على حين غرة اوقفني اذ لم اكن منتهبا لمروره ولا لندائه علي فأنا بطبيعتي استغرق في تأمل المشاهد التي امر بها واقصد زيارتها. أعاد عليَّ النداء فانساب صوَته في مسمعي متسائلا:-
اين انت …؟
موجود وجاهز لكل امر .
ما يأمر عليك ظالم .ايام طويلة لم تمر علينا ولا سمعنا اخبارك ان شاء الله تكون بخير.
في الحقيقة لم اكن بخير ولكني لم اشأ ان اتحدث بأمري لاحد فأن الذي عشته في الاشهر الثلاث سحقني حتى بت افكر جديا بالتخلي عن الجميع والهرب الى جهة مجهولة تخلصا مما الم بي. وارتسمت في ذهني العبارة التي وجدت فيها دائي ودوائي والتي قرأتها في احدى روايات الكاتب محمد عبد الحليم …من كتاب الماضي لا يعود
((ان التوبة ارخص شيء يعطى ,وان الغفران اعز شيء يمنح))
خيرا ان شاء الله … انت موعله بعضك ..اشصاير…؟
تلاحقت كلماته وتداخلت تساؤلاته ..
لم اجب لكنه ظل ممسكا بيدي ومركزا نظراته بي يستحثني الحديث فآثرت ان اموه في الامر لذا وجدتني اقول:-
لا شيء …سوى وعكة صحية المت بي وانتهت بحمد الله تعالى.
اثارت عبارتي حول اعتلال صحتي مخاوفه وبدون ارادة منه ضغط معصمي كمن يجس النبض او يحاول معرفة درجة الحرارة وحين اطمأن الى ان الأمر يبدو طبيعيا انفرجت شفتاه عن ابتسامة هادئة تنم عن روحه الطيبة واضاف:- ماكنت اظنك تخفي علي حالتك لماذا لم تتصل بي او تخبرني كنت سأعمل ما يمكن ان يخفف عنك وطأة الأمر واساعد في حال ان كنت تحتاج الى المساعدة فما كان مني الا ان خففت غلواء مخاوفه فهتفت قائلا:-
لا عليك ..دومك ذخر ربي يحفظك وبعد برهة من الزمن وجدت ان من المناسب ان اقول عبارتي العتيدة والتي تجعلني قادرا على العودة الى الاستغراق في التأمل فهتفت
سلملي عله الجميع …مع السلامة.
هالني انه لم يتركني بل اصر على ان ارافقه الى البيت وكان هذا الامر هو الاشد احراجا لي لأن ذلك سيعرضني الى مواجهة عنيفة مع من عزمت على ان لا يكون لها مكان في حاضري او مستقبلي وان كان لها وجود عظيم في زمن قريب مضى فما كان مني الا ان افلت يدي منه ومضيت سريعا بخطوات واثقة ومطمئنة الى اللاعودة وان كانت قد اعلنت توبتها عما اقترفت من اخطاء لا يمكنني تجاهلها او نسيانها فلا املك لها الغفران.
((ان التوبة ارخص شيء يعطى ,وان الغفران اعز شيء يمنح))