لم يكن افتتاح المدينة الرياضية في البصرة من قبل دولة رئيس الوزراء السيد نوري المالكي حدثا اعتياديا بل جاء رداً على المؤامرات الرياضية الخليجية بسحب بطولة خليجي 22 من العراق بحجج واهية وغير منطقية.
وهي رسالة تحدي للوقوف بوجه المؤامرات التي طالت كل مفاصل الحياة في العراق بما فيها الرياضة التي كان من المفترض ان تكون بمنأى عن التجاذبات والصراعات الداخلية والإقليمية .
وعلينا ان لا نستغرب موقف من يسمون بالأشقاء في الخليج وتآمرهم على العراق لان هذا السلوك اللا اخلاقي جبلوا عليه بسبب شعورهم بعقدة النقص عندما يذكر اسم العراق .
ولكي نكون واقعيين علينا الاعتراف بان سياسة اتحاد الكرة العراقي ورئيسه ناجح حمود لم تكن موفقة بالمرة في التعامل مع هذا الملف الحساس .
ولا يمكن اعطاء اي مبرر لحمود واتحاده لإهمال قضية خروج العراق من الحظر المفروض على ملاعبه خصوصا وان ليبيا التي تشهد اوضاع امنية سيئة للغاية لا يمكن مقارنتها بأي حال من الاحوال باستقرار وامن العراق قد تمكنت من الغاء الحظر المفروض على ملاعبها في حين نجد اتحادنا يتصرف وكأن القضية لا تعنيه
والأمر الذي يثير اكثر من علامة استفهام على ناجح حمود وأعضاء اتحاده هو امتعاض حمود من صدور القرار الحكومي بعدم المشاركة في بطولة الخليج وتصريحه من البحرين انه لا يتعامل مع القرار الحكومي وهذه سابقة خطيرة تؤشر الى اخلاقيات رموز النظام السابق .
وبدل ان يسعى حمود للانتفاض وتأييد الحكومة في قرارها شاهدناه مبتسما في شاشات القنوات العربية وهو يتحدث عن سحب اقامة البطولة من العراق وكأنه شريك الخليجين في تآمرهم .
وهذا التصرف من قبل رئيس الاتحاد الكروي يدفع بنا للقول بان حمود قد يكون احد عوامل عدم رفع الحظر عن الملاعب العراقية وعلى البرلمان استجوابه والتحقيق معه في الكثير من الاخفاقات التي مني بها اتحاده مقابل الاموال الكبيرة التي قبضها ذلك الاتحاد الهرم .
والغريب في الامر اننا لم نسمع ابطال الفضائيات الذين يدعون الحرص على الوطن ينبسوا ولو بكلمة واحدة لإدانة (الاشقياء) الخليجين وكأن لسان حالهم يقول اننا معهم في سحب البطولة .
وما يزيد استغرابنا ان هؤلاء بدل ان يقفوا مع الحكومة في تصديها للمؤامرات السعودية القطرية نجدهم يلوحون بكشف ما يسمى ملف الفساد بالمدينة الرياضية .
فعن اي فساد يتكلم هؤلاء غير فساد ذممهم وضمائرهم وأخلاقهم ووطنيتهم التي وصلت الى مرحلة الحضيض ، لأنهم لو كانوا يمتلكون ذرة من الوطنية الحقة لتنازلوا عن خلافاتهم مع الحكومة ووضعوا يدهم بيدها وبيد الشعب الذي ملأ مدرجات ملعب ( جذع النخلة ) وهم يهتفون للعراق وحكومته ورئيسها المنتخب .
لقد اغاظ افتتاح المدينة الرياضية في البصرة بعض السياسيين اكثر مما اغاظ الخليجيين والاتحاد الاسيوي والفيفا التي اخذت ترتعد وتزبد وتهدد بعد ان شاهدت المدرجات وهي تغص بالجمهور الكبير الذي فاق التوقعات والذي يحلم رؤساء الكرة الخليجية بتحقيق نصف هذا العدد رغم كل ما بذلوه من اجل ان يملئوا المدرجات ففشلوا بذلك .
ولا يمكن اغفال الشخصية النفعية لرئيس الفيفا خصوصا ً بعد ان امتلأت خزائن الفيفا وخزائن رئيسها بلاتر بالأموال السحت الخليجية وجعلت اتحادهم اداة طيعة بيد القطريين والسعوديين .
وأكثر ما يغيض المرء ويقتله هو ان ترى من ينبح في الفضائيات ويكيل مختلف التهم للحكومة ولأتفه الاسباب ويدعي الحرص على المواطن وهو يمتعض من اي انجاز تحققه الحكومة لخدمة المواطن وإعلاء شانه ويصم سمعه ويغض بصره عن ذلك لكي لا تكشف عورته .
ولكن ليعلم هؤلاء ان شمس الحقيقة لا تحجب بغربال..
لقد كان افتتاح المدينة الرياضية في البصرة افتتاح لكل مراحل التقدم والبناء والانطلاق نحو مواجهة التحديات بعد ان اعلن الشعب وقوفه خلف حكومته وهذا ما شاهدناه على مدرجات الملعب الرئيسي في المدينة الرياضية .
وان افتتاح المدينة الرياضية وإقامة مباراتين وديتين لم يشكل خرقا لتعليمات الفيفا لكونها مطلبا جماهيريا عراقيا وهذه المطالب لا تستطيع الفيفا ومن اوجدها الوقوف امامها حتى لو جندت كل خونة ومرتزقة العالم لان الفيفا على ما يبدو لا يفهم طبيعة شعب العراق .
وهنا انصح الفيفا والاتحاد الاسيوي والأشقياء الخليجيين ان يعيدوا حساباتهم تجاه العراق وان يتعاملوا مع شعبه وحكومته بأعلى درجات الاحترام والتقدير، وألا فان شعبنا مستعد ان يركل الفيفا كما ركل الطاغية صدام .
فنحن لا نموت بدون كرة قدم ولكن من حقنا ان لا تثلم سيادتنا وقرارنا شأننا في ذلك شأن بقية الدول المنتمية للفيفا وللاتحاد الاسيوي وغيره من الاتحادات والمنظمات .
اما غربان الخليج فان بطولتهم التي يتبجحون بها لا تساوي بدون العراق واحدة من مزابله ، فهو من اسس لها ،وهو من اعطاها بريقها والقها ،وهو من جعل لها لون وطعم ورائحة ، وغيابه عنها يفقدها كل تلك الصفات .
اما اذا كان الخليجيون يعتقدون ان العراق اليوم هو نفسه عراق 2003 فهم اغبياء لدرجة الحماقة المفرطة وعليهم ان يعوا ان بطولتهم الخليجية لا تغني ولا تسمن خاصة وانها غير معترف بها في الفيفا .
ولكن مشاركة العراق بها تأتي لهدف اسمى وهو دعم اواصر الاخوة والمحبة بين الاشقاء العرب وهذه لغة لم يفهمها بعد هؤلاء القوم الفاسقون.
لقد وصل الاستهتار والتمادي الخليجي تجاه العراق الى مرحلة يفرض على الجميع ان يقفوا ضدها ،لان هؤلاء الرعاع لا يفهمون إلا كما تفهم العقرب دوائها ، وكما كان النظام البائد يعاملهم باحتقار ويتوددون اليه .
ونحن كنا منذ مدة نمني النفس بان يعي هؤلاء الحكام المتمترسين بالصهاينة في الخليج ان عراق ما بعد صدام هو عراق الديمقراطية والتآخي والتعاضد والتآزر ما بين الشعب وحكومته وما بينهم جميعا وبين الاشقاء العرب ولكن يبدو ان هذا المفهوم لم تستوعبه تلك الانظمة المتهالكة.
وهنا كان على الحكومة ان تتخذ الاجراء الفاعل للوقوف بوجه المؤامرات التي تحاك ضد العراق ولعل افتتاح المدينة الرياضية في البصرة كان خير رد لنا على تلك المؤامرات وعلى القائمين بها والمساندين لها والصامتين على ادانتها .
وإننا نبشرهم بان هنالك ردود اخرى على مؤامراتهم ولكن ليس بالسلاح والقتل والتفجير والتفخيخ كما يفعلون بل ستكون بلغة الانجازات الكبيرة التي هي على شاكلة المدينة الرياضية في البصرة وأعظم من ذلك بعون الله .