مِنَ المَعرُوْفِ أَنَّ العِلاقَاتَ الدُّولِيَّةُ، لِجَميْعِ دُوَلِ العَالَمِ تَحكُمُها المَصالِح. وَ إِنَّ ضَابِطَ تَوازُنِ القِوَى بَيْنَ الدُوَلِ، يَبقَى خَاضِعاً لمعَاييرٍ، تَرتَبِطُ بصُورَةٍ مُباشِرَةٍ، مَعَ الرُؤْيَةِ الاسْتِراتيْجِيَّةِ، لِهذِهِ الدَّوْلَةِ أَوْ تِلك، لِضَمانِ مَصالِحِها، مَعَ الدُّوَلِ الأُخْرى. فَلِكُلِّ دَوّْلَةٍ مِنَ الدُّوَلِ، رُؤْيَتُها لِلمُحافَظَةِ عَلى مَصَالِحِها، حَاضِراً وَ مُستَقبَلاً. هَذهِ الرُؤْيَةُ تَجعَلُ الدُّوَلَ المُتَقَدِمَةِ، أَكثرُ بُعدَاً فِي التَّخطِيْطِ، مِنَ الدُّوَلِ الأَقَلِّ تَقَدُّمَاً. مِنْ أَجلِ ضَمانِ مَصالِحِها، في الجُغرافِيَةِ الّتي تُؤَمِّنُ مَصَالِحَها الحَيَوِيَة.
وَ لِكي تَكُونُ صُوْرَةُ العِلاقَاتِ الدُّوَلِيَةِ مُكْتَمِلَةً، لا بُدَّ مِنَ الالتِفَاتِ إِلى قَانُونِ تَوازُنِ القِوَى، حَسَبِ التَّرتيبِ التَنازُلِيّ التَّالي: ( تَوازُنُ القِوَى العَالميَّةِ، تَوازُنُ القِوَى القارِّيَّةِ، تَوازُنُ القِوَى الإِقليْميَّةِ، تَوازُنُ القِوَى المَحَليَّةِ). وَ بِدُونِ هذا السُلَّمِ التَّوازُنِيّ، يَخْتَلُّ النِّظَامُ عَالميّاً، أَوْ قارِّياً، أَوْ إِقليمِيَّاً، أَوْ مَحليَّاً أَيْضَاً، بِشَكلٍ كُلّيٍّ أوْ جُزئيّ. حينَئِذٍ تَسوْدُ الفُوْضَى، فِي أَيِّ مِفصَلٍ يَحصَلُ فيهِ الخلَل. لِذا يَرَى (هنري كيسنجر)، أَنَّ أَفضَلَ فَترَةٍ للسَلامِ، هِي الَّتي تَكُونُ فِيها عَناصِرُ تَوَازُنِ القِوَى الدُّوَلِيَةِ، (وَ القِوَى الأُخرى وَارِدَةُ الذِّكْرِ آنفاً)، فِي ذِروَةِ فَاعِليَّةِ التَّوازُنِ وَ نَشاطِه. وَ بِمُجَرَّدِ الإِخْلالِ بهذهِ العنَاصِرِ، يَنْفَرِطُ النِّظامُ فيها، وَ تَحصَلُ الحُرُوبُ بِدونِ شَكّ.
وَ إِذَا مَا أَخضَعنَا ظُرُوفَ مَنطِقَةِ الشَّرقِ الأَوْسَطِ القَلِقَةِ، للبَحثِ وَ الدِّراسَهِ، سَنَجِدُ أَنَّ هذِهِ المَنطِقَةَ، مُقيَّدَةٌ بالثَّوابَتَ الّتِي مَرَّ ذِكْرُهَا آنِفَاً. وَ يَقودُنَا التَحلِيْلُ السِّيَاسِيُّ، وَ دِرَاسَةُ نِظامِ القِوَى المُؤثِّرَةِ في المنطِقَة، إِلى استِنْباطِ الأَبعادِ الاستراتِيجيَّةِ، الّتي تُخَطِّطُ لها دُوَلُ الشَمَالِ بِزعامَةِ أَمْريكَا؛ وَ الدُّوَلُ المواجِهَةِ لها، بِزعامَةِ رُوسْيَا وَ الصَّينِ وَ كورَيا الشَماليَّةِ وَ إِيرانَ، وَ دُوَلٍ أُخرَى في جَنوبِ وَ جَنُوبِ شَرقِ آسيَا.
مِنَ المعروفِ أَنَّ استقرارَ مَنطِقَةِ الشَرقِ الأَوسَطِ (وِفْقَ المنظورِ الأَمريكِيّ)، تَعَرَضَ لِنَكسَةٍ كبيرَةٍ عِندَما انْتصَرَتْ إِرادَةُ الشَّعبِ الإِيرَانِي، وَ أَجبَرَتْ شَاهَ إِيرانَ، مُحمَّد رِضَا بَهلَوِي، أَنْ يَترُكَ عَرشَهُ، وَ يُغادِرَ إِيرَانَ في 16/1/1979. هذا التَّاريخُ الحَاسِمُ، كانَ بِدايةً لإِعادَةِ تَبلّْوُرِ، فِكرَةِ تَوزيعِ خَارِطَةِ قِوَىً جَديدَةٍ فِي المنطِقَة. وَ بالرَغمِ مِنْ جَميعِ المُحاوَلاتِ الأَمريكيَّةِ، الّتي اسّْتَمرَتْ لأَكثرَ مِنْ ثَلاثَةِ عُقُودٍ مِنَ الزَمنِ، لِكسْرِ مُعادَلَةِ تَشْكِيلِ مِيزَانِ قِوَىً جَديدٍ فِي المَنطِقَةِ، وَ إِعادَةِ تَفّعِيلِ وَ هَيكَلَةِ المُعادَلَةِ القَديمَةِ، الّتي صَمَّمَتها أَمريكا، عَن طَريقِ إِفشَالِ الثَّورَةِ الإِيرانِيَّةِ، لَكِنَّ كُلَّ تِلكَ المُحاوَلاتِ باءَتْ بالفَشَل.
وَ لَو عُدْنَا قَليلاً إِلى الوَراءِ، نَجِدُ أّنَّ تأْسيسَ البَرنَامَجِ النَوَوِيّ الإِيرانِيّ، يَعودُ إِلى فَترةِ خَمسِينيَّاتِ القَرنِ الماضِي. هَذا المَشرُوعُ الّذي أُطْلِقَ عليّهِ عِنوانُ: (الذَرَّةُ مِنْ أَجلِ السَّلام)، كانَ فِي زَمَنِ رِئاسَةِ الرَّئِيسِ الأَمريكِيّ (آيزنهاور) (20 كانون الثاني 1953- 20 كانون الثاني 1961). وَ السَّبَبُ الكامِنُ وَراءَ بِنَاءِ هَذا البَرنَامَجِ فِي إِيْرَانَ، الضَّغطُ عَلى الإِتّحَادِ السُّوفييتيّ، ضِمنَ النَشاطِ التَّصعيدِيّ للحَربِ البَارِدَةِ، بَيّنَ أَمريكا وَ الكُتلَةِ الشُيُوعِيَّة آنذاك.
وَ بعدَ انتصَارِ الثَّورَةِ الإِيرانِيَّةِ فِي (11 شباط 1979)، حَرَّمَ السَيّدُ الخُمَينِيّ، إِنتَاجَ الأَسلِحَةِ النَوَوِيَّةِ للأَغراضِ العَسكريَّة. فَصُرفَ النَظَرُ، عَنْ هَذا المَشروعِ. لَكنْ بَعدَ انتِهاءِ، الحَربِ العِراقِيَّةِ الإِيرانِيَّةِ فِي 8/8/1988، أَعادَتْ القِيادَةُ الإِيرانِيَّةُ، الاهتِمامَ بِشَكلٍ جِدِّيّ، ببرنامَجِ أَبحاثِ الطَّاقَةِ الذَّريَّة. وَ بَدأَتْ الإِدارَةُ الأَمريكيَّةُ تَتَحسَّسُ، مِنْ هَذا المَوْضُوع. وَ مِنَ المُفارَقاتِ فِي السِياسَةِ الأَمريكيَّةِ، أَنَّها لَمْ تُبْدِ أَيَّ تَحَسُّسٍ، مِنْ إِنتاجِ باكسْتَانَ للقُنبُلَةِ الذَّريَّةِ. كَمَا أَنَّها تَغُضُّ الطَّرفَ، دَائِماً عَنْ البَرنامَجِ النَوَوِّيّ الإِسرائِيليّ، ذِي القُدُراتِ الفَائِقَة.
حيّثُ تُعلِنُ بَعضُ المصَادِرَ المُختَصَّةِ، أَنَّ إِسرائِيلَ تمتَلِكُ، مَا بَيّن 200 إِلى 300 رأْسٍ نَوَوِيٍّ، مُختَلِفُ الاستِخدَام. بِدءً مِنَ القَنابِلِ الذَّريَّةِ الاسْتراتِيجيَّةِ، إِلى القَنابِلِ الحَراريَّةِ وَ النايترونِيَّةِ، إِلى الأَسلِحَةِ النَّوَوِيَّةِ التَّكتِيكِيَّةِ مُتَوَسِطَةِ الاستِخدامِ، وصُولاً إِلى أَصّغَرِ سِلاحٍ نَوَوِيٍّ، وَ الّذي يُعرفُ بإِسمِ (حَقائِبِ السَفَرِ النَّوَوِيَّةِ). وَ النَّوعُ الأَخيْرُ مِنَ التَكنَولُوجيَا النَّوَوِيَّةِ، يُسَمّى بِتَكنَولُوجيَا (تَصّغيرِ) السِلاحِ النَّوَوِيّ. لِيَكونَ هَذا السِّلاحُ المُصَّغَرُ، ذَا فَاعِليَّةٍ مَحدُودَةٍ مُسَيْطَرَةٍ عَليها، يُمَكِّنُ إِسْرائِيْلَ مِنْ استِخدَامِهِ، لِضَربِ أَهدَافٍ بمَحدودِيَّةٍ جداً، لأَنَّ إِسْرائِيْلَ لا تَمتَلِكُ عُمْقاً جُغرافِيّاً إِستراتِيجِيّاً.
إِنَّ إِيْرَانَ بَقَتْ مُصِرَّةً عَلى حَقِّها، بامتِلاكِ التَكنَولُوجيَا النَّوَوِيَّةِ، المُخَصَّصَةِ للأَغْراضِ السِلميَّة. بالرَغمِ مِنْ تَعرُضِها للعُقوباتِ الاقتِصادِيَّةِ، الّتي أَضَرَّتْ بِها كثيراً. (صادقت الأمم المتحدة، على أربع دفعات من العقوبات على إيران، بين عامي 2006 و2010…. و عززت اجراءات في عام 2012، طالت القطاع المالي. كما انتهجت دول عدّة، نفس نهج العقوبات. و زعمت وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2013، أن العملة الإيرانية فقدت ثلثي قيمتها، خلال العامين الماضيين.)(موقع بي بي سي 29/9/2013).
إِنَّ العَالَمَ يَمُرُّ بمرحَلَةِ إِعادَةِ تَشّكيلِ مَراكِزِ القِوَى فِيهِ، وِفْقَاً للأَبعَادِ الاسْتِراتِيجِيَّةِ الّتي، تُخَطِّطُ لَها الدُّوَلُ صَاحِبَةُ المصَالِحِ الحَيوِّيَّةِ فِي المَنطِقَة. وَ هَذا يَستوجِبُ إِعادَةُ النَّظَرِ، فِي الكثيرِ مِنَ الأُمُورِ الخَاصَّةِ، ليّسَ بالأَوضاعِ السِياسِيَّةِ النَّمَطيَّةِ السَّائِدَةِ الآنَ فَحَسّْبْ. وَ إِنَّمَا إِعادَةُ النَّظَرِ بالخَارِطَةِ الجِيْوسِياسِيَّةِ المُستَقبَليَّةِ، الّتي سَتُشَكِّلُ العَالَمَ العَربيَّ الجَديْدَ، وَ هَذا مَا يَهُمُّ مُستَقبَلُنَا نَحنُ أَيّضاً.
لِذَا عَليّنَا أَنْ نَتَلَمَّسَ بَعضَ الحَقائِقِ، مِنْ خِلالِ تَحليلِ فَقَرَاتِ خِطابِ الرَّئيسِ أُوْبامَا، الّذي أَلقاهُ أَمامَ الجَمعيَّةِ العَامَّةِ للأُمَمِ المُتَّحِدَةِ، فِي يَومِ 24 أيلول 2013، وَ تَصّنيفِ فَقراتِه. فَإِنَّ ذَلِكَ سَيُعطِيْنا صُورَةً، لِمَا تُفَكِّرُ بِهِ أَمْريكا كدَوّلَةٍ عُظمَى، لَها مَصالِحَها الاسْتِراتِيجِيَّةِ، فِي الشَّرقِ الأَوْسَط. مِثلَمَا تُعطينَا، خِطابَاتُ المِحوَرِ المُقابِلِ لأَمريكا، الانْعِكاسَاتِ السِياسِيَّةَ، الّتي تَحمِلُ إِشاراتٍ وَاضِحَةً، لمعالِمِ بِناءِ عَالَمٍ جَديْدٍ، فِي غُضُونِ العَقْدِ القَادِمِ مِنَ الآن. إِنَّ خِطَابَ الرَئيسُ أَوْبامَا، يَكشِفُ لنَا خَمسَةَ مَحَاوِرَ رَئيسِيَّةٍ هِيَ:–
1. بِناءُ شَرقِ أَوْسَطٍ جَديْدٍ، تَكونُ فِيه حِصَّةٌ لإِيْرَانْ. قَالَ الرَئِيْسُ أُوْبَامَا:–
(نؤمن أن من بين مصالحنا أن نرى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا منطقة سلمية ومزدهرة وسنواصل الدعوة إِلى مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان والأسواق المفتوحة، لأننا نرى أن هذه الممارسات تحقق السلام والرخاء….. فإِنَّ مساعي أميركا الدبلوماسية ستتركز على مسألتين محددتين: سعي إيران للحصول على الأسلحة النووية، والنزاع العربي-الإسرائيلي. وفي حين أن هاتين المسألتين ليستا السبب وراء كافة مشاكل المنطقة، فقد كانتا مصدراً رئيسياً لعدم الاستقرار لفترة طويلة جداً، وتسويتهما يمكن أن تسهم في أن تكون أساسًا لتحقيق سلام أوسع نطاقًا).
2. الاعتِرافُ بِحَقِّ إِيْرَانَ، فِي امتِلاكِ التَكنْولُوجْيَا النَوَوِيَّةِ السِلمِيَّةِ. قَالَ الرَئِيْسُ أُوْبَامَا:-
(لكنني أؤمن بأننا إذا استطعنا حل قضية برنامج إيران النووي، فإن من شأن ذلك أن يشكل خطوة كبيرة في الطريق الطويل نحو علاقة مختلفة، علاقة ترتكز على المصالح المتبادلة والاحترام المتبادل. ومنذ تسلمي منصبي أوضحت في خطابات إِلى الزعيم الأعلى في إيران ومؤخراً إِلى الرئيس روحاني، أن أميركا تحبذ تبديد دواعي قلقها بخصوص برنامج إيران النووي سلمياً، رغم أننا عازمون على منع إيران من تطوير سلاح نووي. فنحن لا نسعى لتغيير النظام ونحن نحترم حق الشعب الإيراني في أن تكون لديه طاقة نووية لأغراض سلمية. …. في غضون ذلك، أصدر الزعيم الأعلى فتوى ضد تطوير الأسلحة النووية فيما كرر الرئيس روحاني مؤخراً أن الجمهورية الإسلامية لن تطور أبداً سلاحاً نووياً…… لكن في هذا السياق، أود أن أكون واضحاً. إننا متفائلون من أن الرئيس روحاني حاز على تفويض من الشعب الإيراني باتباع مسار أكثر اعتدالا. وفي ضوء التزام الرئيس روحاني المعلن بالوصول إِلى اتفاق، فقد أصدرت توجيهاتي لجون كيري بأن يتابع هذا المسعى مع حكومة إيران بالتعاون الوثيق مع الاتحاد الأوروبي؛ بريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا والصين).
3. الحِفَاظُ عَلى أَمْنِ إِسْرائِيْلَ، وَ التَأكِيْدُ عَلى قِيَامِ دَوْلَتَيّنِ يَهودِيَّةٍ وَ فِلِسْطِيْنِيَّة:
(هناك إدراكاً متزايداً داخل إسرائيل لأن احتلال الضفة الغربية ينهش النسيج الديمقراطي للدولة اليهودية. لكن لأبناء إسرائيل الحق في العيش في عالم تعترف كل الأمم المجتمعة هنا في هذه الهيئة الدولية ببلدهم اعترافاً كاملاً. …. إن قيام الدولتين هو المسار الحقيقي الوحيد الذي يقود إِلى السلام- لأنه مثلما ينبغي عدم تشريد الشعب الفلسطيني، فإن دولة إسرائيل وجدت لتبقى. ….. وأصدقاء إسرائيل بما فيهم الولايات المتحدة، عليهم أن يعترفوا بأن أمن إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية يعتمد على تحقيق قيام دولة فلسطينية وعلينا أن نشهر ذلك بكل جلاء.
4. النُظُمُ غَيْرُ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ الحَاكِمَةُ فِي المَنْطِقَةِ العَرَبِيَّةِ، مَصدَرٌ يُهَدِّدُ الأَمْنَ المُشْتَرَك :
(أننا سنستثمر طاقتنا في الدول التي تريد أن تعمل معنا، والتي تستثمر أبناء شعبها بدلا من قلة فاسدة (لَمْ يُحَدِّدُ الرَّئِيسُ أُوْبَامَا، مَنْ هِيَ هَذهِ القِلَّةِ الفَاسِدَةِ؟، وَ مِنْ سِياقِ الخِطَابِ، الّذي يُوحي بالإِشَارَةِ إِلى الإِسْلاميّينَ الرَادِيكالِيّين/ تَوْضِيحٌ مِنْ كاتِبِ المَقَال)؛ الدول التي تعتنق رؤيا مجتمع يستطيع فيه كل إنسان أن يساهم- الرجال والنساء والشيعة وأهل السنّة… المسلمون والمسيحيون واليهود. … نرى أن الدول التي ثابرت على طريق الديمقراطية هي التي ازدهرت وأصبحت أكثر رخاءً واستثماراً في صون أمننا المشترك وإنسانيتنا المشتركة. وفي اعتقادي أن ذلك سيصحّ أيضًا على العالم العربي…. فالولايات المتحدة ستعمل أحياناً مع حكومات لا تلبي، على الأقل من وجهة نظرنا، أعلى التوقعات الدولية، ولكنها تعمل معنا في مضمار مصالحنا الجوهرية (يَبْدُوْ لِي أَنَّ المَقصُودَ مِنْ ذلكَ هيَ دُوَلُ الخَلِيْج/ تَوْضِيحٌ مِنْ كاتِبِ المَقَال). ومع ذلك، فنحن لن نكف عن تأكيد المبادئ التي تتناغم مع مُثُلنا، سواء كان ذلك يعني مناهضة استخدام العنف كوسيلة لقمع المعارضة، أو مؤازرة المبادئ المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.).
بَعْدَ استِعراضِ النُقَاطِ الأَربَعِ آنِفَةِ الذَّكْرِ، فِي الحَلَقَةِ القَادِمَةِ، إِنْشَاءَ اللهُ تَعالى، سَأَسْتَعرِضُ النُقْطَةَ الخَامِسَةَ وَ الأَخيرَةَ، فِي خِطَابِ الرَّئِيسِ أُوْبَامَا. وَ سَأُناقِشُ فِي تلكَ الحَلَقَةِ، مَوْقِفَ إِيْرَانَ، وَ رِدُودَ أَفعَالِها السِّياسِيّةِ، مَعَ مَواقِفِ حَليْفَتِها رُوْسْيَا وَ طُموحَاتِهِمَا المُرتَقَبَة فِي مَنطِقَتِنَا. كمَا سَأُتابِعُ التَّوَجُهَاتِ السِّيَاسِيَّةَ الإِيْرَانِيَّةَ، وَ أُقَارِنُها مَعَ التَّوَجُهاتِ الأَمْريكِيَّةِ. لِنَخلُصَ إِلى اسْتِنتَاجَاتٍ معيَّنّةٍ، عَلى ضَوْءِ مُعطَيَاتِ الأَحدَاثِ السَاخِنَةِ فِي العِرَاقِ وَ سُوْرِيّا. مَعَ وجُوْدِ ظُرُوفٍ غَيْرُ مُستَقِرَّةٍ، أُخرَى فِي البَحرَيّنِ وَ اليَمَنِ وَ بَعضِ مَناطِقِ السُّعودِيَّة. كمَا لا يَفوتُنَا الوَضْعُ الصَّعبُ، الّذي تَمُرُّ بِهِ، كُلٌ مِنْ مِصرَ وَ ليبْيَا وَ تُوْنِس. هَذا الوَضْعُ الدُّوَلِيُّ القَلِقُ، سَيكوْنُ مُحَرِّكاً قَويَّاً لإِنْتاجِ وَضْعٍ دُوَلِيٍّ جَدِيْدٍ، أَكثَرُ استقراراً فِي المَنْطِقَةِ مُستَقْبَلاً.