خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تتسارع وتيرة أحداث اقتحام أنصار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، “دونالد ترامب”، لـ”الكونغرس” الأميركي، وهو الأمر الذي وضع أعتى الدول المنادية بالديمقراطية في مأزق أمام العالم، ففي محاولة منه للملمة الأمر الذي بات وصمة عار في جبينه، دعا “ترامب”، أمس، إلى: “المصالحة وتضميد الجراح”، مؤكدًا أنه يريد انتقالاً: “سلسًا” للسلطة إلى خلفه الرئيس المنتخب، “جو بايدن”.
وفي المقابل، اتهم الرئيس المنتخب، “جو بايدن”، الخميس، “ترامب” بشنّ: “هجوم لا هوادة فيه على المؤسسات الديمقراطية”.
وكان “ترامب” قد قال، في مقطع فيديو نشره على حسابه في موقع (تويتر)، إن: “إدارة جديدة ستُنَصّب في 20 كانون ثان/يناير. تركيزي الآن ينصب على ضمان انتقال هاديء ومنظّم وسلس للسلطة. هذه اللحظة تتطلب تضميد الجراح والمصالحة”، وهو ما بدا اعترافًا رسميًا من الرئيس المنتهية ولايته بخسارته انتخابات الثالث من تشرين ثان/نوفمبر.
وأضاف أنه: “ساخط إزاء أعمال العنف وانعدام القانون والفوضى”؛ التي إرتكبها أنصاره في مقر “الكونغرس”، حيث قُتلت امرأة بالرصاص خلال صدامات دارت بينهم وبين قوات الأمن عندما اقتحموا (الكابيتول) لمنع المشرّعين من المصادقة على فوز “بايدن” بالرئاسة.
وقال “ترامب”؛ مخاطبًا مقتحمي (الكابيتول): “إلى من إرتكبوا أعمال عنف أو تدمير، أنتم لا تمثّلون بلدنا. ولمن خالفوا القانون، ستدفعون الثمن”.
إدانة البيت الأبيض للإنتهاكات..
رسالة “ترامب” جاءت بعد إعلان متحدثة باسم “البيت الأبيض” أنه وإدارته يدينان: “بأشد العبارات الممكنة”؛ الإنتهاكات التي حصلت، الأربعاء.
وقالت “كيلي ماكيناني”، في تصريح مقتضب: “أريد أن أكون واضحة: أعمال العنف التي شهدناها في مبنى (الكابيتول) كانت مروّعة ومستهجنة ومخالفة للقيم الأميركية”، مشددة على أن: “الرئيس وإدارته يدينانها بأشدّ العبارات الممكنة”، حسبما نقلت (فرانس برس).
إدانة “ماكيناني” كانت أول إدانة تُصدر عن “البيت الأبيض” لما شهده مقر “الكونغرس”، الأربعاء، من إنتهاك لحرمته وتخريب على أيدي أنصار “ترامب”، الذي كان قد أكتفى في خضم تلك الأحداث ببث مقطع فيديو قصير خاطب فيه أنصاره الذين أكد لهم أنه: “يحبهم”، ودعاهم إلى “العودة إلى ديارهم”، مع تشديده في الوقت نفسه على أن الانتخابات “سرقت” منه.
إلتزام بنقل منظم للسلطة واختلاف مع نتيجة الانتخابات..
وأصدر “ترامب”، صباح أمس الخميس؛ بيانًا مقتضبًا إلتزم فيه بنقل: “منظم” للسلطة، مؤكدًا من جديد “اختلافه التام” مع نتيجة الانتخابات.
من جهته، قال “بايدن”، في خطاب من معقله في “ويلمنغتون”، بولاية “ديلاوير”، إن: “يوم أمس كان في نظري أحد أحلك الأيام في تاريخنا”، واصفًا من شارك في أعمال الشغب التي حصلت في (الكابيتول) بأنهم: “إرهابيون”.
دعوات لتنحية “ترامب”..
وعلى إثر هذه الأحداث، تعالت الأصوات لتنحية “دونالد ترامب” قبل أقل من أسبوعين من إنتهاء ولايته، حيث دعا زعيم الديمقراطيين في “مجلس الشيوخ”، السيناتور “تشاك شومر”، نائب الرئيس “مايك بنس”، إلى تنحية “ترامب”؛ لأنه: “حرّض” أنصاره على اقتحام (الكابيتول).
كما دعت رئيسة مجلس النواب، “نانسي بيلوسي”، إلى تنحية الرئيس، معتبرة هذه الخطوة: “أمرًا ملحًّا بالغ الأهمية”، ومحذرة من أنه إذا لم يُنحَّ “ترامب” بموجب هذه الآلية الدستورية؛ فإن “الكونغرس” مستعد لإطلاق آلية لعزله من خلال محاكمته برلمانيًا.
وأفادت صحيفة (نيويورك تايمز)، أمس الخميس، بأن “بنس” يعارض اللجوء إلى التعديل الخامس والعشرين للدستور لإجبار “ترامب” على التنحي عن منصبه، رغم مطالبات الديمقراطيين وبعض الجمهوريين بذلك.
وفي حين لم يتحدث “بنس” علنًا عن إمكانية اللجوء إلى هذا التعديل؛ الذي لم يسبق استخدامه في تاريخ “الولايات المتحدة”، نقلت الصحيفة عن مصدر مقرّب من “بنس” قوله؛ إن نائب الرئيس يعارض هذه الخطوة “الراديكالية”.
وذكرت الصحيفة أن موقف “بنس” هذا مدعوم من العديد من الوزراء، الذين سيكون تأييدهم ضروريًا لتنفيذ التعديل الخامس والعشرين.
وأضافت أن هؤلاء المسؤولين: “يرون أن إجراء كهذا من شأنه أن يزيد من الفوضى الحالية في واشنطن بدلاً من حلحلتها”.
مباحثات حول إمكانية تفعيل التعديل 25 من الدستور..
في الوقت ذاته، ذكرت وسائل إعلام أميركية أن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، ووزير الخزانة، “ستيفن منوشين”، بحثا إمكانية تفعيل التعديل (25) من الدستور الأميركي الخاص؛ الذي يقضي بعزل الرئيس.
وبحسب شبكة (سي. إن. بي. سي)؛ نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة، فقد أجرى وزير الخارجية، “مايك بومبيو”، ووزير الخزانة، “ستيفن منوشين”، محادثات غير رسمية لهذه المسألة داخل إدارتهما حول ملامح تفعيل التعديل الخامس والعشرين، الذي يمكن من خلاله البدء في إجراءات عزل “ترامب”.
وبحسب (سي. إن. بي. سي)، أن تفعيل المادة تلك تشوبها تعقيدات عدة، من بينها أن العملية يمكن أن تستغرق نحو أسبوع، مما يعني أنه لن يكون لها الأثر المباشر، خاصة وأنه لم يتبق لـ”ترامب” سوى أقل من أسبوعين في السلطة.
وتتمثل المشكلة الأخرى؛ فيما إذا كان بوسع وزراء ثلاثة يتولون منصبهم بالوكالة التصويت حول تفعيل المادة من دون موافقة “مجلس الشيوخ”.
الاستقالات تتوالى..
وتوالت الاستقالات اعتراضًا على ما حدث من أحداث عنف، فقد استقال أربعة مستشارين كبار في “مجلس الأمن القومي”، بـ”البيت الأبيض”، اليوم الجمعة.
ونقلت وكالة (رويترز)، عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية وشخص مطلع على الأمر، أن المسؤولين الذين استقالوا يوم الخميس في نزوح جماعي متزايد لمساعدي “ترامب”؛ هم: “إيرين والش”، كبيرة مديري الشؤون الإفريقية؛ و”مارك فاندروف”، مدير أول لسياسة الدفاع؛ و”أنتوني روغيرو”، المدير الأول لأسلحة الدمار الشامل؛ و”روب غرينواي”، مدير أول لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وكانت وزيرة التعليم الأميركية، “بيتسي ديفوس”، التي استقالت، الخميس، ثان عضو يُعلن استقالته من إدارة “ترامب”، بعد اقتحام مبنى (الكابيتول).
وأشارت الوزيرة، في رسالة وجهتها إلى “ترامب” وتلقى عدد من وسائل الإعلام الأميركية نسخة منها: “لا يُمكن إنكار أن خطابكم كان له تأثير على الوضع، وهذا كان نقطة تحوّل بالنسبة إليّ”.
وقبلها بساعات، أعلنت وزيرة النقل الأميركية، “إيلين تشاو”، استقالتها من منصبها غداة اقتحام أنصار “ترامب”، (الكابيتول).
وذكرت “تشاو”، في بيان نشرته على حسابها في موقع (تويتر): “أعلن اليوم استقالتي من منصبي وزيرة للنقل”، مشيرة إلى أنها اتخذت هذه الخطوة لأن ما حصل في (الكابيتول) كان: “حدثًا صادمًا؛ وكان يمكن تجنبه تمامًا، وقد أزعجني كثيرًا إلى درجة أنني لا أستطيع تجاهله”.
كذلك قدّم رئيس شرطة (الكابيتول) استقالته الخميس، غداة اقتحام مناصرين لـ”ترامب”، مقر “الكونغرس”، بحسب ما أعلن مصدر مقرب منه لوكالة (فرانس برس).
وأشار المصدر، مشترطًا عدم ذكر اسمه، إلى أن “ستيفن ساند”؛ تقدم باستقالته التي: “ستصبح نافذة اعتبارًا من 16 كانون ثان/يناير 2021”.
تحقيقات تشمل “ترامب”..
وأمس، قال القائم بأعمال المدعي الأميركي، “مايكل شيروين”، إن المحققين الفيدراليين يدققون خلف كل شخص متورط في الاضطرابات التي شهدها “الكونغرس”، يوم الأربعاء.
وأضاف “شيروين” أن التحقيقات تشمل الدور الذي لعبه الرئيس، “دونالد ترامب”، في تحريض المتظاهرين، وأنه سيتم فحص تصريحات وملاحظات الرئيس المنتهية ولايته قبل الهجوم.
وقال إن المدعين الفيدراليين وجهوا 15 قضية جنائية بهذا الشأن، بما في ذلك اعتقال رجل ببندقية عسكرية نصف آلية و11 زجاجة مولوتوف كانت جاهزة للتفجير.
وأضاف أن معظم القضايا الموجهة للمتهمين تتعلق بالدخول غير المصرح به إلى مبنى “الكونغرس”، إضافة إلى قضايا تعلق بحيازة الأسلحة النارية، وسرقة الممتلكات.
وأكد القائم بأعمال وزير العدل، أن هناك قدرًا كبيرًا من السرقات في مبنى “الكونغرس”، حيث تمت سرقة عدة أشياء من المكاتب، مشيرًا إلى أن هذه السرقات تثير مخاوف على الأمن القومي، دون الإشارة إلى ماهيتها.
اقتحام “الكونغرس”..
يُذكر أنه تم إغلاق مبنى (الكابيتول) والأعضاء بداخله، الأربعاء الماضي، فيما نشبت اشتباكات عنيفة بين أنصار الرئيس، “ترامب”، والشرطة.
وأذيع إعلان بذلك داخل المبنى أثناء اجتماع النواب للتصويت على تأكيد فوز، “جو بايدن”، بالرئاسة، وبسبب: “تهديد أمني خارجي” منع دخول أو خروج أي شخص من مجمع (الكابيتول)، بحسب الإعلان.
وحطم المحتجون حواجز معدنية عند الدرجات السفلى للمبنى، وتصدت لهم الشرطة مرتدية زي مكافحة الشغب، وحاول البعض الإندفاع عبر صف الشرطيين الذين أطلقوا رذاذ الفلفل على الحشد، وهتف البعض وسط الحشد: “خونة”.