مسؤوليةُ “كي لا تنسى” تقعُ على كاهلِ كلِّ شريفٍ ومؤمنٍ، قاسى وعاش تلك الحقبةَ البعثيّةَ القذرة والوحشيّة، والتي نفّذَها عَديموا الشرف والإنسانية والشواذ، ممّن ترفَّعت عن أفِعالهِم حتى البهائمَ والانعام ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ) الفرقان ٤٤ .
حقبة لا يجب أن يتسلَّق لها جرَّاحِوا التًّجميل والترقيع، والتي منشَؤُها عُقَدِ الدونيَّة والخنوع، في أصلهِ كما يَجري في دمهِ ، وهو يُحاولُ تحسين قبيحَ الوجوهِ الحالِكَة التي أهدرت الدّماء، واستباحَتْ الحُرُمات والمقدّسات ، وهتكَتِ الأعراض ودُفِنَت خيرة الشباب.
سنوات من الظّلمِ والقسوةِ والألم، يجب إستعراضها بالفِ وسيلةٍ على مدارِ الساعة، لأنها إن تَمَّ تجميلُها وتزويقُها، فذلكَ يعني نسيانُ حقيقتها، ورغم أنها سرعانَ ما تفوحُ رائحتُها القذرة النتنة، إن لمْ يحاولُ فريقٌ منَ الجهلةِ ممّن لم يعرِف ماذا تعني حقبةَ الإجرامِ، وليسَ لهُ أدنى فكرة لما جَرى آنذاكَ في دهاليزِ دوائرِ اللاأمن في بغداد وكل محافظاتِ العراق، ولم يعلَمْ أولئك الذين يحاولونَ إضفاءُ الشرعيةِ لزمنِ البعث الكافر، عمّا وراءَ قضبانِ السجن الكبير في “أبو غريب”وسجن الفضيلية ورقم واحد وغيره كثير من السجون المقفِرةِ من مسمّى الحياة، فضلًا عن السجن باقسامهِ الكثيرة الذي ضمَّ آلاف من حرائرِ العراق ونجيباتهِ، ذواتِ الاصولِ والشرف من النساء العراقيات، بمختلفِ الفئآتِ العمريّة، لم يَعرِف اولئكَ شيئًا عمّا روَتهُ جدران تلكَ السجون عن قصصِ أبطالٍ، قضَوا نحبَهُم بالتفافِ حبالِ المشانقِ وطلقاتِ الرصاص.
أم كيفَ ينسى أولئكَ الغافلونَ ظلاماتٍ عانى منها الأحرار والرجال الغيارى، وهم يَرونَ زوجاتُهُم وأمّهاتُهم وأخواتُهم تُهانُ، أمام أعينِهم وتحت سياطِ الجلّادين ، لانتزاعِ الاعتراف على مَن يعرفونَ، من المجاهدينَ الأحرار والذي غالبًا مايحقّق إلحاقُ الأذى والضَّرر في أفرادٍ، فضلّا عن تضرُّر وتصدُّع خلايا العمل الرسالي والدفاع، عن القضايا المقدّسة ودعائمَ العقيدة والمجتمع.
من هذا المنطلَق ،يفهمُ الغيور على دينِهِ حجمَ المسؤولية التي ستصبحُ إحدى المهامّ التي تدفعُ للتطوّع والتصدّي، عبرَ التركيز على بيان الحقائق وكشف الغطاء عنها وتأسيس بدلُ الفضائيةِ اثنين، وبدلُ الموقعِ عشرة..
مادام هناك ابن وَحشيٍّ هندُ الساقطة، وهم يحاولونَ إعادةُ وتدوير نفايات وقذارات البعث الدمويّ، والذي الى اليوم لم تبرأ أنوفنا من روائحَ أساليبهُمُ، التي تزكم النفوس قبل الأنوف، وتسبّبُ الأذى الى أرواح الشرفاء والمؤمنين أحياءًا وأمواتًا.
نذكّرُكم بالذات انتم ياشيعةَ العراق، بوجوب عدم نسيان تلكَ الحقبةُ الظالمة، زمان البعث وكلّ مَن لهُ صِلةٌ من قريبٍ او بعيد، كما يجب أن لاننسى جميعُا تلكَ السنينَ العجاف، التي أرادت إذلال ذوي النفوسِ العزيزة، منَ العوائلِ طاهرة الأنساب، والتي شِسْعُ نعلِ طفلتِهم التي دُفنَت بحضنِ أمّها حيةً في مقبرةِ جماعيةٍ، لتُشَرّفُ كبارَ قومٍ لايعرفون سوى الدَّمِ والحديدِ لغةً..
ياأيها الأحرار، لاتغفلوا عن حقيقةِ الابتلاء ولو جاؤوكُم بآلافِ الوثائقِ، التي تزيّنَ صفحةَ تاريخِ مَن الوحوشِ الكواسرِ، ولا تداهنوهم ولا تأمنوا لهم، بالغ ما بلغ حجمهُ ومنصِبُهُ وحزبُه، فالنسيان ممنوع، وتلكَ الحجّةٌ البالِغة..
(وَهُمْ عَلَىٰ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ﴿٧﴾ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴿۸﴾ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴿۹﴾ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ)