17 نوفمبر، 2024 6:32 م
Search
Close this search box.

هكذا تكلّم البابا…

هكذا تكلّم البابا…

بغض النظر عن تأريخية زيارة البابا الى العراق وما تحمله من رسائل السلام الانسانية وغيرها من الافكار المتعلقة بالزيارة والتي تجسّد الشغف الانساني بالسلام والتعايش المشترك والعدالة الاجتماعية ..
نقول بغض النظر عن هذه الحقائق من حقنا أن نسأل :
ماذا قال البابا الذي بدا من خطابه عارفا ببواطن الامور العراقية وعوراتها ؟
فالرجل بهذل الجماعة ” غسل ولبس” توبيخاً محترماً في السياقات البروتوكولية ، وأشار بالفم الملآن ،الى الفساد المالي والتمييز المواطني والسلاح المنفلت وضياع العدالة الاجتماعية .
قالها امام الجميع موجها خطابه الى الطبقة السياسية واحزابها المتنفذة وليس الى مساكين الوطن الجاثمة على صدورهم ملفات الفساد والمواطنة الناقصة والسلاح المنفلت الذي يسرق النوم من عيونهم ، ليتتوج المشهد العراقي السياسي بغياب العدالة الاجتماعية التي بغيابها تغيب مبادىء السلام والتعايش المشترك وقبول الآخر وحتى حوار الاديان !
لكن الرجل للحقيقة لم يقل شيئاً جديداً على الاطلاق ، فالمرجعية السيستانية التي زارها بح صوتها من ترديد هذه الافكار في كل جمعة وخطاب ، دون أن تجد لها آذاناً صاغية ، بل وجدت لها طبقة سياسية رثة أوغلت في كل محرمات الحياة الانسانية فحرمت العراقيين اجمعين من تحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية ، المبدأ الذي تنطوي تحت خيمته كل الافكار التي نادت بها المرجعية ونادى بها البابا في كل خطاباته الرصينة في هذه الزيارة التأريخية !ّ
وليس البابا والمرجعية فقط من ناديا بهذه الافكار ، فقد بح صوت شرفاء هذه البلاد من مخلصيها والشامّين فيها رائحة ترابها والمرتوين من ماء دجلتها وفراتها ودفعوا اثمان صراخهم هذا استشهاداً وتغييبا واختطافا وتعذيباً ورعباً ، وليس ضحايا انتفاضة تشرين الا شاهدا من شهود التأريخ على سلطة سياسية اضاعت البلاد في متاهات المجهول الذي تتحدث عنه في كل مناسبة وبكل اريحية ومن دون خجل !
البابا لم يقل شيئاً جديداً والطبقة السياسية المتحكمة بمصائر البلاد لم تسمع شيئاً جديداً ، فقد تدبّغ جلدها القاسي على ” الرزايل ” ولم تتوان عن وصف الثائرين بالجوكرية وأولاد السفارات ، لانهم بكل بساطة كانوا يطالبون بما بح صوت المرجعية السيستانية وهي تطالب بالعدالة الاجتماعية ليكرر على مسامعهم ،الموصدة بالطين والعجين ، البابا كل ماقلناه وماقدمنا الضحايا من اجله !
مع نهاية زيارة البابا وختامها ستتوقف البهرجة والاحتفائية ، فيعود الظلام الى زيقورة أور كما كانت قبل اربعة آلاف عام وتسرق سجاجيد الأخضر والأحمر حتى يتبين لون التراب وتعود اكوام النفايات الى الشوارع التي مرّبها البابا ويعود الرصاص الحي ليحصد ارواح ابناء هذي البلاد على يدي حكامها الاشاوس وسيظهر السلاح المنفلت كلما أراد ذلك وسنبقى نردد في ساحات الاحتجاج شعار ” بسم الدين باكونه الحراميه ” الذي يعرفه البابا جيداً وهو يقول ” لايجوز استخدام اسم الرب للمصالح الخاصة “و ” كفى تحزبا ” و ” كفى سلاحا ” رغم ان الرجل فوجيء باستعراض السيوف ، التي لاتمت الى الفلولكلوور العراقي بصلة ، وهو القادم من حاضرة الفاتيكان الى حاضرة أبو الانبياء ابراهيم حاملا رسالة السلام وليس رسالة السيوف !

أحدث المقالات