18 ديسمبر، 2024 9:34 م

الفكرة تدحضها رصاصة؟!

الفكرة تدحضها رصاصة؟!

يتحرك بسرعة، يخطف الأضواء من الجميع، يتغلغل لجميع المساحات ويضع النقاط في بؤبؤة العيون، فلم تعد للاحرف معنى، عندما توهم الناظرون.. يرفضون كل خطوة، ثم يسيرون على ذاك الخط الذي رفضوه؛ لعلهم يلحقون، لكنهم لم ولن يتركوه يمر حتى يشبعوه وخزا وتنكيلا وتشكيكا..
لا خيار امامكم إلا قتله… فكذبة الفكرة تدحضها الفكرة، وما عمل الرصاص إذا؟.. لغات مختلفة وقناعات متناقضة لجهل او تجاهل، لمصلحة اثبات وجود بلا تأريخ، فهذه الصولجانات الفارغة بلا محتوى ولا أرث تاريخي بل ولا عائلي يذكر، لن تفرط بمنطقها حتى وان ايقنت انه بلا منطق، لسبب حقيقي إنها مجوفة بلا هذا التبرير، والحجة الخداعة والسبب الملتوي؛ لن تبقى صامدة يوم واحدا، أمام تأريخ ومبادئ ومنهج معتدل يبني وطن.
صراع المشاريع والفكر والبرنامج، يختلف جذريا عن صراع الحقد والحسد والوهم… الأول يكون بين أصحاب العقول والتفكير السليم و شرف التنافس، اما الثاني فيكون صراعا للجهل والتعصب والتخندق والتسقيط والتسفيه والخداع.. مشروعان لا يمكن ان يلتقيا او يتفاهما..
معظم ما نشهده على الساحة السياسيةالعراقية، هو صراع مشروع الفكرة مع مشروع الجهل.. تنافس بين القلم والرصاصة، بين قوة المنطق ومنطق القوة، بين التوضيح والتجهيل والتثقيف والتسفيه، بين الصمت والهدوء والصراخ والشتم، بين ثبات الموقف، والتنطط والتناقض.
عندما تواجه قوى الدولة قوى اللا دولة، فان الغلبة ستكون لقوى اللادولة، في الظرف الآني؛ لكن الانتصار الأخير والثابت سيكون لقوى الدولة ولو بعد حين.. فارق الأدوات يصنع الفارق، فسرعان ما ينكشف الزيف وينجلي الوهم، لكنه يحتاج الى وقت وتراكم معرفي وتوعوي، قد يتعدى اجيالا.. النتائج اتية لا تقبل الشك هي بأن الدولة يجب ان تبنى بادواتها الصحيحة.. فمن غير المنطقي استخدام ادوات التهديم في البناء.
ندخل في مرحلة حرجة وحاسمة من تاريخ العراق، فرياح الغرب بدأت تضرب من داخلها، وما عادت تلك الدول تتمتع بقوتها السابقة، والجو العام يؤكد بوجود تغييرات جوهرية على مستوى العالم ومحيطنا الاقليمي، كان بدايتها تصالح قطر مع السعودية، رافقه اضطرابات أمريكية قبل تصويت الكونغرس الأمريكي على نتائج الانتخابات بفوز بايدن، ثم اقتحام انصار ترامب للكونغرس وتصادمهم مع قوى الامن، سرعان ما هدأ الوضع وتم اكمال التصويت بعد دعوة ترامب انصاره للتراجع.
سرعة التغييرات التكنولوجية، والتطور التقني الهائل لن ينتظر أحد، والعراق مازال يصارع لبناء دولته ليجاري تطور العالم، فالنفط لن يدوم طويلاً، والطاقة النظيفة تتقدم بسرعة صاروخية، وربما عشر سنين، كافية لنرى السيارات الكهربائية تحوم حولنا، فضلا عن السيارات الطائرة، لذا فالأمر لم يعد يحتمل ما يحصل من تجاذبات سياسية، ترهن العراق لعشر سنوات بوضعه الحالي بيد قوى اللادولة، التي تجذرت وتفرعنت بالفساد والمقامرة والقتل، تحت ذرائع واهية لتغذية مكاتبها الاقتصادية، لتقوى على حساب اضعاف الدولة وكسر هيبتها.
الحل بيد الشعب بنسبة كبيرة، وما تحمله صناديق الانتخابات المبكرة، سيسجل التاريخ ان الفرصة السانحة، كانت بيد الشعب لانتشال العراق من قوى اللادولة بإتجاه بناء دولة حقيقية يتساوى بها المواطنون الذين يحملون جنسية عراقية فقط..
الدولة التي أصبحت حلما نرغب من تحقيقه، لكن كل حلم يحتاج الى عمل وقرار قد يحذف مميزات كثيرة من طبقة واسعة من هذا الشعب، لكنها ستكون بداية لنهاية مشاكل عديدة، موروثة منذ سنوات .. وقد تجد حلولا بعد غياب عصا قوى اللادولة التي تصر على اغراق البلد بمشاكل لأنها تعتاش عليها..
الحلم يتحقق شرط العمل الجاد، والوعي المنطقي لبناء وطن يسع الجميع.. وعندها فقط وفقط ربما تهزم الفكرة الرصاصة.