27 ديسمبر، 2024 2:00 م

الامام الحسين.. منار للأحرار وأنموذج الانتصار

الامام الحسين.. منار للأحرار وأنموذج الانتصار

العالم الاسلامي من شرقه الى غربه ومن شماله الى جنوبه يعيش فتنة استعمارية – صهيونية – رجعية خبيثة تديرها عقول حاقدة ساخطة على الاسلام والمسلمين بدافع الانتقام لبدر وخيبر والخندق والنهروان وصفين، فألبست مشروعها النفاقي حلة ديمقراطية مزيفة فتنوية مررته عبر “سقيفة بني ساعدة” في لحظات كان لابد لها أن تلتف حول وصايا خاتم الأنبياء والمرسلين رسول رحمة رب العالمين (ص) والذي “وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” 3و4 سورة النجم، لتعلو كلمة الاسلام وتصدح عالياً في سماء المعمورة وتعم الدنيا والبشرية بنعمة السماحة والتساوي والعدالة والسمو والرفعة والعزة الإلهية .

ارتأوا أن يعيدوا الأمة الى الظلمة والجاهلية والقبلية وسطوة القوي على الضعيف لتحل الوثنية محل العبودية للخالق المتعال ويكون النفاق والشقاق والظلم والاستعباد والاستحقار والتزوير نهج وشيمة السلطويين في عالمنا الاسلامي منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا يعبثون بمقدرات وقدرات ومقدسات الأمة عبر فتاوى وعاظ سلاطينهم الذين أعمى الله قلوبهم قبل أعينهم ليمزقوا جسد الأمة وينهشوا فيه كما تنهش الذئاب والضباع بجسد فريسة غدرها وتتكالب عليه وهو ما يفعلونه اليوم من قرضاويهم وآل شيخهم ومن قبلهم بن بازهم و.. في استباحة دم وعرض وثروات المسلم البريء في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وبلاد الحجاز و..غيرها من ديار المسلمين .

الامام الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهما السلام الذي نعيش اليوم الثالث من شعبان المعظم ذكرى ولادته المباركة والميمونة، كان ثائراً في أسلوب داعية، وداعية في خط التغيير الذي بدأ نهضته وثورته الإلهية منذ أن قال: “لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا آقر إقرار العبيد”. وهنا لم يجد بدّاً من أن يواجه العنف بالرفض الحديدي الصارم.. فكانت نهضة عاشوراء ثورة في خط الامامة، ودعوة اخلاقية جهادية شجاعة يراد لها تحرير الانسان من رقّ العبودية للقوي والمستعمر والوثنية وتقديس العبد دون المعبود.

نهضة عاشوراء ومعركة كربلاء للامام الحسين بن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليهما السلام، هي بداية الصرخة المدوية على طول العصور والدهور والقرون منذ عام 61 للهجرة وحتى قيام الساعة، ضد الظلم والاضطهاد والعنف والقسوة واستحمار الآخرين لتبقى راية الاسلام الوضاءة ترفرف عالية في أرجاء المعمورة وتبقى صدحاً ومناراً ومنهاجاً لكل الأحرار والأباة ومن يصبو للحرية والعدالة والديمقراطية والمساواة والعيش الآمن .

تضحية سيد الشهداء وأهل بيته وانصاره الميامين في يوم عاشوراء والتي سحرت النفوس لم تزدها السنون إلا توقداً وإنارةً وعزةً وتمسكاً بها من قبل طلاب الحق والحقيقة مقارعة الظلم والطغيان والفرعنة والنفاق، نهضة عاشوراء هي ثورة روحية لها معان سامية من ورائها حكمة إلهية كبيرة دللت كل الدلالة على أن الخالق المتعال لا يرضى للإنسان أن يعيش بدون عقيدة أو عقيدة مشوهة مزيفة مكسية بحلة دينية منحرفة، فكانت ثورة كربلاء المباركة لتعد إنسان المستقبل العارف للحق والمميز للفساد في الحكم والطغيان.

لذا يجب علينا أن لا نتحرك مع الامام الحسين(ع) في التاريخ فقط بل يجب أن نسير معه واقعا وثورة وتغييراً، وليكن كلّ واحد منا حسيناً ولو بنسبة واحد بالمئة. فعندما نعيشه في منهجه وفكره وروحه وانفتاحه على قضية العدل والحرية في الإنسان فإن كربلاء تلك المدرسة التي وصفها الآثاري الانكليزي وليم لوفتس: “قدم الحسين بن علي أبلغ شهادة في تاريخ الانسانية، وارتفع بمأساته الى مستوى البطولة الفذة”، أو قال عنها الباحث الغربي الشهير جون أشر: “مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي”؛ لتستطيع أن تجد جمهورها فينا ولا تتحدث فقط عن جمهورها في سنة 61 للهجرة.

من هنا يأتي المغزى من أوامر أئمة أهل البيت عليهم السلام في إحياء الشعائر الحسينية التاريخية الإسلامية مآتمها وأفراحها والتأكيد على لعن أعدائهم وظالميهم والتبري منهم لأنها تمثل صرخة الشعوب ضد الحكام الظالمين على مر التاريخ والى الأبد وفي مقدمتهم لعن بنو أمية وما قاموا به من مظالم ضد العترة الطاهرة وشيعتهم واتباعهم منذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا مما نفذه ويواصله أحفادهم وأشياعهم في الإرهاب التكفيري السلفي الوهابي في بلاد المسلمين بدعم البترودولار الخليجي السعودي البحريني الإماراتي القطري الاخونجي لعنهم الله جميعاً.

الصرح الذي رسمه أبا الأحرار وسيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، بقيّ يصدح في ربوع المعمورة وأضحى مناراً وضاءاً يهتدي به جميع الاحرار والمقاومين في كل مكان ولن يقتصر على المسلمين الشيعة لوحدهم ليسطروا الملاحم والانتصارات الواحد تلو الآخر بل تعدى حدود العالم الاسلامي وتمسك به غير المسلمين ايضاً ليحققوا ما كانوا يصبون اليه طيلة عقود بل قرون طويلة في الحرية والاستقلال.

لا تزال صرخة “غاندي” مؤسس الهند الجديدة ورائد مسيرة استقلالها تكتسح التأريخ وتدوي في سماء الذين ينشدون العيش السليم والحرية وهو يقول:”لقد طالعت بدقة حياة الامام الحسين، شهيد الاسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلابد لها من اقتفاء سيرة الامام الحسين”، أو كما قال “محمد علي جناح” مؤسس دولة باكستان..”لا تجد في العالم مثالاً للشجاعة كتضحية الامام الحسين بنفسه واعتقد أن على جميع المسلمين أن يحذو حذو هذا الرجل القدوة الذي ضحّى بنفسه في أرض العراق”.

من هنا “لابد في المرآثي وفي مديح أئمة الحق عليهم السلام من ذكر تلك المظالم وظلم كل الظالمين في كل عصر ومصر ولابد من الاستمرار في تذكر هذه المظالم لكي تعتبر الأمم وتحيا الشعوب المستضعفة… وعلينا جميعا أن نعلم بأن ما توجب الوحدة بين المسلمين، هي هذه المجالس والمآثر السياسية التي تصون الأمة الاسلامية وتحفظ أتباع أهل البيت عليهم السلام” الامام الخميني/قدس سره/ في صحيفة النور ج 10 ص 31.