ينبغي لمن يعمل في القيادات الإدارية والتربوية العلمية العليا في العراق اليوم إلا أن يضع نصب عينيه شروط التحقق من النجاح ثم تحقيقه والتأكد من إتقانه لعمل أنيط به ومسؤولية لا تفارق عقله منذ بداية كل عام دراسي جديد وحتى نهايته وصولاً إلى عطلة نفترش بها معاً ما استطعنا فعلاً من النجاح والتميز والصبر في مسيرة علمية لا تخلو في طبيعة الحال من تضحيات جسام ومع الأسف الشديد وصلتني رسائل عديدة تضم بين طياتها استغاثة عاجلة من طلبتنا وأبنائنا الدارسين في خارج العراق وهم يمرون بظروفٍ قاسية تعيق إكمال دراستهم العليا وتحط من كرامتهم وتزيد هموم الغربة . هموماً كثيرة واضعين الرسائل وكما وصلت لنا أمام كل مسؤولية الحكومة العراقية وأعضاء البرلمان العراقي ووزارتي التعليم العالي والبحث العلمي و التربية . إن الدولة عندما ترسل أولادها إلى الخارج للبحث والدراسة للكادر المتقدم في برنامج الماجستير والدكتوراه ليقدموا مشاريع جديدة للبلد فإنها تمول هذه المشاريع والبحوث والدراسة وتدعمهم ماديا لحد الرفاهية وتشعرهم بإسنادها لهم لنقل العلوم المتقدمة لطلاب الجامعات في بلدنا. وننقل لكم لسان حال العراقيين الدارسين في عدد من الدول العربية والأجنبية . إن الطالب عندما يوفد إلى الخارج ليكمل الدراسات العليا لنيل شهادتي ( الماجستير والدكتوراه ) وهذا يعني أن من الكوادر العلمية المتقدمة. عندما يفتش على شقة لكي يعيش فيها لا يستطيع أن يستعين بالدلالين لأنهم يأخذون دلالية شهر كامل وهذا مكلف بالنسبة للطالب فيضطر إلى استعمال قدميه في التفتيش عن سكن رخيص في مكان حقير فان الطلاب العراقيين يقيمون في أحياء فقيرة ونتنة (التي تعني بيت الشحاذين) حيث أن هذه الأماكن التي يسكنها العراقيين تمتاز بنتانتها وقذارتها وروائحها الكريهة حيث عندما تمطر وتهب الرياح فتفوح الروائح النتنة وكأننا في تنكه زبالة وإنها تمتاز بكثرة الحشرات اللاسعة ( البق ) التي دائما الطلاب يلعبون معها حين النوم وتمتاز بطوفان مجاريها الثقيلة خصوصا عند الأمطار وتمتاز قسم من هذه المناطق إن مجاري المياه الثقيلة عبارة عن سواقي ظاهرة وتمتاز بانقطاع وقلة المواصلات بعد مغيب الشمس . وكما إنها تمتاز باعتمادها على مياه الآبار الغير صحية والمالحة . وتمتاز بانقطاع التيار الكهربائي المستمر. ورداءة ساكني هذه المناطق وقلة الأمان في هذه الإحياء. فعندما يخرج الطالب من بيته في هذه المناطق بغوص قدميه في المياه القذرة والطين لان اغلب الشوارع غير معبدة وكثرت فضلات الحيوانات وعندما يخرج ويستعمل واسطة النقل فانه لا يستطيع أن يستأجر إلا العربة ويتجادل معه الحديث ليقلل من أجرتها لان دخله لا يساعده وكما ان هذه العربات وسخة وتوسخ الملابس وغير أمينة من ناحية انقلابها في الشارع وعندما تسقط الأمطار فان الطالب يصل الجامعة مبتل بالكامل وكثيرا ما يسألونا مشرفينا لماذا انتم هكذا وانتم أهل النفط الذين رفعتم أسعار السلع والخدمات في العالم أين التغيير الذي حصل في بلدكم لا نستطيع أن نجاوبهم ونكون محرجين.
ومع الأسف نحن لا نستطيع أن نرتاد المطاعم التي يرتادها الطلاب العرب الآخرين .لأنها باهظة التكاليف علينا فنحن نرتاد مطاعم ما كنا يوم نتوقع أن نضطر للذهاب إليها، هذه المطاعم الحقير التي تفتقر للشروط الصحية وكثير ما سببت لنا أمراض في المعدة وسوء هضم لكن هذا ما يسمح به الراتب . كذلك لا نستطيع الذهاب إلى محلات الملابس التي يرتادها الطلاب العرب فنحن نذهب إلى الأسواق الشعبية الرديئة. أما في حالة المرض فليس أمامنا ألا المركز الصحي الحكومي ولا يعالج جميع الأمراض ألا جزء منها، لان اجر الطبيب الخارجي الأخصائي باهض علينا . أما من تمرض في العيون والأسنان فتلك مصيبة كبيرة لان أجرة الطبيب الأخصائي هنا مرتفعة. إن في بعض الدول الأسيوية صيف حار جدا يحتاج فيها الطالب إلى مكيف لارتفاع نسبة الرطوبة ودرجة الحرارة فنحن نتحسر بحرقة على الهواء البارد واستعمال المكيف في هذه الأجواء لان سعر المكيف باهض علينا وسعر الكهرباء غالي جدا فترانا تقضي جزءا من الوقت في الغرف مع زملائنا في الجامعة إن كان بها تكييف أو أي مكان آخر نقضي به الساعات الحارة بعد الدوام لان الشقة تكون عبارة عن تنور من الحرارة وعندما نرجع إلى الشقة في الليل لنرتاح وننام فترانا لا ننام ألا بعد أن ندوخ من الحرارة وننصبب عرقا وهذا ما تسبب لنا في أوقات كثيرة الدوار والأمراض الجلدية. أثاث بيوتنا مع الأسف بسيطة جدا ونضطر إلى ارتياد الأسواق التي تبيع المستعمل والوسخ لقلة ثمنه . أما عندما نفكر في صلت أرحامنا لزيارة أهالينا فان أسعار التذاكر باهظة جدا علينا تمثل حملا ثقيلا علينا نحن أبناء العراق البلد الغني صاحب الميزانية الانفجارية الضخمة.
والذي منا لديه أطفال فهذه مشكلة أخرى إذا كانوا في سن المدرسة فان المدارس العراقية في الخارج تأخذ على كل طالب 500 دولار وإذا كانوا في سن الروضة الاشتراك الشهري مع النقل 100 دولار فنضطر إلى ندخل أولادنا في روضات فقيرة في أماكن وسخة لنقلل التكاليف انهم أطفال العراق. إما الترفيه فأمر ملغي من حياتنا فلن نتكلم عنه. أما الطالبات فان معاناتهم أكثر حيث أنهم لا يستطيعون الخروج من الشقة بعد فترة العصر في هذه الإحياء المذكورة ولا يستطيعون أن يجلبوا مرافقين من أهلهم للتكاليف الباهظة وكثير ما تأخذهم العبرات. هذا حال طلاب الكادر المتقدم في معظم دول الخارج والمعاناة هي أكثر ما ذكرنا وهناك طلاب قاموا بتصفية شققهم ليرجعوا أهاليهم إلى العراق بعد أن انقطع نصف الراتب علما أننا تعاقدنا مع بلدنا على راتب تام والكثير منا يستلم معونات من أهله في العراق الذين كانوا يضنون أننا سنعينهم عند الكبر وقد أثقلنا عليهم كثيرا في هذه المرحلة . أن معظمنا نحن الطلبة بحاجة إلى دورات تقوية في اللغة الانكليزية وهذه تكلف من600دولار فما فوق في المعاهد المختصة. كما أن الطلبة في الدراسات العلمية بحاجة الى دورات متقدمة ومتخصصة في تطبيقات الحاسوب وهذه الدورات مكلفة من 1000 دولار فما فوق للفارق بين مناهجنا ومناهجهم . أن بعض الدول تجرم (أي تعتبرها جريمة) الشخص الذي يستخدم برامج حاسوب غير أصلية وتعاقبه بالسجن والغرامة إذا ثبت عليه ذلك فنضطر لشراء برامج بأسعار مكلفة جدا. تفتقر معظم الجامعات الخارجية إلى أجهزة مختبريه متكاملة فيضطر الطالب إلى شرائها أو العمل في مكان أخر وهذا ما يكلفه الكثير من المال وما يزيد حمله وصل المبلغ في بعض الحالات 5000 دولار في السنة الواحدة. كما إن نشر البحوث في المجلات يكلف من 400 دولار فما فوق لكل بحث خلال سنوات دراستنا وان الاشتراك في المؤتمرات مكلف أيضا.
حالات أخرى .احد زملائنا معه زوجته وهي حامل وعند الوضع كلفت ولادتها في مستشفى خارجي 2000 دولار وهو طالب ويستلم 300 دولار شهري دعم مالي . كذلك طلاب الذين يدرسون على نفقتهم الخاصة أنهم في مأزق كبير وبحاجة لدعم وتشجيع ليواصلوا مشوارهم الدراسي ليخدموا بلدهم . مع الأسف نحن الطلاب العراقيين الكادر المتقدم أتعس طلاب من ناحية الدعم المادي الذي هو 300$ فقط ماذا ندفع منه هذا المبلغ إلى أية مصاريف . أننا من الشعب العراقي الذي وضع دمائه على كفه وتحدى الموت وخرج لانتخابكم ونحن أبناء هذا الشعب أهذه مراعاتكم لأبنائكم .أن وسائل الإعلام العالمية تنشر عن العراق الغني أن ميزانيته فها فائض وهذا حال أولاده . و البلدان التي هي أفقر من العراق ترعى أولادها بصورة متميزة. وأمر أخر (فوق الحمل علاوة) قطعوا نصف راتبنا في العراق و نحن وقعنا عقد مع بلدنا نستلم راتب تام ، تأخرت الرواتب وهناك حالة خاصة طلبة دكتوراه لم تستلم راتب منذ دخولها الهند لحد ألان (لمدة تسعة أشهر) نستجدي لنعيش ألا هناك من يرعانا. أن أسعار دول الخارج المعيشية (من وقود ونقل وغذاء وكهرباء وسكن وعمل البحوث ونشرها والبرامج) مرتفعة جدا .
نرجو زيادة دعمنا المالي لنعيش بكرامة كيف نستطيع ضمن هذه الظروف التعيسة التي نعيشها نحن الطلاب في الخارج ننجح ونبدع . نحن بحاجة إلى إغاثة سريعة لتنقذونا من هذا الواقع المأساوي الذي نعيشه فنناشدكم باسم الإنسانية أن تنقلونا من الصنف (جـ) إلى الصنف (ب) رأفتا بحالنا ونسبة إلى ألأسعار المرتفعة للبلد الذي ندرس به وترفعونا من الذل والهوان ..
أغيثونـــــا الأمر لله ثم لكم يا قادة العراق .