عد مختصون وناشطون، اليوم السبت، أن مشروع قانون التقاعد الموحد الذي أقرته الحكومة وأرسلته إلى البرلمان، “مليء بالألغام” ويشكل “التفافاً” على المطالبة الجماهيرية الواسعة بإلغاء رواتب المجالس المنتخبة والرئاسات الثلاث، وأوصوا بضرورة قيام الحكومة بسحبه وتعديله، للفصل بين تلك المطالب الجماهيرية بصورة “واضحة وصريحة”، وعدم “التجاوز” على المال العام من جهة، وموضوع التقاعد الموحد، وإعادة النظر بالسلم الوظيفي ورفع الحد الأدنى للتقاعد إلى ما لا يقل عن 400 ألف دينار.
جاء خلال الندوة التي أقامتها مؤسسة المدى بالتعاون مع تجمع العراق 2020، اليوم، في مقر المؤسسة بمطقة السعدون، وسط العاصمة بغداد، لمناقشة مشروع قانون التقاعد الموحد، ومدى استجابته لمطالب المتظاهرين بإلغاء رواتب أعضاء المجالس المنتخبة والرئاسات الثلاث، وحضرتها (المدى برس).
وقال رئيس تجمع عراق 2020، علي العنبوري، خلال الندوة، في حديث إلى (المدى برس)، إن ”مشروع قانون التقاعد الموحد لموظفي الدولة ينطوي على تناقضات وغموض كبيرين في أغلب نصوصه”، مشيراً إلى أن “المشروع يفترض ألا يميز بين المواطنين لاسيما أن المادة 17 من الدستور تنص على أن العراقيين متساوون أمام القانون من دون تمييز، في وقت نجد أن نصوصه تمييز بينهم بنحو واضح”.
وأضاف العنبوري، أن “مشروع القانون المقترح لا يجوز أن يمنح ما لا يملك لأن الأموال العامة مصانة وذات حرمة”، مبيناً أن “المشروع ينطوي على تناقض في مواده وعدم رصانة صياغة نصوصه لاسيما في المادة 20 رابعاً، و22 رابعاً وخامساً، و24 ثانياً”.
وأوضح رئيس تجمع عراق 2020، أن “أهم ما دعت إليه حملة إلغاء تقاعد البرلمانيين هو التنازلات التي لن تحصل، لأن المادة 34 من مشروع القانون الجديد تنص على عدم جواز التنازل عن تلك الرواتب”.
وكانت اللجنة الوزارية المكلفة من رئاسة مجلس الوزراء، أعلنت، في (الأول من أيلول 2013 الحالي)، عن الانتهاء من إعداد مسودة قانون تتضمن إلغاء الرواتب التقاعدية للنواب واحتساب مكافأة لهم فقط، ودعت إلى توحيد الرواتب التقاعدية للمشمولين كافة بضمنها الرئاسات الثلاث، معربة عن أملها بأن يصوت أعضاء مجلس النواب على المسودة.
من جانب آخر قال عضو الهيئة الإدارية لجمعية المتقاعدين، الحقوقي زهير ضياء الدين، في حديث إلى (المدى برس)، إن “المواد التي استحدثت على مشروع القانون الجديد تنطوي على ظلم كبير إذ أن عدد المتقاعدين يصل إلى مليوني متقاعد 78 بالمئة منهم يتقاضون راتباً لا يزيد عن 220 ألف دينار، مضيفاً أن “موضوع المتقاعدين ما يزال يخضع لمزايدات الكتل السياسية وجهات أخرى بالدولة، برغم المعاناة والمطالبات العديد للشريحة المشمولة”.
وذكر ضياء الدين، أن “مسودة قانون التأمينات الاجتماعية الذي يضم 143 مادة، والذي تناقلته الأيدي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومجلس شورى الدولة ووزارة المالية ودائرة التقاعد، لم يصل إلى مجلس الوزراء، إلا قبل مدة لا تزيد عن اسبوعين للنظر في إمكانية إقراره وإرساله للبرلمان للتشريع”، لافتاً إلى أن تلك “المسودة كانت ستشكل نقلة حضارية للعراق لو تم إقرارها، لأنها تشمل تأمين إصابات العمل والعجز والشيخوخة والتأمين الصحي وتأمين الامومة وتأمين التعطل عن العمل والخدمات الاجتماعية للمتقاعدين، وقد استغرق إعدادها سنتين من الدراسة من قبل الجهات المختصة”.
وتابع عضو الهيئة الإدارية لجمعية المتقاعدين، أن تلك “المسودة عندما وصلت إلى مجلس الوزراء في مرحلة الأزمة وانطلاق التظاهرات وضعت على الرف”، مستدركاً “لكن اللجنة الوزارية اختارت بعض موادها ودمجتها مع بعض مواد قانون التقاعد الموحد المقترح وبعض المطاليب الجماهيرية، وجمعت بشكل غير منسجم ولا متجانس خلال أيام قليلة وخرجت بمشروع قانون متناقض”.
ورأى ضياء الدين، أن “اللجنة الوزارية أقحمت موضوع البرلمانيين على مشروع قانون التقاعد الموحد بهدف تضليل المواطنين واستغفالهم لتمرير هذا القانون والاستمرار بمنح الامتيازات للبرلمانيين”.
هذا وخلصت الندوة إلى توصيات من أهمها، ضرورة الفصل بين الدعوة لإلغاء المرتبات التقاعدية لأعضاء المجالس المنتخبة ورئاستي الجمهورية والوزراء، ومشروع قانون التقاعد الموحد، ورفض التجاوز على المال العام، وعدم منح رواتب تقاعدية لأعضاء المجالس المنتخبة ورئاستي الجمهورية والوزراء بدون وجه حق كما هو منصوص عليه في مشروع قانون التقاعد الموحد الذي قدمته الحكومة إلى مجلس النواب، والتأكيد على تلبية مطلب الشعب العراقي في إلغاء الرواتب التقاعدية لأعضاء المجالس المنتخبة (النواب المحافظات والمحلية)، عبر تشريع قانون واضح وصريح بذلك، وإعادة النظر بالسلم الوظيفي المرفق بقانون الخدمة المدنية بحو عادل ومتوازن، ورفع الحد الأدنى للتقاعد إلى ما لا يقل عن 400 ألف دينار عراقي، وسحب مشروع قانون التقاعد الموحد وإجراء التعديلات المطلوبة عليه بما يستجيب للملاحظات المقدمة خلال الندوة.
وكان رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي، أعلن في (الثالث من أيلول 2013 الحالي)، عن إقرار مجلس الوزراء مشروع قانون التقاعد الموحد ورفعه إلى البرلمان للمصادقة عليه، مبيناً أن القانون ”يعالج رواتب المتقاعدين كافة سابقاً أو المستمرين بالخدمة”، وأن الرواتب التقاعدية لأعضاء مجالس النواب والمحافظات “ستقتصر على خدمتهم خارج إطار مجالسهم”، وأن القانون المقترح أقر الحقوق التقاعدية لمن يعمل في القطاع الخاص على وفق قانون الضمان الاجتماعي.
كانت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري أعلنت، في (الثالث من أيلول الحالي)، عن رفع دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية، ضد مجلس النواب والحكومة العراقية لإجبارهما على إلغاء الرواتب التقاعدية للنواب، واتهمت جهات سياسية بـ”العمل في الخفاء” على منع تمرير قانون إلغاء الرواتب التقاعدية في مجلس النواب، فيما تعهدت بـ”السير في هذا الاتجاه” حتى تحقيق مطلب إلغاء تلك الرواتب.
وشهدت العاصمة بغداد والمدن العراقية الأخرى، في (الـ31 من آب 2013)، مظاهرات جماهيرية حاشدة للمطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية للنواب، وفيما أمهلوا مجلس النواب شهراً واحداً لتنفيذ مطالبهم”، هددوا بتحويل التظاهرات إلى “اعتصام مفتوح” في حال عدم تلبية مطالبهم.
يذكر أن المدة الماضية شهدت مطالبات عديدة سواء من قبل المرجعية الدينة الشيعية، أم من قبل ناشطين مدنيين، لإلغاء رواتب البرلمانيين وكبار المسؤولين بالدولة، من ذوي المناصب والامتيازات الخاصة، وبينت أنه “لا يجوز” منح رواتب تقاعدية لأشخاص ليسوا موظفين دائمين، وطالبت مجلس النواب “بتشريع قانون موحد لجميع المتقاعدين بدلا عن التشريع الخاص بأعضائه”.