خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي سيكون نقطة إنطلاق بدء العلاقات الجديدة بين “العراق” والإدارة الأميركية الجديدة، ففي أول اتصال هاتفي بينهما، بحث الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، ورئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز الشراكة، فضلاً عن التعاون في محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي.
وقال رئيس الوزراء العراقي، في تغريدة على (تويتر): “بحثت في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز الشراكة؛ بما يخدم مصلحة البلدين والعمل على دعم الأمن والسلم في المنطقة واستمرار التعاون في محاربة (داعش)”.
وتابع “الكاظمي”: “كما أكدنا العمل لمواصلة الحوار الإستراتيجي بين بلدينا، على أساس السيادة الوطنية العراقية”.
هذا الاتصال يأتي عقب سلسلة هجمات صاروخية استهدفت المصالح الأميركية في “العراق”، كان آخرها سقوط صواريخ على مبنى السفارة الأميركية في “بغداد”، يوم 22 شباط/فبراير الجاري.
وقبلها بنحو أسبوع، قُتل متعاقد يعمل مع “التحالف الدولي”، الذي تقوده “الولايات المتحدة” في العراق لمحاربة تنظيم (داعش)، وأصيب مدنيين آخرين في هجوم صاروخي خارج “مطار أربيل الدولي”، في “إقليم كُردستان”.
تحذير من استغلال “داعش” للمناطق الصحراوية..
إلى ذلك، حذر الرئيس العراقي، “برهم صالح”، من استغلال تنظيم (داعش)، المناطق الصحراوية في “العراق” كقواعد خلفية لمسلحيه.
وقال “صالح”، في كلمة خلال مؤتمر لمركز سياسة الشرق الأوسط في “معهد بروكينغز” الأميركي، إن: “مهمة النصر على تنظيم (داع)ش لم تنجز بشكل كامل”، مشيرًا إلى وجود: “علامات على عودة الحياة لـ (داعش) في الصحراء، بالقرب من الموصل والأنبار وكركوك”.
وحذر “صالح” من: “استغلال (داعش) للمناطق الصحراوية؛ كقواعد خلفية لمسلحيه”.
وأضاف أن: “العراق ملتزم بالعمل من أجل الحفاظ على سيادته بشكل كامل”، لافتًا إلى أن: “واشنطن وبغداد لا ترغبان بوجود قوات أجنبية على الأراضي العراقية”.
وتابع الرئيس العراقي أن: “مسألة بقاء قوات التحالف الدولي: (لمواجهة داعش) في العراق؛ ستناقش في إطار العلاقات الثنائية، وحاجة العراقيين والمجتمع الدولي للتأكد من عدم عودة (داعش) من جديد أو تهديده للسلام في العراق والمنطقة والعالم”.
زيادة عدد قوات “الناتو” إلى 4000..
وكان “حلف شمال الأطلسي”، الـ (ناتو)، قد أعلن، في 16 شباط/فبراير الحالي، سعيه لزيادة عدد قواته في “العراق”، من أجل توسيع مهامه في تدريب قوات الأمن العراقية.
وفي هذا الإطار، قال أمين عام الحلف، “ينس ستولتنبرغ”، إن عدد قوات الحلف سيرتفع تدريجيًا من 500 عنصر إلى نحو 4 آلاف، وسيمتد انتشارهم إلى مناطق خارج “بغداد”.
وأضاف أن مهمة الـ (ناتو) في “العراق”؛ تأتي بطلب من الحكومة العراقية وبالتشاور معها.
عودة “داعش” للعراق..
وتأتي هذه التطورات بعد أكثر من عام على عودة (داعش) لتهديد أمن المدن العراقية؛ وشن الهجمات على قوات الأمن.
ومنذ مطلع 2020، استطاع (داعش) تنفيذ سلسلة من الهجمات، تركز أغلبها في المناطق المحررة ووصولاً إلى مناطق حزام العاصمة، “بغداد”، كان أشدها وقعًا تفجيرًا انتحاريًا مزدوجًا استهدف “ساحة الطيران”، وسط “بغداد”، الشهر الماضي، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المدنيين.
يوجد في العراق أقل من ألف داعشي..
وكشف الناطق باسم العمليات المشتركة العراقية، اللواء “تحسين الخفاجي”، أن أعداد عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي، في “العراق”، يُقدر بأقل من ألف.
وأوضح اللواء “تحسين الخفاجي”، أن قيادة العمليات المشتركة: “تعمل لحل ملف مخيم الهول المعقد”، إضافة إلى ملف الحدود لإنهاء تواجد الدواعش في تلك المناطق، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية، (واع).
وأضاف أن إرهابيي (داعش) ما زالوا يحاولون التسلل من الحدود “العراقية-السورية”، خاصة المناطق الواقعة بين العمليات المشتركة وقوات (البيشمركة).
وأشار إلى أن هناك: “عملاً متواصلاً مع (البيشمركة)؛ لإنهاء هذا الموضوع، وإيقاف تدفق الدواعش”.
وأوضح “الخفاجي”؛ أن القوات الأمنية: “على أهبة الاستعداد دائمًا، وتصطاد هؤلاء الدواعش عن طريق الجو أو عبر الكاميرات الحرارية، التي تتمكن من قتلهم أو إلقاء القبض عليهم”.
عمليات “الاغتيالات” وسيلته للعودة..
كما قال الكولونيل “واين مارتو”، المتحدث الرسمي باسم “التحالف الدولي”، إن تنظيم (داعش) الإرهابي يسعى للعودة مجددًا من خلال عمليات الاغتيالات التي ينفذها في مناطق سورية مختلفة، يخضع معظمها لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”؛ وأخرى تقع تحت سيطرة قوات النظام السوري، والتي فقدت العشرات من عناصرها، خلال شهر شباط/فبراير الجاري، في البادية السورية.
وأكد “واين مارتو”، المسؤول في “التحالف الدولي”، الذي تقوده “الولايات المتحدة الأميركية” بمشاركة دول عربية وغربية، في تصريحات خاصة لقناة (العربية) الإخبارية، الإثنين الماضي؛ أن تنظيم (داعش) الإرهابي هُزم إقليميًا ولم يُعد باستطاعته السيطرة على مواقع جغرافية في “سوريا” أو “العراق”: “لكنه لا يزال يمثل تحديًا خطيرًا، لذلك نواصل الضغط عليه مع شركائنا الأمنيين المحليين في البلدين”.
وأشار الكولونيل إلى أن تنظيم (داعش) مشلول ماديًا، إلا أنه يستمر في التمرد وتوسيع نفوذه باستخدام تكتيكات قتالية كعمليات الاختطاف والاغتيال وترهيب القادة المحليين وقوات الأمن، حيث تبنى، في شهر كانون ثان/يناير الماضي، اغتيال الناشطتين، “سعدة فيصل الهرماس” و”هند لطيف الخضير”، بريف مدينة “دير الزور” السورية.
وأضاف “مارتو” أن: “التحالف الدولي وقوات الأمن الداخلي، وقوات سوريا الديمقراطية، ملتزمين بالهزيمة الدائمة لبقايا (داعش)”، مشددًا على أن مهمة التحالف لن تتغير مع وصول الرئيس الأميركي، “جو بايدن” إلى “البيت الأبيض”.
وتابع أن: “التحالف سيستمر في مهمته بالشراكة مع قوى الأمن الداخلي و(البيشمركة) وقوات سوريا الديمقراطية، لمتابعة العمليات العسكرية، بهدف زيادة الاستقرار الإقليمي، ولذلك نركز على مستوى التدريب لهذه القوات، وتقديم المشورة والمساعدة لها وتمكينها إستراتيجيًا وعمليًا”.
إيجاد منطقة عازلة بين إيران وإسرائيل..
فيما قال رئيس منظمة الدفاع المدني في إيران، العميد “جلالي”، إن إستراتيجية الرئيس الأميركي الجديد، “جو بايدن”، تكمن في جمع وإعادة تنظيم وتجهيز فلول تنظيم (داعش) الإرهابي؛ في المنطقة التي يحتلونها بين “سوريا” و”العراق”، مؤكدًا أن هذه الإستراتيجية محكوم عليها بالفشل أيضًا.
وبحسب وكالة الأنباء الإيرانية، أضاف “جلالي”؛ أن: “أحد الأهداف لأميركا، من تأسيس (داعش)، هو إيجاد منطقة عازلة بين إيران وإسرائيل لتوفير الأمن لهم”.
وتابع: “إننا بدحرنا لتنظيم (داعش) تمكنا، للمرة الأولى، في المنطقة من هزيمة الإستراتيجية العسكرية الأميركية في المنطقة”.
وأوضح رئيس منظمة الدفاع المدني الإيراني؛ أن: “واشنطن لم تستطع الحفاظ على (داعش)؛ ولم تتمكن من تفتيت دول المنطقة، وفي الواقع فإن إستراتيجيتهم هزمت أمام إيران”، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن: “إستراتيجية بايدن اليوم؛ تتمثل بأن يقوموا بجمع وإعادة تنظيم وتجهيز فلول (داعش)، في المنطقة التي يحتلونها بين سوريا والعراق، لتوفير الأرضية لإيجاد محور عملاني لهم فيها، إلا أن تجربة الأميركيين الفاشلة، تثبت أن هذا الأمر لن يتكرر وأنها محكوم عليها بالفشل أيضًا”.
ووفقًا للمسؤول الإيراني، فإن: “أميركا، التي تحمل بيدها يافطة مكافحة داعش، (المحظور دوليًا)، هي المنتج والموجه والداعم العسكري والدعائي الأكبر للإرهاب في العالم”.
تحذير لإدارة “بايدن”..
وكان المحلل السياسي والباحث البريطاني، “كون كوفلن”، قد أكد إنه على طاقم السياسة الخارجية، الذي عينه الرئيس، “جو بايدن”، الاهتمام بتنظيم (داعش)، وعدم تجاهله.
ونقلت وكالة (دويتش فيله)، مساء الخميس الماضي، عن تقرير نشره “معهد غيتستون” الأميركي، أن أولويات الرئيس، “بايدن” الرئيسة؛ هي بحث احتمالات إعادة بدء مفاوضات مع “طهران” بشأن برنامجها النووي، وإقامة حوار مع القادة الفلسطينيين، الذين قاطعوا الرئيس السابق، “دونالد ترامب”، بسبب قيامه بنقل السفارة الأميركية إلى “القدس”.
وأكد “كوفلن”؛ أنه في ظل تبني هذه النظرة الضيقة، إلى حد ما، بشأن التحديات العديدة التي تواجه المنطقة، هناك مخاوف متزايدة من ألاّ يولي طاقم “بايدن” اهتمامًا كافيًا بالنسبة للتهديد المتزايد الذي يشكله إرهابيو تنظيم (داعش).
وذكر الباحث ما قام به التنظيم، الشهر الماضي، عندما نفذ تفجيرًا مزدوجًا في سوق بأحد شوارع العاصمة العراقية، “بغداد”، أسفر عن 32 قتيلاً و75 مصابًا، مؤكدًا أن الهجوم يأتي على خلفية نشاط متزايد من جانب مقاتلي (داعش) في “العراق”، حيث يعمد التنظيم على تدشين حملة ترهيب على مستوى منخفض في “العراق”، خلال معظم العام الماضي.
وأشار الباحث البريطاني؛ إلى أن الزيادة الأخيرة في نشاط (داعش) تُعد دليلاً على سعيه على نطاق واسع لإحياء نفوذه، بعد أن تم القضاء على محاولاته لتأسيس ما يسمى بدولة “الخلافة”؛ من خلال حملة إدارة “ترامب” الفعالة ضد مقاتلي التنظيم، الذين أُرغموا على التخلي عن آخر قطعة من الأراضي التي كانوا يسيطرون عليها، في عام 2019.
ولفتت الدراسة الأميركية؛ إلى إنه من المؤكد أن عودة ظهور (داعش) كتهديد إرهابي كبير – حيث هناك أيضًا تقارير عن زيادة نشاطه الإرهابي في إفريقيا – أمر يتعين على إدارة “بايدن” أن تضعه في الاعتبار.
ما زال يُشكل تهديد..
وفي تقرير لـ (سكاي نيوز عربية)؛ قال “عاطف السعداوي”، خبير الشؤون الإستراتيجية والدولية؛ أن (داعش) ما زال يُشكل تهديدًا كبيرًا وجديًا على أمن العالم واستقراره، وخطره لا يزال حاضرًا، وخطورته لا تزال قائمة، والتسليم بأن (داعش) انتهى، واتخاذ قرارات بناء على هذا الإفتراض الخاطيء، هما أكبر هدية يمكن تقديمها لهذا التنظيم الإرهابي، فهذا منتهى مراده وأكثر ما يصبو إليه؛ تخفيفًا لما عليه من ضغوط، وتحيُّنًا لفرصة يلتقط فيها أنفاسه ويستوعب فيها خسائره ويًعيد تنظيم صفوفه في مناطق وجوده التقليدية، ويرسخ فيها وجوده في بؤر انتشاره الجديدة. لذا فإن هناك مسؤولية كبيرة لا تزال قائمة على “التحالف الدولي” لمحاربة (داعش)، واستمرار هذا التحالف لا يجب أن يكون محل نقاش، ومهمته لا يجب أن يطالها أي تغيير مع التغير الذي شهدته الإدارة الأميركية، الشهر الماضي، فـ (داعش) لم ينته، لذا لا يجب أن ينتهي التحالف الذي نشأ من أجل محاربته.