5 نوفمبر، 2024 9:37 ص
Search
Close this search box.

محاورة مع احد اصحاب مدرسة الحديث حول سند القران الكريم وحجيته ومقارنته بسند الحديث الشريف وحجيته

محاورة مع احد اصحاب مدرسة الحديث حول سند القران الكريم وحجيته ومقارنته بسند الحديث الشريف وحجيته

في احدى محاوراتي مع احدهم تطرقنا الى موضوع القران الكريم والاحاديث النبوية الشريفة (ملاحظة السنة النبوية لا تعني الحديث الشريف فقط: انما هي فعل النبي وتركه وقوله ان صح عنه )  قلت له ان علينا التثبت من الاحاديث حتى وان كانت صحيحة من ناحيتي السند والمتن فان صح حديث في سنده يخالف قرانا فلا بد من تعطيل هذا الحديث او تأويل معناه لكي يتوافق مع صريح القران الكريم .
فجاء صاحبنا بقول صدمت منه صدمة كبيره انك برد احاديث النبي الكريم فانك ترد القران الكريم لان من نقل الينا القران بسنده هو نفس من نقل الحديث الا وهم الرعيل الاول من السلمين الا وهم الصحابة رضي الله عنهم !!!!
قد يقول البعض ويتسرع هذا كلام صحيح ولكن مهلا تثبتوا قبل ان تفتوا في هذا الامر الخطير جدا الذي روج له أمثال هؤلاء دعما لحججهم في الارتكان الى روايات الاحاديث وجعلها حكما على القران الكريم ونفي ظنية الاحاديث الصحيحة لذا خصصت هذا المقال للرد على هذه الشبهة العظيمة التي تسيء للاسلام وللقران الكريم وتعطي الحجة لمخالفيه في الطعن فيه وفي مصداقية حفظ الله لكتابه الخاتم ولاجل هذا سنوضح بطلان هذه الدعوى عند المقارنة بين القران الكريم كرواية وبين الاحاديث النبوية كرواية وسنأخذ انموذجا للاحاديث الا هو صحيح البخاري .
اخوتي الكرام كما تعلمون بان اهل السنة والجماعة والكثير من الفرق الاسلامية يعتقدون بان صحيح البخاري هو من اصح الكتب بعد القران الكريم لانه ضم الاحاديث الصحيحة على وفق شروط صاحب الكتاب والذي وضع شروطا في صحة الحديث وتشدد بها وهذا بالفعل ما كان فصحيح البخاري ككتاب بشري هو من افضل الكتب المؤلفة ولكن ليس من الصحيح مقارنة هذا الكتاب بالقران الكريم بالمرة لعدة اسباب
1- ان صحيح البخاري ككتاب يختلف اختلافا في مواطن عدة كمخطوطة وقد ظهرت عدة  دراسات تبين ان صحيح البخاري ككتاب ومخطوطات يختلف اختلافا في مواطن عدة كما ان هناك فروقا في الكتب المطبوعة ما بين الطبعات القديمة والجديدة ونحن لا نطعن في الصحيح الذي بين ايدينا ولكن ان مسألة حفظه من الزيادة والنقص ما زالت تحوم حولها الشكوك وعلى اي حال فلا يوجد هناك وعد الهي بسابق حفظ لهذا الكتاب او لغيره من كتب الاحاديث الشريفة الاخرى
2-  ان الاحاديث الواردة في كتاب البخاري وباجماع علماء اهل السنة والجماعة وعلماء الاحاديث هي احاديث الاحاد ولمن لا يعرف ما معنى رواية الاحاد نقول ان حديث الاحاد هو أحد أنواع الأحاديث النبوية ويُعرف بأنه: “ما لم توجد فيه شروط المتواتر سواء أكان الراوي واحدا أو أكثر”، وعلى مذهب الجمهور فإنهم يقولون بظنّية خبر الآحاد وأنه يوجب العمل دون العلم وتورد الكتب المتوفرة لدي رأي العلماء باحاديث الاحاد وهذه الاراء من الممكن اظهار اهم ما جاء فيها فالامام مالك وحسب ما جاء به ابو تمام البصري فانه يوجب العمل بها دون العلم؛ وعلى هذا فقهاء الأمصار والآفاق، وبه ويضيف البصري بالقول ان على هذا الرأي جماعة من أصحابنا، القاضي أبو الحسن والقاضي أبو محمد والقاضي أبو الفرج والقاضي أبو بكر محمد بن الطيب والشيخ أبو بكر الأبهري وسائر أصحابنا إلا من ذكرناه. وبه قال أصحاب الشافعي وأصحاب أبي حنيفة وعامة العلماء. وقال ابن عبد البر : “واختلف أصحابنا وغيرهم في خبر الواحد هل يوجب العلم والعمل جميعا، أم يوجب العمل دون العلم؟ والذي عليه أكثر أهل العلم منهم: أنه يوجب العمل دون العلم، وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه والنظر، ولا يوجب العلم عندهم إلا ما شهد به على الله، وقطع العذر بمجيئه قطعا ولا خلاف فيه، وقال قوم كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر: إنه يوجب العلم الظاهر والعمل جميعا، منهم الحسين الكرابيسي وغيره، وذكر ابن خواز بنداذ أن هذا القول يخرج على مذهب مالك”. • وقال النووي : “وأما خبر الواحد فهو ما لم يوجد فيه شروط المتواتر سواء كان الراوي له واحدا أو أكثر، واختلف في حكمه، فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن ولا يفيد العلم، وأن وجوب العمل به عرفناه بالشرع لا بالعقل”.• وقال السرخسي : “قال فقهاء الأمصار رحمهم الله: خبر الواحد العدل حجة للعمل به في أمر الدين ولا يثبت به علم اليقين. وقال بعض من لا يعتد بقوله: خبر الواحد لا يكون حجة في الدين أصلا. وقال بعض أهل الحديث: يثبت بخبر الواحد علم اليقين
• وقال الشوكاني : “الآحاد وهو خبر لا يفيد بنفسه العلم سواء كان لا يفيده أصلا أو يفيده بالقرائن الخارجة عنه فلا واسطة بين المتواتر والآحاد، وهذا قول الجمهور، وقال أحمد بن حنبل إن خبر الواحد يفيد بنفسه العلم وحكاه ابن حزم في كتاب الأحكام عن داود الظاهري والحسين بن علي الكرابيسي والحارث المحاسبي. قال وبه نقول، وحكاه ابن خواز منداد عن مالك بن أنس واختاره وأطال في تقريره.• وقال ابن حزم الأندلسي : “إن خبر الواحد العدل عن مثله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجب العلم والعمل معا، وبهذا نقول، وقد ذكر هذا القول أحمد بن إسحاق المعروف بابن خويذ منذاد عن مالك بن أنس وقال الحنفيون والشافعيون وجمهور المالكيين وجميع المعتزلة والخوارج إن خبر الواحد لا يوجب العلم…”.
مجمل ما ورد ان تلك الاحاديث ان صحت عن النبي فانها بحسب راي اغلبية الفقهاء والعلماء توجب العمل ولا توجب العلم والسؤال هنا لماذا اسقط العلماء وجوب العلم عنها لو كانت تلك الاحاديث قطعية الثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الجواب معروف لان تلك الاحاديث غير قطعية الثبوت عن رسول الله
3- ولو فرضنا جدلا ان ما ورد في البخاري كاصح كتب الحديث ليس احاديث الاحاد فهل هي قطعية الثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ الجواب كلا بالطبع والسبب كما تعلمون ان تدوين احاديث النبي الاكرم لم يكن في عهد رسول الله ولا الخلفاء الراشدين بعده بالمرة واقصد به ان المرويات التي بين يدينا من كتب السنة تدل على إن النبي سمح للبعض بتدوين احاديثه ربما بسبب كون هذا الصحابي كثير النسيان بل لم تدل كتب الحديث بالمرة على ان الرسول الاعظم امر بكتابة الحديث بل ما يتضح من كتب الحديث انه لربما تركه الى امر الناس وندبه اليهم فقد ورد في البخاري مثلا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لم يكن أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب” وفي رواية: استأذن رسول الله في الكتابة فأذن له. وفي السنن: أن عبد الله بن عمرو قال يا رسول الله: أكتب عنك في الرضا والغضب؟ فقال اكتب فو الذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق” وأشار بيده إلى فيه , والدليل على ان النبي عليه الصلاة والسلام لم يأمر بكتابة الحديث ومنعه اقواما من كتابته واباحته لاخرين تجدونه في ملخص هذه الفتوى التي تبين حقيقة كون تلك الاحاديث لم تكتب على عهد رسول الله وهي موجودة على هذا الرابط
http://bit.ly/179um7q
الا ان الامر لم يتعلق بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقط انما تعلق بعهد الخلفاء الراشدين ولعل اهم ما جاء في منع الخلفاء الناس بكتابة الحديث ما رواه البيهقي من ان الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، واستشار الصحابة رضي الله عنهم فأشاروا عليه بذلك، ثم استخار الله شهراً، ثم قال: إني ذكرت قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله عز وجل، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبداً، وتذكر كتب التاريخ بان اول من جمع السنة هو الخليفة الاموي عمر بن عبد العزيز اي بعد نهاية قرن من عمر الاسلام , وان صحيح البخاري وحسب اصح الاقوال واوثقها كتب في نهاية القرن الثالث للهجرة ولذلك كانت الاحاديث تروى عن النبي لم تكن بالنص او لربما دخلت فيها زيادات او نقصت منه امور بحسب ذاكرة الرواة ولربما حتى الكذب على رسول الله لا اقصد من الصحابة انما من سلسلة السند الطويلة الممتدة الى ثلاثة قرون
القران الكريم كرواية
1- والان لننتقل الى القران الكريم كرواية فقد بينا من خلال ما سبق ذكره ان معظم احاديث النبي في الصحاح هي من روايات الاحاد وبينا موقف العلماء والفقهاء من احاديث الاحاد وبينا ان الحديث النبوي الشريف كرواية لم يظهر الا في نهاية القرن الاسلامي الاول وان كتاب البخاري لم يظهر الا في نهاية القرن الثالث للهجرة , اما القران الكريم فقد رواه المسلمون الاوائل بعدة روايات او قراءات عشر منها هي المتواترة واخرى روايات شاذة اتفقت كل هذه الروايات على ترتيب الايات والسور ولم تختلف الا في كلمات او حركات او احكام اخرى بسبب اختلاف السنة العرب وقد كانت تلك القراءات تقرأ على عهد رسول الله وكان يقرها رغم اختلافها لانه كان يقول ان القران الكريم نزل على 7 احرف والحديث الوارد في البخاري حول هذا الموضوع اشهر من نار على علم , ان تلك القراءات العشر والقراءات الشاذة قراءات متواترة ورغم احتلاف الاسانيد الا انها جاءت بقران واحد لا اختلاف فيه البتة الا في مواضع لا تكاد تذكر كما في كلمة فتثبتوا فقد وردت في قراءة فتبينوا ومالك يوم الدين فقد وردت ملك يوم الدين وغيرها ولولا هذه الاختلافات ما كدنا نميز قراءة ورش عن عاصم وغيرها من القراءات الاخرى المعروفة , اي خلاصة القول ان القران الكريم كرواية ليس من روايات الاحاد بل هي رواية متواترة جاءت الينا من اكثر من 10 طرق وكل تلك الطرق اتفقت على رواية القران الكريم عكس ما ورد في صحيح البخاري فهي رواية الاحاد غير المتواترة وغالبا ما كانت تلك روايات الاحاد تختلف من كتاب في السنة الى اخر بالفاظ متعددة رغم ان الحديث المروي في اية رواية لا يتعدى اسطر لقلائل بينما القران الكريم كرواية هو عدد سوره 144 سورة و عدد آياته 6219آية عند المكيين 6214آية عند المدنيين 6236آية عند الكوفييين 6204آية عند البصريين و6226أو 6225عند أهل الشام وسبب هذا الخلاف في بعض مواضع الوقف اي ان تلك الايات جاءت بكلماتها ومفرداتها بلا خلاف او زيادة او نقصان –ولكن مهلا هل تعلمون ان كلمات القران هي 77439 في قول عطااء ابن يسار وعدد حوروفه 340740 حرفا, اذا ملخص القول توافقت القراءات العشر على هذا القران المتلو بينما اختلفت روايات حديث الاحاد في واقعة ما او في حديث ما وطول الحديث لم يكن يتعدى الاسطر القلائل ولم تتفق الاحاديث في اي حديث واحد يروى عن طريق اكثر من سند في الكلمات والاحرف الا ما ندر
2-  الاختلاف الثاني والاهم ان القران الكريم كرواية كان يمكن ان يصيبه ما اصاب الاحاديث من وهن وظنية في التثبت لولا حفظ الله وعنايته به لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بكتابة الحديث وعندنا طبقة من الصحابة مقدمة على غيرها هي طبقة كتاب الوحي وكان القران الكريم محفوظا في قلوب الرجال والرقاع التي كانت تصنع من الشجر والطين ومن جلود الحيوانات وقد قال الله تعالى عن القران الكريم ما نصه {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ }القيامة17 وبالفعل فقد كان القرن مجموعا على عهد رسول الله ولكن ليس في مصحف كما نعرف وكان عند نفر غير قليل من الصحابة وجاء ابو بكر واوكل جمع القران الكريم الى الدولة الاسلامية الناشئة فقد حفظت تلك الرقاع عند بعض الصحابة وجاء عثمان بن عفان ليصدر المصحف اذ جمع تلك الرقاع بين دفتي المصحف وزينه عبد الملك بن مروان بالتنقيط بعد ان دخلت العجمة لسان العرب , لذا فالقران الكريم كان قد كتب كله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وان رسول الله ما جمعه في دفة مصحف الا لكون حياة النبي كلها كانت وحيا وقد كان من الممكن ان يأتي الوحي باية من القران الكريم في اخر لحظات حياة النبي لذا اوكل الله مهمة جمع القران بين دفتي مصحف الى الرعيل الاول من المسلمين بعد وفاة النبي الاكرم مباشرة , وهم من هم اذ مدحهم الله بكتابه بالقول {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }الفتح29
اخوتي الكرام نخلص الى القول ان هذه الشبهة يجب ان ترد لانها تحط من قيمة القران الكريم وتشكك به وتتغافل عن قواعد واصول علم الحديث الذي طالما تشبثوا فيها بدعاويهم  .

أحدث المقالات

أحدث المقالات