23 ديسمبر، 2024 11:02 م

تنظيم طليعي .. أم شركة بيظفون ؟!

تنظيم طليعي .. أم شركة بيظفون ؟!

بين ميلاده عام 1928 في منطقة الجيزة بالقاهرة ، ووفاته يوم 4/5/2010 ، إثر ازمة قلبية حادة ، قطع الصحفي المصري محمود السعدني رحلة شاقة في ميدان الكتابة الصحفية السياسية ، ومن بعض معالم هذه الرحلة ، أن السعدني خرج من السجن بعد قرابة عامين ، إثر توسط القذافي ، ولكن السادات أصدر قراراً جمهورياً بفصله من مجلة (صباح الخير) ، ومنعه من الكتابة ، بل ومنع ظهور إسمه في أي جريدة مصرية ، حتى في صفحة الوفيات !! .

مقالات أم قوائم كهرباء ؟
    إتخذ الرئيس المصري محمد أنور السادات هذا القرار التعسفي بحق السعدني رغم علاقات عمل وصداقة تربطهما . فبعد ثورة 1952 ، عمل السعدني (وهو الأخ الأكبر للمثل المصري المعروف صلاح السعدني) عمل محمود في جريدة الجمهورية التي أصدرها مجلس قيادة الثورة ، وكان رئيس مجلس ادارتها انور السادات ، ورئيس تحريرها كامل الشناوي .
    ويتناقل الصحفيون المصريون معلومة (ساخرة) مفادها أن السعدني غاب عن العمل بالجريدة مدة اسبوعين ، وعندما حضر للعمل ، طلبه السادات وعَنَّفَهُ . ويبدو أن السعدني قد إحتاط للأمر . وبهدوء ، وجه كلامه للسادات ، قائلاً ، وهو يشير الى حقيبته التي يحملها : أتدري ماذا في حقيبتي ؟ .
    أجابه السادات : ماذا بها ؟
    رد السعدني قائلاً : تحوي أوراقاً كتبتُها عن وحاضر ومستقبل ورة (23) يوليو . وأنا أطلب منك إجازة إضافية لكي أكمل ما بدأتُه !! . وعندها هدأ السادات ووافق على العذر والطلب .
    لكن المفارقة أن السعدني ، أَسَّرَ لبعض الأصدقاء الذين يثقُ بهم ، أن لا أوراق في حقيبته سوى فواتير (قوائم) الكهرباء التي سددها قبل لقائه بالسادات ؟ . وتلك أولى محطات (الخداع) المقصود بين الرجلين .

كتابة بالقطعَة ..
    عمل السعدني في بدايات حياته الصحفية في عدد من الصحف . منها مجلة (الكشكول) ، وكذلك المجلات الصغيرة التي كانت تصدر في شارع محمد علي . ثم عمل بالقطعة في جريدة (المصري) لسان حال حزب الوفد . وعمل في مجلة (روز اليوسف) مديراً للتحرير ، عندما كان إحسان عبد القدوس رئيساً لتحريرها .

رسالة توصله للسجن ؟
    أثناء زيارة صحفية إلى سوريا ، قبل وحدتها مع مصر ، طلب مسؤولون في الحزب الشيوعي السوري من السعدني إيصال رسالة مغلقة موجهةً منهم للرئيس جمال عبد الناصر . فقام بتسليمها لأنور السادات ، دون أن يعرف السعدني محتوياتها . وتضمنتْ الرسالة تهديداً لعبد الناصر ، لذا تم القبض على السعدني ، وسُجِنَ ما يُقارب العامين ، أُفرج عنهُ بعدها ، فعاد ليعمل في مجلة (روز اليوسف) ، بعد تأميم الصحافة ، ومن ثم تولى رئاسة تحرير مجلة (صباح الخير) .

نظيم طليعي .. أم شركة (بيظافون) ؟ 
    عقب وفاة عبد النصر ، حدث صراع على السلطة السادات ، وبعض الشخصيات المحسوبة على التيار الناصري وهوما عرف بمراكز القوى . واعتقل السادات بعض هذه الشخصيات ، مثل : سامي شرف ، وشعراوي جمعة ، بتهمة محاولة الانقلاب . وكان اسم محمود السعدني ضمن المتهمين . وقدم للمحاكمة . وفي التحقيق سأله المدعي ، : ما دام الاتحاد الاشتراكي تنظيماً رسمياً معترفاً به ، فلماذا تؤسسون ، ضمن هذا الاتحاد ، تنظيماً سرياً هو (التنظيم الطليعي) ؟ .
    أنكر السعدني ذلك . عندها أسمَعُهُ االمدعي تسجيلات صوتية لاجتماعات هذا التنظيم . وكان سامي شرف ، أمينالتنظيم لمدينة   القاهرة .
    وعندما أعادوا السعدني للمعتقل بعد التحقيق معه ، وجه كلامه لسامي شرف جاره في المعتقل . قائلاً : يا سامي بِيّهْ .. إحنه عملنا تنظيم طليعي ، لو شركة بيظون للتسجيلات ؟ . وتقول بعض المصادر : أن بعض شخصيات مراكز القوى ، كان أحدُهما (يسجل لآخر) .
    وعاش السعدني حياة المنافي بعد أن غادر مصر . غادر الى ليبيا . وحل في الامارات عام 1976 ، للعمل كمسؤول عن المسرح المدرسي في وزارة التربية ، ومن ثم عمل بادارة جريدة الفجر الاماراتية .
    وغادر السعدني إلى الكويت للعمل في جريدة السياسة وصاحبها الصحفي أحمد الجار الله .وحل في العراق . وفي جريدة الثورة إلتقيناه . وفي لندن عاش السعدني وحيداً ، يجتر أحزانه ، الى أن أُغتيل السادات يوم 6/تشرين أول (اكتوبر)/1981 ، حيث عاد الى مصر ، واستقبله الرئيس مبارك في القصر الجمهوري بمصر الجديدة ، ليطوي بذلك صفحة طويلة من الصراع مع النظام في مصر .