شهادة مسرحي مهاجر على خنق الإبداع في إيران .. مشكلة الرقابة “المحسوبية” والفساد وليس مع “النص” !

شهادة مسرحي مهاجر على خنق الإبداع في إيران .. مشكلة الرقابة “المحسوبية” والفساد وليس مع “النص” !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

بدأت قصة الرقابة، والوقف، وإلغاء التصاريح في المسرح الإيراني، منذ السنوات الأولى من عمر الثورة وحتى الآن، وشملت كذلك التقاعد الإجباري للكثير من الممثلين والمخريجين، وحتى وقف مسارح العظماء؛ أمثال: “حميد سمندريان” و”بهرام بيضائي”.

ورغم عرض بعض العروض المسرحية البديعة على خشبة المسرح، في الفترة (2000 – 2001م)، مع هذا كان البعض مجبرًا على دفع تكلفة باهظة في صمت. بحسب موقع (إيران واير) المعارض.

ليس بسيف الرقابة وحده !

والبعض لم يواجه فقط سيف الرقابة، وإنما تعرضوا كذلك إلى تهديدات ضباط الأمن. والأسوأ أن إنغلاق الأجواء حاليًا دفع عدد من المخرجين، الذين يواجهون مشكلة قضائية، للتخوف حتى من التعاون مع زملائهم.

ومصدر الكثير من هذه الرقابة؛ إنما يرتبط بحملات وسائل الإعلام الحكومية ضد المسارح الخاصة. وكما يستفيد المسرح في “إيران” من معدلات مخاطبين أقل مقارنة بالأقسام الفنية الأخرى، من ثم يحظى المسرح بقدرات أقل على مكافحة الرقابة والاحتجاجات النقابية.

شهادة في “الصحافة ليست جريمة”..

“محمد يعقوبي”، كاتب ومخرج مسرحي؛ من جملة الفنانين الذين تأثرت أعمالهم بمقص الرقابة مرارًا.

وكان قد بدأ العمل، في العام 1997م، ومن جملة أعماله الخالدة يمكن الإشارة إلى: (دقيقة سكوت) و(الجفاف والكذب) و(شتاء 87) وغيرها. وقد أخرج “يعقوبي”، خلال السنوات الماضية، عدد 19 مسرحية، وقام بطبع عدد 11 مسرحية.

عمل “يعقوبي”، مع مجموعة من الأسماء المسرحية التي لمعت في عالم السينما بعد ذلك، أمثال: “پانته‌آ بهرام” و”رحیم نوروزي” و”آیدا کیخایي” و”هومن برق‌نورد” و”باران کوثري” و”نوید محمد زاده” و”علي سرابي” و”مهتاب نصیرپور”.

هاجر، نهاية العام 2001م، إلى “كندا” ويعيش هناك حاليًا. وبعد عقدين من العمل المسرحي والإخراج، قدم رواية مفصلة عن الرقابة على العروض والإيذاء الذي تحمله في “المسرح الإيراني”؛ باسم: (الصحافة ليست جريمة).

حديقة حيوان زجاجية !

تعرض “محمد يعقوبي”، للرقابة للمرة الأولى؛ عندما كان طالبًا للمخرج المسرحي الكبير، “حميد سمندريان”. يقول: “في العام 1992م، كان الأستاذ، سمندريان، يعقد دورة تعليمية بقاعة الفن، وبنهاية الدورة وكنوع من التحفيز سمح لنا بالتمرين في القاعة. فقررت أنا وإثنين من الزملاء الاشتراك معًا في عرض مسرحي، لم نكن نأمل في عرض عام؛ وإنما لأنفسنا مع طموح بالعرض على الأستاذ، سمندريان، والزملاء. ووقع اختيارنا على: (حديقة حيوان زجاجية)، للكاتب، تنسي ويليامز، وبعد أشهر من التمارين بالقاعة؛ حتى بلغنا اليوم الذي تأكدنا أن بمقدورنا تقديم العرض”.

يضيف: “حددنا يوم للعرض، وكان أحد أيام شهر رمضان، ولم أكن أو زملائي في العمل من الصائمين. وكان من المقرر أثناء العمل أن يقوم أحد الممثلين بتدخين سيجارة. تصورنا أن العرض خاص؛ ولذا فلا مشكلة من التدخين. كذلك طلبت إلى إحدى الممثلات، وكانت تلعب دور، لورا، أن تحتضن زميلها الرجل؛ وكان يلعب دور شقيقها، توم. لم يكن من مشكلة بالنسبة للممثلين. وفي جزء آخر كان على، لورا، أن تقبل ممثلاً آخر يلعب دور، جيم، لكن لأن إمكانية عرض هذا المشهد مستحيلة، فقررت كمخرج للعرض أن يتوجه الممثلون للجمهور ويقولون: “يتبادل (جيم) و(لورا) القُبل، لكن لا يمكننا أن نفعل ذلك”.

يستطرد “يعقوبي”: “بمجرد الخروج من القاعة؛ جاءني شخص كأنه عسكري، ملتحي، سيء المظهر، واعترض بلهجة حادة على كيفية إجراء العرض، وسأل: هل أنت مسلم ؟.. هل أنت إيراني ؟.. لماذا عرضت مثل هذه القضايا القبيحة والجنسية في العرض ؟.. فأوضحت له أنني درست بقسم (الحقوق) بالجامعة، وأعرف الأعمال القانونية وغير القانونية، وقلت: “ينص القانون الإسلامي على عدم إعدام القاتل الذي لم يعقد نية القتل. وهذا هو المسرح ونية الممثلين في الحقيقة؛ لم تكن الإحتضان واللمس، وبالتالي لا يجب تصنيفها تحت بند الحرام”. لكنه لم يتقنع وذهب. ويبدو أنه لم يكن الوحيد بالقاعة، وأنما كان من بين الحضور بعض الطلبة أعضاء الجمعية الإسلامية بجامعة آزاد. وغداة العرض انتقدت العرض صحف: (رسالت) و(سلام)، وأدعوا أنني تجاهلت دماء الشهداء وأن التدخين في نهار رمضان هو بمثابة الحرب على الإسلام”.

ويعتقد “يعقوبي”؛ أن مشكلة الأجهزة الأمنية ومنظمات الرقابة مع الأشخاص لا المحتوى، وأضاف: “لو قدم، مسعود ده نمكي، أو محمد حسين مهدويان، تلكم المشاهد والديالوج التي تتعرض للحذف تحت وطأة الرقابة؛ لما تعرضا لمشكلة. لكن الرقابة تعاني مشكلة مع أفلام ومسلسلات البعض مثل: كيانوش عياري، لأنه مستقل وصاحب قضية. لكن المؤلم هو تعاون بعض الزملاء مع الحكومة في مسألة الرقابة”.

وأضاف: “أعتقد أنه لا يمكن القضاء على الرقابة داخل إيران بسهولة. وطالما لا يشعر العاملون في إدارة الرقابة بوزارة الثقافة، بالخجل وطالما يرى الفنانون في الرقابة أداة للإبداع؛ ويبررون تقييد الحريات، فسوف تستمر الرقابة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة