انقلاب في “واشنطن” .. هل أميركا على شفى حرب أهلية ؟

انقلاب في “واشنطن” .. هل أميركا على شفى حرب أهلية ؟

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

بينما لم تحظى، قبل الآن، أي جلسة لـ”الكونغرس” الأميركي بشأن التصديق على أصوات “المجمع الانتخابي” بأي صدى، تصدرت أنباء هذه الجلسة وسائل الإعلام؛ بعد هجوم أنصار السيد، “دونالد ترامب”، على مبنى “الكونغرس”؛ للحيلولة دون التصديق على آراء “المجمع الانتخابي”.

وكانت “الولايات المتحدة”، طوال سنوات، تقدم نفسها باعتبارها رائدة الديمقراطية في العالم، وقضت بهذه الذريعة على عشرات الدول حول العالم، ودفنت ملايين البشر في التراب، في حين لم يشم أقرب حلفاءها ولو ريح الديمقراطية. بحسب وكالة أنباء (اسبوتنيك) الروسية في نسختها الفارسية.

آليات انتقائية للانتخابات الأميركية..

ويقوم الهيكل السياسي الانتخابي الأميركي على أساس “المجمع الانتخابي”، وهو يُعتبر منذ البداية تكنيك للسيطرة على لوبيهات السلطة المتوارية خلف الهيكل السياسي السائد في “الولايات المتحدة”. وقد خطط المؤسسون الأوائل، منذ بداية تأسيس “الولايات المتحدة، لنظام بحيث يبدو أن الديمقراطية تحكم وتسود “الولايات المتحدة الأميركية”.

وفي الوقت الذي يحق لكل مواطن في أي دولة حول العالم الإدلاء بصوته، إلا أن “الولايات المتحدة” تُحرم الكثير من مواطنيها هذا الحق ولا تسمح لهم بالتصويت.

صراحة “ترامب”..

ومع الأخذ في الاعتبار لخصوصية الأوضاع الراهنة، ففي الهيكل الأميركي، الذي تم التخطيط له منذ البداية، يعتين حتى على الفائزين في التصويت الشعبي الحصول على التأييد. وربما يرفض الكثيرون قرارات السيد، “ترامب”، وسلوكياته، لكن لابد من الاعتراف بأن السيد، “ترامب”، رغم كل سلبياته؛ يتمتع بمزية أساسية وهي الصراحة في القول وعدم الخضوع للأطر السياسية السائدة.

ويعتقد الكثيرون أن هذا الأمر كان سببًا في ضعف قدرة الهيئة الحاكمة في “الولايات المتحدة” على تحمل وجود “ترامب”، بـ”البيت الأبيض”، ولذلك جاء قرار عزله عن السلطة بأي وسيلة.

لقد كان للسيد، “ترامب”، حتى قبل الوصول إلى السلطة، أسلوب خاص يستند إلى الاستفادة من تحفيز مشاعر الآخرين، وقد سعى باعتباره رئيس الولايات المتحدة إلى الاستمرار في هذه السياسة؛ ولم يكن على استعداد لتقبل فكرة أن يعمل بعد الانتخابات كرئيس لكل الولايات الأميركية، وليس فقط لمن صوتوا له.

وهو ما تسبب في تصويت الكثيرون مؤخرًا لصالح، “جو بايدن”، ومن ثم يمكن القول: “إن انتخاب السيد، بايدن، لم يكن بسبب شعبيته”.

عوامل الحرب الأهلية تختمر..

لكن من جهة أخرى يجب أن نعترف أن نحو 70 مليون من الأميركيين عاشقون للسيد، “ترامب”، وهو يعرف جيدًا معنى معادلة السلطة هذه.

بعبارة أخرى؛ فقد صوّت 70 مليون لصالح السيد، “ترامب”، بينما لم يصوّت الكثيرون لصالح، “بايدن”، حبًا له. وقد يسأل البعض: ماذا يعني ذلك ؟

هذا يعني أن السيد، “ترامب”، يستطيع الاعتماد على هؤلاء الـ 70 مليون واستعدادهم للقتال من أجل بقاءه بالسلطة، لكن “بايدن” لا يستطيع الاعتماد على الـ 75 مليون، الذين صوتوا له، للقتال من أجله. مع الأخذ في الاعتبار لارتفاع مبيعات السلاح داخل “الولايات المتحدة”، خلال الأشهر الأخيرة، وهو ما يعكس عمق الأزمة.

من ثم يسعى “ترامب” بتحفيز أنصاره لدفعهم إلى التمرد والثورة ضد النظام السائد في “الولايات المتحدة”، وهو يعلم أن الطرف المقابل ليس على استعداد للوقوف في وجهه.

وإذا ما تجاوزنا كل ذلك؛ فسوف نكتشف أن هجوم أنصار “ترامب” الأخير على مبنى “الكونغرس” الأميركي، هو نوع من انقلاب “ترامب” الأبيض على النظام السائد في “الولايات المتحدة”، ويمثل نوعًا من التهديد لنواب “الكونغرس” والنظام السائد للإحجام عن تأييد نتائج الانتخابات. ولن تكون هذه بالقطع النهاية، ولكن وكما تمكن أنصار “ترامب” من احتلال مبنى “الكونغرس”، فقد لا يسمح هو نفسه بتسليم السلطة خلال الفترة المقبلة بذرائع مختلفة.

الإزدواجية الأميركية..

ولا يخفى على أحد أن النظام السياسي الحاكم في “الولايات المتحدة” يصارع حاليًا الإزدواجية أو التعددية الشديدة، لكن الجدير بالذكر أن هذه الإزدواجية تسري أيضًا في الهياكل العسكرية والأمنية الأميركية؛ ولا يستطيع لا (البنتاغون( ولا أي من المجامع الأمنية والاستخباراتية؛ اتخاذ قرار حاسم.

ولعل أبرز مثال على ذلك، هو قرار (البنتاغون) إلى حاملة الطائرات (نيمبتز) بالتوجه نحو الخليج، وهو القرار الذي قام “ترامب” بإلغاءه بعد أيام وانسحبت حاملة الطائرات من الخليج.

في الختام؛ يجب الإنتباه إلى أن كل الانتخابات التي شهدتها معظم الدول العالم تجد المعارضون للانتخابات هم في العادة من المعارضون للحكومة، ولم يحدث أن شكك رئيس في السلطة في نزاهة انتخابات بلاده، وتلك الملاحظة وهذا الاصرار العجيب من الرئيس الأميركي لفت إنتباه الكثيرين إلى ربما امتلاك السيد، “ترامب”، معلومات، لأنه لن يتكلم عن تزوير الانتخابات بدون دليل، لكن حتى لو وصل السيد، “بايدن”، إلى السلطة فسوف تكون هناك شكوك عن شرعيته بالنسبة للكثيرين في الداخل والخارج.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة