وصلتني يوم الإثنين المصادف ١٨ /١/ ٢٠٢١، نسخة من كتاب الأستاذ غانم العناز الموسوم (مذكرات غانم العناز.. الشاعر والمؤلف وخبير النفط )، مهداة لي منه شخصياً ، فشكراً جزيلاً له.
يتكون الكتاب بطبعته الأولى لعام ٢٠٢١ ، الصادرة عن (مكتبة دجلة للطباعة والنشر والتوزيع ) في بغداد ،من ستة أجزاء ، حيث يبلغ مجموع عدد صفحاته ٨٦٢ صفحة، من القطع الكبير .
تتميز هذه المذكرات التي جاءت بتقديم اللواء الطبيب والكاتب والفنان والرسام سالم مجيد الشماع، بأنها شاملة، وتفصيلية، ومسهبة في أسلوب تناول الكاتب الأستاذ غانم العناز تفاصيل مفردات سيرته الذاتية، حيث أنه لم يترك صغيرة ولا كبيرة، ولا شاردة، ولا واردة في حياته، إلا دونها ، لتكون سيرته الذاتية بهذا النتاج، نمطا موسوعيا جديداً، وشاملا، مضافا إلى ما هو موجود في المكتبة العربية، من مصادر تقليدية أخرى، عن السير الذاتية، وتراجم الأعلام .
فقد جاء الجزء الأول منها تحت عنوان( الجذور العميقة)، حيث وقف الكاتب بإسهاب عند جذوره النشأة الأولى ، المتمثلة بطفولته، وصباه في الموصل ، ودراسته في بريطانيا، والعمل في عين زالة، ثم الهجرة، والعمل في الإمارات العربية المتحدة.
في حين تعرض المؤلف في الجزء الثاني من الكتاب، لما وصفه( بخريف العمر، وسنوات العطاء)، لما كتبه وابدعه المؤلف من مقالات وكتابات، حيث اسهب بتفصيل واسع، في تدوين، وتوثيق كل ما قيل، وكتب، ونشر عنه، وعن تلك النتاجات، من مقالات، وكتابات.
وبينما تناول المؤلف في الجزء الثالث من الكتاب، المقالات التي كتبت عن المؤلف، فقد تطرق في الجزء الرابع من الكتاب إلى مؤلفات الكاتب السابقة، ( العراق صناعة النفط والغاز في القرن العشرين )، و( العراق وصناعة النفط والغاز باللغة العربية )، وما كتب عنهما من نقد وتعليقات ، ومنها المقال النقدي لكاتب هذه السطور .
أما الجزءان الخامس والسادس من الكتاب، فقد تضمنا مقالات متنوعة عن الكاتب غانم العناز، ونتاجاته المتعددة .
وتجدر الإشارة إلى أن الكتاب، يتميز عن غيره من المصادر الأخرى للتراجم، والسيرة الذاتية ، بتغطيته الشاملة لكل تفاصيل مجالات اهتمام ، وأنشطة الكاتب غانم العناز، خلال مشوار حياته الحافلة، بالمثابرة الجادة، وتجربته الزاخرة بالعطاء، ليكون نمطا جديداً في كتابة السيرة الذاتية، قد لا يتماشى مع معايير بعض كتاب التراجم التقليديين، الذين يميلون إلى الإختزال، وقصر الكتابة على المفردات الشخصية لصاحب السيرة، واهتماماته الأدبية والعلمية فقط .
والاستاذ غانم العناز، كما بدا من نبذة عن المؤلف في صفحة الغلاف الأخيرة للكتاب ، من مواليد مدينة الموصل سنة ١٩٣٧، وهو خبير بشؤون صناعة النفط، ويحمل شهادة بكالوريوس في الهندسة من جامعة شفيلد سنة ١٩٥٩، وعمل في شركة نفط عين زالة في أواخر العام ١٩٥٩، كما عمل رئيسا لدائرة المشاريع في الشركة العراقية للعمليات النفطية عام ١٩٧٤، والتحق بعد تقاعده، في شركة الشارقة لتسييل الغاز، سكرتيرا لمجلس إدارتها سنة ١٩٨٤.
وتأتي قيمة الكتاب العلمية، والمهنية، من كونه جاء، بسرديته التقريرية للسيرة الذاتية ، نتاج تأليف مهندس، وخبير مهني ، واديب وكاتب وشاعر، عاش تفاصيل مفردات العمل الفني ميدانياً لمدة ١٢ عاماً مع شركة نفط العراق المحدودة حتى تم تأميمها في ١ حزيران من عام ١٩٧٢، ولاحقا في شركة العمليات النفطية حتى عام ١٩٨٦، عندما غادر العراق، ليلتحق بشركة الشارقة لتسييل الغاز، إضافة إلى نتاجاته الغزيرة،وانخراطه في التأليف، وكتابة الكثير من المقالات الثقافية، والأدبية، ونظم القصائد الشعرية. وهو بعد ذلك كله عضو في عدد من اتحادات الكتاب، العراقية والعربية والبريطانية ، ليكون بهذا مستودع خبرة متراكمة مهنياً، وادبيا وثقافياً ، الأمر الذي يضفي على كتابه هذا، قيمة موسوعية إضافية.
ولعل الكتاب، بهذه المنهجية المهنية، والأدبية الشمولية،يعتبر مصدرا مهما للباحثين، والدارسين، والمهتمين بالتراجم والسير الذاتية تاريخيا، ومهنيا ، وعلميا، لأنه جاء وليد خبرة شمولية متراكمة طويلة، واختصاص مهني رصين، وموهبة أدبية وشعرية ثرة. فصاحب السيرة، كاتب لامع ، ومهندس متمكن، وخبير مقتدر في صناعة استخراج النفط والغاز، مما يجعل من مذكراته، المعززة ، بتنوع اهتماماته ، وخبراته الزاخرة، إنجازاً ثرا ، يستحق الإهتمام، والدراسة، والإقتداء .
على أن طرح الكتاب بهذه الصيغة ، مترجما لسيرة المؤلف الذاتية، كما عاش تفاصيل مفرداتها الكاتب، الأستاذ غانم العناز بنفسه، جاء مناسباً جداً، لتوخي الإستفادة منه مصدراً للإستلهام، والإستقصاء، والتحليل، بما هو بعد ذلك كله، جهد أدبي ، ومهني، يستحق عليه المؤلف، الأستاذ غانم العناز،الكاتب المبدع، والأديب الاريب، والشاعر المرهف، وخبير النفط،الإشادة ، والتنويه، باعتباره من أعلام الإبداع في الساحة الثقافية، والأدبية، والهندسية.