23 نوفمبر، 2024 2:01 م
Search
Close this search box.

الهيئة التمييزية للمساءلة والعدالة

الهيئة التمييزية للمساءلة والعدالة

من وجهة نظر قانونية
استهلال :-
        لعل من الضمانات الدستورية والقانونية المنسجمة مع مواثيق حقوق الإنسان العالمية هو حق التقاضي وحرصت كافة الدول بمختلف نظمها السياسية النص عليه في تشريعاتها ولا شك إن اللجوء للقضاء باعتباره سلطة مستقلة من سلطات الدولة الديمقراطية في حالة الخلاف بين الأشخاص فيما بينهم وبين الإدارة والفرد وكذلك بين مؤسسات الدولة فيما بينها من الضمانات الأساسية للجميع ويكون للقضاء القول الفصل إذا ما جرى الاحتكام إليه وكذلك يعتبر القضاء هو من يفسر النصوص التشريعية عند الاختلاف في تطبيقها وللقضاء درجات نظمتها التشريعات الخاصة بذلك لا نريد الخوض فيها بقدر تعلق الأمر بموضوعنا الذي أصبح الشغل الشاغل لعموم العراقيين إلا وهو قانون المساءلة والعدالة والذي حل محل قانون الهيئة العليا لاجتثاث البعث وكيفية الاعتراض على القرارات الصادرة بموجبه .
       حيث نص قانون المساءلة والعدالة رقم 10 لسنة 2008 النافذ في فقرته الثالثة من المادة   – 1-  على ( هيئة التمييز :- هي الهيئة المختصة في محكمة التمييز بتطبيق قانون الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة ) .
      ومن هذا النص سنبدأ تسليط الضوء على هذه الهيئة التمييزية وعلى آلية تكوينها والمهام المناطة بها مستندين في ذلك على النصوص القانونية لغرض تعريف المواطن الذي وجدناه من خلال عملنا في هذه الهيئة يجهل الكثير من إجراءات الهيئة وكذلك كيفية ممارسة طرق الطعن بقرارات الهيئة العليا للمساءلة والعدالة فضلاً عن وجود الخوف والخشية من هذه الهيئة .
ممن تتكون الهيئة التمييزية الخاصة بالمساءلة والعدالة :-
تتكون الهيئة التمييزية الخاصة بتطبيق قانون المساءلة والعدالة (1) من سبعة قضاة من قضاة محكمة التمييز على أن يراعى فيهم الشروط التالية :-

(1)المادة (1) فقرة ثالثاً من قانون الهيئة رقم 10 لسنة 2008
1
أولا : غير مشمولين بإجراءات اجتثاث البعث .
ثانياً : يرشحهم مجلس القضاء الأعلى .
ثالثاً : يصادق عليهم مجلس النواب (2) .
وقد لاحضنا عند اختيار أعضاء الهيئة من مجلس القضاء الأعلى وكذلك المصادقة عليهم هناك نوع من التنوع القومي والمذهبي في اختيارهم وترشيحهم لإيجاد حالة من التوازن ونعتقد إن هذا الاتجاه هو الاتجاه السائد حالياً في العراق عند تشكيل إي هيئة لا بل حتى على مستوى تشكيل مؤسسات الدولة .
وقد اشترط القانون أيضا إن يرأس هذه الهيئة قاضٍ أقدم من بين السبعة وتتخذ القرارات داخل هذه الهيئة بأغلبية أربعة أصوات , ويكون مقر الهيئة في بغداد .
 
من هم الأشخاص الذي لهم صلاحية الطعن أمام الهيئة التمييزية الخاصة بالمساءلة والعدالة :-
حدد قانون المساءلة والعدالة النافذ الأشخاص الذي بإمكانهم الطعن إمام هيئة التمييز ومن الاطلاع على نص المادة (15) من القانون نرى أن الأشخاص المعنيون بالطعن على نوعين :-
الأول : الأشخاص الطبيعيون :
وهم جميع الأشخاص المشمولين بالإجراءات وفق المادة (6) وبالتالي يعتبرون بحكم المتضررين منه ولهم الحق بمراجعة الطعن هم أو وكلائهم .
الثاني : الأشخاص المعنوية :
حيث نصت المادة (15) من قانون المساءلة والعدالة على إمكانية تقديم الطعون إمام الهيئة التمييزية الخاصة بالمساءلة والعدالة من قبل :-
1- الدائرة التي ينتسب إليها المشمول .
2- مجلس المحافظة .
3- حكومة الإقليم التي فيها تلك الدوائر .
4- مكتب المدعي العام في هيئة المساءلة والعدالة (3) .
(2)المادة (2) فقرة تاسعاً من قانون المساءلة والعدالة رقم 10 لسنة 2008
(3) انظر المادة (18) الفقرة ثانياً/أ
2
وبهذا الصدد نرى إن أكثر الطعون ولحد كتابة هذه السطور تقدم من المشمولين حصراً ولم اطلع بحكم عملي في الهيئة العليا للمساءلة والعدالة على طعن مقدم من الأشخاص المعنوية ونعتقد سبب ذلك هو عدم اطلاعهم على قرارات الهيئة العليا وربما لعدم إشعارهم بالقرارات من قبل إدارة الهيئة وارى لابد من إشعار مكتب الادعاء العام في الهيئة بالقرارات التي تصدر عن هيئة المساءلة والعدالة للاطلاع عليها وتدقيقها عملاً بإحكام المادة (15) من القانون وإلا كيف يستطيع مكتب الادعاء العامة وبقية الدوائر الواردة في المادة (15) من ممارسة دورها في الطعن .
 مدة الطعن في قرارات الهيئة العليا للمساءلة والعدالة  :
من المعلوم لدى رجال القانون إن مدة الطعن التي أعطاها المشرع للطاعن من الأمور الحتمية واجبة الإتباع وينظر فيها قبل الدخول في تدقيق دفوع الطاعن وأقواله وقد اتبعت كافة التشريعات الإجرائية هذه الإلية حتى لا يبقى الباب مفتوحاً يستخدمه الطاعن متى شاء وربما للإضرار بالآخرين .
وبالرجوع إلى المادة (15) من قانون الهيئة الوطنية للمساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008 نرى انه حدد مدة (30) يوماً لتقديم الطعن وتبدأ المدة من تاريخ تبليغ المشمول بالقرار أو اعتباره متبلغاً حسب قواعد التبليغ الواردة في قانون المرافعات المدنية العراقي وبخلاف ذلك يكون مصير الطعن الرد شكلاً لعدم تقديمه ضمن المدة القانونية (4) .

 (4) انظر قانون المرافعات الحديث رقم 83 لسنة 1969 المعدل المواعظ
3
حجية قرارات الهيئة التمييزية الخاصة بالمساءلة والعدالة :-
بينت المادة (17) من قانون المساءلة والعدالة النافذ حجية قرارات الهيئة التمييزية , واعتبرتها باتة وبعبارات صريحة لا تقبل التأويل والاجتهاد حيث جاء النص في ختام المادة (17) : (وتكون قراراتها قطعية وباتة) .
وبمعنى أدق أن قرارات الهيئة التمييزية الخاصة بالمساءلة والعدالة لا تقبل أي طعن أخر عند صدورها كالتصحيح وغيرها من طرق الطعن المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية وأصول المحاكمات الجزائية ولكن يبقى السؤال قائماً ما هو الحل إذا استجدت أدلة جديدة ومعتبرة تنفي شمول احد الأشخاص بالإجراءات وقد صدر بحقه قرار مكتسب الدرجة القطعية ؟ هل بإمكان هذا الشخص الطعن مجدداً على ضوء الأدلة الجديدة وهنا انسجاماً مع مبادئ العدالة وحقوق الإنسان لابد من قبول الطعن لعد ظلم احد ربما يحرم ويعزل من وظيفته ومصدر رزقه أو يحرم من استحقاقاته المادية كالتقاعد أو التعويض وفي كل الأحوال لابد من تدخل تشريعي لتعديل هذا النص أو تدخل قضائي بقبول الطعن عند قيام أدلة معتبرة تدحض القرار القطعي بالشمول والاجتثاث والعكس صحيح أيضا عندما يصدر قراراً بعدم شمول شخص ما ويكتسب القرار الدرجة القطعية وبعدها تستجد أدلة دامغة على شموله بالإجراءات .
الوصف القانوني للطعن في قرارات هيئة المساءلة والعدالة امام الهيئة التمييزية الخاصة بالمساءلة والعدالة :
الغريب في الموضوع أن قانون المساءلة والعدالة النافذ رقم 10 لسنة 2008 لا يوجد فيه عبارة (تمييز) عندما أورد الطعن في قرارات الهيئة وإنما استخدم المشرع مصطلح (الاعتراض) على القرارات الصادرة من الهيئة (5) أمام هيئة التمييز وتعزز ذلك أيضا بنص المادة (17) من نفس القانون والتي نصت على : (تصدر هيئة التمييز قرارها في الاعتراضات الواردة خلال مدة لا تزيد عن (60) يوماً وتكون قراراتها قطعية وباتة ) .

(5) المادة (15) من قانون هيئة المساءلة والعدالة

4
وبناء عليه نرى أن تصاغ اللوائح الاعتراضية للطعن بقرارات هيئة المساءلة والعدالة بالصيغة المعهودة والتي تبدأ بعد العنوان بعبارة المعترض والمعترض عليه وليس بالمميز والمميز عليه أو المميز ضده انسجاماً مع حرفية النص كما لابد من الإشارة في ختام هذا الموضوع إلى وجوب حسم الاعتراض من لدى الهيئة التمييزية عند ورد الطعن إليها خلال مدة لا تزيد عن (60) يوم وحتماً تبدأ هذه المدة من تاريخ استكمال أوليات الطعن المودع لديها والحق أقول بأن الهيئة التمييزية راعت هذه المدة لا بل أن العديد من قراراتها تصدر خلال أيام من ورود كافة الأوليات الخاصة بالطعون أليها .

وختاماً  أقول أذا ما أردنا النجاح وإنجاح عمل الهيئة العليا للمساءلة والعدالة لابد من عدم تسييسها وإبعادها عن كافة التأثيرات السياسية والضمانة الأكيدة لذلك هي تعاونها الجاد مع الهيئة التمييزية وإتباع قراراتها كونها المعنية قانوناً بتطبيق القانون وتفسيره وعدم التقاطع معها بأي شكل من الإشكال وينبغي التنسيق العالي خدمة للصالح العام .

والله ولي التوفيق

أحدث المقالات

أحدث المقالات