11 يناير، 2025 11:42 م

رواية رأس البصلة.. النساء يعايشن الكوارث بود وتراحم

رواية رأس البصلة.. النساء يعايشن الكوارث بود وتراحم

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية (رأس البصلة) للكاتبة العراقية “نهاد عبد” تحكي عن تفسخ العلاقات الاجتماعية في مجتمع ينوء بكوارث الحصار والحروب والتفجيرات والتدمير.

الشخصيات..

الكاتبة: هي من تحكي الرواية بصوتها، ولا نعرف عنها شيئا سوى أنها كاتبة.

فاتن: البطلة، سيدة لديها أربعة أطفال، يهجرها زوجها في ظروف حالكة لكنها تواصل العيش بقوة، وتتحدي الظروف بصلابة.

ميادة: ابنة فاتن، لم تترك أمها، تعرضت لحياة صعبة لكنها صمدت.

أم إحسان: جارة فاتن، سيدة طيبة وودودة، تفقد ابنها بعد اختطافه، وتفقد معنى حياتها.

الراوي..

الراوي هو كاتبة، حكت لها فاتن وميادة حكايتهما وقررت أن تكتبها في رواية، وصوتها واضح في معظم الرواية كأنها تحادث القارئ بشكل مباشر.

السرد..

الرواية تقع في حوالي 320 صفحة من القطع المتوسط، الحكي يبدأ من التقاء فاتن وميادة مع الكاتبة ثم تبدأ حكاية فاتن وميادة ويسير الحكي تصاعديا، ويتركز الحكي عن ميادة في بدايتها وطفولتها ورؤيتها للحياة بعين طفلة، ثم نتعرف على الحكاية من وجهة نظر فاتن، وتنتهي الرواية نهاية سعيدة.

تخلي الزوج..

الرواية ميزتها أنها تحكي عن أزمات العراق وكوارثها بعيون النساء،   أولا بعيون الطفلة ميادة التي لا تفهم لما تتنقل أسرتها بين البيوت التي تتهدم، فقد كانت الطائرات تقصف البيوت فتضطر أسرتها إلى التنقل لبيوت أخرى بمشاركة مع عائلات أخرى من الأقارب، لا يجدون الطعام وحتى الخبز ليأكلونه، ويبيتون في أماكن ضيقة وسيئة.

ثم استقرت الأسرة في بيت هادئ وذهب الأب ليعمل في دولة عربية لكي يجلب المال لأسرته، بعد أن ساد الخراب، لكن بدلا من أن ينتشل الأب أسرته من مجتمع يتداعي يتزوج بامرأة أخرى ويقرر هجر فاتن، لكنه يعدها أنه سيرسل الأموال لأسرته، فتجد نفسها وحيدة في مجتمع يعمه الخراب وفي رقبتها أربعة أطفال.

وللأسف حكاية فاتن ليست الحكاية الوحيدة، فقد كان هناك حكايات مشابهة كثيرة حيث تجد النساء أنفسهن وحدهن في مواجهة كوارث كبرى ومعهن أطفال لابد من رعايتهن، تصرفت فاتن بقوة وصلابة فقد تركت منزلها وذهبت لمنزل آخر واستمرت في عملها بجانب فتح مشغل للخياطة، واستطاعت أن تربي أبناءها وتجعلهم يتعلمون تعليما عاليا، لكن الأبناء الذكور سافروا للخارج بحثا عن حياة أفضل ولم تستطع ميادة الابنة تركها.

ثم يمرض زوجها مرضا شديدا ويقرر أن يعود إليها بعد أن تتدهور حالته الصحية،  لتجد نفسها مجبرة على رعايته لكنها لا ترفض وترعاه حتى يموت، ثم تقرر أن تسافر بصحبة ابنتها ويهاجران إلى ألمانيا بعد مرور قصير بالقاهرة.

يتخلل حكاية فاتن وميادة حكايات أخرى عن الجيران، فنجد علاقات مثلية بين الفتيات، ونجد انتهاك عرض الأطفال من قبل المحارم، وهذه مشاكل متواجدة في كل المجتمعات سواء شرقية أو غربية، ويحسب للكاتبة جرأتها في سرد تلك الحكايات، وكشفها لتأثير الأحوال السياسية والاقتصادية على المجتمع وعلى النساء. حيث نجد أن هذه الكوارث تقع بشكل مضاعف على كاهل النساء، فالرجال يستطيعون الهجرة وترك بيتهم ووطنهم لكن معظم النساء تجد نفسها رهينة الوطن لا تستطع تركه لأن لها أطفالا لابد وأن ترعاهم.

النساء يبقين في الوطن المتداعي ويتعاملن مع كل الظروف، ويتعرضن لكل الفواجع من فقد الأبناء وقتلهم في الحروب أو في أعمال العنف والاقتتال الطائفي، لكن رغم ذلك يحافظن على الود والتراحم وتظل بينهن علاقات الدعم والمساندة مثلما يدور بين أم احسان وفاتن، يساندن بعضهن بعضا ويقوين أنفسهن لمواجهة الفواجع.

كما رصدت الرواية بعض التفاصيل في القاهرة، وأشادت بترحاب مصر لكل الأشقاء من المناطق المحيطة، وكيف أن القاهرة مدينة ساحرة وأهلها طيبون.

كما أشارت الرواية إلى المستفيدين من الحروب والكوارث وكيف تقلدوا مناصب عليا، فمن تخلى عن الأخلاق ومن كان يتعامل بانتهازية واستغلال هو من استطاع أن يتسلق الدرجات والمناصب وينهب أموال البلاد المستباحة.

الكاتبة..

نهاد عبد، كاتبة عراقية، صدر لها روايتين، (بغداد نيويورك، رأس البصلة).

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة