منذ الايام الاولى التي تم فيها إقامة نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، سعى رجال الدين الذين هم الحاکمون الفعليون في هذا النظام، لإضفاء البعد المقدس على النظام وبالتالي تبرير کل تصرفاته وجرائمه وإنتهاکاته وفق ذلك وإعتبار کل من يخالف هذا النظام من إنه يقف بوجه الله وإن دمه مباح وهذه الاجواء التي فرضها رجال الدين السائرون على نهج خميني هي نفس الاجواء التي کانت سائدة في أوربا أيام الاستبداد الکنسي ومحاکم التفتيش سيئة الصيت، واليوم إذ تلاحق هذا النظام العديد ملفات الجرائم التي قام بإرتکابها عنوة خلال الاعوام ال41 المنصرمة، فإن تبريراته بجعل تلك الجرائم تبدو مقدسة صارت مجرد هواء في شبك وليس لايأخذ أو يصدق بها أحد بل وحتى إن العالم کله يسخر منها أشد سخرية.
مجزرة صيف عام 1988، والتي وعلى الرغم من کل المحاولات المحمومة التي بذلها ويبذلها هذا النظام من أجل جعلها تبدو مقدسة وصرف الانظام عنها، لکنها لازالت کوابيسها تلاحق النظام الايراني، ذلك إن ملفات الإعدامات التي نفذت بحق آلاف المعارضين في صيف عام 1988 تصل لهيئات دولية من محاكم السويد إلى محققي الأمم المتحدة وبصورة ملفتة للنظر بحيث إن هذا الموضوع ومواضيع أخرى مشابهة نظير عمليات الاغتيال التي طالت رموز المعارضة الايرانية الفعالة في بلدان أوربا وأمريکا الشمالية، تطارد النظام وتشکل له مشکلة غير عادية خصوصا وإنه يقف اليوم في موقف ووضع معادي ومخالف ويمکن في أية لحظة أن تصبح هذه الجرائم دعاوي قانونية مرفوعة ضده.
وبهذا السياق وضمن سلسلة مقالات تحت عنوان “الجرائم المقدسة”، سلط موقع “إيران واير” الناطق بالفارسية، الضوء على هذه الإعدامات بعد مرور ثلاثة عقود على حدوثها. واعتبر الموقع أنها تشكل “قتلا خارج نطاق القضاء”، مؤكدا أنها لم تصبح على رفوف التاريخ بل لا تزال حاضرة في الرأي العام الذي لم ينس أبعادها. وقد ذکر “إيران واير” أن القليل من الإيرانيين كانوا على دراية بقضية الإعدامات الجماعية حتى سنوات قليلة مضت. ولكن خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2017، لفتت القضية الأنظار من جديد خلال الدعاية الانتخابية للمرشحين، حيث خرجت “الهياكل العظمية” للذين نفذت فيهم أحكام الإعدام الجائرة من صناديق السياسيين الإيرانيين في أحد البرامج السياسية الأكثر شعبية في إيران خلال حملة الانتخابات الرئاسية. ولذلك فإن النظام الديني الاستبدادي لايمکن أبدا التصور بأنه قد تخلص من آثار وتبعات هذا الجرائم أو نجح في التغطية عليها بل إن الحقيقة هي على العکس من ذلك تماما إذ أن سجله الاسود فيمجال إرتکاب مختلف الجرائم اللاإنسانية قد فضحته وجعلت العالم کله يعلم بأنه نظام أبعد مايکون عن المقدس!