26 نوفمبر، 2024 5:32 م
Search
Close this search box.

حسين مردان .. والوقتُ الضائع

حسين مردان .. والوقتُ الضائع

وُضِع تمثال الشاعر بدر شاكر السياب ، على ضفة نهر شط العرب في مدينة البصرة ، ووجهه مقابل لبناية احد المصارف . ووجد احد الأدباء في ذلك مفارقة ، حيث أن الشاعر السياب أمضى جَلَّ عمره محتاجا ً ، حيث انه مات غريبا على الخليج . ومضى الأديب الناقد يقول : إذا عملتم تمثالا ً للشاعر حسين مردان ، فلا تضعوه مقابل محكمة شرعية تُنجز عقود زواج . في أشارة إلى أن الراحل حسين مردان قضى حياته اعزبا .
  ولد عام 1927 في مدينة (طويريج) ، الهندية ، وانتقل إلى مدينة بعقوبة بحكم وظيفة والده ، أكمل الدراسة (المتوسطة) ، وتوقف عندها . قال عنه المتابعون لشعره ، انه : (شاعر ، متمرد ، مهاجر داخل اعماقه). كان يقول عن نفسه : (اني شاعر فوق الكل) .

أحببتُ نفسي

قد لاتصدقون ، ما سأنقله من سيرته ، واقرأه ُ عليكم : فقد اصدر الشاعر ديوانه الأول سنة 1949 وكان الديوان قد حمل عنوان : (قصائد عارية) . وتعبيرا ً عن تمرده على الشعر والناس ، فقد اهدى ديوانهُ إلى نفسه ، متعجبا ً أو منذرا ً . وجاء في الإهداء : ( لم احِبَّ شيئا ً مثلما أحببتُ نفسي . فالى المارد الجبار الملتف بثياب الضباب . إلى الشاعر الثائر والمفكر الحر حسين مردان) والاهداء نقلناهُ نصا كما كتبه حسين مردان بنفسه 0
  في صغره ترك حسين المدرسة ، واشتغل عامل بناء ، وكان يقول لنفسه : (وأنا أضع الطابوقَ على صدري ، ليكن ذلك سأضع رجلي فوق الجميع . وبعد ايام جلستُ مع الشاعر الرصافي) .
واختلط مردان بجماعة (الوقتُ الضائع) ويتمرد أكثر . قال عنه الناقد الدكتور علي جواد الطاهر : (وإذا وَرَدَ طعنٌ في أخلاق الشعر فلم يرد مََسّ ٌ بسلامة الشاعرية لدى حسين مردان) . وكان
الدكتور الطاهر قد اصدر عنه كتابا ً سنة 1988 0
  نهاية خمسينات القرن الماضي ، وفي سجن الكوت ، تعرف الشاعر حسين مردان على الشيوعيين ، فانحاز لفكرهم وتنظيمهم . صدرت له عدة دواوين ، منها : اللحن الأسود 1950 ، صور مُرعبة 1951 الربيع والجوع 1953 0

والتقيتُه 00

    وعام 1970 ، التقيتُ الشاعر حسين مردان ، في مبنى دار الإذاعة والتلفزيون . كنتُ في زيارة للصديق الإعلامي عادل الدلي ، مدير الإذاعة آنذاك . وفي مكتبه التقيتُ الشاعر ، وقد عُيِّنَ مستشارا ً في الإذاعة .
    كان ذلك هو لقائي الأول معه .
    وبعد ذلك بعام التقينا . عام 1971 ، كانت وفود مهرجان المربد المنعقد في مدينة البصرة ، تستقل باخرة أخذت تشق طريقها في مياه شط العرب ، متجهة جنوبا ً وعلى ظهرالباخرة جلسنا . كان ابرز شخصيتين في تلك الجلسة ، الأديب العربي السوري  شريف
الراس ، والشاعر العراقي حسين مردان .
    وتفتقت شاعرية واحد من الحاضرين تمنيتُ الآن إن أتذكر اسمهُ ، عن بيت شعر ، هجا فيه الأديب الراس ، والبيت هو :                  
    الصفرُ يبدأ من شريف الراس
                                        أعني بآخر واحدٍ في الناس …..

     أما الشاعر حسين مردان ، فسألوه : لو خُيرتَ بين إن تجلسَ في بطن الباخرة أم على ظهرها ، فماذا تختار ؟
    فورا ً أجاب حسين مردان : طبعا ً على ظهرها ، والإشارة مفهومة !؟
   انتقل الشاعر حسين مردان ، إلى جوار ربه ، عام 1972 .
    رحمه الله .

أحدث المقالات