سفر رئيس مجلس الوزراء الاستاذ نوري المالكي وما تبعه من كلام كثير توزع بين منتقد ومؤيد اعتقد انه كان فيه شيء من المبالغة حيث ان الموضوع لم يكن يستحق هذه الضجة فهو ببساطة يتعلق برغبة السيد المالكي في البقاء في السلطة ورغبته الشديدة في الحصول على ولاية ثالثة حيث انه وصل الى درجة عالية من اليقين بان ذلك لن يحصل عليه بدون الاستعانة بالجانب الامريكي وهذا اليقين جاء بسبب الكثير الامور التي حدثت خلال مدة حكمه في الثمان سنوات الماضية والتي يمكن اجمالها بعدة نقاط :
1. السيد المالكي وبما يملكه من خبرة سواء بسبب عمره او بسبب تنقله بين عواصم العالم سابقا او بسبب السنواتالثمانية في الحكم وصل الى نتيجة مهمة جدا وهي انه مادام هناك شيء يسمى التيار الصدري ومادام هناك السيد مقتدى الصدر فان الحصول على الولاية الثالثة سيكون ضربا من الخيال .
2. الجهات السياسية ضمن التحالف الوطني والتي بينت رايها في اكثر من مرة حيث قامت بتوجيه النقد لسياسة الاستاذ المالكي وفشلها في ادارة الملف الامني والذي يعد من صميم عملها قد لا توافق على اعادة ترشيحه مرة ثالثة وفي مقدمة تلك الجهات كتلة المواطن المنضوية تحت المجلس الاعلى بقيادة السيد عمار الحكيم .
3. بعض الشخصيات المحسوبة على حزب الدعوة والتي تعتبر من دعائم دولة القانون بدأت تعلن استيائها من ادارة الاستاذ المالكي وتصرفات المحسوبين عليه وكان اخر المتحدثين في هذا المجال السيد سامي العسكري .
4. القائمة العراقية والتي تشكل اغلبية الطيف السني تصرح نهارا جهارا برفض تولي السيد المالكي لدورة ثالثة وان وجد فيها من يريد بقائه فانه لا يستطيع التصريح بذلك .
5. شخصيات دولة القانون والتي كانت تجرح بأصواتها المقززة اذان العراقيين بتصريحاتها الرنانة بدأت شيئا فشيئا تبتعد عن الاضواء وهذا ليس صحوة ضمير منها ولكنها تيقنت ان صوتها لم يعد مسموعا .
6. المرجعية وخصوصا مرجعية السيستاني وعلى لسان معتمديه في كربلاء ومرجعية الشيخ بشير الباكستاني وعلى لسانه او لسان نجله الشيخ علي صرحوا وفي اكثر من مرة امتعاضهم ورفضهم لكثير من الامور التي تصدر من الحكومة .
7. عدد كبير من المؤيدين للسيد المالكي والذين يحلو للعراقيين تسميتهم ب(جماعة ماننطيها) بدأوا شيئا فشيئا ينتبهون من غفلتهم ويطرحون بعض الاسئلة والتي منها لماذا لايتم ايقاف التفجيرات والقتل للعراقيين؟ لماذا لا يتم محاسبة المفسدين؟ لماذا يتم تهريب قتلة الشعب العراقيين في وضح النهار ؟ وغيرها من الاسئلة التي لا يجدون لها جوابا الا جواب واحد تخذلهم جرأتهم ان ينطقوا به.
8. كبار الفاسدين والذين لا تسلط عليهم الاضواء والذين يلوذون بالمقربين من السيد رئيس مجلس الوزراء اصبحوا يستشعرون الخطر واذا لم يفتضحوا اليوم فسيفتضحون في المستقبل فالحل الطبيعي هو سحب التأييد للسيد المالكي والذي يأتي عن طريق المستشارين والمقربين والبحث عن بديل اخر يستترون خلفه خصوصا ان الآراء تتجه الى ان الشخصية القادمة ستكون من الحزب الحاكم .
9. نمو ظاهرة التظاهر بين ابناء الشعب العراقيين وكسر حاجز الخوف وحاجز (آنةشعلية) ستكون له اثارا واقعية على الساحة العراقية وقد تؤدي الى مالا يحمد عقباه .
10. تزايد الرفض الاقليمي لسياسة الحكومةوعلى رأسها دولة رئيس الوزراء وسعي بعض الدول الى عزل الحكومة العراقية مادام الاستاذ المالكي على راس السلطة تعطي وبما لايقبل الشك دليلا واضحا على رفض السيد المالكي .
هذه الاسباب وغيرها اوصلت السيد المالكي الى النتيجة الاتية وهي استحالة الترشيح لدورة ثالثة بالطرق الطبيعية لذلك اختار الرجل الطريق الاسهل والاسلم والانجع وهو الاستعانة بالإدارة الامريكية والتي هي وحدها القادرة على قطع نزاع القوم حيث انها تملك القدرة على اسكات الجهات الاقليمية الرافضة وبعض الجهات السياسية الداخلية الرافضة وكان ذلك جليا من ارتباك السيد المالكي في كلمته التي القاها في معهد السلام الامريكي عندما نسى شيئا على المنصة وعاد لأخذه وعندما اراد الجلوس مكان مدير المعهد كلها امور كانت واضحة لكل من تابع الحدث واما الشعب العراقي او اغلبيته فهو مغلوب على امره لأنه سيضحي ويخرج للانتخابات على الرغم من صعوبة الخروج وسينتخب المرشحين الذين يعتقد انهم سيخدمونه ولكن ستكون النتيجة وبحكم المحاصصة و الضغوطات من الكتل السياسية ترشيح السيد المالكي مرة ثالثة وسيعود البلد الى مآسيه واحزانه مرة ثالثة وسيستمر مسلسل الدم والدمار لأربعة سنوات اخرى…. وان غدا لناظره قريب .