23 ديسمبر، 2024 9:16 م

دماء الفقراء والمستضعفين ضريبة الانتخابات القادمة

دماء الفقراء والمستضعفين ضريبة الانتخابات القادمة

لا ادعي علم الغيب او الضرب بالحجر والطلاسم، كما انني لست من يدعون النبوءة ، و لا احسبني ممن يرتادون مجالس الغجر قارئي الكف، غير انني اكاد اجزم وانا متيقن من كلامي من أن الانتخابات القادمة (انتخابات مجلس النواب) سوف تاخذ مأخذها من ارواح العراقيين.
وتيقني هذا ليس عن فراغ او مجرد احلام او مهاترات اعلامية، بل نابع من قراءة للواقع واستقراء للمستقبل، من خلال المقدمات والخطوات المتسارعة على الساحة السياسية والاجتماعية وبشكل خاص الجانب الامني.
ولعل التاريخ يعيد نفسه من جديد ، ولا اعني التاريخ البعيد، بل القريب، حيث اعتدنا ان تسبق كل عملية انتخابات او عملية اقرار قوانين جديدة او حتى عندما يتخاصم الساسة فيما بينهم، فأن الشارع العراقي وبشكل درامتيكي يشتعل بنار العنف ويذهب الضحايا بين شهيد وجريح بمفخخات الارهاب.
يمكن ان يقول قائل ، انك تتهم الساسة بالارهاب، او انك تحمل الساسة جرائم الارهاب ، إلا اني لا احسبها كذلك، فربما هناك من يستغل الخلافات السياسية ليضرب سين مع صاد، لتأجيج الشارع، وربما هناك اجندة خارجية تحرك بعض المنتمين للاحزاب والتيارات العاملة في الساحة العراقية، لضرب نفوذ دولة اخرى، وكأن العراق اصبح ساحة لتصفية النزاعات الاقليمية، وعلى حساب دمائنا، ومستقبلنا.
أو ربما ان هناك فعلا من الساسة من يصطاد في الماء العكر، وهذا احتمال وارد ولا يمكن استبعاده، وقد درجت الحالة الامنية في العراق بالتدهور عند ظهور بوادر خلاف سياسي او اقرار قانون وما شاكلها من تبعات (الديمقراطية) في العراق.
الواضح والجلي والظاهر للعيان ان الضريبة التي دأب الشعب العراقي دفعها منذ اكثر من نصف قرن هي من دماء الفقراء والمستضعفين في الارض. نعم اؤكد كلمتي (الفقراء-المستضعفين) ، حيث عشت ردحا من الزمان في ظل ظلم الطاغية الهدام وازلام البعث وشهدت كيف ان هاتين الفئتين تدفعان الضريبة ، من حرب الثمان سنوات الى غزو الكويت وويلات الحصار والاحتلال الغربي ، وحاليا ضريبة الخلافات على المنافع والكراسي والثروة، وهي لا تزال تراوح في فقراها واستضعافها.
 الاغنياء وعلية القوم ومن طبل وزمر للبعث وانخرط ضمن جهازه القمعي فقد نال الحظوة الكبرى، فقد كان بعيدا عن حرب الثمان سنوات والحصار وحتى الاحتلال، وهذا امر مدروس وليس اعتباط، حيث من المفترض ان يعيش (الفقراء-المستضعفين) وعلى مر الزمان (خدم) و (حطب) للفئة الاولى ، فتشاهد النظام الصدامي ضمن لابناء هذه الفئة المراكز العليا والشهادات والمناصب، بحيث اضحى من الصعب تطهير مفاصل الدولة من ابتاع وازلام البعث، وبقيت تلك الفئتين تعاني من التهميش ، حيث الجامعات والمراكز التعليمية هي تحت تصرف تلك الفئة العليا التي ارادها صدام ان تعلو ولا يعلى عليها، اما ابناء (الجنوب) فمصيرهم (خدم) فاما تشاهدهم (منظفين) او (حراس) ، اما المناصب العليا، والمناصب الوسطى فبقت من نصيب الفئة  (الصدامية).
فلا يحسبني القارئ اني ادعو الى تهميش فئة او اقصاء فئة، لكن العدالة والانصاف مطلوبتان، والطريف انه عندما يتسلم احد ابناء الفئتين او من يدعي انه منهما يمارس ذات التهميش والقهر والظلم، وهذه امور معاشة ومشهودة في جميع الوزارات والدوائر الحكومية .
الانتخابات هي تعبير عن ارادة الشعب في تحديد من يمثله وتعتبر توكيل لمجموعة من الاشخاص لادارة شؤون البلاد من الناحية التشريعية والتنفيذية والقضائية. لكن هل من الانصاف ان تكون الانتخابات هي سببا لزهق ارواح ابناء الشعب كافة، وهل ان الانتخابات تستحق ان يضحي الشعب العراق وتفقد الام ابنها او الاخ اخو هاو الاخت شقيقها او الاب ابنه، فمنذ انتخابات 2005 ولغاية الان يدفع الشعب ضرائب من فلذات اكباده، ومن دون محصلة او انجاز يذكر، سوى ان (كروش) الساسة تكبر ، وارصدتهم ترتفع واملاكهم تتراكم .
الشعب يعاني من 1 ونيف يتيم ، واكثر من مليون ارملة ، مع دمار شامل للبنية التحتية، وتدهور امني وغياب للامن سوى امن الساسة.
وكلمتي الاخيرة …فلتذهب الانتخابات الى الجحيم، وافتخر بطهارة اصبعي من حبر الذلة ، لاني لم اجد من ائتمنه على صوتي، جميعهم ولا استثني منهم احد.