23 ديسمبر، 2024 3:22 م

بتوسيع مهمة “الناتو” في العراق .. هل يسهم في تخفيف حدة التوتر بين القوات الأميركية والميليشيات ؟

بتوسيع مهمة “الناتو” في العراق .. هل يسهم في تخفيف حدة التوتر بين القوات الأميركية والميليشيات ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

“تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن”.. مثل مؤكد على ما يحدث في الحالة العراقية، فبعد ما كانت تدفع الأحزاب العراقية، الموالية لـ”إيران”، والميليشيات أيضًا، باتجاه سرعة خروج القوات الأميركية من “العراق”، وكانت تنفذ الهجمات الانتقامية لأجل هذا الهدف، إلا أن الهجوم الأخير قلب كافة الموازين عليهم، فبعدما كانت القوات تتأهب للخروج، بعد قرار الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، بخروج القوات من “العراق”، قرر الـ (ناتو) توسيع مهمة تدريبه وزيادة عدد قواته من 500 جندي إلي أربعة آلاف أو خمسة آلاف.

ولم يكن هذا اتجاه الـ (ناتو) فقط؛ وإنما طلب “مصطفى الكاظمي”، رئيس الحكومة العراقية، إلى تطوير التعاون بين “العراق” و”حلف شمال الأطلسي”، (ناتو)، لمواجهة الإرهاب.

ذلك التطور أثار المزيد من التساؤلات حول مهام الـ (ناتو) الجديدة، ودوره في مواجهة الميليشيات التابعة  لـ”إيران”.

استبعاد تخفيف التوتر..

في تصريح لموقع (الحرة) الأميركي، استبعد، “رائد العزاوي”، الأكاديمي والباحث العراقي في العلاقات الدولية، أن يؤدي توسيع مهمة الـ (ناتو) إلى تخفيف التوتر بين القوات الأميركية والميليشيات الموالية لـ”إيران”.

ويقول “العزاوي”؛ إن القوات الأميركية في “العراق”، التي تطالب الميليشيات بمغادرتها البلاد، هي في حقيقة الأمر ذريعة للميليشيات وبعض الأحزاب العراقية الموالية لـ”إيران”.

وأوضح قائلاً: “الميليشيات الموالية لإيران؛ تُريد بقاء قوات الأميركية؛ لأن خلو العراق من أي تواجد أجنبي يعني تلاشي دور الميليشيات التي تريد أن تسيطر بسلاحها على مفاصل الدولة العراقية”.

مضيفًا أن: “الميليشيات تستغل بقاء القوات الأميركية، أو قوات الحلف، لرفع الشعار الكاذب الخاص بـ (سلاح المقاومة)”، مشيرًا إلى أن توسيع مهمة الـ (ناتو): “لن يغير كثيرًا في تكتيكات إيران والميليشيات العراقية الموالية لها”.

ويرى “العزاوي”؛ أن الحلف قدم كثيرًا للقوات العراقية، خصوصًا الجوية منها، قائلاً: “أصبح هناك طلعات جوية منفردة للطائرات العراقية بفضل الـ (ناتو)”.

كما تحدث عن: “جهد استخباري واسع جدًا؛ استفاد منه العراق في ملاحقة تنظيم (داعش) الإرهابي”، وتدريب الحلف: لـ”عدد كبير من القوات الأمنية العراقية على المتابعة والتعقب”.

يؤكد عدم نجاح ضغوط الميليشيات..

بينما قال “حميد رضا عزيزي”، الزميل الزائر في “المعهد الألماني” للشؤون الدولية والأمنية، إن القرار المرتقب لـ (ناتو) يؤكد عدم نجاح: “الضغوط المستمرة التي تمارسها الجماعات المدعومة من إيران لطرد القوات الأجنبية من العراق”.

وأضاف قائلاً؛ لموقع (الحرة): “قد تُقيد واشنطن دورها في العراق لاعتبارات لوجستية وأمنية، لكن (الناتو) سوف يملأ الفراغ”.

وأرجع “عزيزي” إعتزام الحلف ترسيخ دوره الآن، إلى محاولة “الولايات المتحدة” و”أوروبا” إصلاح العلاقات طويلة الأمد بينهما، التي تضررت في عهد “ترامب”، عبر “الحلف الأطلسي”.

وأضاف: “على هذا النحو، ستلعب أوروبا، مرة أخرى، دورًا نشطًا أكثر عبر مهام (الناتو) في الشرق الأوسط”.

ويعتقد “عزيزي”؛ أن عزم الحلف توسيع مهمته الآن؛ يشير إلى أن الغرب قلق بشأن الوضع في “العراق”، ولا يريد أن يخسر نفوذه بالكامل أمام “إيران” والجماعات المتحالفة معها.

أقل استفزازًا من الدور الأميركي..

وعن طلب “الكاظمى” بتطوير التعاون مع (الناتو)؛ يعلق “عزيزي” على ذلك بقوله: “يبدو أن الكاظمي يعتقد أن وجود (الناتو)؛ سيكون أقل استفزازًا مقارنة بالدور الأميركي المباشر”.

وأضاف: “الكاظمي حريص على إبقاء المستشارين العسكريين الغربيين لتعزيز هياكل أمن الدولة. وهو يعلم أن الدعم الغربي والعربي المباشر ضروري لكبح نفوذ إيران والجماعات الحليفة لها”.

العراق يسير نحو المجهول..

بينما يقول أمين عام اتحاد القبائل العربية في العراق، “ثائر البياتي”: “كل يوم يمر في العراق يُثبت أن مستقبل هذا البلد يسير نحو المجهول وتتقاذفه العواصف من كل مكان وبكل الاتجاهات، حتى فقد الجميع الحل وزمام الأمور، فلا وجود لمخرج يفرض طرف الحل على بقية الأطراف، حيث فقدت الحكومة قدرتها على السيطرة على أرض الواقع، والميليشيات أصبحت عدو للجميع، ولا يمكن لبقية الأطراف أن تنهي وجودها أو لجمها وتحديد قدراتها”.

وأضاف “البياتي”، لموقع (سبوتنيك) الروسي؛ أنه: “وإن كانت الميليشيات أصبحت واقعًا ولا يملك لأحد السيطرة عليها، هي نفسها لا تمتلك القدرة لفرض إرادتها على بقية الأطراف العراقية وتقلبهم وفق أجندة القوى وانقسامهم فيما بينهم، وتحولهم إلى مافيات وعصابات ومرتزقة وفق من يدفع ويدعم، وقد تخلى معظمهم عن منهاجهم وانقلبوا حتى على راعيهم وداعمها الأول، (الجمهورية الإسلامية)”.

رسائل الثورة..

مشيرًا “البياتي”؛ إلى أن: “المتظاهرين قدموا تضحيات غالية من أجل توصيل رسائل مهمة للعالم أجمع، وهي أن في العراق شباب واعي، يبحث عن وطن تم رهنه لدول إقليمية وعالمية، والأهم هو إعلان موت الطائفية بعد أن عولت عليها واستفاد منها الأحزاب وساسة العملية السياسية، الذين سقطوا أمام المجتمع العراقي بفسادهم وطائفيتهم وتبعيتهم لأجندات خارجية، وأكدو فشل العملية السياسية التي أسست تحت نير المحتل الأميركي”.

مشكلة العراق تنتهي بحل دولي..

غير أنه يرى أن: “مشكلة العراق بدأت بتدخل دولي في العراق غيّر كل شيء فيه، إلا وحدة المجتمع العراقي، وكما بدأت دولية يجب أن تنتهي بنفس الطريقة لكي تتعافى البلاد وتستقر، وهذا بدوره سوف يؤثر على استقرار المنطقة والعالم، ويتمثل الحل الدولي في عقد مؤتمر عالمي لإنقاذ العراق برعاية وضمان وإشراف دولي يشارك فيه الجميع من القوى السياسية العراقية بلا استثناء”.

وتابع “البياتي”: “وهذا لن يتم إلا بوجود قوة دولية ضامنة لتأمين أرض العراق أولاً، قبل أن يكون ساحة حرب تتصارع فيها كل الأطراف، لهذا نجد أن الأصوات التي تطالب بإخراج المحتل، تقابلها أصوات تنادي ببقائه لضمان أمنهم”.

لعبة الأقوياء وفق إستراتيجيات بعيدة المدى..

ولفت أمين اتحاد القبائل، “البياتي”، إلى أن: “إعلان زيادة عدد القوات الدولية العاملة بالعراق؛ هو أمر متوقع بل هو مرسوم، وفق أجندات دولية لها إستراتيجيات بعيدة، تهدف إلى تأمين والسيطرة على أكبر مصدر للطاقة، (حوض نفطي)، في العالم، لعبة الأقوياء لكسر الإرادات ضحيتها الصغار”.

توسيع مدى العمل العسكري لـ (الناتو)..

من جانبه؛ قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بغداد” والسفير السابق بالخارجية العراقية، الدكتور “قيس النوري”: “إنه من المعروف أن حلف (الناتو)؛ وإثر تفكك الكتلة الشرقية وجناحها العسكري، حلف (وارسو)، أقر أعضاء دول حلف (الناتو)، في اجتماعهم الذي عقد عام 1995، في الولايات المتحدة الأميركية، توسيع مدى العمل العسكري للحلف ليشمل العالم، بشكل أوسع بعد أن كانت محصورة في القارة الأوروبية في إطار مواجهة حلف (وارسو)، لذلك نرى أن قوات (الناتو) اشتركت في عمليات عسكرية واسعة بالحرب في أفغانستان والعراق وأماكن أخرى خارج ساحاته التقليدية السابقة في أوروبا”.

وأضاف “النوري”؛ لـ (سبوتنيك): “لذلك فإن التوجه لزيادة عدد قواته في العراق وتوسيع نشاطاته؛ يأتي ليس فقط لما يحصل في العراق من اضطرابات، وإنما يجيء أيضًا تنفيذًا لقرار الحلف التوسع في الأهداف ومواجهة التهديدات إينما كانت، وهو قرار خطير يُشكل تهديدًا مباشرًا لجميع دول العالم، ومن الجدير الإشارة إلى أن تلك التعديلات التي أضيفت إلى أهداف الحلف، والتي تتيح لقواته التدخل لمواجهة حالات أخرى تندرج تحت دعوى التدخل الإنساني، وكذلك التدخل لحماية الأقليات”.

وتابع “النوري”: “كل تلك المسوغات أوجدها قادة دول الحلف لتتيح لهم توسيع مديات العمل وتحويل الحلف إلى أداة ضاربة لحماية المصالح الغربية عمومًا”.

توفر فرص للتدخل !

مشيرًا إلى أنه: “من هذا المنطلق؛ يتأتى الموقف الأخير للحلف فيما يخص العراق، بعد أن وفرت الميليشيات، المدعومة من إيران بسلوكها، فرصًا للتدخل الأجنبي بهدف واضح يتمثل في محاولة إشغال (الناتو) في ساحات أخرى بعيدًا عن إيران، لذلك نقول إن هذه الميليشيات عندما تستخدم صواريخها المحدودة التأثير أصلاً، إنما هي توفر فرص التدخل ليس إلا، بصرف النظر عن شعاراتها المضخمة إعلاميًا”.

توسيع مهمة (الناتو) باتفاق مع “الكاظمي..

وذكر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، “ينس ستولتنبرغ”، بحسب موقع (العربية)، في تغريدة على حسابه في موقع (تويتر)، مساء أمس الأول الثلاثاء، أنه اتصل برئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، وأكد له أن: “حلف (الناتو) يتطلع لدعم العراق في الحرب ضد الإرهاب”.

وتطرق المسؤولان إلى مهمة التدريب التي يقودها (الناتو) في “العراق”، كما أشار “ستولتنبرغ” إلى زيادة الدعم الذي يقدمه الحلف للقوات العراقية. في وقت قال فيه مسؤولون ودبلوماسيون كبار: “إن وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي؛ يعتزمون توسيع نطاق مهمة التدريب التي يضطلع بها الحلف في العراق بمجرد انحسار جائحة (كورونا)، في خطوة سيترتب عليها، على الأرجح، ترسيخ دور أكبر في الشرق الأوسط”.

وتوقع أربعة دبلوماسيين، في حديث مع وكالة (رويترز)؛ أن يوافق الوزراء في مؤتمر عبر الإنترنت، اليوم الخميس، على الخطط التي قد ترفع قوة (الناتو) في “العراق”، من نحو 500 جندي كحد أقصى، في الوقت الراهن، إلى نحو 4000 أو 5000 جندي.

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، “ينس ستولتنبرغ”، في وقت سابق: “إنه يتوقع أن يوافق وزراء الدفاع على التوسيع، بحيث يعمل عدد أكبر من جنود الحلف في مزيد من المؤسسات الأمنية، بجميع أنحاء العراق”. وأضاف: “ستتوسع المهمة تدريجيًا نظرًا للوضع”.

ويحتفظ “حلف الأطلسي” بمهمة غير قتالية: “للتدريب والمشورة”، في “بغداد”، منذ تشرين أول/أكتوبر 2018، لكن خطط توسعة المهمة تأجلت. ويعود سبب ذلك في جانب منه لجائحة (كورونا)، وكذلك إلى المخاوف بشأن الاستقرار الإقليمي، إثر مقتل قائد (فيلق القدس) الإيراني، “قاسم سليماني”، في “بغداد”، في الثالث من كانون ثان/يناير 2020، في هجوم بطائرة أميركية مُسيرة.

وكانت خطط التوسع السابقة؛ قد جاءت أساسًا استجابة لطلب من الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، الذي دعا الحلف إلى بذل مزيد من الجهود في الشرق الأوسط.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة