خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن فصول التوتر بين “أنقرة” و”واشنطن” بدأت في موقت مبكر؛ وعلى خلاف ما كان يسعى إليه، “رجب طيب إردوغان”، الفترة السابقة على قدوم إدارة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، فبدأ فتح ملف صواريخ (إس-400) الروسية، الذي أبدت “أميركا” عدم تغيير موقفها تجاهه، غير أن الجديد جاء من عند “تركيا”، التي أعادت، يوم الإثنين، إحياء إحدى أبرز نقاط الخلاف العالقة مع “الولايات المتحدة”، مع اتهام الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، “واشنطن”، بدعم “الإرهابيين”، بعد “إعدام” 13 تركيًا في “العراق” على أيدي مقاتلي “حزب العمال الكُردستاني”، بحسب “أنقرة”.
هجوم “إردوغان”، على “واشنطن”، ترافق مع احتجاج دبلوماسي تمثل باستدعاء السفير الأميركي في “أنقرة” إلى “وزارة الخارجية” التركية، المستاءة من رد فعل “واشنطن” على مقتل الرعايا الأتراك الثلاثة عشر.
وقال “إردوغان”، في خطاب إن: “تصريحات الولايات المتحدة مؤسفة. تقولون إنكم لا تدعمون الإرهابيين، لكنكم بالواقع تقفون إلى جانبهم”.
وقال “إردوغان”، في تعقيبه على الحادثة: “لا يوجد تنظيم إرهابي أو بيادق لقوات أخرى تستطيع الوقوف بوجه الجيش التركي الذي يزداد قوة عامًا بعد عام”.
“إردوغان” يخير دول الغرب بينه وبين الوقوف مع الإرهاب..
وتابع الرئيس التركي، موجهًا خطابه لدول وصفتها وكالة (الأناضول) الرسمية التركية: بـ”الغربية”، قائلاً: “إن كنتم تريدون استمرار علاقات التحالف مع تركيا على صعيد المجتمع الدولي و(الناتو)؛ فعليكم التراجع عن الوقوف بجانب الإرهابيين”، في إشارة إلى دعم “واشنطن”، وعدد من الدول الأوروبية، لـ”حزب العمال الكُردستاني”.
وأضاف “إردوغان”؛ قائلاً: “كل من يقدم الدعم لمنظمة (بي كا كا) الإرهابية أو يؤيدها أو يتعاطف معها يداه ملطخة بدماء المواطنين الأتراك الـ 13، الذين قُتلوا في (غارا)”، على حد تعبيره.
ووجه الرئيس التركي سهام انتقاده لـ”أميركا” بشكل مباشر، قائلاً: “كنتم تزعمون أنكم لا تقفون بجانب (بي كا كا) و(ي. ب. ك) و(ب. ي. د)، لا شك بأنكم تدعمونهم وتساندونهم”، حسب قوله.
ووضع “إردوغان”، الدول المعنية، أمام خيارين قائلاً: “منذ الآن الجميع أمام مفترق طريق، إما السير جنبًا إلى جنب مع تركيا ويتخذ موقفًا ضد الإرهاب دون قيد أو شرط، وإما أن يكون شريكًا في جرائم المنظمة الإرهابية”، على حد تعبيره.
إعدام 13 تركي..
واتهمت “تركيا”، الأحد الماضي، “حزب العمال الكُردستاني”، بإعدام 13 تركيًا، معظمهم من الجنود وعناصر قوات الأمن، كان يحتجزهم في شمال “العراق”، منذ سنوات.
وذكر وزير الدفاع التركي، “خلوصي آكار”، أن جنودًا أتراكًا عثروا على 13 جثة في كهف تمت السيطرة عليه في منطقة “قارا”، بشمال “العراق”، حيث تشن “أنقرة”، منذ الأربعاء الماضي، عملية ضد “حزب العمال الكُردستاني”، الذي تصنفه هي وحلفاؤها الغربيون بأنه: “إرهابي”.
وأقر “حزب العمال الكُردستاني” بمقتل مجموعة سجناء، لكنه نفى رواية “أنقرة”، مؤكدًا أنهم قتلوا بضربات جوية تركية.
واشنطن تُشكك..
وأعلنت “الخارجية الأميركية”، الأحد؛ أنها: “تأسف لمقتل رعايا أتراك”، مشيرة إلى أنها تنتظر تأكيدًا إضافيًا حول ما أعلنته “أنقرة” عن ظروف مقتلهم. وقالت: “إذا تأكدت التقارير بأن مدنيين أتراكًا قتلوا على أيدي حزب العمال الكُردستاني، المنظمة التي تعتبر إرهابية، فنحن ندين هذا العمل بأشد العبارات الممكنة”.
وانتقدت وسائل إعلام تركية، موالية للحكومة، اللغة المستخدمة في البيان الأميركي واعتبر مصدر في “وزارة الخارجية” أن استخدام عبارة: “إذا تأكد”؛ ينطوي على شكوك في صحة رواية “أنقرة”.
استدعاء السفير الأميركي..
واستدعت “الخارجية التركية”، السفير الأميركي في “أنقرة”؛ احتجاجًا على موقف “الولايات المتحدة” من القضية.
وقالت “الخارجية”، في بيان: “استدعي السفير الأميركي، (ديفيد) ساترفيلد، إلى الوزارة، وجرى إبلاغه بأشد العبارات بموقفنا من البيان الأميركي”.
الولايات المتحدة تتراجع وتدين العملية وتدعم أنقرة !
وقالت “الولايات المتحدة”؛ إنها تقف بجانب “تركيا”، العضو مثلها في “حلف شمال الأطلسي”؛ وتدين عملية القتل إذا تأكد أن المسؤولية عنها تقع على عاتق ح”زب العمال الكُردستاني”.
وفي محاولة لإحتواء الموقف مع “أنقرة”؛ حمل وزير الخارجية الأميركي، “آنتوني بلينكن”، مسؤولية مقتل الأتراك لـ”حزب العمال الكُردستاني”، في اتصال هاتفي مع نظيره التركي، “مولود تشاوش أوغلو”.
وجاء في بيان؛ للمتحدث باسم الخارجية الأميركية، “نيد برايس”، أن: “وزير الخارجية قدم التعازي بالأتراك الذين قتلوا في شمال العراق، وأكد وجهة نظرنا التي تعتبر أن إرهابيي حزب العمال الكُردستاني يتحمّلون المسؤولية”.
وبحسب “أنقرة”؛ كان الدعم الأميركي لـ”وحدات حماية الشعب” الكُردية، وخلافات أخرى بين “أنقرة” و”واشنطن”، مثل شراء “تركيا” صواريخ روسية، (إس-400)، موضع بحث في المحادثة الهاتفية، وهي الأولى بين الوزيرين.
وفي الاتصال عبر “تشاوش أوغلو”، لمحاوره؛ عن “انزعاج” أنقرة: “للتصريحات الأميركية في هذه الفترة”، بحسب وزارة الخارجية التركية.
وهذه هي المكالمة الأولى بين “بلينكن”، ونظيره التركي، بعد نحو أربعة أسابيع من تولي الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، رئاسة البلاد. ولم يتحدث “بايدن” بعد إلى “إردوغان”، وهو تأخير يعتبره البعض تقليلاً من شأن حليف مهم.
تعكس عدم ثقة أنقرة بواشنطن..
وبحسب موقع (فرانس 24)، تعكس تصريحات “إردوغان” الرافضة للموقف الأميركي عدم ثقة “أنقرة” بـ”واشنطن”، في ما يتعلق بسياستها إزاء الأكراد. وفي حين أن “واشنطن” تعتبر “حزب العمال الكُردستاني”، منظمة إرهابية، لكنها تدعم مقاتلين أكرادًا في “سوريا” مرتبطين به، في إطار مكافحة “تنظيم الدولة الإسلامية”.
وتدهورت العلاقات بين “تركيا” و”الولايات المتحدة” على خلفية دعم “واشنطن” لمقاتلي “وحدات حماية الشعب”، في “سوريا”، منذ إدارة “باراك أوباما”، ولا يزال هذا الدعم مذاك في صلب التوتر بين الطرفين.
اعتقال أكراد على خلفية الحادث..
وضاعفت السلطات التركية، أمس الأول، الضغط على “حزب الشعوب الديمقراطي”، الداعم للأكراد، والذي تعتبره “تركيا”؛ الواجهة السياسية لـ”حزب العمال الكُردستاني”.
وأعلنت “الداخلية التركية”، الإثنين، عن توقيف قوات الأمن 718 شخصًا، بينهم قياديون في “حزب الشعوب الديمقراطي”، للإشتباه بإرتباطهم بـ”حزب العمال الكُردستاني”.
وقالت “الداخلية”؛ إنه تم: “ضبط عدد كبير من الأسلحة والوثائق والمواد الرقمية الخاصة بالمنظمة (الإرهابية)، خلال مداهمات”، موضحة أن العمليات شملت 40 مدينة في البلاد ولا تزال مستمرة.
وأعرب “حزب الشعوب الديمقراطي”، الأحد، عن: “حزنه العميق”؛ لمقتل مواطنين أتراك في “العراق”، داعيًا “حزب العمال الكُردستاني” إلى الإفراج عن بقية السجناء.
وتنفذ “تركيا” باستمرار غارات جوية على قواعد خلفية لـ”حزب العمال الكُردستاني” في المناطق الجبلية، شمال “العراق”، حيث يقيم معسكرات تدريب ولديه مخابيء أسلحة. وتقوم قوات خاصة أحيانًا بعمليات توغل محدودة في مناطق ينتشر فيها “حزب العمال الكُردستاني”، الذي يخوض منذ 1984 حركة تمرد على الأراضي التركية، أوقعت أكثر من 40 ألف قتيل.
تزيد إحتقان المشهد السياسي الداخلي التركي..
وفي حديثه لـ (عالم سبوتنيك)، قال “حسام بوتاني”، رئيس “مركز صنع السياسات للدراسات الدولية والإستراتيجية”، بإسطنبول؛ إن التصعيد الأخير الذي حصل في العمليات، وكذلك من قبل “حزب العمال الكُردستاني”؛ وتر الأوضاع على نحو كبير، وبكل تأكيد المعارضة الكُردية لا تتحمل المسؤولية في هذه القضية، لكن هذه العملية تزيد الإحتقان وقد تؤدي لمزيد من الإحتقان في المشهد السياسي الداخلي التركي، وعلى بعض القرارات التركية؛ فالحكومة التركية حساسة جدًا بالنسبة لهذا الموضوع، ومشكلة المعارضة أحيانًا تكمن في التصريحات ومواقف بعض النواب والسياسيين التي قد تكون غير حاسمة أو حتى منحازة، وبالطبع الحكومة التركية لا تتسامح مع مثل هذا.