الكل يتفق على ان الارهاب هو المسؤول عما حصل في يوم الخمبس الماضي الحادي والعشرين من هذا الشهر كانون الثاني من كارثة بشرية راح ضحيتها العشرات بين شهيد وجريح، لذا فقد يبدو السؤال لامعنى له للمتلقي للوهلة الاولى .. غير ان التساؤل سيكون منطقيا اذا تبعه سؤال اخر يفتح ابواب الاجابة وهو كيف لهذا الارهاب الداعشي المجرم ان ينفذ اهدافه الوحشية ويحقق خروقات امنية هنا وهناك ؟!
وبعيدا عن التنظير الفكري فان ما لايختلف عليه احد ان الصراعات السياسية بين الاحزاب الطائفية النفعية هي احد اهم اسباب عدم استقرار الاوضاع الامنية بل تدهورها ومن التجني ان نحمل قواتنا المسلحة بمختلف تشكيلاتها وصنوفها ومعها الاجهزة الاستخباراتية والامنية كامل المسؤولية عن هذه الجريمة التي وقعت في ساحة الطيران وسط بغداد .. فاحزاب السلطة ورموزها هي وراء هشاشة الواقع الامني وضعفه وهي المسؤولة الاولى عن ارواح ال 35 شهيداً واكثر من مائة جريح بعضهم اصابتهم خطيرة .. فصراعات احزاب السلطة تنعكس سلبا على اداء قواتنا المسلحة بل ان هذه الاحزاب لاتتورع عن وضع العراقيل امام اية خطوة لتطوير عمل المؤسسة العسكرية بما فيها الاستخباراتية ويكفي ان نشير الى تصريحات بعض النواب عن دور بعض الاحزاب في منع نشر كاميرات مراقبة متطورة في بغداد ومراكز المحافظات . واذا اضفنا الى كل ذلك تدخلات هذه الاحزاب الاسلاموية الطائفية الفاسدة في عمل القوات المسلحة والفساد المستشري الذي تسبب بهدر مليارات الدولارات لشراء اجهزة ومعدات مراقبة غير عملية وخدعة جهاز كشف المتفجرات وغيره ، لادركنا حجم المخاطر التي تعرض وما زال يتعرض لها المواطن بسبب انانية احزاب السلطة ولهاثها على اكل السحت الحرام .. لذا من الوهم ان يتحقق استقرار امني حقيقي باستمرار صراعات هذه الاحزاب على مكاسب مادية من خلال مكلتبها الاقتصادية على حساب امن الوطن والمواطن .. صحيح ان قواتنا المسلحة ومع الاسف تعاني هي ايضا حالها حال مؤسسات الدولة الاخرى من الفساد وهو ما يسمح لمجاميع الارهاب بمختلف مسمياتها داعشية وغيرها من النجاح ، غير ان الصحيح ايضا هو ان نبحث عن اس الفساد ومظلته في القوات المسلحة وغيرها ولن تكون غير الاحزاب الطائفية الممسكة بالسلطة فجريمتها بنشر الفساد هي من مهد الطريق لتنفيذ جرائم وحشية راح ضحيتها ابرياء بين شهيد وجريح وفقدت عوائل معيلها وسندها .
ولن نأتي بجديد اذا ما قلنا ان الاجهزة الامنية في الدفاع والداخلية تتأثر اكثر من غيرها بالصراعات السياسية خاصة ان غالبيتها تشكلت بزج عناصر هذه الاحزاب فيها كما ان المناصب هي الاخرى تخضع لما يسمونه توافقات سياسية وهو ما يضعف اداء هذه الاجهزة المسؤولة عن امن الوطن والمواطن ..
ان استقرار الاوضاع الامنية كل لايتجزأ ويبدأ اولا بكسب ثقة المواطن بالحكومة واجهزتها وحرص منتسبي هذه الاجهزة على عدم القيام بتصرفات فردية تستفز مشاعر المواطنين وينتهي بعدم السماح لاية جهة خارج وزارتي الدفاع او الداخلية التدخل بعملها عدا القائد العام للقوات المسلحة ومكتبه ، وهذا لن يتحقق باستمرار عقلية احزاب السلطة المبنية على المحاصصة والاستئثار بالمغانم وهذا يعيدنا كما يقول المحللون السياسيون الى المربع الاول المتمثل بالعودة الى المواطنة وتغليب الوطنية على كل انتماء اخر ..