“زواج المُحلل” .. بخطأ غير مقصود أثار جدلاً واسعًا .. دار الإفتاء تجيزه والأزهر يحسم الأمر ببطلانه !

“زواج المُحلل” .. بخطأ غير مقصود أثار جدلاً واسعًا .. دار الإفتاء تجيزه والأزهر يحسم الأمر ببطلانه !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لإثارتها جدلاً واسعًا، أقدمت “دار الإفتاء المصرية” على حذف فتوى تتعلق بإباحة زواج المحلل؛ بعد وقت قليل من نشرها على صفحتها الرسمية في موقع (فيس بوك).

نصت الفتوى التي جاءت بعنوان: “زواج المحلل”، وهو زواج شخص من امرأة بقصد تحليل عودتها لزوجها الأول بعد طلاقهما للمرة الثالثة، على أن: “الزواج إذا كان بشرط التحليل فهو حرام شرعًا باتفاق الفقهاء”.

وأضافت: “أما إذا كان منويًّا فقط من غير اشتراط في العقد أو عنده، كأن يتطوع شخص من نفسه وبدون اشتراطٍ في العقد ويتزوج المطلَّقة 3 طلقات، ليطلقها بعد ذلك لتعود لزوجها الأول، فإنه جائز ويكون العقد بذلك صحيحًا”.

هذه الفتوى تسببت في جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يتم حذفها من الصفحة الرسمية لـ”دار الإفتاء”.

ليست فتوى..

وعن سبب حذف الفتوى، قال “مجدي عاشور”، المستشار العلمي للمفتي: “هذه ليست فتوى؛ وإنما حاجة قصيرة، كانت فتوى قديمة فأخذها بعض الباحثين ووضعونها في صورة مختصرة، ولكن باختصار يوهم بأن دار الإفتاء تجيز زواج المحلل”.

وفي مداخلة هاتفية مع قناة (إم. بي. سي. مصر)، أضاف “عاشور”: “نريد أن نقرر أن دار الإفتاء المصرية تقول إن زواج المحلل والمحلل له؛ إنما هو زواج غير صحيح وباطل، لأنهم يشترطون شرطًا غير صحيح وهو أن يحلل هذا الرجل المحلل هذه المرأة للمحلل له”.

باطل شرعًا وموضوعًا..

كما هاجم أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، “أحمد كريمة”، “دار الإفتاء”، لفتوى زواج المحلل، قائلاً: “إن عقد الزواج مبني على المودة والرحمة، مستشهدًا بقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)”.

وأضاف “كريمة”، عبر مداخلة هاتفية في برنامج (رأي عام)، المذاع على فضائية (TeN)، أن: “الزواج أساسه السكن والمودة والرحمة، وليس مسألة التحليل”، منوهًا بأن نكاح المحلل باطل شرعًا وموضوعًا.

إن كان مشروطًا فهو ملعون..

وفي توضيح لموقع (سكاي نيوز عربية)، قال عضو لجنة الإفتاء في الأزهر الشريف، “إيهاب منصور”: “إن الزواج المحلل إن كان مشروطًا في العقد فهو باطل والجميع آثمون، أما إن لم يكن مشروطًا في العقد بأن نواه الزوج والزوجة والولي، لكن هذه النية لم تظهر أمام المأذون فمن نوى ذلك فهو ملعون بحكم الفقه والشريعة الإسلامية”.

ويرى عضو لجنة الفتوى في الأزهر الشريف أن الفتوى قائمة على مصدر رئيس في التشريع الإسلامي، وهو الحديث الشريف الذي ذكر نصًا هذه الحالة، حيث نص الحديث الشريف على: (قال صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بالتيس المستعار ؟، قلنا: بلى يا رسول الله ! قال: هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له)، ومن ثم لا يمكن الإفتاء بجواز هذا الأمر في ظل وجود نص صريح لتحريمه وتأثيم فاعله.

تعريف زواج “التحليل..

وتُعرف دار الإفتاء المصرية، “زواج التحليل”، على موقعها الرسمي؛ بأنه زواج المطلقة ثلاثًا لتحل لزوجها الأول، حيث يحظر رجوع المرأة لزوجها بعد الطلقة الثالثة دون أن تتزوج من شخص آخر، فإن طلقها فيحل لها العودة لزوجها الأول، حسبما شرعت العقيدة الإسلامية.

وبعد حذف الفتوى من الصفحة الرسمية لـ”دار الإفتاء المصرية”، على موقع التواصل الاجتماعي، (فيس بوك)، لكنها لا تزال على موقعها الرسمي، حيث تقول الدار ردًا على أحد الأسئلة الموجهة إليها حول نفس الأمر، أنه: “إذا كان النكاح بشرط تحليل المرأة لزوجها الأول فإنه حرام، ويكون باطلًا عند الجمهور، أما إذا كان منويًّا فيه فقط من غير اشتراطٍ مع توفر أركان النكاح وشروطه الأخرى فهو صحيحٌ كما ذهب إليه الحنفيّة والشّافعيّة، وتحلّ المرأة للأوّل بوطء الزّوج الثّاني؛ لأنّ النّيّة بمجرّدها في المعاملات غير معتبرة، كما لو نويا التّأقيت وسائر المعاني الفاسدة؛ والقاعدة في ذلك: “أن كل شرطٍ يَبطُل العقدُ بالتصريح به فإن إضمارَه مكروه”.

مخالف للشريعة الإسلامية !

وفي محاولة لتفسير ذلك، أكد الباحث في الأزهر الشريف، “أحمد المالكي”، أن حالة وجود نية الإصلاح لدى الزوج المحلل دون وجود نية من الزوجة أو المطلق أيضًا مخالفًا للشريعة الإسلامية، ولا يمكن الاستناد لغرض الإصلاح في وجود نص واضح سواء في الحديث أو رأي العلماء، ومن ثم لا يؤخذ به.

مضيفًا أن؛ الزواج يأتي لرغبة، والطلاق يأتي لفراق؛ وكل ذلك يتم بشكل طبيعي كأنه يحدث لأول مرة لكليهما، ووجود أي نية للتحليل لعودة الزوجة لمطلقها الأول بعد أن يطلقها ثلاث يمثل مخالفة للشريعة الإسلامية، وينطبق عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لعن الله المحلل).

الأزهر: باطل ولا يحل..

ولحسم الأمر، أكدت لجنة الفتوى بـ”مجمع البحوث الإسلامية” بالأزهر الشريف، أن حكم زواج المحلل، والتي حسمته بأنه باطل ولا يحل، بعد ورود سؤال لها من قبل؛ جاء نصه تم طلاقي طلاقًا بائنًا بينونة كبرى، وقمت بالاتفاق مع أحد الأشخاص على أن يعقد عليّ لمدة يوم، ويطلقني حتى أعود للزوج الأول، وتم تنفيذ ما اتفقنا، وبالفعل عقد عليّ وطلقني، ولـم يدخل بي، ولـم يحدث بيننا خلـوة شرعية، ثم طلقني وعدت بعدها إلى زوجي الأول الـذي طلقني ثلاث طلقـات بعقـد جديد؛ فهل هـذا العقد كان صحيحًا ؟، وهل كان رجوعي إلـى الزوج الأول كـان صحيحـًا أيضًا ؟.

سؤال ورد إلى لجنة الفتوى بـ”مجمع البحوث الإسلامية” بالأزهر الشريف، وأفادت اللجنة بالآتي  :

إذا طلق الزوج زوجته ثلاث تطليقات، فقد بانت منه بينونة كبرى؛ فلا يملك مراجعتها لا في عدتها ولا بعد إنتهائها؛ إلا إذا انقضت عدتها، فتزوجت زوجًا آخر، ودخل بها، ثم طلقها، ثم انتهت عدتها منه، فيحل للزوج الأول نكاحها بعقد ومهر جديدين، وتعود إليه بثلاث طلقات جديدة؛ لقوله – تعالى -: (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، ثم قال سبحانه: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنًا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون).

ويشترط فى النكاح الذي يحصل به التحليل للزوج الأول ما يلي :

الشرط الأول: أن يكون نكاحًا صحيحًا مستوفيًا أركان إنعقاد عقد الزواج وشروط صحته، فلو كان العقد فاسدًا – كالنكاح دون شهود أو نكاح المتعة – لم يحصل به التحليل وإن دخل بها؛ لأن النكاح الفاسد ليس بنكاح حقيقة، ومطلق النكاح ينصرف إلى ما هو نكاح حقيقة على الراجح من أقوال الفقهاء .

الشرط الثاني: أن يدخل بها الزوج الثاني دخولاً حقيقيًا: فلا يكفي مجرد العقد الصحيح دون الدخول؛ لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، قالت: “جاءت امرأة رفاعة القرظي النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: كنت عند رفاعة، فطلقني، فأبت طلاقي، فتزوجت عبدالرحمن بن الزبير إنما معه مثل هدبة الثوب، فقال: “أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك”.

الشرط الثالث: أن يكون النكاح الثاني بنية استدامة العشرة بينهما، وخاليًا من التأقيت والتحليل؛ لأن الأصل فى عقد الزواج فى الشريعة الديمومة والاستمرار، ويظهر هذا واضحًا من خلال تحريم الإسلام لكل زواج مؤقت، قال الإمام النووي – رحمه الله -: (النكاح المؤقت باطل، سواء قيد بمدة مجهولة أو معلومة، وهو نكاح المتعة).

وبناء على ما سبق :

فما ذكر في محل السؤال زواج باطل لا يحل؛ لأنه كان بنية التحليل، ولم يحدث فيه دخول، وقد قال – صلى الله عليه وسلم – ألا أخبركم بالتيس المستعار” ؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: “هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له”. رواه ابن ماجة والحاكم، كما أنه اشتمل على التأقيت الذى يبطله، قال الإمام الخرقي – رحمه الله -: “ولو تزوجها على أن يطلقها في وقت بعينه، لم ينعقد النكاح”، وبالتالي لا تحل السائلة بهذا الزواج لزوجها الأول؛ لأن ما بني على باطل فهو باطل .

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة