23 نوفمبر، 2024 5:51 ص
Search
Close this search box.

في مؤتمر اتحاد الاذاعات والتلفزيونات العراقية حضرت السياسة وغاب الاعلام

في مؤتمر اتحاد الاذاعات والتلفزيونات العراقية حضرت السياسة وغاب الاعلام

في مضمون اعلان اتحاد الاذاعات والتلفزيونات العراقية الذي عقد في بغداد الثلاثاء كشف عن واقع جديد وأُفق يرتمي تحت خطابات واعلانات ودعوات سياسية بامتياز، وكشف ايضا عن تصاعد وتيرة التأثير الاعلامي على صّناع السياسة في العراق، ليس بسبب تصاعد الهجمات الارهابية في العراق وماتحمله من ابعاد نفسية واجتماعية على المواطن العراقي فحسب، بل على مجمل المشهد السياسي الذي واكبه الفشل المتراكم وبريق الازمات التي عصفت وتعصف بالبلد، وليس عجيباً ان تُعلن الحكومة العراقية وعلى رأسها السيد رئيس الوزراء من امتعاضه من الادارات الاعلامية لبعض الفضائيات وقنوات الاعلام الاخرى ازاء المشهد العراقي ازاء اختلاف الارادات والاهداف وتكنيك استمالات المتلقي العراقي، وبحسب مضمون خطاب السيد المالكي  في افتتاح المؤتمر التأسيسي(الذي حضر فيه السياسيون وغاب عنه الاعلاميون) اشار الى جملة من القضايا التي ترسم احكام وتصورات الحكومة وتمنيات السيد المالكي ازاء مطلبه من الماكنة الاعلامية، وانا اتطلع وبإمعان تحليلي وجدت ان السيد المالكي في مأزق شديد وان بالونات بعض الفضائيات قد وضعت نتاج مايجري في العراق وبكل آفاقة تحت منحى خطير وخطوط حمراء من ظواهر على صعيد السياسة والامن وغياب الاستراتيجيات وتعرية الفشل، وبالتالي كان لابد لوقفة او خطاب او ترميز قد يعيد التوازن لكفتي الانجازات والاخفاقات التي لااعرف لماذا يصر البعض  ويؤكدها السيد المالكي على تحمل اعباءها سواء اكانت لأداء الحكومة ام النواب ام الهيئات المستقلة، والخلل اليومي الذي يُمطرنا به المسؤولون على كافة الصُعد .وبناء على اهمية الموضوع ومن وجهة نظر اكاديمية وجدت من المفيد الاشارة الى تبعات هذا المؤتمر وتصريحاته من وجهة نظر اكاديمية بحتة.
1- لابد من الاشارة اولا الى العشوائية التي تمدد بها الاعلام العراقي من حيث الكم والنوع قد القت بظلالها اليوم على مهارات التغطية ورسم السياسات الاعلامية التي تتراوح بين التمثيل الحزبي والشخصي والفئوي والديني والحكومي والمستقل..الخ هذا التنوع في الاهداف والسياسيات بالضرورة وكأي اعلام انتقالي سيلوّح في افقه التقاطع والسير في اولويات ليست موحدة بالضرورة ، مادامت جهات التمويل في الاغلب مجهولة المصدر وغير خاضعة الى معيار موحد في الاهداف.فالجميع يرى انه يخدم العراق من وجهة نظره وليس بالضرورة ان تكون اولويات وسيلة اعلامية كغيرها من الاولويات، وبالتالي نحن امام مشهد اعلامي ترسمه السياسة والمؤسسة والشخوص وهذا ديدن الاعلام الانتقالي قيد النضوج .وفي كل المجتمعات الانتقالية والديمقراطية، مادامت اللوائح والنصوص القانونية تتيح لك ان تخاطب جمهور .
2- اعتقد ان مشكلة الاعلام في العراق(بخطى تقاطع الارادات والاولويات وتسيد الشخصنة) ليست جديدة فمنذ سقوط الطاغية كان الاعلام العراقي ينمو باتجاهات مختلفة وبنى لنفسه قنوات وجيوش من الاعلاميين والصحفيين تربعوا عرش التأثير في المشهد الثقافي والسياسي ونقل الاخبار وصناعتها، بناء على البيئة السياسية والفكرية التي افرزها التغيير.ولايمكنباية حال ان نسعى اليوم الى الرجوع الى خط الصفر او خط الشروع في اعادة النظر بخطاب جديد، في الوقت الذي انقسم فيه الجمهور ايضا في اليات تفضيله وولائه لبعض القنوات والبرامج والاتجاهات.فالخطأ ليس الاختلاف بقدر ما يفرزه الوضع العراقي من ثقل كبير في الصناعة السياسية والاخبارية ونقل الاحداث وتنشيط التأثير مادام الاحتراب والتنافس السياسي على اشده .
3- تراكمات مارسمته قوات الاحتلال الامريكي للعراق(اوامر بريمر المرقم 65/ 66) من اليات الاشراف على المرفق الاعلامي من خلال انشاء القنوات المستقلة(على طريقةBBC عملاق اعلام الدولة البريطاني) والتي صرفت وتصرف لها اموالاً طائلةً من المفترض ان تعمل – وبحسب نظامها الداخلي _ لتنمية الاعلام في العراق ورسم خارطة التفعيل بحسب متغيرات تصاعده الديمقراطي وبناء منظومته السياسية والتربوية والمجتمعية .لكنها ولدت ولازالت عاطلة وعاجزة على فك كود المشكلات والمتطلبات التي يعاني منها الاعلام العراقي .وفي نظري وقد نوهنا عليه تكرارا على خطا( دمج قطاع الاعلام بالاتصالات) وراحت هيئة الاعلام والاتصالات تجبي الضرائب والاموال من شبكات الهاتف وتراخيص الطيف ومنح الاجازات، لكنها عجزت وصمتت ازاء باقي مهامها في محاربة التحريض وتحليل ورصد المضمون العنفي والخروج عن المهنية والتضليل الذي سارت وتسير عليه بعض القنوات منذ سنوات، فهي لم تحرك ساكناً ولم تلتزم بمعايير مهنية اعلامية علمية في عمليات الرصد، وحولت نفسها الى قوة اداريةتلوح بقوة في غلق اومحاسبة تلك الفضائية او هذه الاذاعة،في الوقت الذي يعج العراق بشتى انواع المنشورات والمطبوعات والاذاعات دون تراخيص.بالإضافة الى تأسيس شبكة الاعلام العراقي والتي تقضي بنشر وتنشيط العمل الاعلامي والثقافي في العراقي وخصص له مجلس امناء وعمل  لها ميثاق وتحدد لها اولويات منها (العمل على وضع صيغة ميثاق وطرحها للنقاش العام. يهدف الميثاق الى تعريف الشعب العراقي بالتزامات خدمة البث العراقية العامة واهدافها خصوصا فيما يتعلق بالبرامج والفعاليات، وكذلك تأكيد تعهدها للشعب العراقي في شأن ما ينتظره منها مقابل الاموال العامة التي تستخدم في تمويل نشاطاتها).لااعرف اين ذهب الميثاق وما تقوم به الشبكة بالتحديد، وعلى الرغم من قوة التمويل والتمدد الذي انعطفت به قناة العراقية مثلا واسست لها قنوات تراكمية (العراقية 2، 3، 4 الوثائقية ) الاانها لاتلبي بأدنى حال المتطلبات التي انشئت من اجلها ومنها اشاعة السلم الاهلي ودعم المبادرات الوطنية والقوات الامنية في محنتها، وكانت اضعف واوهن مما كان متطلب منها سواء في ضعف القيام بالحملات ام بالتغطية ام بالابتكار البرامجي والتفاعلي مع المتلقي العراقي ..فهي قنوات فقيرة التأثير وذهبت الى ميادين الارضاء الحكومي والتكرار وعدم رسم اولويات والختل من الازمات والتغطيات المهنية.
4- اذا كان السيد رئيس الوزراء يشكو من عدم التركيز على البناء والانجاز الحكومي وعدم التركيز على الامل في الخطاب والبرامج الاعلامية فإنني اقول( ان الاعلام الحكومي للوزرات والمؤسسات هو الذي يتحمل ذلك الضمور والضعف والقصور)لان اقسام العلاقات العامة والناطقين باسم الوزارات والمؤسسات غير مؤهلين اعلامياً وميدانيًا وفنياً وقد فشلوا في نقل خطاب الحكومة ليس فقط على مستوى الاعلام بل ايضا في حقول العلاقات العامة والترويج لصالح صورتها في الأروقة المجتمعية، وتكتفي في الغالب في نقل صور ونشاطات الوزير او رئيس المؤسسة والتي نستطيع تلمسها باي موقع وزاري واولهم موقع رئاسة الوزراء ..هناك خلل ليس فقط من الآخر ياسيادة الرئيس، الخلل عدم وجود مهارات حكومية في نقل الخطاب بالشكل الذي يؤثر(وكما اشرت في خطابكم) الاعلام كلمة وفكرة ..فالقوي يهيمن بالتأثير والضعيف الخجول الذي لايعرف مهنية العمل ينضوي في طابور الملل والتكرار.
5- مع ان لدى العديد من الاحزاب السياسية التي تنضوي تحت تشكيلة الحكومة والبرلمان  قنوات وصحف ومواقع ومكاتب ومؤسسات لماذا،لاتعيد ميزان القوة الخبرية او الانجازية مثلا ؟ اذ لم نرى ولم نتعود ان نرى المؤتمرات الصحفية الدورية التي من المفترض ان تجري اسبوعياً لكل وزارة او هيئة حتى تتضح الامور.لماذا الوزرات مثلا تعلن مشروعاتها وانجازاتها بشكل خجول عبر السبتايتل ؟ ولماذا لا تُهيء المضمون الذي يمكن ان يغذي وسائل الاعلام الصديقة منها والعنيدة ؟ اخطاء تشير الى ضمور الفعل التأثيريللمؤسسة الحكومية .
6- ان اكبر المشكلات التي يعاني منها البلد وكما ذكر خطابكم  الموسوم الارهاب والفساد والطائفية والانقسام وبث الكسل والفشل وزرع القنوط في النفوس وتشظي المواطنة ….صحيح جدا هذا الكلام لكن هذا المؤشر ايضا له اسبابه ومنها ماذكرنا ..فلم نرى ناطقاً نشطاً واثقاً وبيانات متراكمة للداخلية والدفاع تناغي المتلقي بشكل يومي وتُراعي تساؤلاته….هي تكتفي في الاعداد ولاتظهر تلفزيونياً حينما يعصف بالبلد تفجيرات او اعمال اجرامية ..ولم تقم مؤتمرات صحفية دورية حتى يمكن لوسائل الاعلام ان تقوم بنقل وجهة نظرها او نشاطها.والعمليات الاجرامية هي فعل اجرائي لكن رساله اعلامية ..تنشط حينما لاتشير الى مستوى اجرامها او نقل دقائق وفورية تبعاتها .لذا نرى فروقات بين فضائيات تحاول النقل والتغطية عبر مراسليهاومصادرها الخاصة واخرى تكتفي بمايدليه الناطق او مصادر القوات الامنية التي لا تظهر عبر الشاشة.
7- يجب ان لا نتناسى ان السادة المسؤولين تنفيذيين او نواب هم من استهوتم الحرب الاعلامية والكلامية بالشكل الذي تحولت الفضائيات الى حلبة صراع للنواب والمحللين والمسؤولين، ويجرى التنافس والتسابق على قدم وساق لأجل الظهور الاعلامي وطلب الشهرة والتميز بحسب الاعتقاد .فالأجدر ان يكون بعض الخطاب موجه للمسؤولين الذين ينطقون بجمل وكلمات وتصريحات اصبحت مأثورة لدى العراقيين …والقنوات الفضائية وغيرها من وسائل الاعلام ترحب بالتصريحات النارية والغريبة والخارجة عن المألوف كغيرها، وهذا ديدن الاعلام الرقمي الحديث ..فالقنوات لايمكن ان تمنع نائباً او مسؤولاً عن القول او التصريح في مضمون قضية او كشف او اشارة .
8- الديمقراطية الحقيقية مرتبطة بحريات الاعلام وتلك مسلّمة عريقة ، فليس من المعقول ان نمنع او نتجاهل او نحجب حقائق او ملفات فساد او انتهاكات في ظل نظام ديمقراطي تعددي كفل حريته الدستور، لكن المشكلة بإهمال جدي وواضح لتفعيل قوانين التحريض الذي جاءت بها القوانين العراقية منذ العهد العثماني ولحد الان، ولدينا مايقرب 24 فقرة على مر تأريخقوانين النشر تجّرم التحريض الاعلامي للسلم الاهلي، لكن لماذا نجّمد القوانين ونسعى الى الاتهام العام .لااعرف هل هو عجز الهيئة ام عدم الدراية ام كسل ميداني من قبل جهات الرقابة او التقويم، وقد اشرنا الى ذلك في مؤتمرات عدة على تفعيل قوانين تجريم التحريض الاعلامي واشاعة العنف والقتل والتهجير …لماذا لم تستخدم لماذا صامته .
9- لايمكن بأية حال ان نجبر قنوات معينة في رسم سياستها الاعلامية، اذا كانت مرخصّة وليس لدينا مايثبت قانوناً ومضموناً خروجها عن الخط الوطني…والخط الوطني مصطلح عام قد يراه البعض كشف الفاسدين …والاخر مناصرة الفقراء ..والاخر تشجيع الثقافة والتراث …والاخر نقل انجازات الحكومة ونجاحاتها .واعتقد ان المشكلة ايضا متعلقة بالعلاقات العامة ونظام التواصل والتعامل بين المؤسسات الحكومية وقنوات الاعلام .من جهة والمواطن اليومي من جهة اخرى .
10- نحن كمتخصصين لاننكر وجود قنوات تحريضية وضد العملية السياسية وتحمل اجندات خارجية وهذا امر ليس بالجديد(اشارنا له في مقالات متعددة)، ولكن كيف يمكن لنا ان نحّجم ونُلجم ونغلق تلك القنوات .وماهي الاليات ؟ اليس من الافضل استخدام الطرق القانونية اليس من الافضل ان تشير الهيئة شهرياً الى نسب التحريض ومقدار الضرر على الراي العام جرّاء برامج محددة.حتى يمكن للمواطن ان يفهم ابعادها.كما تفعل مصر الان حينما قاضت الجزيرة وبالعكس .اليس من الاصلح للبلد كسب كل القنوات العاملة(عدا الموجهة بالشكل الذي يعرفه  جميع المتخصصين بالإعلام والعراقيين)، والمرخصة في العراق وعمل ميثاق شرف اعلامي لحماية العراقيين (وليس بالضرورة الحكومة) من الاعلام المضلل والاعلام المحرض والنابذ للوحدة الوطنية والسلم الاهلي والمواطنة والديمقراطية .
11- كنت اتمنى الاشارة الى القنوات المغرضة والخارجة عن الخط الوطني ( بالاسم والسبب)حتى يمكن للإشارة ان تكون تامة وغير عائمة في وسط حمى التنافس الانتخابي القادم، وان نرى من يقف من القنوات مع العراقيين في محنتهم ومن يقف يبث السم حتى يمكن ان نتيقن ان تصريحات السيد رئيس الوزراء غير سياسية وعلمية ومؤطرة بوقائع .
12- نعم القوات الامنية بحاجة الى دعم واسناد اعلامي ومجتمعي لكن مبادرات المعنيين والعمل بمد الجسور وتوطيد علاقات عامة فاعلة قد اوجد ابتعادا او لنقل عدم انسجام بسبب سلوك بعض القوات الامنية من الاعلاميين في ميادين التغطية، وافتقار المنظومة الامنية الى استراتيجية صناعة الولاء الاعلامي مع وسائل الاعلام والانفتاح المجتمعي للراي العام ، فلا يمكن بأية حال ان يتمنى او يتقبل اي اعلامي عراقي التقليل من قيمة وجهود تلك المؤسسة والتي نحن نحتاجها اكثر من اي وقت ، ولكن الاليات غير مفكر بها والنظرة الاستعلائية لبعض القادة الامنيين تجعل الاعلامي ربما لايدخل قصص نجاح بعض القوات حفاظا للكرامة والدقة وتوخي التصادم .ولدينا قصص كثيرة وحالات تصادم بين الحمايات مرة وبين افراد من القوات الامنية بحجب او منع او سلوك يُفشل التغطية .
13- وعطفاً على الفقرة السابقة كنت اتابع بنهم تفاصيل مداهمة القوات الامنية المصرية لمدينة ( كرداسة قرب القاهرة ) وكنت اتابع التغطية الحية والتناغم والتآزر بين عشرات الاعلاميين والاعلاميات في موقع الحدث وبالمباشر، بالشكل الذي يجعل من قوة الاعلام والامن فوهة واحدة لأمل وهدف وطني ، وقد نجح الجيش والشرطة المصرية من الانفتاح علىوسائل الاعلام والتفاعل معها، وكسبها بعدما كانت هناك شبه قطيعة ، وقد نجح القائمين على الحملة من نقل صورة وسلوك الميدان بالمباشر .وهذا مانفتقده في المجهودات الكبيرة التي تقوم بها الاجهزة الامنية الوطنية ( فهي مختزلة جدا ومكتفية بالرقم) متناسية تأثير الصورة والفلم والصوت ورد الفعل الجماهيري المؤيد.
14- في الوقت الذي يتعرض البلد الى اعتى واشرس هجمة خارجية وداخلية ، افتقرت القوات الامنية الى بناء منظومة اعلامية مساعدة ، كجهاز الحرب النفسية ، وتحليل الدعاية ونشر الثقافة الامنية والقانونية، فبلد مثل العراق يحتاج الى عوامل اعلام وثقافة امن واسعة وعلمية ودقيقة .
15- قبل 3 ايام اغلق مكتب قناة البغدادية وللمرة الثانية خلال اسبوع من قبل قوات عسكرية. لم نعرف الاسباب ولم نعرف من قبل من، ولم نعرف  دور الهيئة في الايعاز بالغلق في الوقت الذي نفت ذلك، ولم نعرف موقف الحكومة ؟ ولازال الموقف غامض دون مسوغ ونعتقد ان هذا الغلق سيرُاكم ويقوّض الشعور بحريات التعبير علما ان البغدادية وبعض وسائل الاعلام الاخرى تقوم بدور ريادي ومتميز في ملفات كشف الفساد والحفر في الذاكرة السياسية بما يفاجئ العراقيين من ارقام وسلوكيات وقرارات للحكومة والبرلمان، لولا البغدادية لماكانت لها ارضية للراي العام وبدى العديد من النواب والمسؤولين بتسريب وكشف ملفات مختلفة عبر شاشتها لأنها منفذ وميدان لهذا الكشف، في الوقت الذي لم يطالب مثلا(مجلس النواب بنقل جلساته فوريا)بحسب ما نص عليه الدستور، لامن جهة قضائية ولامن جهة اعلامية او حكومية (اليس من حق المواطن ان يعرف مايجري من مواقف لمن انتخبهم وان يتعرف على اداءهم)  وتلك احد الاسباب التي تجعل بعض النواب (اصدقاء الشاشة).هذا دليل على ان بعض الامور ضبابية وغير مكتملة وبحاجة الى وضوح (عبر الناطق الرسمي ) وعبر طرف حكومي لتوضيح الحقيقة للناس والمراقبين .
16- وفي مضمون الخطاب (فكرة تعلقت بضرورة التصدي ) لااعرف كيف ستكون عملية التصدي للطرف الاخر الذي لا نعرفه(اي قنوات؟ ولماذا ؟وكيف؟) وهل نحن ناقصوا حروب اعلامية وكلامية وترميزية، حتى ندخل حرب التصدي الجديدة ؟ هل من مصلحة الراي العام ان نجعل طرف اعلامي مجهول منافساً او عدواً مفترضاً(اذا كان مرخصاً) وغير وافد؟ ولماذا ؟ في الوقت الذي نحتاج الى جميع وسائل الاعلام من اجل العراق وامنه وسلامة ابناءه وتنميته .
17- لااعرف ماالعيب ان يعرف المواطن من يفسد وكم؟ ومن؟ في بلده من الفاسدين والفاشلين ؟ والعالم الديمقراطي يُديم ويشّجع الاعلام الاستقصائي(الكشفي) حتى يعينه في كشف الفساد والخّور والخلل الحكومي والمؤسسي والدول تخصص لها جوائز ومبادرات ومؤتمرات ؟ ماالعيب في انتقاد المسؤولين وهم يتمتعون بامتيازات هائلة مقابل نتاج يزحف  ببطء بالأزمات والاحتراب اليومي؟ ماالعيب ان نرى ونسمع جرائم الارهاب والتكفير الذي ابتلى به بلدنا؟ ماالخطأ ان نناقش شؤونناالمحزنة والمفرحة وان لانضلل ونتعكز على اشباه نجاحات ؟ما العيب ان نشتكي هم الفوضى والكسل تحت حب الوطن ؟ فليس من المعقول وعلى خطى تشخيص السيد رئيس الوزراء بخارطة النشرة الخبرية ان (نتجاهل اولوية حدث ارهابي في النشرة ونقدمه او نستبدله بنشاط لوزير. أو افتتاح مشروع) هذا لايجوز في علم التحرير الخبري(البلد اولا..المكان ..مقدار الضرر. أهمية الحدث للراي العام).ومن ثم تأتي الاخبار الاخرى الاقل شاناً ليس من وجهة نظر الحكومة بل الراي العام والعُرف الاعلامي .
18- في الختام اعتقد ان بناء السلم الاهلي والحرب على الارهاب والفساد والتشبث بالمواطنة، يتطلب من مُريديها المزيد من العمل باتجاه اجراءات ميدانية وثقافية وعلمية وسياسية، ابطالها السياسيون انفسهم عبر خطابهم التسامحي( والعلمي) وعبر جهدهم في توفير العدالة الاجتماعية والكرامة ونبذ الفرقة وكشف الفساد؟فليس بنا حاجة الى الخندقة الاعلامية التي نحن نعاني منها اصلاً ونحن على ابواب ميثاق للسلم الاهلي وانا اقول الاصح(للسلم السياسي) اولاً واخيراً. لان السلم الاهلي في عافية ومواطنة وهو يتطلع بمثلها للجعبة السياسية وكراسي التحكم.

مركز حمورابي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية

أحدث المقالات

أحدث المقالات