اتفق اهل العلم بوجود تحريف في الروايات الواردة عن النبي (ص) وأهل بيته (ع) وان الحديث الشهير ( لقد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوء مقعده من النار ) ينبئ بهذا، ويحذر الامام الصادق (ع) من دسائس المغيرة بن سعيد في كتب الإمام الباقر (ع) بل هنالك عشرات الاشخاص اتهموا بوضع الحديث منهم على سبيل المثال ابو هريرة وكعب الاحبار وخالد بن نجيح وعلي بن جميل ويحيى بن سعيد وآخرون ، وفيهم من كان من أصحاب الأئمة (ع) المقربين .
وتسبب هذا التحريف والدس في الأحاديث باختلاف المسلمين والصراع والجدال بينهم من زمن النبي (ص) إلى يومنا هذا ناهيك عن الفهم الخاطئ للحديث وتأويله وحمله بعيدا عن معانية ، وقد حاول بعض العلماء الاعلام تصحيح الموروث الروائي اعتمادا على قوة متن الرواية وصحة سندها ، وقبول العقل بها ، وتطابقها مع الكتاب الكريم ، كما هي محاولة المحقق الشيخ آصف محسني في تحقيق وتهذيب البحار فخرج البحار بأجزائه (110) في ثلاثة مجلدات فقط اسماه ( مشرعة البحار) !!! وطبعا هذا لا يرضي الكثير من العلماء فضلا عن عوام الشيعة ، وقد حاول احد فضلاء حوزة قم باجراء مسحا دقيقا لكتاب الكافي وقد لخصه في (3) مجلدات من اصل (8) ، اسماه ( الصحيح من الكافي ) ولكنه منع من نشره ؟؟ ولم يرى النور الى هذه اليوم !. لان الكافي قران آخر عند بعض العلماء والخطباء التقليدين ، واتذكر ان الشيخ عبد الحميد المهاجر يصرح على منبره ان الكافي كله صحيح !! ولا يوجد من العلماء من يلقمه حجرا .علما ان الكافي ثلاث أرباع محتوياته مرفوض كما ينقل السيد الكشميري في كتابه (60 سؤال ) ص12 عن المحقق الراحل أبو القاسم الخوئي (ره)..
وللشهيد مرتضى المطهري (ره) عدة محاولات في تنقية التاريخ والسيرة ولا سيما في كتابه ( الملحمة الحسينية ) في أجزائه الثلاثة وبقية مؤلفاته، وهو أيضا تعرض للتيار الديني المتشدد في حوزة قم ولكن الذي شفع له قربه من السيد الخميني (ره) وشهادته مبكرا التي أخرست الألسن ضده .
وللأسف إلى ألان لا توجد ضابطة قطعية متفق عليها عند كل العلماء لمعرفة صحة الحديث من سقمه فالحديث المرفوض من العالم الفلاني صحيح عند غيره والعكس كذلك ، حتى ان علمي الرجال والدراية لم يفيا بتنقية الأحاديث لان هنالك العديد من الأخبار أسانيدها صحيحة ولكنها مخالفة لصريح القران كروايات التحريف في الكافي ، والعكس صحيح أيضا فهنالك أحاديث ضعيفة السند ولكنها موافقة للقران الكريم كالإخبار المتعلقة بالسنن والآداب ..
ومن هنا نثني على محاولة المرجع الديني السيد كمال الحيدري (حفظه الله) بعرض الحديث على الكتاب فان خالفه يضرب به عرض الجدار اعتمادا على روايات بهذا المضمون فإنها ستساهم بتنقية جانب كبير من السنة الا انها لا تحل قضية الأحاديث الكاذبة المنسوبة للنبي (ص) والأئمة (ع) نهائيا لان القران حمال لعدة وجوه ويمكن أن يتشبث البعض بوجوه القران الأخرى في تصحيح بعض الأحاديث المكذوبة، يقول الإمام علي (ع) لعبد الله بن عباس عندما بعثه للاحتجاج على الخوارج ( لا تخاصمهم بالقران فإن القران حمال ذو وجوه تقول ويقولون.. ) لكنها أفضل بكثير من عرض الحديث على العقل فحسب أو الاعتماد على ما فهمه السلف الصالح من كلامهم (ع) .
إننا اليوم بأمس الحاجة لتنقية الأخبار الواردة عن النبي(ص) والأئمة (ع) ورفع الاختلاف والتناقض في الحديث وإعداد كتب منقحة ومصححة للحديث الشريف سواء كانت في العقيدة او الاحكام او السنن والاداب او بقية المعارف الاسلامية، ونحن بحمد الله قادرون على ذلك لتوفر الاسباب لمثل هذا المشروع فلدينا المحققين الكبار من العلماء، ولدينا الامكانات المادية لتغطية نفقات هذا المشروع ، كما ان جزء كبير من الشارع الشيعي اصبح اكثر تفهما لذلك ويتوق لمثل هذا العمل بعد الصحوة الإسلامية والثورات الاصلاحية في العراق وايران وبقية الدول التي يتواجد فيها المسلمون الشيعة والانفتاح الذي أحدثته وسائل الاتصال الحديثة .
ان كتابة صحاح للشيعة أصبح حاجة ملحة وضرورة دينية حتى يرجع الإنسان الشيعي مباشرة إليها لأخذ دينه منها، والقضاء على حالة التنافر والتعادي الموجود بين ابناء امتنا الاسلامية بسبب الاحاديث المشوهة المنسوبة لاهل البيت (ع)، وهذا المعنى هو التنفيذ العملي لحديث الثقلين ووصية رسول رب العالمين (ص) بالتمسك بالعترة بعد القران، وهنا يكون دور الفقهاء بتهذيب وتنقية الأخبار بالإضافة الى شرح مضامينها وبيان معانيها، والاجتهاد في المسائل التي لا نص فيها بارجاع الفروع الى الاصول، علما ان حديث النبي (ص) واهل بيته (ع) أكثر بلاغة وأوضح بيانا واكثر تأثيرا في النفوس من كلام الفقهاء وتعقيداتهم اللفظية، وهلاوسهم الفلسفية وبدل طباعة ألآلاف من الرسائل الفقهية لهذا المرجع أو ذاك من أموال الخمس يطبع هذا الصحيح بتبويب جديد مع إيضاح لمعاني بعض الأحاديث الغامضة، ويكون المصدر الثاني بعد الكتاب الكريم، ونكون بذلك قد طبقنا حديث الثقلين بإتباع الكتاب والعترة دون اللجوء الى مصادر ثانوية كالعقل والاجماع اغنانا الله عنها بهذين المصدرين كما يذهب الشهيد الصدر في فتاواه الواضحة ص110 الى ان ( الدليل العقلي الذي اختلف المجتهدون والمحدثون في انه هل يسوغ العمل بها او لا؟ فنحن وان كنا نؤمن بانه يسوغ العمل به ولكنا لم نجد حكما واحدا يتوقف اثباته على الدليل العقلي بهذا المعنى ، بل كل ما يثبت بالدليل العقلي فهو ثابت في نفس الوقت بكتاب او سنة . واما ما يسمى بالاجماع فهو ليس مصدرا الى جانب الكتاب والسنة ، ولا يعتمد عليه الا من اجل كونه وسيلة اثبات في بعض الحالات. وهكذا كان المصدران الوحيدان هما الكتاب والسنة ) .
[email protected]