18 ديسمبر، 2024 11:17 م

الحصيري .. والصعلكة!

الحصيري .. والصعلكة!

في يوم 3 شباط من سنة 1978 انقطعت أنفاس الشاعر “عبد الأمير الحصيري” بغرفة بائسة بفندق ” الكوثر” بكرخ بغداد ، ليشكل بذلك ، إيذاناً بانطفاء شعلة شعرية عراقية كبيرة .
تقرير الطب العدلي ذكر: سبب الوفاة ( عجز في القلب وان المخبر عن الوفاة هو مركز شرطة الكرخ بتاريخ 2/3 /1978 )
لن اتحدث عن إشكالية الموت ، ففي النهاية غادر الحصيري الدنيا ضاحكاً… عليها ! غير ان هناك من يرى انه كان بالإمكان تجاوز ما حصل للشاعر بالرعاية الرسمية.
وللأمانة ، أذكر إنني عندما تسلمت رئاسة تحرير مجلة ” وعي العمال ” العراقية وجدت ملفا شخصياً باسم الشاعر، تضمن ثلاث أوراق فقط … الأولى بلا تاريخ ، فيها إقرار بخط الحصيري تتضمن تعهدا بالعمل .. والثانية ، تاريخها 26/ 5 /1973 ( الأحد ) تقول : يعين السيد عبد الآميرعبود مهدي الحصيري محرراً ثقافيا براتب ( 40 ) ديناراً ، والأخيرة بتاريخ 19 / 7/ 1973 ( الخميس ) نجد أمراً نصه ” لكثرة الغيابات ، يعفى السيد عبد الأمير الحصيري عن العمل ..
وأمر التعيين والإلغاء كان بتوقيع رئيس التحرير الأستاذ عزيز السيد جاسم ” طيب الله ثراه” .. ولو عرفنا ، ان راتب الـ 40 دينارا في العام 1973 يعني ان صاحبها يتمتع بحظوة جيدة ، وهي تكفي لمعيشة عائلة كبيرة ، فكيف والحصيري ، لم يكن مسؤولاُ ، إلا عن نفسه ، وقبلها حظيّ بوظيفة ” مصحح لغوي ” في الإذاعة براتب 60 ديناراً.. إذاً ، لم يكن الحصيري ، شاعراً بلا رعاية ، لكنه كان رافضاً لتلك الرعاية ، حيث استهواه طريق ” الصعلكة “… وهو طريق لا يستطيع أياً كان السيّر فيه ، إلا إذا كان على استعداد نفسي لذلك ، وقد لحقه الشاعر ” جان دمو ” وقبلهما ” حسين مردان ” لكن على مستوى اقل!
رحمهم الله جميعا.