خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
يعتقد الكثير من الخبراء؛ أن المحكمة البلجيكية قضت بسجن الدبلوماسي الإيراني البارز، “أسدالله أسدي”، مدة 20 عامًا دون وثائق.
وأن هذا الحكم المُسيس؛ يؤكد أن “أسدي”، ضحية سيناريو أمني في “أوروبا”، خاصة وأن هذا التعامل الأمني والسياسي مع الدبلوماسيين الإيرانيين قد بدأ قبل فترة في “أوروبا”، قبل إلقاء القبض على “أسدي”.
من جهة أخرى، أثار تعامل “الخارجية الإيرانية”، مع هذا السيناريو، الكثير من الانتقادات، فلماذا تعاملت “الخارجية” بهذا القدر من السلبية إزاء القبض على “أسدي” ؟، بحسب صحيفة (وطن آمروز) الإيرانية.
وثمة الكثير من الملاحظات الرئيسة، والفرعية، التي يُجدر الإشارة إليها؛ فيما يخص الحكم الجائر على السيد “أسدي”، منها على سبيل المثال:
سيناريو إقصاء الدبلوماسيين الأوفياء في أوروبا..
1 – الاتهامات ضد “أسدي” واهية ولا تستند إلى وثائق. وبعد عامين من القبض عليه لم يقدم، لا الألمان ولا المحكمة البلجيكية، أي مستند يثبت الاتهامات، وإنما استند الحكم إلى اتهامات “مجاهدي خلق”.
على سبيل المثال؛ إدعاء العثور على مفكرتين في سيارة “أسدي”؛ تتناول الأولى كيفية تفجير القنابل، والثانية تحوي قائمة الشخصيات التي دفع إليها “أسدي” الأموال.
وأدعى الأوروبيون و”مجاهدي خلق” أن، “أسدي”، فرد أمن إيرانى، وكان يعتزم اغتيال “مريم رجوي”.
لكن حين نضع هذه الاتهامات إلى جوار بعضها؛ يثور السؤال التالي: لو كان “أسدي” فرد أمن خبير، فلماذا كان يحتفظ بمفكرة تفجير القنابل واغتيال “رجوي” بداخل سيارته ؟
يعتقد الخبراء؛ أن مثل هذه الاتهامات أو تصوير دبلوماسي “إيران” إلى جانب بعض الإيرانيين، لا يقدم أي مستند حاسم لإثبات التهمة في المحكمة، ويثبت أن القبض على الدبلوماسي الإيراني، المظلوم، وتقديمه للمحاكمة ما هو إلا استمرار لسيناريو إقصاء الأوفياء من الدبلوماسيين للنظام الإيراني داخل “أوروبا”، وهو سيناريو يمكن أن يستعمل ضد المزيد من الدبلوماسيين الإيرانيين في “أوروبا”.
غموض ضعف رد فعل “خارجية ظريف” !
2 – لماذا تم إلغاء حصانة “أسدي” الدبلوماسية، ولماذا تعاملت “الخارجية الإيرانية” بشكل سلبي إزاء هذه المسألة ؟
يُذكر أن صحيفة (وطن آمروز)؛ كانت قد حذرت، قبل الحكم الجائر بالسجن مدة 20 عامًا على الدبلوماسي الإيراني المظلوم، من تدعيات سلبية “الخارجية” إزاء إلغاء الحصانة الدبلوماسية.
مع هذا؛ أدعت خارجية “ظريف” اتخاذ إجراءات لا يمكن الإفصاح عنها. والآن وبعد فشل هذه الإجراءات، والحكم على “أسدي” بالسجن بمدة 20 عامًا، فلابد من الكشف عن ماهية هذه الإجراءات، (إن كانت واقعية بالفعل)، وتوضيح أسباب فشل “الخارجية” في هذه القضية، ورفع الغموض عن أداء “الخارجية” الضعيف وعدم تقديم الدعم الحاسم للدبلوماسي الإيراني المظلوم.
وللتعليق على الحصانة الدبلوماسية والقبض على “أسدي”، قال المتحدث السابق باسم الخارجية، “بهرام قاسمي”، في حوار إلى صحيفة (وطن آمروز)، بتاريخ 13 تشرين أول/أكتوبر 2018م: “السيد أسدي، عضو السفارة الإيرانية في فيينا، وطبقًا للقوانين فإنه يحظى بحصانة دبلوماسية في فيينا فقط”.
وهذه التصريحات تعكس طبيعة الأجواء السائدة في “الخارجية الإيرانية”، إزاء القبض على دبلوماسي خبير مثل “أسدي”. لكن الأمر لا يقتصر على ذلك، وبينما رفض الأخير حضور جلسات المحاكمة وشكك في الاتهامات والمحكمة استنادًا إلى مبدأ الحصانة الدبلوماسية، وقعت “الخارجية” في خطأ كبير بتعيين 3 وكلاء دفاع على نحو يعكس تماهي “الخارجية” مع المحكمة والاتهامات.
في المقابل؛ دعا مسؤولون سياسيون بريطانيون إلى إقالة “بوريس غونسون”، بعد الاعتراف باتهامات “نازنين زاغري” بالتجسس، وأتبعت “بريطانيا” سياسة الضغط لأقصى حد على “إيران” للإفراج عن “زاغري”؛ وتعللت في دفاعها بالحصانة الدبلوماسية (!!)
أي نفس حصانة “أسدي”، إلا أن “الخارجية الإيرانية” لم تتمكن من الدفاع عن هذا الحق القانوني (!)، والمقارنة بين “زاغري” و”أسدي”؛ يثبت بوضوح أن “الخارجية الإيرانية” لا تعبأ بحقوق الإيرانيين والدبلوماسين في الخارج.
سياسة “الأرض الدبلوماسية المحروقة”..
3 – إلغاء الحصانة الدبلوماسية، والدبلوماسية الإيرانية الضعيفة، سيكون له تداعيات كثيرة على “إيران”.
كما أن إلغاء الحصانة الدبلوماسية يشوه سمعة حكومة، “حسن روحاني”، وهي وصمة عار في سجل جهاز الدبلوماسبة، ويثير المخاوف من تكرار ذات السيناريو مع الدبلوماسيين الإيرانيين في “أوروبا” عمومًا.
كما أن التعامل الأوروبي المسلسل، مع الدبلوماسيين الإيرانيين، في ظل ضعف وسلبية جهاز الدبلوماسية الإيرانية يُثير التصور بشأن مساعي بعض الدول الأوروبية لإتباع سياسية، (الأرض الدبلوماسية المحروقة)، أي تعطيل القدرات الدبلوماسية الإيرانية، لاسيما بالنسبة للحكومة الجديدة.