خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بدأت تصريحات “أميركا” و”إيران” تدخل مرحلة المداولات حول “الاتفاق النووي”، فبعد تصريحات متعددة من “طهران”، بدأت “واشنطن” بإصدار تصريحات تحسم موقفها من الاتفاق، فقد أكد وزير الخارجية الأميركي الجديد، “أنتوني بلينكن”، أن “الولايات المتحدة” لن تعود إلى الاتفاق حول النووي الإيراني إلا إذا عادت “طهران” إلى الوفاء بإلتزاماتها التي تراجعت عنها: “الأمر الذي سيستغرق بعض الوقت”.
وقال “بلينكن”، في أول مؤتمر صحافي؛ له: “لم تُعد إيران تحترم إلتزاماتها على جبهات عدة. إذا اتخذت هذا القرار بالعودة إلى إلتزاماتها فسيستغرق الأمر بعض الوقت، وثمة حاجة أيضًا إلى وقت لنتمكن من تقييم احترامها لإلتزاماتها. نحن بعيدون من ذلك، هذا أقل ما يمكن قوله”.
وقال “بلينكن”؛ إنه إذا عادت “إيران” للإلتزام بالاتفاق، فستسعى “واشنطن” لبناء: “اتفاق أطول وأقوى” يتناول مسائل أخرى: “صعبة للغاية”.
ولم يحدد “بلينكن” هذه المسائل، لكن “بايدن” سبق وقال إنها تشمل تطوير “إيران” صواريخ (باليستية) ودعمها قوات تعمل بالوكالة في بلدان مثل: “العراق وسوريا ولبنان واليمن”.
وأحجم عن تحديد المسؤول الأميركي الذي سيرأس فريق المحادثات مع “إيران”.
وكان قد بحث “بلينكن”؛ مع وزير خارجية بريطانيا، “دومينيك راب”، سُبل التصدي لـ”السلوك المزعزع للاستقرار” من جانب “إيران”، ودفع “الصين” إلى الإلتزام بتعهداتها الدولية.
وقال متحدث باسم “وزارة الخارجية” البريطانية؛ إن الوزيرين: “بحثا فرص العمل معًا بخصوص وضع أجندة مشتركة من أجل تعزيز القيم الديمقراطية في أنحاء العالم وتقوية التحالف العالمي بين البلدين”.
فرض الشروط لن يكون مجديًا..
وردًا على تلك الشروط، قال “حسام الدين آشنا”، مستشار الرئيس الإيراني، إن فرض “الولايات المتحدة” شروطًا على “طهران” للعودة إلى الاتفاق النووي: “لن يكون مجديًا”.
وأضاف قائلاً على (تويتر): “يلقي وزير الخارجية الأميركي نظرة علی إرث ترامب المشؤوم من خلال فرض الشروط لأجل عودة بلاده إلى إلتزاماتها في القرار (2231)”.
من جهته، أكد مندوب إيران لدى الأمم المتحدة، “مجيد تخت روانجي”، أن: “أي تأخير من إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، في رفع الحظر عن طهران، يعني استمرار العداء للشعب الإيراني”.
وقال “تخت روانجي”؛ في مقال نشره بصحيفة (نيويورك تايمز)، تحت عنوان: “بايدن يريد العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران. فيمكنه أن يبدأ من هنا”: “هناك نافذة مفتوحة لكي تستعيد الولايات المتحدة مصداقيتها وتعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.
وحذرت إدارة “بايدن”: “بأن تدرك أن أي تأخير في رفع الحظر، يعني استمرار العداء للشعب الإيراني”، مضيفًا أن: “النافذة أشرفت على الإنغلاق، وإذا لم تفِ الإدارة الأميركية الجديدة بإلتزاماتها، ولم ترفع الحظر في وقت قصير، فإنها ستقضي على فرص التفاعل في الاتفاق النووي”.
وقال “تخت روانجي” في مقاله: “مع شروق الشمس، في يوم 14 تموز/يوليو 2015، وبعد محادثات دبلوماسية مكثفة وطويلة، تم الإنتهاء من التفاصيل النهائية لخطة العمل المشتركة الشاملة المسماة بـ (الاتفاق النووي) أو (اتفاقية إيران النووية)، حيث كان جميع الأطراف في هذا الاتفاق متفائلين، كما نوه وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في تغريدة له، بأن الاتفاق النووي مع إيران ليس سقفًا، بل أساس متين، الآن علينا أن نبدأ في بنائه”.
أول قاذفة تحلق فوق الخليج في عهد “بايدن”..
وكانت قاذفة أميركية من طراز (بي-52)؛ قد حلقت، الأربعاء، فوق منطقة الخليج، في ثالث عرض قوة موجه إلى خصوم “الولايات المتحدة”، وخصوصًا “إيران”، منذ مطلع العام.
وأقلعت القاذفة، القادرة على حمل أسلحة نووية، من (قاعدة باركسدايل) الجوية في “لويزيانا”، (جنوب الولايات المتحدة)، كما جاء في بيان للقيادة المركزية للجيش الأميركي.
وأضاف البيان: “ترمي هذه المهمة لإثبات قدرة الجيش الأميركي على نشر قوات جوية في كافة أنحاء العالم لردع أي هجوم محتمل وإظهار إلتزام الولايات المتحدة أمن المنطقة”.
وهي ثالث طلعة في المنطقة تنفذها قاذفات (بي-52)، منذ بداية السنة، لكنها الأولى منذ وصول الرئيس، “جو بايدن”، إلى “البيت الأبيض”، الذي لا يبدو راغبًا في تغيير إستراتيجية “واشنطن” العسكرية في الشرق الأوسط.
وأبرمت “إيران” اتفاقها مع ست قوى كبرى، عام 2015، حيث إلتزمت بتقييد برنامجها النووي؛ مقابل رفع العقوبات التي تفرضها “الولايات المتحدة” وغيرها.
وانسحب “ترامب” من الاتفاق، عام 2018، وأعاد فرض “العقوبات الأميركية”، مما دفع “إيران” لترك الإلتزام ببعض البنود.
الحرمان من استثمارات أجنبية تقدر بـ 120 مليار دولار..
وكشفت دراسة حديثة؛ صادرة عن مركز “المستقبل” للأبحاث والدراسات الإستراتيجية، والذي يتخذ من “أبوظبي” مقرًا لأنشطته، عن حجم الخسائر القاسية التي تكبدها الاقتصاد الإيراني.
وأوضحت أن التقديرات تشير إلى تسبب “العقوبات الأميركية” في حرمان “إيران” من استثمارات أجنبية مباشرة تبلغ 120 مليار دولار.
خسارة 80% من إيرادات النفط..
وأضافت الدراسة أن الاقتصاد الإيراني خسر أكثر من 80% من إيراداته النفطية، لاسيما بعد أن استأنفت “الولايات المتحدة” عقوباتها النفطية، وتحديدًا، في النصف الثاني من 2018.
وبعد أن كانت “إيران” تصدر نحو 2.2 مليون برميل يوميًا، قبل العقوبات الأخيرة، تهاوت صادراتها في بعض الفترات إلى أقل بكثير من مليون برميل، وذلك بالتزامن مع تراجع أسعار “النفط” العالمية؛ نتيجة جائحة (كورونا)، ما فرض ضغطًا مضاعفًا على إيرادات “طهران” من صادرات “النفط”.
وتشير الدراسة إلى أن إيرادات “إيران” النفطية تراجعت إلى قرابة 11 مليار دولار، في 2020، هبوطًا من مستوى 67 مليار دولار سنويًا قبل العقوبات.
تعجز عن تحصيل قيمة الواردات..
ولفت مركز “المستقبل”؛ إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أن قدرة “إيران” على تحصيل إيراداتها من الصادرات النفطية بات أمرًا صعب المنال في السنوات الأخيرة، في ظل العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، على جميع التعاملات المالية مع “إيران”.
وقد أسفرت هذه القيود عن تراكم تلك الإيرادات في الخارج، وهناك تقديرات تشير إلى أنها تصل إلى نحو 70 مليار دولار.
وأكدت المذكرة البحثية على أن تراكم الإيرادات تسبب في مشاكل أخرى لـ”إيران” مع الدول المستوردة لنفطها، وتجلى ذلك في توتر العلاقات بين “إيران” و”كوريا الجنوبية”، حتى وصل الأمر إلى احتجاز “طهران” لناقلة نفط كورية، من أجل الضغط على الحكومة الكورية لتسديد المدفوعات المتأخرة.
وتشكل إيرادات تصدير النفط، 80%، من إجمالي صادرات “إيران”، وحوالي 60% من الإيرادات العامة للدولة.
البقاء على العقوبات طوال فترة التفاوض..
كما تطرقت دراسة مركز “المستقبل” إلى مرحلة ما بعد “ترامب” وانتقال السلطة إلى، “جو بايدن”، إذ أوضحت أن الرئيس الأميركي الجديد لم يُبد أي إشارات بشأن تغيير توجه بلاده نحو “إيران”، وتحديدًا فيما يتعلق بالعقوبات.
وأكدت أنه حتى إنه في حالة عودة “الولايات المتحدة”، لـ”الاتفاق النووي”، ضمن مجموعة (5+1)، فإن تلك العودة ستستغرق الكثير من الوقت، كما أن أي تحرك سيكون بناء على قواعد ومعطيات جديدة تمامًا عن نظيرتها التي قام عليها الاتفاق في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، “باراك أوباما”.
وأضافت الدراسة أن: “هناك العديد من المعطيات تشير إلى أنه من المرجح أن يُبقِي بايدن على العقوبات طوال فترة تفاوضه مع إيران، بشأن الاتفاق النووي، هذا مع افتراض حدوث هذا التفاوض من الأساس”.
كما لفت مركز “المستقبل” إلى أن هذه العقوبات فرضت واقعًا جديدًا ليس من السهل تغييره، سواء على المستوى الداخلي الأميركي، بمختلف ملفاته السياسية أو الاقتصادية، أو على المستوى الدولي، وخاصة فيما يتعلق بتأثير وجود أو إزالة تلك العقوبات على العديد من الأسواق الدولية، وعلى رأسها أسواق “النفط”.
مجالات فرض العقوبات..
وتشمل “العقوبات الأميركية”، على “إيران”، العديد من القطاعات والكيانات والأشخاص، وفي المقدمة قطاع “النفط” والتحويلات المالية المتعلقة الخاصة بالقطاع؛ والتحويلات والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع “البنك المركزي الإيراني”.
وأمتدت القيود إلى مشتريات الحكومة الإيرانية من النقد الأميركي، والتحويلات المالية بالريال الإيراني، وتجارتها في الذهب والمعادن الثمينة الأخرى.
وتغطي العقوبات معادن: “الجرافيت والألومنيوم والحديد والفحم”، وبرامج كمبيوتر تستخدم في الصناعة، وأنشطة تتعلق بأي إجراءات مالية لجمع تمويلات تتعلق بالدين السيادي الإيراني.
وشملت القيود قطاع السيارات في “إيران”، ومشغلي الموانيء الإيرانية والطاقة وقطاعات النقل البحري وبناء السفن.