18 ديسمبر، 2024 11:48 م

الإعلام المتحزب وفضاء الإعلام الحر المصداقية هي عمود الإعلام الجماهيري

الإعلام المتحزب وفضاء الإعلام الحر المصداقية هي عمود الإعلام الجماهيري

يعتمد (الإعلام المتحزب)، ( الإعلام المنافق) على الدّعاية بشكل عام وهي معلومات متحيزة أو مضللة عممت عبر شكل من أشكال وسائط الإعلام الجماهيري، بقصد الترويج لجدول أعمال سياسي أو وجهة نظر سياسية. وعادة ما تكون جزءا من حملة نفسية أكبر للتأثير على الناس نحو رأي محدد، ومثال ذلك حملة شيطنة النظام الوطني في العراق قبل 2003، والحملة المغرضة التي حكيت حول ضرب مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية ، وأتهم بها العراق وقادته، وأتضح فيما بعد أنها كذب محض ، وثبت بالملموس براءة العراق، وأن إيران هي من قامت بهذا الفعل الإجرامي الإرهابي المشين، حسب اعترافات السيد ( بومبيو) وزير خارجية أمريكا الحالي.
ترويج الأكاذيب واحاطتها بألوان براقة ومحاولة تزويقها تسمى في لغة السياسة والإعلام ( نفاق سياسي)، وفي عالمنا اليوم الذي بات وفق تسميات خبراء الإعلام الدولي ( قرية صغير) وسط الفضاء المفتوح، لم يعد هناك ما يخفى على الجمهور، في ظل إنعدام الرقابة، وانتشار وسائل الإعلام ( الحديث) وسائل التواصل ، وسهولة استخدامها وبوفرة ويسر تصل ليد الجميع.
النفاق السياسي هو أحد أساسيات مدارس الإعلام الموجه ( الإعلام المنافق)، والذي يصدر عن أفراد أو جماعات بهدف الترويج أو التسويق لأحزاب أو أفراد أو جهات بغير وجه حق. وهو ما جرى التروج له منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي، وربما أبعد من تلك التواريخ في العراق ، بغية تقويض استقراره وأمنه ، وتحريض الناس بصورة طائفية ما كرسها أتباع ( الإعلام المنافق) بتوجيه مباشر من إيران ، والتي شكلت حجر الزاوية عبر التاريخ ضد العراق وما فيه، ومن أمثلتها ( المظلومية) التي قالت عنها الخاتون حسب تسمية أهل بغداد للمس بل المستشار السياسي في السفارة البريطانية ببغدادن إنها مجرد كذبة كرستها أجهزة الدعاية البريطانية بالتعاون مع رعايا إيران في العراق، (مذكرات مس بيل).
وأنا أقصد التاريخ القديم والحديث ، وأتكلم عن الحديث منه الآن.
عملية التأليه والتقديس التي يمارسها بعض (الإعلاميين)، وتجريح من يختلف مع من يألهونه أو يقدسونه ، أو حتى من يختلف معهم في رأي معين ، أو على غير هوى ما يمدحون ، هذه الممارسات القميئة لايأتي بها إلا منافق ، لامبدأ له ، ولا التزام ولا عقيدة.
ولأن الساحة الإعلامية اليوم في العراق تخلوا من إعلام ملتزم وطني صادق، وهو( لن يكون طبعا ) في ظل سيطرة السلاح الذي يسمونه منفلت ، وهو على عكس مايقولون طبعا ، كونه منظم ويتبع جهة أقليمية بذاتها ( إيران)، والتي عصفت بكل القيم والشرائع ، وسفكت دماء العراقيين ونهبت ثرواتهم ، وخربت ديارهم، مقابل شيوع ظاهرة الإعلام المنبطح ( المتحزب) الذي يعمل بأجندات تابعة هزيلة ، لاتقدم محتوى سوى التطبيل والمديح لرموز فارسية معتدية مجرمة إرهابية، وفق مسميات الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي الذي يتبعها.
وهنا مفارقة غريبة ، نفس الإعلام الأمريكي والغربي المنافق قد سبق وروج لأكاذيب واتهامات بشتى الأوصاف القبيحة ضد النظام الوطني في العراق قبل 2003 ، وقد أخذ بها المجتمع الدولي برمته دون تمحيص أو تدقيق وحوصر العراق ، وقتل أطفاله ، ودمرت مرتكزاته خلال سني الحصار الظالم المجرم التي فاقت الثلاثة عشر عاما ً ظلما وعدواناً ، إلا أن نفس تلك الآلة الإعلامية القبيحة كشفت تلك الأكاذيب وفندتها اليوم ، ما يعني إنها برأة النظام السابق من تلك التهم والفضائع، لا والأدهى والأكثر من ذلك ذهبت أمريكا وعلى لسان وزير خارجيتها ( بومبيو) لطرح حقائق حول جرائم دولية أتهم بها النظام العراقي، فندها بومبيو وقال نمتلك الوثائق الدامغة على من قام بتلك الجرائم، ومنها ماذكرنا أعلاه. إلا إن ذلك التصريح لم يجد صداه في الإعلام الدولي ، ولم يتخذ أي اجراء تجاه المجرم الحقيقي المتمثل بالنظام الإيراني، هذه صورة حية لما أسميناه بالإعلام المتحزب الذي يتعامل بنفاق مع كل القضايا التي يروج لها.

هذه المقدمة الطويلة اسوقها ليكون القارئ على بينة حول ماهية تلك القنوات والوسائل الإعلامية التي تبث سمومها ليل نهار على مسامع المتلقي في كل مكان ، لأغراض ومطامع ومنافع ، بل أكثر من ذلك تستخدم فضاءاتها تلك لعمليات لا أخلاقية ، كالتسقيط والإبتزاز والإتهام بلا ضمير، وبعيداً عن المهنية والحرفية في العمل، ما يولد نمطاً غريباً في الأوساط الإعلامية، ويفقد الوسائل الإعلامية الملتزمة، والتي تقدم مضموناً هادفاً يسعى لبناء نموذج وطني بهوية وطنية صادقة، فرصتها في المنافسة الشريفة، كون الساحة مقفلة على وسائل غير شريفة تمارسها جهات منافقة يطلق عليها إعلامية.
بالأمس أطلعت على لقاء مطول استضاف من خلاله الأخ الزميل ( أنور الحمداني)، السيد ( نجاح محمد علي)، وأجيز لنفسي تحليل ذلك اللقاء حسب خبرتي المتواضعة في الإعلام والتي أمتدت لأعوام طويلة منذ 1993 حتى اليوم، وهذه تؤهلني أن أكون ( خبيراً) كما قال الزميل الحمداني، حين جاء على سِني خبرته.
اللقاء كان ناجحاً بكل المعاييرالأخلاقية، أخذ وقتاً طويلاً بعض الشيء، إلا إنه أفضى لتوضيح الاتجاهات الحقيقة للسيد نجاح محمد علي، والمعروفة أصلاً دون حاجة لتوضيح أو شرح مفصل، القضية الأولى التي أكدها نجاح هي اتصاله المباشر بشخصية عسكرية أجنبية ( الجنرال سليماني)عملت على زرع بذور الفرقة والطائفية والقتل والتشريد لمكونات واسعة من الشعب العراقي، إذا أختصرنا الموضوع على العراق دون عن سوريا أو اليمن و لبنان، أو حتى البحرين والكويت والسعودية. وهذه في عرف القانون ( تسمى تخابر) مع جهة عسكرية أجنبية، وتدخل في سياق ( التجسس)، كما في دعمه لميليشات إرهابية معروفة وموثقة جرائمها على الملأ كالعصائب ، وكتائب حزب الله العراقي، وهو مايشكل خرقاً للقانون العراقي، وخرقا للدستور الذي جاء به المجرم ( بريمر) وكرست بنوده تجريم من يحمل السلاح خارج نطاق مؤسسات ألدولة وأيده السيد السيستاني ودعى للإستفتاء عليه ب ( نعم) ، وقد أبدى “نجاح” رايه نصاً بالقول ( أعشق السيد السيستاني)، فكيف تخالف دستور أيده الرجل ” نفاق سياسي”.
القضية الثانية والأهم أن هناك الكثير من أبناء ( وأعذروني) على التسمية لمتطلبات سياق الموضوع، الكثير من شيعة العراق، ومنهم الأحزاب التي تم تأسيسها في إيران وتحصلت على الدعم المباشر منها طيلة عقود من الزمن ، تعتبر أن الرئيس (الشهيد صدام حسين- رحمه الله- ) الذي اعتدى على إيران في عهد (الخميني رحمه الله)، وعلى ذلك تبني توجهاتها ، وأقول بحقد تجاه الرجل ( رحمه الله) وتجاه العراق من قبله،وقد سمعناها مراراً من أخوان لنا في الجنوب، كانوا يقولون : “ليس من عداء لنا مع صدام حسين لولم يحارب الجمهورية الإسلامية”، وذكرها نجاح نصا بقوله ( حرب صدام على إيران)، مستبعدا أن تكون حرباً إيرانية عراقية وموضوع من شنها أو من بدء بها لازال محل خلاف، ولم تجزم به الأمم المتحدة.
ورأينا استنباطا من تجربتنا التي عشناها، ونحن شهود عيان ، أن إيران شنتها بحقد على العراق وأهله، وكانت الشعارات التي رفعها الإعلام الإيراني بتوجيه من الخميني تقول( إن النظام البعثي كافر ولابد من إزالته)، و(إن الطريق إلى القدس يمر من كربلاء وبغداد)، وهذه مغالطة مفضوحة، وتزوير للحقائق التي تثبت أن مايقارب (369) مذكرة احتجاج رفعتها وزارة الخارجية العراقية إلى الأمم المتحدة ومجلس أمنها قبيل بدء الرد العراقي في 22-09 -1980.
الثالثة نفى نجاح معلومات شخصية، ذكر أن من روج لها كذباً السيد ( سالم الجميلي) ، وهنا كان أنور مهنياً فعلاً في رده ( كنقطة نظام)، نافياً صفة الكذب عن السيد الجميلي ، والذي نعرفه جيداً رجلا ً صادقاً وفياً غيوراً شغل مناصب مهمة في المخابرات العراقية الوطنية، وكان أهلاً للثقة، ومن يحمل تلك الصفات لن يصل لموضوع ( نجاح) ويكذب، ثم ماالغرض من كذبه ( حاشاه) على نجاح.
لا أطيل في تحليل ماجاء في الحوارأكثر عن تلك النقاط الثلاثة، وأترك للقارئ فرصة اكتشاف بقية النقاط التي تكرس نهج ( النفاق الإعلامي) ، أو النفاق السياسي في صفحات ذلك الحوار الذي استجلى الكثير من الحقائق، ورفع الغبار عن شخصية ( نجاح محمد علي) وعرفها بصورة واضحة للجمهور.
النفاق السياسي يخلق فعلاً مضاداً، ويستخدم لتشويه الجهة المقابلة، ومن يمارس مثل هذا العمل ( النفاق السياسي) سيترك خلفه صورة نمطية غير قابلة للتغير مكروهة اجتماعياً، مفضوحة إعلامياً، ومحروقة لدى الرأي العام، وسيكون بلا مصداقية مهما قدم من دلائل ، وبالنتيجة سيكون عبئاً على من وظفه لينافق.
اليوم وسط هذا الفضاء المفتوح ، وثورة الاتصالات التي نشهدها ، والتي أنعكست على كل وسائل الإعلام ، بل بلغ تأثيرها حتى على الإعلام نفسه، فقسم إلى “إعلام جديد” ، وأخر قديم. في ظل تلك المتغيرات لم يعد من شيئ خافيا بعد أن انفتح الجميع على ما في الجهة المقابلة ، وبات العالم كما قلنا ( قرية صغيرة) كما عند “لاسويل” أصبح (النفاق السياسي) ليس له سوق رائج ، إلا عند من يمارسونه، والجهات التي تدفعهم لممارسة ذلك الفعل المشين والمعيب اجتماعيا.
وفي هذه الظروف التي يعيشها العراق اليوم باتت الضرورة ملحة جدا لتفعيل وتكريس “الإعلام الجماهيري ” للوقوف بوجه هؤلاء المنافقين، الذين يروجون للإضرار بالوطن وطمس الهوية الوطنية ، في غياب تأثير الإعلام الحكومي ، والذي من المفترض أن يمارس دوره في الحفاظ على نقاء الهوية الوطنية ، وتصعيد ممارساتها وتكريس أسسها في المجتمع، في مواجهة الطائفية والتحريض ، وسيطرة المليشيات ومن يدعمها من جهات خارجية ( إيران) تحديدا، ذلك أن المحتل معروف وهو عدو متمثل بأمريكا ومن معها، لكن العدو المتخفي وراء ستار هؤلاء المنافين ( إعلام النفاق) و (صحفيو الفتنة) ، ومن يدعمهم ويساندهم في السر والعلن ، يحسبه الشارع بما روج له المنافقون أنه صديق ، وأنه الجهة التي يستند عليها ، وهي الداعمة والساندة والممولة. لكن الحقائق على الأرض والواقع تثبت غير ما جسده أولئك المنافقون. وهنا أشير لحديث ( نجاح عن الخامنئي) وعن الأحزاب والمليشيات التي يدعمها نظامه في العراق ، والتي أقترفت ما اقترفت من جرائم إرهاب لاتوصف إلا بالحاقدة طيلة السنين التي تلت الإحتلال البغيض، والذي وفر لها مساحة نشر الإرهاب في العراق ومن بعده سوريا والبحرين والكويت والسعودية واليمن.
وأخيراً اقول (الصحافة سلطة)، قبل أن تكون أداة، ولابد لمن يدعي الوطنية أن يدعم توجهاً صحياً يخدم ( الهوية الوطنية) وبناء نسيج وطني يخدم المجتمع، لا أن يرتكز على مليشيات ووسائل قتل وأدوات للإرهاب مدعومة من إيران لتمارس الإرهاب على أرض العراق ، وتحطم شبابه ومستقبلهم والوطن بحجة المذهب والإنتماء العقائدي.
نجاح محمد علي أجدت بالتعريف عن نفسك ، وقدمت عرضا شيقا لقدراتك بالتبعية لإيران ، وهي وجهة نظرك ، وتأكد إننا نحترم الصادق الصريح ، وقد كنت صادقاً وصريحاً جدا.