عندما نتصفح كتب التأريخ يظهر جليا ان هناك صراعا قديما بين الامبراطوريتين الفارسية والعثمانيةعلى مناطق النفوذ وخاض الطرفان حروبا كثيرة وطاحنة في مناطق عديدة من اجل الهيمنة والسيطرة على مقدرات المنطقة.
بعد انحلال الامبراطوريتين كتحصيل حاصل للحرب العالمية الاولى واتفاق الدول المنتصرة في الحرب على وضع خارطة جديدة للمنطقة وتقسيمها الى دويلات بين بريطانيا وفرنسا، اتخذ الصراع الايراني التركي منحا جديدا بالتوازي مع المتغيرات التي طرأت على خارطة المنطقة.
بعد توقيع كل من اربيل وبغداد على اتفاق لتطبيع اوضاع مدينة شنكال بغية اعادة الامن والاستقرار وعودة الحياة الطبيعية لها، تحركت كل من انقرة وطهران عبر وسائل الاعلام وعلى الارض لفرض هيمنتهما على جبل شنكال الذي يعد حيويا للطرفين.
ايران وعبر اذرعها العسكرية في العراق المستقرة في منطقة شنكال، رفضت الاتفاق المبرم بين اربيل وبغداد بأعتباره يقوض النفوذ الايراني في تلك المنطقة الحساسة التي تعد لايران ستراتيجية نظرا لاهميتها وتأثيرها على دور طهران في سوريا ولبنان ونفوذها في تلك الدولتين، وتمكنت ايران بشكل وباخرايجاد عقبة في طريق تنفيذ الاتفاق محاولة منها لفتح هذا المعبر الستراتيجي الى مناطق الصراع في كل من سوريا ولبنان.
لكن بغداد واربيل اصرتا على تنفيذ الاتفاق واعادة اعمار المدينة وعودة النازحين اليها واعادة الامن والاستقرار لها لكن ذلك لم يروق لطهران فقامت بالضغط من جميع الاتجاهات على الحكومتين الاتحادية واقليم كوردستان للتخلي عن الاتفاق او على الأقل التريث في تنفيذه وبناء على ذلك تم فتح حوار بين كل من طهران وبغداد من جهة واربيل وطهران من جهة اخرى اثناء زيارة رئيس السلطة القضائية الايرانية الى بغداد وتم تفاهم مبدئي بين الاطراف الثلاثة.
مع شعور انقرة بجدية المساعي الثلاثية الايرانية العراقية الكوردية لفسح المجال لايران للتحرك في تلك المنطقة ومراقبة الاوضاع عن كثب حتى اعلنت القيادةالتركية الحكومية والعسكرية نيتها للقيام بعمليات عسكرية في جبل شنكال بحجة ضرب قواعد حزب العمال الكوردستاني في المنطقة و اقامت ثكنات عسكرية فيها واستقرار قواتها هناك لحفظ التوازن في تلك المنطقة الحساسة.
وتزامنا مع التهديدات التركية، اعلنت فصائل مسحلة عراقية مدعومة من ايران بانها لن تسمح للقوات التركية باجتياح المنطقة بذريعة ان اي اجتياح لشنكال يمثل خرقا للسيادة العراقية، كل هذه التطورات والتوترات تدلل على ان كل من طهران وانقرة ربما عازمتان على استخدام القوة العسكرية لفرض هيمنتهما وهذا ماينذر باحتمال اندلاع صدام عسكري بين القوات التركية من جهة والفصائل الشيعية العراقية بالاضافة الى مسلحي حزب العمال الكوردستاني الموالين لأيران من جهة اخرى.
لذلك على كل من اربيل وبغداد العمل والسعي المشترك اما البدء بتنفيذ الاتفاق المبرم بينهما بالتفاهم مع الجانبين التركي والايراني، او ترك القضية للامر الواقع وانتظار ماتؤول اليه الاحداث بين تركيا وايران وبالتاكيد سوف لن يكون ذلك في صالح العراق واهالي مدينة شنكال الذين مايزالون نازحين في مخيمات اقليم كوردستان