24 ديسمبر، 2024 7:32 م

سؤال يستعرض سجل حافل من الكراهية .. لماذا لم يذهب “بابا الفاتيكان” إلى “إيران” ؟

سؤال يستعرض سجل حافل من الكراهية .. لماذا لم يذهب “بابا الفاتيكان” إلى “إيران” ؟

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

“لحرية المذهب وحرية العقيدة مكانة أساسية، لأنهما منشأ باقي الحريات”؛ تلك كانت جملة البابا “بنديكت السادس عشر”، أثناء مراسم اعتماد “علي أكبر ناصري”، السفير الإيراني الأسبق في “الفاتيكان”، وهي تعكس مدى حساسية “الفاتيكان” للحرية الدينية في “إيران” والمنطقة بشكل عام.

وزيارة البابا “فرنسيس”، لـ”العراق”، واللقاء التاريخي مع، آية الله “علي السيستاني”، في مدينة “النجف”؛ إنما يندرج تحت هذه الحساسية، تلكم الزيارة التي لفتت إنتباه الإيرانيين ووسائل الإعلام الناطقة بالفارسية، خارج “إيران”، وحظيت بصدى واسع على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبغض النظر عن المناقشات المتعلقة بأهمية الزيارة، يتساءل بعض الإيرانيين عن أسباب عدم زيارة “البابا”، لـ”الجمهورية الإيرانية”، في حين زار عدد من دول الجوار، كـ”الإمارات، وأذربيجان، وتركيا والعراق” ؟.. في حين تعتبر “إيران”، بتاريخها وتنوعها العرقي والديني، وجهة لكل القيادات الدينية حول العالم. بحسب “آرش كنوني”؛ في موقع (ردايو فردا) الأميركي الناطق بالفارسية.

علاقات الفاتيكان وإيران بعد الثورة..

كان البابا “جون بول الثاني”، قد بدأ عمله كزعيم الكاثوليك في العالم؛ قبيل أشهر من انتصار الثورة في “إيران”.

آنذاك؛ أتهم آية الله “الخميني”، الفاتيكان، بالعداء لـ”الثورة الإيرانية”. ثم إزدادت العلاقات توترًا باحتلال “السفارة الأميركية”، في “طهران”، ووساطة “الفاتيكان” للإفراج عن الرهائن، حيث رد آية الله “الخميني”؛ على مطلب “بابا الفاتيكان”، بالقول: “عليك أن تخيف الولايات المتحدة من عواقب الظلم والإبتزاز، وأن تقدم النصيحة للرئيس الأميركي، كارتر”.

لكن لم تكن أزمة الرهائن وحدها سبب مخاوف “بابا الفاتيكان” من نظام “الجمهورية الإيرانية”، ولكن كذلك القيود على أتباع الديانات الأخرى: كالمسيحية.

وكتب “البابا” رسالة إلى آية الله “الخميني”، بشأن تعطيل المراكز المسيحية في “إيران”، فأجاب: “المدراس المسيحية تجاهلت التربية والتعليم وتحولت مركز للتعليم السياسي وحياكة المؤامرات ضد الجمهورية الإيرانية”.

وجدد آية الله “الخميني”؛ مثل هذه التصريحات، خلال لقاءه الأسقف “هیلاریون کابوتشي”، المقرب من قيادات “الجمهورية الإيرانية”، بسبب اشتراك الموقف من القضية الفلسطينة، وقال: “لا يمكننا تحمل المدارس المسيحية؛ إذا علمنا أنها تحولت وأصبحت أشبه بوكر الجاسوسية”.

وعقب هذه التصريحات؛ تجمع المئات من عناصر (الباسيج) أمام مبنى سفارة الفاتيكان، في “طهران”، ورددوا شعارات معادية وطلبوا إلى، البابا “جون بول الثاني”، دعم الطلبة الإيرانيين في سجون “الولايات المتحدة”. ثم تكررت المواقف المعادية للمسيحيين و”الفاتيكان”.

وفي العام 1981م، أعلن التركي “محمد علي آگجا”، أن آية الله “الخميني”، كان قد أوعز بقتل “بابا الفاتيكان”، وكرر هذا الإدعاء في كتابه: (الجنة التي كانوا قد وعدوني بها).

“خاتمي” وفصل جديد من العلاقات الإيرانية مع الفاتيكان..

بعد 20 عامًا؛ على انتصار “الثورة الإيرانية”، تمكن “محمد خاتمي”، من الفوز بانتخابات رئاسة الجمهورية الإيرانية، وساهمت شعاراته بخصوص حوار الحضارات والأديان؛ في تحسن العلاقات بين “إيران” و”الفاتيكان” نسبيًا، وإن لم تقضي بالكلية على شكوك الطرفين.

وكان “خاتمي”؛ قد التقى في “الفاتيكان”، البابا “جون بول الثاني”، عام 1998م، وقد كان يرأس حينها “منظمة المؤتمر الإسلامي”، ووصف هذا اللقاء: بـ”التاريخي”.

كما شارك “خاتمي”، بعد عدة سنوات في مراسم دفن، البابا “جون بول الثاني”، لكنه أثار الجدل داخل الأوساط الإيرانية، بعد التسليم على الرئيس الإسرائيلي، “موشيه كاتساف”.

وبعد إنتهاء فترته الرئاسية؛ التقى “خاتمي”، البابا “بنديكت السادس عشر”، وكان قد تطرق، قبل اللقاء، للحديث عن تصريحات “بابا الفاتيكان” المثيرة عن رسول الإسلام (ﷺ)، وقال: “تركت جراحًا عميقًة لا يمكن أن تتحسن بسهولة”.

لكن سرعان ما تضاعفت القيود على الأقليات الدينية في “إيران”، بصعود “أحمدي نجاد”، إلى السلطة، وخيم التوتر على العلاقات الإيرانية مع “الفاتيكان”.

لكن فوز “حسن روحاني”، بالرئاسة في “إيران”، وتنصيب البابا “فرنسيس”، في “الفاتيكان”، ساهم نسبيًا في تحسين العلاقات الإيرانية مع “الفاتيكان”. وكان “روحاني”، قد التقى “البابا”، في “الفاتيكان”، حيث رحب بـ”الاتفاق النووي” الإيراني مع القوى الكبرى.

موقف “خامنئي” من الفاتيكان..

يمكن ملاحظة تدهور أجواء العلاقات، بين “إيران” و”الفاتيكان”، في تغطية (الإذاعة والتليفزيون) الإيرانية، لزيارة البابا “فرنسيس”، للعراق.

وعزوف (الإذاعة والتليفزيون) الإيرانية؛ عن نقل أخبار زيارة البابا، لـ”العراق”، دفع البعض؛ مثل “محمد رضا زائري”، من رجال الدين المحسوبين على السلطة، إلى التعليق، حيث انتقد على (تويتر)؛ تعاطي (الإذاعة والتليفزيون) العجيب في مقاطعة هذا الحادث الهام.

وتخضع (الإذاعة والتليفزيون)، لإدارة المرشد الإيراني، وطرح الشكوك حول “الفاتيكان”؛ مأخوذ من تصريحات المرشد الذي يعتبر “الفاتيكان”، (كما الخميني)، حليف لـ”الولايات المتحدة”.

وقد بلغ الهجوم على “الفاتيكان” حد تشكيك المقربون من “خامنئي”، في زيارة البابا “فرنسيس”، للعراق. وعليه وفي ظل هذه الأجواء، وطالما تقيد “الجمهورية الإيرانية”، حرية أتباع الديانات الأخرى، من الطبيعي ألا تتهيأ إمكانية زيارة زعيم الكاثوليك في العالم إلى “إيران”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة