم تتوصل القوى السياسية إلى توافق بشأنها.
وكانت الخلافات قد تركزت حول منح مقاعد لفقهاء الشريعة الإسلامية، من المذهبين الشيعي والسُني، في المحكمة الاتحادية، وإعطائهم صلاحية التصويت على القرارات.
كما دارت الخلافات حول آلية التصويت في المحكمة الاتحادية، فيما إذا كان الإجماع مطلوبًا لتمرير القرارات أو الأغلبية البسيطة.
مباشرة تطبيق القانون من يوم الإثنين..
وفي وقت سابق من أمس، الخميس، أكد “مجلس القضاء الأعلى”، في “العراق”، مباشرته بتطبيق قانون المحكمة الاتحادية العليا، بدءًا من الإثنين المقبل.
وقال المركز الإعلامي لمجلس القضاء، في بيان؛ أن رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي “فائق زيدان”، دعا أعضاء المجلس للاجتماع، صباح الإثنين 22 آذار/مارس الحالي، لتطبيق تعديل “قانون المحكمة الاتحادية”، رقم 30 لسنة 2005، الذي أقره “مجلس النواب”، اليوم.
وأشار المركز الإعلامي لمجلس القضاء؛ إلى أنه: “سوف يتم في الاجتماع تكريم رئيس وأعضاء المحكمة الاتحادية الحالية بمناسبة إحالتهم على التقاعد”.
انتصار لمدنية الدولة..
واعتبر نواب البرلمان، في تصريحات؛ أن التصويت جاء انتصارًا لمدنية الدولة، منوهين إلى انه لم يتضمن تعيين فقهاء في الدين أو خبراء قانونيين؛ باعتبار أن أعضاء المحكمة المعينين يتمتعون أصلاً بخبرات واسعة في المجالين، حيث نص قانون المحكمة على تعيين قضاة مستمرون بالخدمة لا تقل خدمتهم في القضاء عن 15 عامًا.
ويخلو التعديل الجديد لقانون المحكمة من إضافة فقرة الفقهاء، كون القانون السابق لا يشمل هذه الفقرة، وتم فقط تعديل الفقرة الثالثة الخاصة بتعويض القضاة المتوفين والمحالين إلى التقاعد في المحكمة الاتحادية، كما أن المحكمة الحالية برئيسها وأعضائها سيحالون جميعها إلى التقاعد وفق قانون التقاعد النافذ .
وسيقوم “المجلس الأعلى للقضاء” باختيار قضاة المحكمة الجدد وإرسال ترشيحاتهم إلى رئيس الجمهورية لإصدار مرسوم جمهوري بتعيينهم .
تشكيل المحكمة الاتحادية العليا..
وينص تعديل القانون على أن تتكون “المحكمة الاتحادية العليا”؛ من رئيس ونائب للرئيس وسبعة أعضاء أصليين، يتم اختيارهم من بين قضاة الصنف الأول المستمرين بالخدمة ممن لا تقل خدمتهم الفعلية في القضاء عن 15 عامًا.. وللمحكمة ثلاثة أعضاء احتياط غير متفرغين يتم اختيارهم من بين قضاة الصنف الأول المستمرين بالخدمة؛ ممن لا تقل خدمتهم الفعلية في القضاء عن 15 عامًا.
وواجه “البرلمان العراقي”، منذ أسابيع، خلافات ظهرت، منذ عام 2005، حول مادة خلافية في مشروع قانون المحكمة الاتحادية حول منح مقاعد لفقهاء الشريعة الإسلامية من المذهبين، الشيعي والسُني، في المحكمة بصلاحية التصويت على القرارات بالموافقة أو النقض أو يكون دورهم استشاريًا فقط.
كما واجه البرلمان أيضًا خلافًا حول آلية التصويت في المحكمة؛ فيما إذا يكون بالإجماع أو بالأغلبية البسيطة.
وقفات احتجاجية ضد قانون المحكمة..
وشهدت العاصمة العراقية، “بغداد”، ومحافظات جنوبية، على مدى الأيام السابقة؛ وقفات احتجاجية ضد قانون المحكمة ينظمها قانونيون وناشطون معتبرين أنه يحتوي نصوصًا تُرسخ المحاصصة والطائفية .
ورأى المحتجون أن تشريع قانون المحكمة، بصيغته الحالية؛ إنهاء لآخر اُسس الدولة المدنية، وطالبوا بسحبه وإكمال نصاب المحكمة الحالية من القضاة ومنح صلاحيات لرئيس المحكمة الاتحادية لترشيح قضاة فقط لتولي مهامها.
مطالب بالتدخل الدولي للحفاظ على مدنية القانون..
وفي نفس السياق، طالب عدد من النواب العراقيين، الذين يمثلون الأقليات، المجتمع الدولي، بالتدخل حفاظًا على مدنية القانون وبما يمنع تجاهل حقوق الكثير من الشرائح المجتمعية.
كما حذر خمسة نواب عراقيين، في بيان؛ من إن يؤدي القانون إلى خلق إشكاليات جديدة تؤثر على التماسك المجتمعي في البلاد وتفرض إرادة الأغلبية على الآخرين.
من الجدير بالذكر، أنه لن يمكن إجراء الانتخابات المبكرة المنتظرة، في العاشر من تشرين أول/أكتوبر المقبل، ما لم يمرر البرلمان “قانون المحكمة العليا”؛ لأنها المكلفة بالمصادقة على نتائج الانتخابات لكي تكتسب شرعيتها.
يُذكر أن عمل المحكمة ظل معطلاً بسبب وفاة إثنين من أعضائها، التسعة، وتقاعد ثالث، وهو ما أدى إلى اختلال النصاب الذي أعاق دورها في تفسير الخلافات على الدستور أو المصادقة على نتائج الانتخابات، إضافة إلى أن أغلب القضايا التي تطرح للتقاضي أو الاستفسار وغيرها من المهام المحددة عادة ما تكون سياسية، بمعنى أنها هيئة قضائية، لكنها تتعامل في الغالب مع قضايا سياسية.
مهام المحكمة الاتحادية..
وتُعتبر “المحكمة الاتحادية العليا”؛ هي أعلى محكمة في “العراق”، وتختص في الفصل في النزاعات الدستورية، وقد أنشئت وفق المادة (93) من الدستور العراقي، لعام 2005، وقراراتها باتّة وملزمة للسلطات كافة، وهي مستقلة بشكل كامل عن القضاء العادي، ولا يوجد أي إرتباط بينهما، مقرها في “بغداد”، وتتكوّن من رئيس وثمانية أعضاء .
ومهمة المحكمة هي الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور والفصل في القضايا التي تنشأ عن تطبيق القوانين الاتحادية والقرارات والأنظمة والتعليمات، والإجراءات الصادرة عن السلطة الاتحادية والفصل في المنازعات التي تحصل بين الحكومة الاتحادية، وحكومات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية والفصل في الاتهامات الموجهة إلى رئيس الجمهورية، ورئيس مجلس الوزراء والوزراء، إضافة إلى المصادقة على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية “مجلس النواب”.