صدقوني هذه حقيقة وليست مزحة ، قبل ايام قرأت مخاطبة احد الصحفيين إلى رئيس تحرير صحيفته وهو يقول له فخامة السيد رئيس التحرير وقبل يومين اطلعت على احدهم وهو يقبل صورة رئيس تحريره المعلقة في بوابة المؤسسة .
يختلف هذا النوع من رؤساء التحرير عن ماركوس دبليو. بروكلي عندما دخل في اول يوم تعينه كرئيس تحرير لصحيفة واشطن بوست بعد ان كان يشغل منصب مدير تحرير في صحيفة وول ستريت جورنال طلب من العاملين في الصحيفة وضع مكتبه الخاص في “دسك التحرير ” ، وقال جملته الشهيرة :منصبي لايتعدى دور المنظم ومكاني الحقيقي هذه الطاولة .
ومنذ ذلك الحين يعتمد اغلب رؤساء الصحف الاجنبية على نظام “الطاولة المفتوحة ” في إدارة العمل حتى تكاد لاتفرق بين رئيس التحرير والمصمم والمحرر والمراسل .
هذا الأسلوب العالمي في العمل تفتقده غالبية المؤسسات الصحفية في العراق فعادة رؤساء التحرير في المؤسسات الصحفية يشبهون رؤساء الدول العربية،فهم يتلقون ان كلاهما يعزلون أنفسهم احدهم عن شعبه والاخر عن “دسك الاخبار ” حتى يتخيل للضيوف أن رئيس التحرير لايدري ماذا يجري في مطبخ الاخبار ؟
يمكن تعليل ذلك نتيجة لعاملين اساسيين هما : تعين رؤساء تحرير ليس لهم علاقة بالعمل الصحفي واختيار رؤساء تحرير مايزلون يفكرون بعقلية الصحف التقليدية .
يؤدي الاعلام باقسامه الثلاثة (المقروء والمسموع والمرئي ) دورا محوريا وهاماً في صناعة الرأي العام فيما يخص الشأن الداخلي العراقي ، وعليه يفترض أن تكون رؤس هذه المؤسسات متحررة من البيروقراطية الإدارية وتقلل الفجوة مع الصحفيين العاملين في مؤسساتها .
يبرز نوعان من رؤساء التحرير الصحفيين احدهم لايجيد سوى شتم رئيس الحكومة نوري المالكي ولعنه في اعمدة صحفية صفراء بائسة توحي لك بان العراق ساحة لمجزرة البشر وآخر لايجيد سوى مدح المالكي وتلميع صورته ونفتقد بطبيعة الحال إلى رؤساء التحرير الذين ينتقدون فعل المالكي عندما يخطأ ويمتدحون فعله عندما يصيب .
لايجيد عدد كبير من رؤساء التحرير استخدام الاميل والفيسبوك وتقنيات التواصل الحديثة وبعضهم لايفرق بين التقرير والخبر والقصة الخبرية والمقالة والرأي والمعلومة، لكنهم يتقنون مسح الاكتاف وتقبيل يد الممول أو المسؤول العام على المؤسسة ،لذلك لدينا صحف ووكالات بائسة ليس بمقدور العين البشرية الاطلاع على مادة صحفية واحدة في تلك المؤسسات ، وعلى الرغم من ذلك لدينا تجارب شابة تقترب من النجاح في هذا الشأن على سبيل المثال صحيفة العالم الجديد الالكترونية التي يديرها الزميل فراس سعدون ، والحال ينطبق على وكالة شفق نيوز التي يرأس تحريرها الزميل محمد الفيلي وكذلك وكالة كل العراق “اين “التي يديرها الزميل كاظم العطواني وحالات كثيرة لامجال لسردها في هذا المقام .
نجاح رؤساء التحرير ليس في المكاتب الكبيرة أو الاثاث الفاخر او سكرتيرات حسناوات أو عبر الحصول على دروع الابداع المجاملة او في حضور المهرجانات أو الملتقيات الصحفية، على الرغم من اهمية بعض الامور التي ذكرتها، لكن الاهم من ذلك النجاح في اتباع وسائل حديثة في ايصال المعلومة والتواصل الواقعي والالكتروني مع الصحفيين العاملين في مؤسساتهم وتقليص الحلقات الإدارية قدر الاماكن لايوجد في كل دول العالم المتقدمة علينا في العمل الاعلامي رؤساء تحرير بصورة رؤس