لا ريب أنّ هنالك اكثر من قراءة لهذه الأزمة المختلفة عن سابقاتها من الأزمات الدولية , وبعض هذه القراءات تبدو متقاربة , واخرى تكاد تغدو بالضّد الى حدٍ ما , ولا شكّ في اختلاف القراءات في رؤىً عربيةٍ + اسرائيل , وبين غيرها من القراءات الأوربية , فضلاً عن الصينية والروسية , ودونما توسّعٍ واسترسالٍ في ذلك .. الأزمةُ ساخنةٌ بالتأكيد ولابدّ من وضع نهايةٍ لها وسط الحلول الوسطية المفقودة ! وهنالك سباقٌ مع الزمن ..
الخطوة الأولى او الأولية لولوجِ ايٍ من طرق الحل غير المعبّدة كلياً لغاية الآن , هي وجوب عقد لقاءاتٍ ومفاوضاتٍ مباشرة بين مستوىً رفيعٍ ما من او بين الأيرانيين والأمريكيين , سواءً بعيداً او أمام اضواء وعدسات وسائل الإعلام , انما لا يبدو ذلك مرشّحاً للحدوث في المدى المنظور القريب للغاية , وفقط نُذَكّر أنّ الإتفاق النووي السابق لعام 2015 بين ادارة الرئيس السابق ” باراك اوباما ” والحكومة الأيرانية , وكانت قد سبقته مفاوضات سريّة في سلطنة عمان واستمرت 6 شهور حتى جرى طبخ وانضاج الإتفاق وصارَ جاهزاً للتناول وكشف الغطاء عنه , واعلانه على الملأ . لكنّ هذا التذكير لا يعني بالضرورة وجود مثيلٍ له في الظرف الحالي , او لربما من السابق لأوانه حدوث ذلك , وليس بمقدور اية جهةٍ اعلامية ان تؤكد او تنفي عقد مثل هذه اللقاءات ودونما تقديم ايّ دليل , وبذات الوقت فليس مستبعداً افتراض وجود تبادل رسائلٍ خاصّة بين الجانبين الأمريكي والأيراني عبر السفارة السويسرية في طهران , والتي ترعى المصالح الأمريكية هناك , لكنّ هذا الإحتمال القائم لا يوحي اطلاقاً الى ايّ مؤشراتٍ تدنو من الحافّات البعيدة لحلّ الأزمة ولا الى حلحلتها ايضاً .!
ثُمَّ , ومن الزوايا المتباينة في النظر نحو مداخلات هذه الأزمة , فبقدر ما أنّ الأيرانيين متشبّثين في موقفهم التصعيدي بالنسبة الى زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم , بالإضافةِ الى ترسيخ او تجذير مواقفٍ اقليمية اخرى , وَ وسْطَ ظروفٍ اقتصاديةٍ ضاغطة جرّاء العقوبات الأمريكية , فالرئيس بايدن وببرود وهدوء الأعصاب الذي يتّسم به , فبقدر التشديد الأمريكي على منع حصول ايران على سلاحٍ نووي , وبأستخدام كل التقنيات العلمية والأستخباراتية الممكنة للحؤول دون ذلك , فيبدو أنّ الدبلوماسية الأمريكية قد اختارت البدء بالجوانب الأخرى المتعلقة بهذا الملف وملحقاته في الدَور المتعلّق بالنفوذ الأيراني في المنطقة العربية وتحديداً بحرب اليمن والحوثيين ” والإصرار المسبق على ضرورة وقفها ” وما تتعرّض له السعودية من ضربات الصواريخ والطائرات المسيرة المسلحة , وهنالك تركيزٌ اعلامي مكثّف للسياسة الأمريكية في هذا الشأن , ودونما دلائلٍ تومئ الى وقف القتال او حتى تحجيمه .!
لكنّه ومن جانبٍ مقابلٍ , فالقلق الأمريكي امسى واضحى واضحاً للغاية تجاه الضربات الصاروخية لوكلاء ايران في العراق نحو استهداف المصالح والقواعد الأمريكية , بالرغم من الإدراك المسبق ” الى الآن ” أنّ تسديد تلكم الصواريخ ” 107 ملليمتر ” لتضرب وتدكّ بما لا يعرّض ايّ جنديٍ امريكي الى الخطر او النار , على ما يبدو ولغاية الآن .!
الى ذلك , فالخلاصة المستخلصة ” نسبياً ” في هذه المجريات , فتؤشّر جليّاً والى حدٍ غير قليل , بأنّ التصعيد او تصعيد درجة التصعيد بين كلا الطرفين , فأنّه يشكّل عاملاً وعنصراً حيوياً مفترضاً للإتجاه نحو تخفيض التصعيد الى اقصى درجةٍ ممكنة , وصولاً الى بوابات الحلّ , وبشروط المساومات المفترضة على حساب العراق , والعرب عموماً .! وللحديثِ من الشجون والشؤون , ولا نقول من الجنون في رؤى مفروضة على الرؤى العربيةٍ – القوميةٍ لحدّ الآن , ولا نزعم انها نهاية المطاف .!