خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في تحرك دائمًا ما يُعتبر اختراقًا للسيادة العراقية، أعلنت “تركيا”، أمس الأربعاء، عن إطلاق عملية عسكرية جديدة ضد قواعد “حزب العمال الكُردستاني” في شمال العراق.
وأكدت “وزارة الدفاع” التركية، في بيان لها؛ أن العملية الجديدة، التي تحمل اسم (مخلب النسر 2)؛ إنطلقت الليلة الماضية في منطقة “قارا” العراقية، مضيفة أن عناصر “حزب العمال”، الذي تعتبره “أنقرة” تنظيمًا إرهابيًا، يتكبدون خسائر ملموسة.
وشددت الوزارة على أن العملية أطلقت استنادًا إلى حق “تركيا”، المُعترف به دوليًا في الدفاع عن النفس، بهدف: “رد الهجمات الإرهابية وضمان أمن حدود البلاد”.
عمليات سابقة..
وكانت “تركيا”؛ قد أجرت عددًا من العمليات العسكرية ضد “حزب العمال الكُردستاني”، (التركي)، في شمال “العراق”، رغم احتجاجات حكومة “بغداد”.
وكان “العراق” قد سلم الجانب التركي مذكرتي احتجاج إلى السفير التركي بـ”بغداد”، في أوقات متفرقة من العام الماضي، وهدد بتدويل القضية واللجوء إلى “مجلس الأمن الدولي”.
وأسفرت العمليتان العسكريتان المتزامنتين التي أطلقتهما “تركيا” في شمال “العراق”، العام الماضي، واللتان حملا اسم: (مخلب النمر)، و(مخلب النسر)، عن مقتل نحو 20 شخص وجرح العشرات، فضلاً عن التسبب بحركة نزوح لسكان أهل القرى الحدودية والحاق أضرار مادية بالممتلكات العامة والخاصة.
تفاهم “عراقي-تركي” على مواجهة “الكُردستاني“..
وكان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، قد قال الشهر الماضي؛ إن بلاده: “قد تتدخل بنفسها من أجل إخراج” أعضاء في “حزب العمال الكُردستاني”، (بي كا كا)، من “قضاء سنجار”، شمالي “العراق”، حسبما أفادت وكالة أنباء (الأناضول) الرسمية.
تصريحات “إردوغان”؛ جاءت لدى حديثه للصحافيين، بعد صلاته الجمعة في “إسطنبول”، في معرض تعليقه على زيارة وزير الدفاع التركي، “خلوصي أكار”، إلى “العراق”.
وأشار “إردوغان” إلى أن “أكار” أكد، عقب زيارته، استعداد “تركيا” لدعم الحكومة العراقية في: “طرد الإرهابيين من سنجار”، إذا طلبت ذلك من “أنقرة”.
وقال الرئيس التركي إن بلاده مستعدة دائمًا لتنفيذ عمليات مشتركة، موضحًا بالقول: “لدي عبارة أقولها دائمًا: قد نأتي على حين غرة ذات ليلة. هذه هي خلاصة الأمر”.
وخلال زيارة وزير الدفاع التركي، “خلوصي أكار”، لـ”العراق”، أعلن عن التوصل إلى “تفاهمات” مع “العراق”، ضد حزب “العمال الكُردستاني”، فيما توقعت مصادر تركية عملية مشتركة بين “أنقرة” و”بغداد” و”أربيل”، تستهدف قواعد “الكُردستاني” في شمال العراق، في النصف الثاني من آذار/مارس المقبل.
اللجوء للمجتمع الدولي لرد الاعتداءات..
تعليقًا على تلك العملية، قال النائب عن لجنة الأمن والدفاع النيابية، “كاطع الركابي”، لوسائل الإعلام إن: “حجم الاعتداءات التركية وإصرار أنقرة على الإنغماس أكثر في عمق الأراضي العراقية؛ يتطلب موقفًا موحدًا وحازمًا لا يقف عند حدود الاستنكار وبيانات التنديد”، لافتًا إلى أن الهجوم التركي: “انتهاكًا صارخًا لسيادة البلاد وأمنه”.
مضيفًا أن: “البرلمان العراقي سيكون له موقف من تلك الاعتداءات، خلال مناقشة ذلك التطور مع الجهات الأمنية المسؤولة عن ذلك الملف؛ بغرض اختيار الرد المناسب”، مرجحًا اللجوء إلى: “المجتمع الدولي لرد تلك الاعتداءات المستمرة”.
استثمار لحالة القلق السياسي..
وفي ذلك السياق، يرى مراقبون للشأن السياسي العراقي، أن “تركيا” تستغل حالة التناحر السياسي في “العراق”، ما بعد 2003، للقفز على الاتفاقية الموقعة بين “بغداد” و”أنقرة”، إبان حكم “صدام حسين”، والتي تخول “أنقرة” التدخل العسكري داخل الأراضي العراقية بعمق 15 كيلومتر؛ لملاحقة الـ”بي كا كا” المعارضين.
فيقول المحلل السياسي، “حمزة مصطفى”؛ أن: “أنقرة تستثمر حالة عدم الاستقرار في العراق؛ واضطراب الأوضاع لتصل بعمق أكثر بقواتها العسكرية، وهو ما يمثل انتهاكًا صريحًا لا يشوبه أي شك”.
لا تحرك عسكري من بغداد..
وحول الرد العراقي، توقع “مصطفى”؛ أن: “لا يكون هنالك تحرك عسكري لبغداد إزاء تلك العملية العسكرية وما سبقها، لكون أن الأخيرة لا تريد فتح جبهة في ظل أزماتها المتناثرة هنا وهناك”.
موضحًا أن: “طبيعة المشهد معقد ومتراكب، بين بغداد وأنقرة، خاصة أن تركيا تمتلك ورقة ضغط كبيرة تجاه العراق تتثمل في التهديد بتجفيف منابع مياه دجلة بعد استكمال سد (أليسو)، وهو ما يخشاه العراقيون”.
إيقاف التدخلات يحتاج لبنية صلبة !
من جانبه؛ قال الخبير الأمني، “سرمد البياتي”، إن: “أنقرة تواصل انتهاكاتها العسكرية في العراق؛ لأنها تنظر إلى إقليم كُردستان كجزءًا منفصلاً عن العراق، وليس لحكومة بغداد وقواتها دور ومساحة للتحرك في ذلك الأمر”.
لافتًا إلى أن: “إيقاف التدخلات التركية يحتاج إلى بنية سياسية عراقية صلبة تجتمع عندها جميع الرؤى الوطنية بغض النظر عن الهوية والقومية والمذهب”.
استخدام الاستثمار ورقة ضغط..
فيما قال “مؤيد الجحيشي”، الخبير الأمني والمحلل السياسي، إن “بغداد” لديها أوراق ضغط ومفاتيح حلول بالإمكان الاستفادة منها في كبح الجموح العسكري التركي ورغبته العارمة في التمدد على حساب خرائط الدول.
مضيفًا أن: “العراق يُشكل واحدًا من الأسواق الكبيرة للبضائع التركية، فضلاً عن حجم الاستثمارات الكبيرة في البلاد، وإذا ما توفر رجال دولة حقيقيون ستبرز تلك البطاقات على رقع التفاوض مع أنقرة “.