26 نوفمبر، 2024 3:23 م
Search
Close this search box.

حلم عراق  ما بعد الحرب الطائفية

حلم عراق  ما بعد الحرب الطائفية

إن طبيعة الإجابة على التساؤلات التى تفرضها (إنماط التحول التنموي) ستساهم فى تشكيل الملامح العامة لعراق  مرحلة مابعد الحرب  الاهلية والأبعاد التنموية الاقتصادية والسياسية بل وحتى المجتمعية والثقافية التى ستستند عليها انماط هذه التحولات . هل تنتهي  الحرب عبر التسوية الشاملة (ذات الطبيعة المتعددة) ؟ وهل كان الحل حلاً تفاوضياً تساومياً (ذو طبيعة تاريخية) روعيت فيه المصالح المشروعة لكل الاطراف المتصارعة ؟ أم هو حل (صفرى) يقوم على حرمان الاطراف الاخرى بصورة تلقائية من المشاركة فى عبء صناعة المستقبل والتعبير المشروع ?لذى يضمن أدوارها الثقافية والمجتمعية والسياسية بل وحتى فى حقها فى الوجود الحر والمستقل .
* العائديه المتوقعة من المشاركة السياسية فى السلطة،كلما كان كبيراً، كلما زادت درجة التكتل، وحدة النزاع القبلى والإثنى حتى وإن توفرت فرص للمشاركة فى القطاع الخاص فضلا عن العام  ، فإن الدولة تبقى مصدر ريعى مهم ، فهى المخدم الأساسى الذى يوفر الإمتيازات السلطوية، فلابد من إقتناص الفرص التى تؤفرها أوالإنفصال ببناء الدولة الخاصة بالمجموعة الوطنية.ومن حالات عديدة يمكن أن تعد نهاية الحرب الطائفية : سواء باللامركزية أو الفيدرالية اوالكونفدرالية أو حتى حق تقرير المصير أو الإنفصال والإستقلال للاقاليم  تصب فى إطار محاولات الصفوة الطائفية أو الاثنية (سواء أكانت أقلية أو أغلبية ) إلى إنجاز طموحات دولتها التى تحقق مصالحها السياسية الخاصة وليس بالضرورة مصالح وطموحات جماهيرها وحتى لايحدث فى مشروع التسوية السلمية العراقية هذا المآل ينبغى إتاحة فرصة المشاركة السياسية الطبيعية (غير المصنوعة) وإطلاق حرياتها دون قيود فى التعبير عن قواها الإجتماعية الحية ومشاريعها المستقبلية المستقلة دون تدخل أو وصاية مهما تعددت مسبباتها،وكفالة التحول الديمقراطي السلمى والوحدة الطوعية على قاعدة الحق فى تقرير المصير فى مشروع التسوية للمجتمع والدولة مابعد الحرب الطائفية.
العوامل الاستراتيجية والأبعاد الأمنية والميليشية المسلحة للتنمية بالمجتمع والدولة مابعد الحرب الطائفية
تتصل الترتيبات الأمنية والميليشية المسلحة التى ستتوصل إليها الأطراف المتنازعة بصورة محورية بالأبعاد الإقتصادية للتنمية والسلام فى دولة ومجتمع ما بعد الحرب الطائفية. وليس واقع الحال بالضرورة مايتم توصيفه فى الخطاب الآيدولوجي الرسمي لمشروع التسوية السياسية حصرياً فى الأبعاد الفنية والإجرائية (= قضايا كمية : إتفاقات لترتيبات أمنية وعسكرية لإعادة توزيع وإنتشار وإنشاء لهيئات مشتركة تضيف أعباء أمنية ومالية جديدة على غالب المتأثرين بأوضاع الحرب ، وكأنما ينقصهم مزيد من المؤسسات الأمنية أو أن المدخل للسلام فى مناطق إنتش?رها سيكون عبر البوابة الأمنية بكل خلفيات التشاحن المحتملة بين حاملى سلاح الأمس وصانعى سلام المستقبل ، وغالب جماهير هذه المناطق) . وتجاهل لأبعاد جوهرية وموضوعية (=قضايا نوعية : تتصل بإعادة هيكلة الحياة الميليشية المسلحة والمدنية مجتمعة بما تقتضيه من تحولات مفاهيمية فكرية ومؤسسية ، وإعادة نزع السلاح وإعادة توطين العائدين فى سوق عمل من أجل السلام والتنمية )…
إن من أهم أولويات إستتباب الأمن والسلام ،الأكثر إلحاحاً ،دون غيرها فى النموذج العراقى تتمثل فى : نزع سلاح الجماعات المتحاربة ،وإتخاذ ترتيبات أمنية وسياسية ، قد تجد بعض المقاومة بطريقة فردية أوجماعية ،ولكن ينبغى التعامل المبكر معها من قبل التحالف السياسي العريض المؤيد للسلام الواجب بنائه والمُحصن بشرعية الدولة الساعية للسلام. وهذه المقاومة لإرادة السلام الغالب قد تجد لها سنداً من :جهات سياسية قد لاترضى بالإتفاق وتصر على مواصلة الحرب (خصوصاً إذا ما أسس الإتفاق على المعايير الكمية وليس النوعية ). أو من جماعات و(لوردات) الحرب ، الذين قد يتشكلون من قوى وطبقات وفئات أصبحت الحرب مصدر ريعى لها (خصوصاً إذا ما أسست الإتفاقات على الإستنزاف التقسيمى للثروة الريعية لشراء المشروعيات ) أو جماعات الخدمات الميليشية المسلحة الرسمية والشعبية المتمثلة فى المؤسسات الإسنادية الكبرى التى سيؤثر إيقاف الحرب على مصالحها القائمة على إستبطان حالة الحرب وثقافة التعبئة والعنف (= المؤسسات الإقتصادية والإستثمارية الداعمة والمستفيدة من المجهود الحربى ) …
إن وظيفة الميليشية المسلحة داخل المدن هى تأجيل القتال باليبروقراطية بصورة تتقاطع أحياناً مع إشكالية الدور العسكري فى الدول النامية التى تتمثل فى ما تفرضه ضرورات سرعة الإنتقال من الوظيفة الميليشية المسلحة للمدينة التى تحول دونها أحياناً ثقافة الفصائل الميليشية المسلحة التى قد تحيلها إلى طائفة مهنية (ذات نزوع عصبوي)تمارس التصفية الواقعية لهذا الدور تحت غطاء رمزية(تراتبية) للإفراد المنضوين على مستوي داخلها، وبإستصناع العداء مع محيط خارجها المدني بخطاب يشكك فى المقدرات ويعزز من مناخ عدم الثقة المتبادلة .
إن عمليتى نزع السلاح من مختلف التشكلات الميليشية المسلحة والميليشيات الحزبية والعشائرية وإعادة توطين العائدين من الحياة الميليشية المسلحة ومن المهجرين  ، لاتقل هى الأخرى أهمية ، وذلك لإرتباطها بإعادة هيكلة الحياة الميليشية المسلحة والمدنية للمجتمع وبإشكالات الإدماج الإجتماعي لهؤلاء العائدين من جديد على المستويات : العائلية ، بإفرازات عوامل النزوح والهجرة والفقر عليها . والتعليمية بما يعنيه ذلك من إعادة تأهيل وتدريب ، والعملية بما يتطلبه ذلك من إعادة توطين فى سوق العمل ، لتتم إعادة هيكلة الحياة الميليشية المسلحة والمدنية للمجتمع. وإدراجها فى مشروع السلاح بمختلف هذه المستويات معناه التعامل معها بحسبانها تحولات تتم =
أ- فى إطار حركية نسقية مفتوحة عامة ، تسعى لإعادة هيكلة الحياة الميليشية المسلحة والمدنية بحيث يتم تعافيها كنسق مفتوح تتم العلاقة بينه وبين وظيفته والتحولات التى تحدث داخله وعلاقته بالخارج : فداخل النسق الحربي (الذى يعيش حالة التنازع الحالية سواء على المستوى الحكومى او المعارض)، هنالك بنية لهذا النسق ووظيفة وعلاقات داخلية ذات إرتباط عضوي بالخارج النسقى، داخل القوات المسلحة للإطراف المتنازعة هنالك مجندون لهم وظائف محددة وبنى لعلاقات داخلية، والمطلوب إستيعاب وإعادة تأهيل الخارج النسقى وتحويلهم الى حالة إنزاع السلاح و?لتقاعد المدنى …
ب- فى إطار كون هذه النسقيه، تجسيد لظاهرة آزمة إجتماعية ونفسية عامة تمر بها مجمل الأوضاع المجتمعية وتصيبه بعدم التوازن على الصعيد النفسي الفردي والعائلي الجماعي :فالتقاعد عن اداء الوظيفة الميليشية المسلحة والتوقف عن الانشطة المرتبطة بها تحدث ازمة على الصعيد الفردي والجماعي لايقابلها توازن كافٍ وسريع لمعادلتها، بل إن الإستجابة الفردية والجماعية تختلف حسب وجهات النظر المتعددة حول العودة للحياة المدنية وترك الخدمة الميليشية المسلحة، والمقدرات المتباينة لإحتمالات عدم التوازن الاسري والعائلي وحسب مايتيحه المجتمع من خيارات جماعية?…
ت- ان هذه النسيقة تتم فى إطار فئات إجتماعية خاصة ، مشاركة فى اللعبه الصراعية لكنها تعيش اضطراباً فى الادوار السلوكية النمطية عند نهاية المشروع الحربي بالتقاعد عن الخدمة الميليشية المسلحة الفعلية والعودة للحياة المدنية التى قد توفر صعوبات فى التكيف عند الخروج عن النسق الفكرى والسلوكى النمطى للحياة الميليشية المسلحة : فالحياة الميليشية المسلحة ترسم للفرد ادواراً نفسية وذهنية (مستوى من الانضباط الذهنى والنفسى : يحفظ المكانة الرمزية بالزي والرتبة ، المجتمع العسكري يتعامل بشدة مع إنحرافات التعليمات الشفهية والمكتوبة التى تحاول ان تهدم هذه الرمزية) وسلوكية اجتماعية (مستوى من التراتبية الاجتماعية والرفاه المادي والإمتيازات حسب الهرم العسكري مما يجعلها وكانها حقوقاً مكتسبة من صميم الانضباط العسكرى) وهذه الحزمة من الافعال وردود الافعال عندما يتم الخروج عنها ، فان ذلك يشكل إضطراباً يظهر فى إختلاف السلوك الفعلى عن السلوك المتوقع لنسق فكرى ونمطى معين يصيب طرفى العلاقة القائمة بالإختلال : فرد (لاعب سلوكي نمطى) ومجتمع (جماعة تتوقع سلوكاً نمطياً معيناً) … وحتى يتم تجنب مشكلات هذه الأطر الثلاث ، فلا بد من التعامل مع  مسالة الحراك الإجتماعي ، الذى يحدثه تناقض الادوار الميليشية المسلحة والمدنية ، سواء ماتعلق بنظرة المجتمع أو بضمانات المكانة المساوية للمرتبة السابقة ، أو تحديات بناء دور إجتماعي تنموى واقعي للعسكري المتقاعد جهة ، وحتى لوظيفة الفصائل الميليشية المسلحة المتجاوزة بحالة السلام ..اما. مسألة الحالة السيكلوجية الاسرية والمعيشية للمتقاعدين ومنزوعي السلاح التى تعزز من مقدراتهم على التوازن والتكييف مع أوضاع مابعد الحرب الطائفية …. والتعامل مع هذه الأطر المقترحة بما تثيره من إشكالات ومسائل لابد من أن يتم فى فضاء ليبرالية سوق عمل السلام والتنمية ،وبافق تحقيق إعادة توطين العائدين يستوعب محتوياته : الإقتصادية والإجتماعية والنفسية … والإستثمار فى الموارد البشرية والطبيعية فى هذا المجال يمثل المحتوى الإقتصادي لهذا الإدماج (المطلوب) والعودة (المرتقبة) ، فأساس عملية الإنتقال للحياة المدنية هو ?لانسان (المُخاطب الاول بعملية التنمية ، وبفاعليته يتحدد سوق العمل (المرجو) بغض النظر عن الخلفية التنظيمية ، عسكرية ? مدنية ، فالمساواة (المفترضة) بين هذه الخلفيات ينبغي أن لاتؤثر على عقود أو أجور العمل . وحتى تتم هذه المساواة الإفتراضية ويتحقق تجاوز ثنائية ،عسكرى او  مدنى ،لابد للتهيؤ للإنتقال من وضعية المؤهلات المختلفة التعليمية والتدريبية إلى وضعية تقوم فيها الخبرة الميليشية المسلحة مقام الخبرة المدنية بمعنى موافقتها لها ومطابقتها فى المهارات، وفقاً لمبدأ إستعاضة الموارد البشرية وإعادة توطينها بسلاسة فى سوق العمل عبر: نقل المهارات الميليشية المسلحة ولاستفادة مما تعلمه العسكريون من مهارات وتحويلها لسوق العمل المدنى،بما يتيحه من إمكانية حراك إجتماعي ومهنى من سوق عمل عسكري داخلى محدود إلى سوق عمل خارجي وطنى عام بسهولة ودون الحاجة لتدريب او ترتيبات خاصة . وتطويع المهارات الميليشية المسلحة من خلال مقدرة الافراد والجماعات للمسايرة والتطويع من النواحى النفسية والإجتماعية والإقتصادية والاوضاع الوظيفية والإجتماعية المكتسبة نتيجة لهذه القابليات والمقدرات المزدوجة لإمكانات التطويع التى تتطلب جهداً مدنياً وعسكرياً مشتركاً لبلوغ غايات المحتوى الإقتصادي وتحقيق الأبعاد التنموية من ترتيبات الأوضاع الميليشية المسلحة والأمنية بمشروع التسوية السلمية لدولة ومجتمع مابعد الحرب .. وهذه المحصلة النهائية لن يكتب لها النجاح دون مراعاة لجماعية المضمون الإجتماعي للعودة ،ولمحتوى هذا التطبيع والإنتقال فى إطار هذه الترتيبات من الأوضاع الإحترابية إلى الأوضاع التسالمية : كلما ساهم مشروع التسوية فى زيادة التطابق ومقدرات التكيف والإنسجام بين العسكرين عند الإنتقال من هيكل الحياة الميليشية المسلحة إلى المدنية كلما كان ذلك مؤشراً للتقارب بين بنية النسق الوظيفي العسكرى والنسق الوظيفي المدني، ?ما سيدفع بالإنطلاق المشترك نحو بناءات حداثة تنموية تجمع بين مفهومي المقاربة والمطابقة الإجتماعية ، دون إغفال للمضمون الفردي النفسي لمحتوى العودة الذى يمثل اساس الصحة النفسية للأفراد العائدون للحياة المدنية ،فإفتراض عدم التطابق النفسي هنا يعنى عدم مواءمة المقدرات الذهنية والنفسية والمهارية مما يقود الى عدم تقاربها الإجتماعي مع الواقع المدني الجديد:أي أن هنالك طبيعة منفردة للشخصية الميليشية المسلحة وأن الإنتقال للحياة المدنية عملية شاقة تتحدد بالحالة النفسية الإنتقالية للدور والوظيفة الحربية التى كان يمارسها الفاعلونالرئيسيون فى الساحة التنازعية التى انتكست بسبب إنحسار وهزيمة سلطة (الأنا) نتيجة :الإجبار على التعاقد والتخلى عن الدور، أو لعدم القدرة على المنافسة فى سوق العمل أو على العطاء الإقتصادي أو الخوف من عدم الكفاءة .
ودون مراعاة هذه المحتويات متعددة الابعاد وإلاشكالات ، يظل السؤال المركزي قائماً. هل يمكن الرهان (المطلق) على خيارات الحل الإمنى والعسكرى  وعلى إجرائية ترتيباته لا على مضمونها ؟ فى فرض سلام الامر الواقع لا فى كسب سباق السلام المشروع …

أحدث المقالات