23 نوفمبر، 2024 1:09 ص
Search
Close this search box.

نــحـن الـمســـرح !!

نــحـن الـمســـرح !!

كورونا ذاك ) الفيروس ( عبر امتداده ؛ وتوغله عبر أرجاء الكون ؛ حتى أمسى “مُكـَوْنـَنا ” مما لاح في الأفق ظهور سلالته ( الآن) ولربما سيظهر أحفاده في الشهور المقبلة ؛ ومن يدري ؟ ولكن الذي ندريه جيدا أنه أفرز مفارقات غريبة وعجيبة في حياتنا اليومية ؛ وخاصة لدى الفنانين والمبدعين بحيث علت بعض الأصوات في بداية الآمر، في عريضة يتم توقيعها من طرف ( بعض) الفنانين واستعملت ( الفايس بوك) كوسيلة للتواصل …تطالب بفتح القاعات السينمائية والمسارح وإعادة الحياة إلى هذه المؤسسات ولتفادي مضاعفة متاعب هذه الفئة، ولا سيما الذين لا يتوفرون على مدخول آخر.؟ بحيث مر أسبوع على تلك البلبلة التي لم ينخرط فيها العديد من المسرحيين ؛ مقارنة بالتفاعل النسبي مع العريضة الإلكترونية الذي تقدم به أحد ( نقاد السينما ) للمطالبة بفتح القاعات السينمائية والسماح باستئناف الأنشطة الثقافية؟ مقابل هذا فالوزارة الوصية التزمت الصمت ! ولم تشر ولو إشارة من باب إستراتيجية التسويف ! مما التزم الكل الصمت وانعدم مفعول العريضتين ؛ لكن الملاحظ عندي ، أن الذين طرحوا ( العريضة) موظفين لهم رقم تأجير؛ ولم تصبهم الضائقة المالية ؛ هنا لما ذا لم تطرح النقابات الفنية ( عرائضها) بدل ( الفيدرالية) التي ليست ( نقابة ) وبدل تدوينات بعضهم؛ والذين لم تصبهم كذلك لفحات الوضعية المزرية التي يعيشها بعض الفنانين والمهنيّين عموما، ولاسيما الرواد الذين لم يفكروا في اكتناز ( المال ) وإنشاء مشاريع خارجة عن التصنيف ( الذاتي) ؟ هنا يتبين لنا بأننا نحن المسرح ؛ بمعنى : أننا نمارسه خارج طبيعته ومنظوماته وضوابطه [ لنكن صرحاء مع أنفسنا ] لأننا نحتاج ( الآن) لأشخاص يقولون بثبات ويتفوهون بلا تراجع ( كلمة صدق) خالصة . وهنا الأمر ليس عنترية أومباهاة أوحُبا للتصدر والتمظهر ، بل المسألة تندرج في سياق جرأة نفسيّة، وقوَّة داخليّة، يدفعك إيمانُك الشامخ لكي تقولها، بكل وإباء، ورسوخٍ : بأن المسرح المغربي؛ بكثرة المناورات والخلفيات ذات البعد ( الذاتي/ المصلحي) والتلاعب بالأقنعة وممارسة المزايدات ؛ وانتظار لحظات الهجوم ،أمسى أكثر تخلفا مما كان؛ وانزلق في وضع غير طبيعي وحقيقي ، وضع يعكس بؤس الخيال عند جل المسرحيين ؛ فلماذا لم يبادرالفنانون الذين صرَّحوا وَصرَخوا (( لا ، لاستمرارية إغلاق المسارح ، ودور السينما، وقاعات العروض الفنية، أفتحوها سنموت اختناقا )) للبحث عن بدائل لممارسة أنشطتهم؟ أليست هنالك الوسائط الاجتماعية ؟ أليس هناك مسرح الشارع ؟ أين هي تلك [الجمعيات = تعاونيات/ وكالة/ التي تتهافت عن الدعم ، فلماذا لم تبادر بتقديم عروض مسرحية عبر ( الافتراضي / أونلاين) وذلك تماشياً مع الظرفية الوبائية الراهنة، لضمان نسبة التواصل مع الجمهور والحضور الثابت في المشهد ، باعتباره ( الآن) بديل عن الوضعية التي أنتجها (الفيروس) فارضا بانتشاره إيقاعا مختلفا في مختلف القطاعات، ومنطوقا جديدا للتوازنات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العالم كله. وفي نفس الوقت ؛ فالمسرح الوسائطي/ الافتراضي يعتبر متنفسا ضد الخواء النفسي والروحي،الذي يعيشه الممثلون كما ( يدعون) علما أن الاختناق يؤدي لا محالة للموت ؛ ولحد اليوم لم يمت أحد من ( الفراغ) ! فالذي يكره الفراغ ، فبطبيعة دوره يبحث عن بدائل لتبديد ذاك الفراغ ؛ ولكي لا يعيش مختنقا ولو ( رمزيا ) ؟ فالتكنولوجيا مهما اختلفنا ستبقى هي البديل والخيار الأبرز بالنسبة لمختلف مجالات العمل والإنتاج، بما في ذلك الفنون التي تأثرت أكثر من غيرها بسبب الجائحة. وفي هذا السياق قد يكون المسرح المغربي اليوم كائنا بلا معنى لأنه معذور في تخلفه وتخلف أغلب فنانيه ومبدعيه عن الركب الوسائطي والتكنولوجي ! إلى جانب شبه غياب للخبرة والدربة والكفاءة التي يتطلبها التعامل مع الشبكة العنكبوتية – انترنيت – وبالتالي عبر هذا العطب ، كيف يمكن للمسرح أن يبرز العاهات والأعْـطاب وأن يقدم على الأقل تصورا ( ما ) لواقع اجتماعي وسياسي آخر وهو معطوب “”مـنْ وفـي”” مكوناته؟
فلماذا بعض المبدعين والفنانين في أقطار عربية كلبنان و مصر والعراق رغم الاضطرابات الاجتماعية والفوضى السياسية والتفجيرات التي تعيشها بشكل مروع ومؤسف في كل لحظة ؛ أقدموا على إنجاز عروض ومهرجانات افتراضية نالت استحسانا وعددا هائلا من المتتبعين ؛ رغم بعض الاعتراضات والمعارضات تجاه ” افتراضي” كبديل عن اللقاء الحي والمباشر بالجمهور[ مثلا] مهرجان ( ميسان ) المسرحي الدولي للمونودراما وتم إهداؤه للراحل المسرحي العراقي[[ سامي عبد الحميد]] ( أو) الدورة (1) لمهرجان مسرح الدمى بمدينة البصرة (العراق) والدورة (27) لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي( مصر) ناهينا عن العروض المستقلة عن المهرجانات التي وظفت عروضها – أونلاين – فهناك ( مثلا) العرض الافتراضي “‘همسات'” و الذي يعالج الواقع اللبناني من خلال نخبة من الممثلين البارزين ….
طبعا لا وجود لقياس مع وجود الفارق ففي ربوع أوربا وروسيا فالمسارح مغلقة ، لكن العروض مستمرة كتجربة المسرح الألماني رقميا ، إما من خلال البث المباشر أو تسجيلات عبر الفيديو .لأعمال مسرحية سبق عرضها على خشبات المسارح،؛ ومنهم من أعاد إنتاجاته بصيغة الملائمة مع الإنترنت كمسرح شكسبير ( بريطانيا ) لكي يبقى الفعل المسرحي والإبداعي أكثر تعبيرا عن الحياة والحيوية، وله وجود حقيقي وليس بالقوة جوانية المعنى الحقيقي للوجود.
وهنا أتساءل؛ ولا أطعن في أحد بين عيني أو نتيجة حسابات شخصية ( قاتلة) ؛ بل أجس جزء من كينونتي؛ وأشخص واقعا مسرحيا كما أراه مريضا ؛ ولقد كشف مرضه ( كوفيد 19) وبالتالي أين هؤلاء المسرحيين المغاربة الذين ينظرون في النقد وفي فنون الفرجة ؛ وتقديم أفق مسرح الشارع ومدى أهميته . فهل ( كورونا ) قزمت شطحاتهم وخرجاتهم الإعلامية والندواتية ؛ بأهمية فنون الشارع ؟ أم أنهم لن يستفيدوا ليس هنالك من ( أموال) طائشة ومن الجهات التي ( كانوا) ينطون ويناورون حولها وعليها وبالتالي يسامون أنفسهم بالتسْعيرة (حضور) هم !! إليها كأنهم سمسارة لبيع الملابس القديمة ! أليس الآن وفي هاته الظروف لمسرح ( الشارع) أهميته ؟ مادامت القاعات رغم قلتها مغلقة ؛ فهل المطالبة به والدفاع عنه سيخرق البروتوكولات الصحية ؟ أم أنه سيكون جرابا فارغ الزاد للمتهافتين؟ لأن هناك في بلادنا ((فيدرالية لفنون الشارع )) تتشكل من عناصر ومواهب شابة. قدمت عروضها من سكناهم في إطار مبادرة “شارع الحجر” ولا أحد تكلم عنهم أو قدم ورقة نقدية ليس من فئة ( 200 درهما) بل ورقة تحليلية / معرفية ، بفنون الفرجة .عبر المنابر والصحف الورقية أو الالكترونية ؟ وإذا عدنا قليلا لسمة 2019 لم نجد فنانا ولا فرجويا ولا ناقدا أدان أو علَّق على اعتقال أحد الفنانين الشباب لمسرح الشارع ( بدر معتز) رفقة مجموعة من الفنانين الشباب الذين واجهوا سلطة المنع لنشاطهم . لكن كانت السلطة في الأخيرة رحيمة بإطلاق سراحهم، وإحداث ميثاق أخلاقي لممارسة فن الشارع ، بكل حرية وبشكل قانوني لكل الفنانين الذين لم يجدوا الفرصة لتقديم أنفسهم أمام الجمهور وفي المسارح.. والتي وافقت عليه ولاية مدينة – الدار البيضاء .
مقابل هذا وفي عز الوضعية الحرجة التي عرفتها وتعرفها الأسر والعائلات المغربية جراء الحجر الصحي وانتشار فيروس ( كورونا/ كوفيد19) نجد النقابات الفنية ترفع دعوى قضائية ضد حرية التعبير التي مارسها الناشط الفايسبوكي [محمد تغرة] المعروف ب ( حمزة الحزين) الذي أدى ضريبة سجنية على تموقفه ورأيه في الفن والفنانين؛ تراوحت إلى شهرين ونصف( استئنافيا) بحيث اعتبرت شكاية (الفنانين) تصريحات( الناشط) (هي) حملة تحريضية ضدهم ، بسبب مطالبتهم بالاستفادة من دعم صندوق تدبير جائحة كورونا كغيرهم من المواطنين الذين تعرض قوتهم اليومي للضرر من قرار الحجر الصحي. هنا من أساء للقطاع الفني الذي يرنو للجمال وحرية القول؟ ومن أساء حقيقة للفنانين الذين يعتبرون أنفسهم لسان حال الناس والعباد؟
مدعاة كل هذا ؛ أن المسرح في طبيعة انوجاده بريء من عدة مسلكيات وسلوكات ؛ ومن فدلكات وخرجات وتمويهات وتهافتا صارخا وتلوينات حربائية…أمست دخيلة في الجسد المسرحي؛ بشكل علني وفاضح. مما أفقدته قيمته الإبداعية والامتاعية ونسفت بالكاد وروحانيته ؛ كروح فاعلة في كينونة الوجود الإنساني؛ لأن رهان وجود المسرح عندنا بالمساومة المادية ؛ وليس بالعشق ونبل التضحية والكبرياء كسابق عهده ؛ بحيث الإشكالية ذات تبعات الدعم المسرحي الذي خلفه ، فلو قدمت وزارة الثقافة( فرضا) مشروع دعم ( استثنائي) وبناء على دفتر التحملات نحو مسرح افتراضي / وسائطي/ سبيرنطيقي؛ لوجدنا جيشا من المسرحيين يتهافتون ويهرولون بشتى الطرق والمسالك للوصول حول الغنيمة ؛لأننا في الأصل أصبحنا ( نحن) المسرح وليس المسرح ب (النحن) عبر اجتهاداتنا وتضحياتنا ونكران الذات؛ والبحث عن بدائل ومكتسبات نبيلة ومقبولة ؛ بها يكون ويزداد إشعاعا وإشراقا!! ومن له رأي آخر فليدلي به …..

أحدث المقالات

أحدث المقالات