18 ديسمبر، 2024 11:18 م

مصير الاتفاق النووي في عهد بايدن

مصير الاتفاق النووي في عهد بايدن

تخيل الكثيرون ان عهد الديمقراطي بايدن سيكون عصر رخاء للجمهورية الاسلامية الايرانية كحاله في عهد الديمقراطي اوباما بعد ان اوغل الرئيس الجمهوري ترامب في تكبيل ايران بعقوبات لا عد ولا حصر لها .

هذا هو احد انماط التفكير التي لا توصل صاحبها الى استنتاجات منطقية لسبب واحد بسيط وهو ان حاملي هذا النمط يعتقدون ان الرئيس في دولة مؤسسات ديمقراطية عريقة كالولايات المتحدة يتخذ قراراته بسبب كونه ديمقراطي او جمهوري او بسبب انه يكره ايران او يحبها ، والدليل ان البعض وصل الى حد التفكير بأن الرئيس اوباما مسلم شيعي ولذلك هو تعاون مع ايران. لعله من نافلة القول ان حملة هذا النمط يعطوك وقائع قد تبدوا منطقية ، متناسين ان تلك الوقائع حصلت في بيئة سياسية دولية واقليمية هي ليست البيئة الحالية ، ولذلك لو كتب للرئيس اوباما ان يعود للرئاسة اليوم لما كان نهجه مشابها لنهجه السابق ، وأن عاد الرئيس ترامب بعد اربعة سنوات فقد تكون البيئة الدولية او الاقليمية وقتها ملائمة لبناء تحالف امريكي ايراني فالسياسة الثابتة لم يعد لها وجود في عالم متغير على نحو غير مسبوق بل هي باتت تسمى من لدن البعض علم المتغيرات

ننطلق من هذه الفرضية بغية أثباتها اولا من خلال تلمس المتغيرات التي رافقت مفاوضات الاتفاق النووي التي قادها الرئيس اوباما وسار معه الزعماء الاوربيين ، والمقاربة مع البيئة السياسية الحالية .

لم تكن ايران في تلك الحقبة الزمنية تشكل تهديدا خطيرا لمصالح فريق الاتفاق النووي وعلى راسهم الولايات المتحدة ، ولم تكن نواياها في فرض تمددها في العالم العربي واضحة كما هي الآن ، كما انها لم تكن تشكل تهديدا خطيرا لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة خصوصا بعد ان تم لجم طموحاتها بالاتفاق النووي نفسه ، وكذلك لم تكن اذرعها في المنطقة بشكل عام والساخنة منها بشكل خاص كالعراق .

هذا فضلا عن ان القدرات الصاروخية الايرانية كانت متواضعة الى حد ما وهي نفسها لم تكن تشكل تهديدا خطيرا

هنا سيبرز السؤال المهم وهو ما الذي تغير من هذه المعطيات خلال العقد المنصرم ؟؟

ايران قبل ضربة ارامكو ليست ايران بعد تلك الضربة لأنها كانت ضربة تدل على توفر امكانات بالستية تقليدية قد تؤذي الولايات المتحدة وحلفائها ، حتى لو زال التهديد النووي الايراني كون السلاح النووي هو السلاح الوحيد الذي صنع كي لا يستخدم بل ليردع فقط ، وهذا ما اثبتته الصراعات التي حصلت بعد هيروشيما وناكا زاكي ، ومع ذلك المشكلة لا تكمن في ذلك فقط بل في ان تلك الترسانة المؤثرة والتي اسمتها (اسرائيل) بالصواريخ (عالية الدقة) بدأت بالتسرب الى العراق ومن بعدها الى سوريا جارة (إسرائيل) مما شكل قلقا بالغا لها والدليل انها كثفت هجماتها على مواقع تلك الصواريخ ، وعلى مواقع كل القوات التابعة لأيران ومنها الفصائل العراقية ، ولكون روسيا صديقة ايران و(اسرائيل) في الوقت نفسه فأنها تعهدت لإسرائيل ان تمنع استخدام الساحة السورية كقاعدة لتهديد اسرائيل الا ان (اسرائيل) وضعها مختلف عن امريكا بحكم الجغرافيا ولا تتحمل ضربات صاروخية دقيقة مكثفة فستستمر بتوجيه ضرباتها غير مطمئنة الى تعهدات روسيا بل ستضغط على الولايات المتحدة في هذا الجانب . ولعل لا احد يختلف ان الحلف الامريكي الاسرائيلي هو من الثوابت المقدسة للدولتين ، والدليل هو ان فريق بايدن اكد ان القدس عاصمة اسرائيل وأن السفارة الامريكية لن تنتقل منها . وأن حل الدولتين التي يؤمن بها بايدن لا تغير من الامر شيئا على الاغلب

من هنا يمكن القول بل الجزم ان الاتفاق النووي سيتوسع الى اتفاق (نووي – بالستي) يشمل الصواريخ البالستية ان جاء بايدن او عاد كنيدي او راح ترامب . خصوصا وأن فريق بايدن اكد ان العودة للاتفاق النووي بعيدة للغاية ، وأن الحاجة تدعو لاتفاق اكثر تشددا ، وسيتم ( وليس العمل على) ادخال دول الخليج (وإسرائيل) كأطراف في الاتفاق .

هل هناك اضافة للاتفاق النووي ؟؟ نعم .. أنها الاذرع الايرانية التي خلقت لإيران قدرات ونفوذ هائل هو اضعاف ما كان عليه وقت الاتفاق النووي ، وهذه الاذرع وصلتها او ستصلها الصواريخ (عالية الدقة) فالمصادر تشير الى ان حزب الله اللبناني مثلا يمتلك اكثر من مائة الف صاروخ بمختلف الانواع بعد ان كان يمتلك خلال حرب تموز 11 الف صاروخ فقط فضلا عن ان المصادر تشير الى ان الضربة الدقيقة التي اصابت مطار اليمن كانت بصواريخ حوثية تم اطلاقها من مسافة اكثر من 100 كم .

هنا ستتعزز حالة الطرق على ان ايران ((تشكل تهديدا لشركاء امريكا والقوات الامريكية )) وأن (( سلوك ايران يبعث على عدم الاستقرار)) وهذه النصوص مستله من تصريحات مرشح بايدن لوزارة الدفاع

هذا ما سيضيف بند آخر الى الاتفاق (النووي- البالستي) لتكون المفاوضات التي ستجري متعلقة باتفاق (نووي- بالستي – سياسي) يتعلق بأنهاء النفوذ الايراني بكل اشكاله في المنطقة ، ولعل اكثر حالتين سيتم استثمارهما من لدن الرئيس بايدن هما الوضع الاقتصادي الحرج لإيران والقلق الاسرائيلي غير المسبوق ، وسيلعب لعبته التي ستكون مفاوضات لكسب الوقت لغرض ربحها في النهاية ، وهذا يعني ان العقوبات مستمرة وقد تتصاعد ، وستكون هناك مطالب امريكية غير معلنة تتعلق بالدعائم التي ارستها ايران مع روسيا والصين والتي تشكل هاجسا مؤرفا للولايات المتحدة وشركائها