خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
وصف “مايك بومبيو”، وزير الخارجية الأميركي، بشكل عملي، “الجمهورية الإيرانية”، بـ”المقر الجديد” لتنظيم (القاعدة)، وكانت هذه آخر مساعي وزير الخارجية الأميركية، في الأيام الأخيرة من عمر الإدارة الأميركية الحالية؛ بغرض تمرير ضربة عسكرية إلى “إيران” عبر تبادل الاتهامات بالإرهاب، أو تخريب مساعي الرئيس الأميركي الجديد، “جو بايدن”، الدبلوماسية للإنضمام إلى “الاتفاق النووي” وترميم العلاقات “الأميركية-الإيرانية”.
وكانت إدارة “دونالد ترامب”؛ قد سعت مرارًا للربط بين “إيران” وتنظيم (القاعدة)، وهو إدعاء تغلب عليه الطبيعة السياسية والكذب تعبيرًا عن المخاوف الأمنية. وفي الظلام أطلق “بومبيو” السهم الأخير؛ بينما لم يتبقى في عمر الإدارة الحالية سوى أسبوعين. بحسب موقع (الدبلوماسية الإيرانية) نقلاً عن (ريسبانسيبل استيت كرفت).
ينهي حياته السياسية بأكاذيب مؤججة للحروب !
وللتعليق؛ يقول “کلارک کالین پي”، مدير الدراسات في مجموعة “سوفان”: “في رأيي؛ من الواضح أن مثل هذه الإدعاءات عن العلاقات الإيرانية مع (القاعدة)؛ إنما تنطوي على ماهية سياسية تهدف في الظاهر للحيلولة دون إقدام إدارة، بايدن، على التفاوض مع إيران”.
وأضاف محلل التحالف؛ الذي تقوده “الولايات المتحدة” في “أفغانستان”: “تستفيد (القاعدة) من العلاقات مع إيران، لكن وصف إيران بـ (القاعدة الجديدة) للتنظيم خاطيء في رأيي”.
في المقابل؛ وصف وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي، (تويتر)؛ هذه التصريحات: بـ”أكاذيب تروج للحرب”. وكتب: “من الإشارة إلى كوبا وإلى خيال رفع السرية، عن إيران والقاعدة، فإن السيد الكاذب والمخادع والسارق، ينهي حياته المهنية الكارثية، وهو ينشر أكاذيب جديدة مؤججة للحروب”.
وكنت بعض المعلومات القديمة تفيد بإختباء عدد من أعضاء (القاعدة) في “إيران”، وفر المئات منهم، عام 2001م، بالتوازي مع الهجوم الأميركي على “أفغانستان”، عبر الحدود الإيرانية؛ وتعرض الكثير منهم للسجن تحت رقابة المسؤولين الإيرانيين.
وأدعى “بومبيو” أن الحكومة الإيرانية قد اتخذت قرارًا بتحرير حركة أعضاء هذه الجماعة، بل وتقديم الدعم اللوجيستي للتنظيم. وأكد أن المسؤولين في “إيران” بدأوا التعامل مع (القاعدة)، منذ العام 2015م، بحيث يجعل التنظيم من “إيران”: “مقر قيادة”.
كذلك أكد وزير الخارجية الأميركي؛ مقتل “أبومحمد المصري”، الرجل الثاني في تنظيم (القاعدة)، بالعاصمة “طهران”، الصيف الماضي. في حين يشكك الكثير من الخبراء والمحللين في هذا التقرير.
قطع الطريق على “بايدن”..
يقول “نلي لاهود”، العضو البارز في المؤسسة الأميركية الجديدة: “وجود (القاعدة) في إيران لا يثير التعجب، لكن فكرة أنها تريد مساعدة إيران في تنفيذ بعض العمليات الإرهابية مستبعدة”.
بدورها تقول “باربرا سلافين”، مدير مبادرة “مستقبل إيران” في مركز جنوب آسيا التابع لمجلس الأطلسي: “تداوم إدارة ترامب؛ على الكذب بشأن إيران، والآن تسعى إلى وضع العراقيل أمام عودة إدارة بايدن، للتعامل الدبلوماسي مع إيران”.
وتصريحات “بومبيو”؛ ليست الأولى من نوعها، وإنما نشر هو نفسه، في العام 2017م، مجموعة من وثائق “أسامة بن لادن”، زعيم (القاعدة) السابق، وأدعى وجود: “تفاصيل جديدة عن علاقات (القاعدة) مع إيران”.
لكن “نلي لاهود”، التي كانت قد أطلعت على هذه الوثائق؛ نفت هذه الإدعاءات، ونشرت في العام 2018م، دراسة أن لـ (القاعدة): “مواقف عدائية” من “إيران”.
وفي العام 2019م، عقدت الإدارة الأميركية، في ظل تشديد العقوبات الاقتصادية على “إيران” ورفع مستوى الوجود العسكري في المنطقة، اجتماع سري لمناقشة إدعاءات إرتباط “إيران” بـ (القاعدة). وكان أعضاء “الكونغرس” يتخوفون أن تقوم الإدارة الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية لـ”إيران” دون الحصول على إذن “الكونغرس”.
وقالت “الیسا أسلاتکین”، عضو الكونغرس عن ولاية “ميتشغان” والمحلل السابق بوزارة المخابرات الأميركية، في حوار إلى صحيفة (نيويورك تايمز): “يجب على خبراء الأمن القومي النظر بنوع من الشك مع أي آراء تتعلق بالعلاقات الإيرانية مع (القاعدة)”.
“القاعدة” وحلفاء أميركا..
كل هذا؛ في حين أن الإدارة الأميركية قلما تتحدث بشكل صريح عن علاقة حلفاءها بـ (القاعدة).
إذ تقاتل “السعودية” و”الإمارات” إلى جانب (القاعدة)، في “اليمن”، ضد “الحوثيين”، حلفاء “إيران”، بل ويرسلون الأسلحة الأميركية إلى عناصر التنظيم في “اليمن”.
كذا تدعم الإدارة الأميركية، المداخلات التركية في “سوريا”. قال “كلارك”: “مركز الثقل الرئيس للقاعدة مايزال على الحدود (الأفغانية-الباكستانية). وأتصور أن علينا جميعًا الحذر من تأثير السياسة على المعلومات المخابراتية، لاسيما بعد هجوم 2003م على العراق”.