ان استمرارية وقوة الحراك الشعبى هى المحصله لنضالات ومعارك الشعب العراقى ضد الحكومات والقيادات التى لها ارتباطات وولاءات لا تمت بصلة لتطلعات الشعب العراقى وتصوراته نحو بناء دولة القانون والنظام. ما زالت مسيرة الحراك الشعبى مؤثره وموفقه كما تعبر عنها الخطوات والاجراءات الارهابيه التى تعتمدها الحكومه وتقوم بتنفيذها مختلف الاجهزه الامنيه والمليشيات المسلحه, القتل والاختطاف والابعاد والرعب التى تنشره فى المجتمع بشكل عام. ان الحراك الشعبى مازال يقلق ويقوض شرعية احزاب وكتل المحاصصه. لقد اثمرالشعار الذى رفعه المنتفضين ” نريد وطن” يملك القوه المعنويه الجماهيريه الذى سوف يقود الى نهاية حكم الفاسدين الطارئين على الوطن. ان نجاح الثورات طريق طويل مرير يؤدى الى تضحيات كبيره يتطلب قبل كل شىء التصميم والاعتقاد بالمبادىء والقيم التى ترفعها الثوره, والنجاح لا يتحقق بشكل مباشر وبشكل نهائى وانما فى مسيرة الثوره تتحقق انتصارات فى محتلف الحقول, سقوط وزارة عادل عبد المهدى والازمه التى تبلورة, عبرت عن عجزكتل المحاصصه فى تقديم بديل يمكن ان يحضى بقبول المنتفضين, كما ان سقوط المقدس وتعرية ادعاءات الاسلام السياسى وفضح قيادات المحاصصه بارتباطاتها المباشره بالفساد المالى والادارى وارتباطاتها الاجنبيه, كانت نجاحات مهمه لتعبئه الجماهير. اننا حاليا امام قضايا ومشاكل تهدد الدوله بالافلاس وتؤطد على منهجيها لحكومات السابقه بعدم اكتراثها بقضايا الوطن وحياة الشعب. كما يبدو فان السيد علاوى وزير الماليه مصمم مع سبق الاصرار والترصد فى عرض العراق للتفصيخ المبرمج على طريقه الرأسماليه المتوحشه للبيع بأبخس الاثمان, انه لايبالى بتجريد الدوله من متلكاتها العقاريه والانتاجيه, وهو يطبق سياسة صندوق النقد الدولى والبنك الدولى التى اخضعت الدول التى تقدم للاستدانه والاستدانه ثانية مما ادى الى التبعيه وحتى الى الافلاس. ان سياسه هذه المؤسسات تنطلق من تحجيم الدوله وترك التنميه وحركة الاموال والاستثمار والعماله الى السوق الذى ينظمها بألية سحريه, كما يدعون, دون الوقوف على قدرة ورغبة قوى البرجوازيه الوطنيه فى بناء صناعه وزراعه وانتاج. لقد كلف السيد الوزير احد المدراء العاميين فى وزارته ببيع ممتلكات الدوله العقاريه دون ان تأخذ بمواصفات, شروط, قواعد واصول المبايعات الحكوميه, ان تخضع للشفافيه كألاعلان عنها فى الصحافه والتلفزيون ويفتح المجال لمشاركه اكبر عدد ممكن . فى الحقيقه ان قرار الوزير بعيدا عن السلوك الادارى المعتمد فى كل دول العالم. ان هذه الصيغه تفسح المجال للاحبه والاصدقاء,الاهل والمتحاصصين فى اقتناء والاستحواذ على ممتلكات كلفت الدوله اموال وجهود كبيره, بسعر التراب.
تاحذ ميزانية عام 2021, قبل الاعلان عنها , منذ تسرب مفرداتها اهتما كبيرا من قبل الاقتصاديين والاعلاميين بالاضافه الى البرلمانيين وخاصه اللجنة الماليه . انها ليس اكبر ميزانيه منذ عام 2003 وفى وضع مالى لا تقوى الحكومه على تأمين رواتب ومستحقات المتقاعدين, تنحو ثانية لسد العجز المالى الى الاستدانه ثانية, وفعلا قد تم تقديم طلب مستعجل الى صندوق النقد الدولى بهذا الخصوص دون ان يكون للبرلمان علما به. ان بعض المفردات التى تضمنتها الموازنه, كالقرطاسيه وشرب القهوه والشاى والضيافه تثير العجب والاشمئزاز, فى الوقت الذى تعانى شرائح واسعه فى المجتمع من الفقر والضيق والحرمان, يخصصون لها عشرات المليارات, كما ان تحفيض قيمة الدينار العراقى امام الدولار تفهم فى حقيقة الامر ايضا ضمن سياسه المؤسسات الماليه المعروفه التى كان يعمل بها السيد الوزير والذى لم يقف لبضعة دقائق لاعادة النظر فى صلاحيتها للواقع المالى العراقى المتهالك. ان ما يمكن ان يوفره تحفيض سعر الدينار امام الدولار يمكن الحصول عليه من خلال اجراءات قوية مسؤله لمنشأت الدوله كالمعابر الحدوديه, وتفعيل الديون الملياريه المترتبه على شركات التليفونات النقاله, وضع نهايه للفضائيين والرواتب المليونيه لجماعات رفحاء, هذا بالاضافه الى تقليص جيوش الحمايات والحراسات الخاصه بما فيه اساطيل السيارات المصفحه والرباعيه الدفع, وليس اخيرا تحديد ميزانية الرئاسات الثلاثه التى ت تقدر بـ 20% من الميزانيه. هذا بالاضافه الى الاعداد الكبيره للمدراء العاميين والمستشارين والدرجات الحاصه. ان مثل هذه الاجراءات توفر للدوله اموالا طائله تستغنى بها عن الاستدانه وتخفيض قيمه الدينار العراقى. يثار حاليا فضيحه جديده تعبر عن فساد مالى وتواطىء جهات رسميه مع “مستثمرين” لبيع محطة كهرباء شط العرب والرميله, انها فضيحه من النوع الثقيل والتى كلفت الدوله قرابة 8 مليارا دولار وتباع لشركة محليه” كار” بمليار دولارفقط. هذه الخطوه تاتى فى اطار خصخصة املاك الدوله وتحويلها للقطاع الخاص. ان الخصخصه تمثل اشكالية كبيره فى النظام الاقتصادى فقد شرعت بها بعض الحكومات الغربيه, بريطانيا وخصخصة المترو, المانيا وخصحصة تجهيز الماء والكهرباء فى بعض الولايات التى اثبتت انخفاض كبير فى النوعيه واثار احتجاجات لدى المواطنيين مما فرض اعادتها الى ممتلكات الدوله واشرافها, وكذلك ما حصل بعد انحلال الاتحاد السوفيتى وتسلط المافيات على الاقتصاد وبيعه بالملاليم. ان التجربه المصريه قريبه علينا وما حصل هناك ينذر بالخطر اذا استمرت الدوله ووزير ماليتها فى سلوكه المريب. ان صحة النظريه على الورق لا تعنى صحتها على الواقع. ان الحراك الشعبى يحب ان يتحرك حول القضايا التى تطرح حاليا من قبل الحكومه والتى سوف يترتب عليها قضايا مصيريه بالنسبه للشعب ومستقبله وحياته, وتوجه الحكومه نحو الخصخصه كمبدئيه سياسيه سوف يفرز كوارث اقتصاديه واجتماعيه وسوف ينتزع من الدوله بعضا من قدراتها وامكانياتها على الاستثمار واتحاذ القرارات المناسبه. انه من الضرورى على القوى الوطنيه وبشكل خاص قوى الحراك الشعبى ان تبدى اهتماما بما تنتهجه الحكومه, فى شخص وزير الماليه ورئيس الوزراء من سياسه اقتصاديه تدفع الدوله الى التدهور, العجز والخراب, كل ذلك يحصل من اجل استمرارية نظام نظام حكم المحاصصه, الكتل , الاحزاب ومليشياتها فى السيطره على مقدرات البلد والشعب. ان عدد من اعضاء المجلس النيابى يبذلون جهود فى دراسة عقلانيه للميزانيه وتقليص حجمها, ويوجد ايضا عدد اخر من يقف ضد سياسه الخصخصه. ان هذه الجهود يجب ان تدعم من قبل القوى الوطنيه حارج البرلمان وبشكل خاص الحراك الشعبى والانتفاضه التشرينيه. ان جهودا كبيره يجب ان تبذل لفضح هذه السياسه التخريبيه وبالتالى الى ايقافها والمطالبه بسقوط الكابينه الوزاريه برمتها لانها عجزت عن الايفاء بالوعود والاصلاحات التى اكدت عليها. ان اعضاء الكابينه الوزاريه ومستشارييها على مختلف المستويات ضمن هيكليلية المحاصصه التى لا امل فيها. ان مطاليب الحراك الشعبى بمحاكمة الذين تسببوا فى قتل المئات من المنتفضين سوف يبقى مطلبا رئيسيا لايمكن التخلى عنه, الا ان نجاح الثورات يرتبط ايضا بمواكبته مجريات سياسة الحكومه وتأثيرها على المواطنيين, وبذلك يجب ان يعبر الحراك الشعبى عن موقفه ورأيه بالنسبه للسياسه التى تشرع بها الحكومه لمختلف القضايا المصيريه والتى تشغل المواطن وتؤثر قى يومياته الماديه والنفسيه, ان يكون هذا الصوت قويا عاليا وواثقا من احقيته ومصداقيته وطموحه المشروع فى استرحاع الوطن والحفاط عليه. لابئس بالاعتصام امام وزارة الماليه للتعبير عن رفض الوزير وسياسته التخريبيه, ليوم واحد , لبضعة ساعات وتعاد العمليه ثانية فى ايام اخرى, كما يمكن استخدام الرموز والريكاتير والفن مثل اقامه الفاتحه” شكليا” على بيع وخصخصة ممتلكات الدوله. فى الختام رصد سياسه الدوله واجبارها على التراجع عن بعض السياسات هى فرصه للتنوير والمشاركه والتى يجب ان لا تغيب عنا فى تحقيق نجاحات نوعية ولو كانت جزئيه, ان الثورات والانتفاضات لا تسير فى خط مستقيم. عاشت ثورة تشرين والتشرينيين جميعا,