خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يُعد استهداف “مطار أربيل الدولي”، في هذا التوقيت، علامة استفهام كبيرة أمام دوائر الحكم، سواء العراقية أو الأميركية، حول من يقف وراء الهجوم، والسؤال الأكثر طرحًا هو: سبب الهجوم ودوافعه ولماذا الآن ؟.
(كتابات)؛ حاولت رصد مجموعة من الآراء، التي حاولت الإجابة على تلك التساؤلات..
اختبار للإدارة الأميركية الجديدة..
قال المحلل السياسي من “إقليم كُردستان العراق”، “كفاح محمود”، لموقع (سبوتنيك) الروسي؛ أن: “هذا الهجوم يأتي في سياق الأعمال الإرهابية التي يتعرض لها العراق من عصابات خارجة عن القانون، وربما أرادت أن توصل رسالة للإدارة الأميركية الجديدة لاختبار رد فعلها ومعرفة مدى اهتمامها بإقليم كُردستان”.
استهداف لاستقرار العراق..
وقال “رائد العزاوي”، أستاذ العلاقات الدولية العراقية، إن حادث استهداف “مطار أربيل”، نتحدث فيه عن جهتين، إذا أردنا القول إنهما متفقتين على تهديد أمن وسيادة العراق بشكل عام، وليس الحديث عن شخصيات كُردية، لكن الحديث عن استهداف “العراق”، وليس السفارة التركية أوالأميركية.
وأضاف، خلال مداخلة هاتفية لقناة (الحدث): “صدر بيان، قبل دقائق، من أصحاب الكهف، يتحدث عن تبينيهم هجوم صاروخي لمدينة (ميدات)، على الحدود التركية، خلف القطاعات العسكرية المتقطعة داخل الأراضي العراقية، وجاء في السطر الأخير منه: “ستكون الرسالة القادمة أقوى وأكبر، ولن يخرج منها مسعود وأتباعه، لا والله، وستكون عليها حامية وإن مواقع العمالة والخدمة في أربيل أمرها سهلًا يسيرًا إن شاء الله”.
وتابع: “أصحاب الكهف؛ ظهروا في نيسان/إبريل العام الماضي، أثناء الثورة التشرينية المباركة، وهم جزء من عباءة أحزاب إيران، والبعض يقول إنهم جزء من (حزب الله)، والبعض يقول إنهم من (فيلق بدر)”.
واستطرد: “قبل قليل؛ أصدر أحد أفراد حركة (فتح) بيانًا يطالب فيه بإخراج القوات الأميركية من العراق بشكل كامل، فتكالبت علينا الأمم؛ ميليشيات مسلحة لا تريد استقرار العراق وتهدد أمن وسلامة المواطن وليست السفارة الأميركية أو التركية، لأن هذه قنصليات لها هيبتها ضمن إتقافية (فيينا)، وهذا معناه إهانة للعراق بكل أطيافه”.
نقل الاستثمارات..
أما المحلل السياسي العراقي، “رحيم الشمري”، فقال لوكالة (الأناضول) التركية، إن “مصطفى الكاظمي”: “يقود حربًا ضد المجموعات المسلحة التي تعمل خارج إطار الدولة، وضد بعض المجموعات التي تعمل ضمن المؤسسات الأمنية، لكنها لا تلتزم بقراراته”.
واعتبر “الشمري”؛ وهو خبير بمركز “البحوث الإستراتيجي”، (حكومي)، أن الهجوم الأخير على “مطار أربيل”: “له أبعاد مختلفة”.
مضيفًا أنه: “قد يكون هناك سعي من قبل أطراف، (لم يحددها)، لتحويل بيئة إقليم كُردستان إلى بيئة غير مستقرة أمنيًا، وبذلك يتم نقل استثمارات الشركات الأجنبية وغيرها إلى محافظات وسط وجنوب البلاد المستقرة”.
وأردف “الشمري”: “كما أن الهجوم له أبعاد قد تتعلق بالهجمات الصاروخية التي استهدفت السفارة الأميركية وقاعدة (عين الأسد)، التي تضم قوات أميركية في (محافظة) الأنبار”، مؤكدًا أن: “الهجوم يحرج الجميع”.
وتابع المحلل السياسي قائلاً: “بعد الهجوم، يفترض بإقليم كُردستان، الاستعانة بوزارة الدفاع الاتحادية، التي تمتلك الإمكانيات مثل الطائرات لمراقبة المناطق المحيطة بالإقليم لمنع الهجمات”.
رفع التنسيق العسكري بين بغداد وأربيل..
بدوره؛ قال المحلل السياسي، “عصام الفيلي”، لـ (الأناضول)، إن: “المنطقة التي حدث فيها الهجوم الصاروخي؛ تقع خارج سلطة الحكومة الاتحادية من الناحية العسكرية، لكن ربما يساهم الهجوم من رفع تنسيق التعاون العسكري بين بغداد وأربيل”.
وأضاف “الفيلي”، وهو أستاذ العلوم السياسية في الجامعة “المستنصرية” في بغداد: “الحكومة العراقية الاتحادية لا تتحمل مسؤولية حماية المنطقة المحيطة بإقليم كُردستان، كونها خاضعة لسيطرة قوات حرس الإقليم”.
وهذا الهجوم؛ ليس الأول الذي يتعرض له “مطار أربيل الدولي”، الذي تقع بجواره القاعدة العسكرية الأميركية، فقد تم قصفه في أيلول/سبتمبر الماضي، بـ 6 صواريخ، لم تخلف خسائر بشرية أو مادية، فيما اتهمت سلطات الإقليم، فصائل (الحشد الشعبي)، بشن ذلك الهجوم، لأن الصواريخ أُطلقت من “سهل نينوى”، حيث تنتشر تلك الفصائل.
الثمن باهظ أمام بقاء القوات الأميركية !
وأعرب عقيد الجيش المتقاعد، “خليل النعيمي”، عن إعتقاده بأن الهجوم الصاروخي على “مطار أربيل الدولي”؛ بمثابة رسالة للإدارة الأميركية الجديدة بقيادة، “جو بايدن”، بأن: “تتعامل مع قرار إخراج قواتها من العراق على أنه أمر واقع”.
مضيفًا أن: “الهجوم بحد ذاته؛ رسالة لأصحاب القرار العسكري في الإدارة الأميركية، بأن التفكير ببقاء القوات الأميركية أو العمل على زيادة عددها سيكون ثمنه باهضًا”.
رسالة إيرانية واضحة..
فيما يرى المحلل السياسي الكُردي، “هيوا عثمان”؛ إن ما جرى في “أربيل” يُعد رسالة إيرانية واضحة، لـ”إقليم كُردستان” ولـ”الولايات المتحدة”، فنوع الصواريخ والمنصة التي أُطلقت منها واسم الجماعة التي تبنت الهجوم ولغة البيان، جميعها تقول إن ما جرى يمثل: “صنع في إيران”، بحسب تعبيره.
وأضاف “عثمان”، في حديثه لـ (الجزيرة نت)؛ أن “الولايات المتحدة” ستسوي ملفاتها مع “إيران”، وحينها لن يكون هناك مكان للكُرد في هذه التسوية، لافتًا إلى أن على “أربيل” التواصل بشكل جِدّي مع “إيران” وتبديد أي مخاوف لديها من الإقليم، معتبرًا أن الاعتماد على ما وصفه بالغضب الأميركي سيسهم في تكرار ما حدث وربما أكثر.
ليس من إمكانيات “سرايا الدم“ !
من جانبه، اعتبر المحلل الأمني والإستراتيجي، “فاضل أبورغيف”، أن ما جرى في “أربيل”؛ لا يُعد محاكاة لما يجري من استهداف متكرر للسفارة الأميركية، بـ”بغداد”، معللاً ذلك بأن خصوصية الوضع، وما وصفها بالإرهاصات داخل الإقليم؛ تختلف عما عليه الحال بـ”بغداد”.
“أبورغيف”، في حديثه لـ (الجزيرة نت)، اعتبر أن هناك مشكلات كبيرة داخل الإقليم، مبينًا أن هناك حالة إحتقان بين “أربيل” وبين “حزب العمال الكُردستاني”، مبينًا أن الصواريخ بحاجة لمسافة قليلة نسبيًا للوصول لـ”مطار أربيل الدولي”، ومشيرًا إلى أن المسافة بين “أربيل” وحدود المحافظات العراقية أبعد من مدى الصواريخ المستخدمة.
موضحًا أن ما جرى في “أربيل”، يُعد استهدافًا للتراب العراقي، مشيرًا إلى أن بيان فصيل (سرايا أولياء الدم) مشكوك فيه، ومعللاً ذلك بأن لغة البيان كانت ركيكة؛ وأن المعطيات التي أوردها متناقضة، فضلاً عن أن هذا الفصيل لا يمتلك القدرة على نصب قاعدة صواريخ ضمن مناطق تخضع لأمن الإقليم، لا سيما أن العقيدة والإيديولوجية تختلف جذريًا بين الطرفين.
مُحرجة لـ”الحشد الشعبي“..
وفي غضون ذلك، أكد المحلل السياسي، “كفاح محمود”، مستشار رئيس “إقليم كُردستان” الأسبق؛ أن الأسلوب الذي أتبع في هجوم “أربيل” هو ذاته الذي أتبع في هجمات، أيلول/سبتمبر الماضي، مشيرًا إلى أن الهجمات جاءت بذات نوع الصواريخ المستخدم في استهداف السفارة الأميركية بـ”بغداد”.
وعن الأهداف، يرى “محمود”؛ أن هذه الهجمات تأتي من أجل زيادة الضغوط على حكومة “مصطفى الكاظمي”، واختبارًا للإدارة الأميركية الجديدة، واختبارا للمدى الذي يمكن أن تدعم فيه “واشنطن”، الإقليم.
ولا يخفي “محمود”، في حديثه لـ (الجزيرة نت)؛ أن الهجوم يأتي في ظل تأزم العلاقة بين “بغداد” و”أربيل”، فيما يتعلق بالكثير من القضايا؛ على رأسها الموازنة العامة للبلاد، وحصة الإقليم فيها، منبهًا إلى أن أهداف الهجمات لا تخرج عن كونها إثارة للفتنة، وأنها قد تكون نابعة من فصائل تعمل خارج إرادة (الحشد الشعبي)، الذي ينأى بنفسه عن هذه الأفعال، فضلاً عن أنها تأتي محرجة للحشد الذي يُعد جزءًا من المنظومة الأمنية في البلاد.
إيران تبحث عن موقع أفضل في مفاوضاتها مع واشنطن..
وكان لموقع (سكاي نيوز عربية)؛ رأي مختلف، حيث رأى أنه مع تغيّر الإدارة الأميركية، وحلول رئيس جديد في “البيت الأبيض”؛ لا يخفي عزمه العودة إلى “الاتفاق النووي”، فيبدو أن “طهران” تحرّك هذه الأذرع لتحسين موقعها في أي مفاوضات مستقبلية مع “واشنطن”.
ويضيف الموقع؛ أن المراقبون يرون إن التحركات في هذه الملفات ليس عبثًا، فقد كانت هناك توقعات بأن تحرّك “إيران” ميليشياتها في المنطقة بحثًا عن موقف أفضل في المفاوضات.
ويأتي ذلك؛ خاصة لأن إدارة “بايدن” تحدثت عن اتفاق جديد يتضمن برنامج “إيران” الصاروخي وتدخلاتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة عبر الميليشيات.