23 ديسمبر، 2024 5:11 م

غرائب فساد الوقفين الشيعي والسنّي في العراق

غرائب فساد الوقفين الشيعي والسنّي في العراق

كنت أتحدث مع صديق عزيز لي على شيكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك , وعن الفساد في العراق وكيف وصل إلى هذا المستوى , وكنّا نتبادل الهموم فيما آل إليه الوضع في هذا الزمن الرديئ , وكيف تمكنّت هذه الطبقة من السياسيين الفاسدين بزرع الفساد في كل جزء من أجزاء هذا الوطن المبتلى , وليطال الجميع بما فيها المؤسسات التي ينبغي أن لا تتورط بهذا الفساد , وبالرغم من أنني من أشدّ المعارضين لوجود وقفين أحدهما شيعي والآخر سنّي , لكنّي لم أكن أتصوّر أنّ فساد هذين الوقفين سيصل إلى هذا المستوى المنحط واللا أخلاقي .
فالجميع يعرف أنّ مهمة الأوقاف الدينية في أي بلد في العالم تنحصر في رعاية وإدارة المساجد ودور العبادة والعتبات الدينية المقدّسة وكذلك إدارة الأملاك والاوقاف التابعة لها وليس يأكثر من هذا , ففي الوقت الذي تتصاعد فيه الدعوات المخلصة لتغيير المناهج الدراسية القديمة وطرق التدريس المتخلفة بما يواكب التطور العلمي والتكنلوجي والثورة المعلوماتية الهائلة , تفاجأ الأوساط المهتمّة بالتعليم والمستوى العلمي بامتحانات الوقفين الشيعي والسنّي , وبالرغم من معرفتي بالفضائح والغش الذي رافق هذه الامتحانات , وما كتب حينها في مختلف وسائل الإعلام , لكنّي لم أكن أتصوّر أنّ الأمر بهذا المستوى المخزي والمعيب , فهذه الامتحانات قد عكست الطبيعة الأخلاقية المنحطّة للطبقة السياسية الحاكمة والتي وافقت على إجراء هذه الامتحانات .
وربّ سائل يسأل ما علاقة الأوقاف الدينية بالتعليم والامتحانات ؟ ولماذا تنخرط هذه المؤسسات في مثل هذه الأمور التي لا تدخل ضمن واجباتها ومهامها ؟ ألا تكفي الشهادات المزوّرة التي جلبها السياسيون الفاسدون من إيران ولبنان وروسيا والجامعات المفتوحة في بعض دول العالم ؟ أم ترى هذه الطبقة الفاسدة أنّ البلد بحاجة لبضعة آلاف بعد من الأميين واشباه المتعلمين ليكونوا نوّابا ووزراء ووكلاء وزارات ومدراء عامين ؟ .
إنّ امتحانات الوقفين الشيعي والسنّي هي نقطة سوداء وعار في جبين التعليم في العراق , وإنّ قبول الحكومة بهذه الامتحانات والنتائج المتمخظة عنها هو الأكثر عارا والأكثر انحطاطا , ومن اجل منع هذا التسافل والانحطاط الأخلاقي وإيقاف هذه المهزلة المخجلة , نتوجه إلى كافة المهتّمين والمعنيين بأمر التعليم في العراق , وإلى منظمات المجتمع المدني وكل وطني غيور , أن يطالب الحكومة الفاسدة بإلغاء نتائج هذه الامتحانات الأكذوبة وعدم اعتمادها في المدارس والجامعات العراقية , وترك مهمة التعليم لاصحاب الشأن والاختصاص من الحريصين على الارتقائ بالمستوى التعليمي بما يواكب التطور العلمي في العالم , وبما يهيأ الفرصة لإنشاء جيلا متعلما ومتسلحا بالعلم لخدمة البلد والنهوض به إلى مصاف الدول المتقدمة , وليس عبر إشاعة الغش والفساد , ولنا وقفة أخرى في الايام القادمة انشاالله مع الفساد الذي ينخر في هذين الوقفين وهيئة الحج والعمرة .