تميز ويتميز نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بأنه واحد من أکثر النظم السياسية ليس الغريبة بل وحتى الفريدة من نوعها لما تمتلك من خصائص ووميزات لايمکن أن تجدها في أي نظام دکتاتوري آخر ذلك إن هذا النظام حالة غير مسبوقة من الخلط والمزج بين الدين والسياسة ولکن ليس باسلوب ونمط يمکن أن يتفق مع روح هذا العصر وينسجم معه ولاسيما من حيث مراعاة القوانين والانظمة والاعراف الدولية المتعامل بها، ولذلك فإنه وبين کل فترة وأخرة يصدر عن هذا النظام علامات وإشارات واضحة تٶکد بأنه فريد من نوعه بحق وحقيقة!
في العلاقات الدولية السائدة فإن مبدأ الرد بالمثل، يمکن تطبيقه في مجالات معينة نظير عندما تبادر دولة ما الى طرد دبلوماسي واحد أو أکثر من أراضيها بحجة نشاطات غير مرغوبة بها أو تبادر لفرض عقابات على شرکات أو مٶسسات معينة بنفس السياق فإن من حق الدولة الاخرى أن تبادر لإتخاذ اجراءات أخرى بنفس الشکل والمضمون، ولکن وعندما يتم القبض على دبلوماسي بتهمة ارتکاب جريمة في مکان خارج إطار الدولة التي يحتفظ فيها بحصانته الدبلوماسية فإن القضية تختلف، إذ لايمکن للدولة المعنية بإعتقال دبلوماسيها أن تبادر لإعتقال دبلوماسي الدولة الاخرى وتتهمه بإرتکاب جريمة، لکن يبدو إن هذه الحالة قابلة أو ممکنة الحدوث في ظل النظام الايراني.
على أثر الحكم بالسجن لمدة 20 عاما على أسد الله أسدي، الدبلوماسي الذي كان يحمل العبوة الناسفة من قبل المحكمة البلجيكية، والسجن لمدة 15 إلى 18 عاما لثلاثة من الزمرة التي کانت تحت أمرته، فإن صحيفة ”سياست روز“ التابعة لجناح خامنئي وفي عددها الصادر يوم 7 فبراير کتبت قائلة: “من المتوقع أن الجهاز الدبلوماسي لبلدنا يقوم بطرد دبلوماسيين البلجيكيين في بلدنا باعتباره أقل إجراء ضد الحكومة البلجيكية حتى يتم توضيح وضع السيد أسدي.” مضيفة من دون أي لف أو دوران:” بالطبع يمكن اعتقال احد الدبلوماسيين البلجيكيين بتهمة التجسس او اي تهمة اخرى.”!! تصوروا الصحيفة عندما تطالب بإلقاء القبض على أحد الدبلوماسيين البلجيکيين بتهمة”اتجسس” أو أية تهمة أخرى بما يعني حتى إتهماه بإرتکاب أية جريمة! وقد يقول البعض بأن هذا الامر مجرد وجهة نظر لصحيفة خصوصا وإن الصحيفة محسوبة على جناح مرشد النظام وتکتب بما يتفق ويتناسب مع طروحات ووجهات نظر النظام، وبطبيعة الحال فإن هذا الطرح أساسا ليس بغريب على نظام يقوم بإعتقال حتى مواطنيه ويقوم بتلفيق تهم جاهزة لهم بما يمکن أن يخدم مصلحة النظام.
هکذا وجهة نظر مثيرة للتهکم والاستهجان في نفس الوقت، ليست مجرد وجهة نظر طارئة ومستجدة بل إننا لو قمنا بإلقاء نظرة على سجل النظام خلال العقود الاربعة الماضية فإننا نجد الکثير من النماذج المشابهة، فإن وجهة النظر هذه هي في الحقيقة تعبر عن عقلية النظام نفسه!