بعد ان تم احتلال العراق واسقاط نظامه بالقوة الغاشمة في العام ٢٠٠٣ والعراق يدور في حلقة مفرغة محورها هو تعاقب لحكومات تصنف بانها فاشلة مع ان كلمة فاشلة هي غير كافية لتوصيف حكومات ما بعد التغيير فهي اضافة للفشل الدموية والفساد والنهب والاساءة للمحيط الاقليمي والعربي والعالمي حتى بات العراق يتربع على عرش الأسوء في جميع المعايير .
لمناقشة هذا التردي يجب اولاً ان نحدد من هو المسؤول عن ذلك ؟ المسؤولية مشتركة وللشعب حصة فيها بسبب فقدانه للبوصلة الوطنية والتشتت في اتجاه الانتماءات والولاءات الفرعية والتعصبيه الضيقه .
مسؤولية الشعب تنتهي بانتهاء التصويت لانتخاب ممثليه وفق قانون انتخاب تم تصميمه مسبقاً ليجعل من البرلمان ذو صبغة طائفية ( شيعي ) فقد وزعت مقاعده بتخمينات تجعل من عدد مقاعد الشيعه هي الاكثر وبذلك تكون الاغلبية دائماً مصادرة فهو ليس كالبرلمان الامريكي مثلاً تجده يوما ديمقراطي ويوماً جمهوري لان الولايات تحوي الحزبين معاً ومرشحي الحزبين يتبارون معاً .
نعود الى موضوعنا وهو اختيار رئيس الوزراء ! وماهي شروطه ؟
وهل يختار من بين اعضاء البرلمان ؟ وهل هو رئيساً لكتلة الأغلبية ؟
للأجابات اعلاه بدءا من تعريف الكتلة الغالبة داخل البرلمان فقد حددتها المحكمة الاتحادية بانها الكتلة النيابية الاكبر التي تنشأ من تحالف بعد الجلسة الأولى لتثبت آخر مسمار في نعش الديمقراطيه المشوهه في سابقة تجعل من الكتلة الاكبر حتى ان فاز بالانتخابات من فاز هي كتلة الاحزاب الشيعية .
الشرط الأول في اختيار رئيس الوزراء هو ان يكون شيعياً حتى ان لم يكن يحمل الجنسية العراقية عند التنصيب ، اي ان حقل الجنسيه الحالية Current citizenship ليس شرطاً ان يكون عراقي .
فمن غير المسموح ان يرأس الحكومة الا من كان من الطائفة الشيعية كما هو متعارف عليه في لبنان .
بعد ان يتم اختيار شيعي ، هل يشترط ان يكون منتخب ؟ الجواب هو كلا ! فقد تم اختيار عبد المهدي والكاظمي من خارج قبة البرلمان .
اذن دولة الرئيس هو شيعي وان كان غير منتخب وان لم يكن عراقي الجنسية .
كثيراً ما نقرأ ونسمع تبرئة اخوتنا الشيعة من الحكومة ، واشخاصها ، وافعالهم المشينة ، فهل هذا كاف ؟ ويوجهوا اللوم للآخرين بان الحاكم لا يمثل الطائفة مع انهم يلصقوا صدام ومنظومة حاكميته بالسنة .
طبعاً هذه التبرئه مثلومة التصديق وتبتعد عن الواقع فلو لم يرضى اهلنا الشيعة عن الحاكم لأسقطوه خلال بضعة ايام ، ولكنه تنصل عن المسؤولية التاريخيه لشعور كبير بالذنب والندم .
ماهي الشروط الحاكمة لأختيار رئيس الحكومة ؟ الواقع الحي يحدثنا ان اهم الشروط هو ان توافق علية مرجعية النجف ! نعم ، ان يوافق عليه المرجع السيستاني حصراً ! لا تسغرب اخي القاريء فهذه هي الحقيقه فلا يمكن ان يعتلي العرش الا من يحظى بقبول المرجعية ولا اعتقد ان ذلك الأمر خفياً او بالامكان نفيه وانكاره .
المرجع هو في الحقيقه زعيم الطائفه وربان سفينتهم وحينما يقبل يعني ذلك قبول جميع المسافرين على متن السفينه ، فلا ينفع الصراخ هنا وهناك فان كنتم حقاً غير مسرورين تكلموا مع زعيمكم واطلبوا منه الرفض واختصروا طريق الموت بسفره ميمونه الى النجف وتظاهروا هناك فهو برفع اصبع سيلغي الحكومة كما ورد في نص استقالة عادل عبد المهدي التي بدأت نزولاً عند طلب المرجعية الرشيده اقدم استقالتي .
الآن تجمعت لدينا اربع شروط لرئيس الوزراء وهي شيعي ، منتخب او غير منتخب ، عراقي او غير عراقي ، يقبل ترشيحه المرجع الأعلى .
هل هناك شروط اخرى ؟ نعم الشرط المتحكم الآخر هو ان يتم قبوله من قبل ايران ! نعم اخي القاريء المندهش ، ايران هي من تقرر في الأخير من هو الرئيس المختار ولا يستبعد انها تؤثر حتى في قرار المرجعيه !
وماذا بعد ؟ يجب ان يستشار به زعيماً شعبوياً آخر ، اتباعه فئة قليلة ان حسبت على مجموع الشعب العراقي ولكنها مؤثرة لهمجيتها وفوضويتها ودمويتها انه مقتدى الصدر ، هو ليس بمرجع ، وليس برجل دين ، وليس بمؤسس فكر او منظر ، ولا زعيم ثوري ، ولا مثقف ، هو فقط ابن لرجل دين متوفي .نعم ، هذا الجاهل يجب ان يرضى عن الشخص الذي يطابق سير خدمته مزاج السيد القائد وهذا ايضاً لا يمكن انكاره فقد صرح به هو شخصياً في لقاء متلفز لا يخلو من الصراحه .
المجتمع العراقي عموماً هو مجتمع جبلت نمطيته السلوكيه على عدم المواحهه وترحيل المشاكل فتراه وخصوصاً المجتمع الشيعي يوجه اللوم الى امريكا ، وبريطانيا، ويختصر فشله وخيبته بجملة ( اذا امريكا ما تقبل على رئيس وزراء ميصير ) وعشرات المرات تجيبه الادارة الامريكية انها لا تتدخل باختيار رئيس الوزراء فهي تملك البستان بكل شجيراته وثمارها واختياركم لبرتقالة من سلة البرتقال لا يعنيها فكل ما فيها برتقال يعود لهم ، واختيار عميل من سلة العملاء ليس بتغيير ولا يعنيهم فهو لا يشكل فارقاً .
ختاماً ان رئيس الوزراء الذي تتنصلون منه هو شيعي اختاره مرجعكم ورضى عليه زعيمكم وايده قائدكم وبارك له الولي في ايران فان كنتم غير مقتنعين فاتركوا التحرير وتظاهروا في النجف او امام سفارة طهران او ارتضوا الحق ولا تبرئوا انفسكم فانتم جزءاً من الأزمه ولا تطلبوا ممن لاصوت له ان يصرخ معكم طالما انه مجرد صراخ .