17 نوفمبر، 2024 1:29 م
Search
Close this search box.

العراق…المحاصصة واللجان النيابية..المالية نموذجا

العراق…المحاصصة واللجان النيابية..المالية نموذجا

لا يختلف إثنان في الشارع العراقي ولا بين الاحزاب السياسية ولا بين الحكومة العراقية إن المحاصصة هي السبب الرئيسي في إنهيار البلد ووصوله إلى قاع الحضيض…لكن المستغرب إن من يدعون لحكم المحاصصة في العراق وتكريس هذه المحاصصة هم انفسهم من يشخصون الخلل الكبير في هيكلية الدولة العراقية التي كانت المحاصصة من أهم اسباب تعطل سبل التنمية ونهوض العراق من جديد. لقد تعودنا ان نسمع من مختلف الكيانات السياسية نقدا لاذعا في وسائل الاعلام عن إستنكارهم الشديد لطريقة حكم البلد من خلال محاصصة مقيته أكلت الاخضر واليابس ولا تزال تنهش في جسد العراق…هؤلاء نفسهم في الغرف المغلقة يتفاوضون على تكريس حكم المحاصصة والمناطقية والطائفية وحتى العنصرية منها…إنه النفاق السياسي الذي يشهده العراق وهم بدون علم أو بعلم سائرون بالبلد إلى الهاوية السحيقة.
إن الغباء السياسي التي تتمتع به بعض الاطراف المختلفة التي تسيطر على نظام الحكم في العراق لا يكادون يفهمون إن هناك طرفا معينا هو المستفيد الاول من المحاصصة وهذا الطرف يصر على تكريس هذه المحاصصة ويلعب على وتر تجذير الهوة بين باقي ألاطراف لانها الطريقة الوحيدة التي سوف تقود البلد للتشرذم والتجزئة التي يدعوا إليها لكي يعلن دولته عندما تتوفر الظروف الإقليمية لذلك إذ أنه على المستوى الداخلي فقد تهيأت له كل السبل من خلال تصرفات التي سمح له الآخر بها وكأنه دولة مستقلة لكنها تعيش على خيرات المناطق الأخرى وتمتص جسد الدولة العراقية مسنودين من حلفائم الأمريكان ودول أوربا الغربية وإسرائيل. إن التفرقة التي تعيشها الكيانات الأخرى جهلا أو طمعا بالمكاسب الأنية هي من الاسباب التي جعل الطرف الآخر يتجاوز على مواد الدستور العراقي ويضرب به عرض الحائط فيما إذا لم يتوافق مع مصلحة كيانه أو كياناته الضيقة وفي كل مرة تحدث أزمه يخرج منها منتصرا ليس لكونه صاحب حق ولكن لكون المفاوض الأخر نسى إنه يمثل دولة إسمها العراق وراح يفاوض بإسم كيانه ومدى المكاسب التي يحققها بغض النظر فيما إذا كان هذا الاتفاق يصب في مصلحة بلده أو لا…
لقد نزعت المحاصصة كل شكل من أشكال السيادة لهذا البلد وجعلت كلمته غير مسموعة وموقفه ضعيف جدا في المحافل الدولية وحولت الحكومة الإتحادية إلى أضحوكة على المستوى الداخلي والخارجي، فالحكومة التي لا تستطيع فرض كلمتها على كامل التراب العراقي هي حكومة منزوعة السيادة، وجيشها الجيش العراقي الباسل الذي نرفع القبعة له بمناسبة عيده الماسي قيدته المحاصصة وجعلته لا يستطيع فرض القانون في مناطق العراق كافة بل تعدى الامر كل الخطوط الحمراء فالمحاصصة تمنع الجيش العراقي من الوصول إلى أراضي عراقية يسيطر عليها هذا الكيان السياسي أو ذاك، أي سيادة تتكلم عنها الحكومة الإتحادية ومؤسساتها الإتحادية ممنوعة من العمل والتدقيق في مناطق تسيطر عليها الأحزاب، أي سيادة تتكلم عنها حكومة بغداد وهي لا تعرف ما يدخل ويخرج من منافذها الحدودية وخصوصا في مناطق سيطرة الاحزاب وعلى وجه الاخص منافذ شمال العراق، أي سيادة تتكلم عنها الحكومة وهي لا تستطيع السيطرة على مطاراتها ولا تعرف ما يجري فيها، هناك عشرات وعشرات من الامثلة التي تكون كفيلة بنزع كل شكل من أشكال السيادة للحكومة الاتحادية ونزع عنها كل إحترام من قبل الشعب العراقي قبل المحيط الإقليمي…كل ذلك يجري بسبب المحاصصة فالمحاصصة هو الطريق إلى الهاوية.
المشكلة إن الشعب العراقي عموما يدرك مخاطر حكم المحاصصة في العراق بشقيه العربي والكوردي فإن هذا الشعب هو في نهاية المطاف من يدفع الثمن وبدأ حقيقة بدفع الثمن الذي سوف يكون باهضا جدا ولكن من يدفع أكثر سوف يكون العرب في العراق. متى يدرك ساسة العرب في العراق إن شعوبهم مستهدفة وإنهم ينفذون أجندات خارجية قذرة تستهدف في ما تستهدف المواطن العراقي على وجه الخصوص. لماذا لا يتعلم الساسة العرب في العراق من ساسة الكورد، يختلفون في ما بينهم ولكن كلمتهم تحت قبة البرلمان موحدة إذا كان النقاش يخص حقوق العرب وحقوق الكورد….لماذا يتنازل الساسة العرب عن أبسط حقوق شعبهم العربي ويوافقون على أن يتحكم ويساوم وينهب خيراتهم الطرف الآخر…لقد تقزم الساسة العرب حتى أصبحوا لا يتحركون إلا وفق مصالح كياناتهم ونسوا إن هناك مصالح عليا لشعبهم لو دافعوا عنها سوف تنعكس بالإيجاب على كياناتهم الهشة التي أصبحت منبوذة من قبل مجتمعهم العربي في العراق كما أصبحت الأحزاب الكوردية منبوذة من قبل مجتمعهم الكوردي….
فالمحاصصة رغم إنها توحي بتحقيق مكاسب مادية للكيانات السياسية المختلفة على المدى القريب لكنها سوف تؤدي إلى تفكيك هذه الكيانات على المدى البعيد وتبعدها عن جماهيرها على الأرض لأنه مهما كانت أجهزة إعلامهم تزوق وتلمع لنظام المحاصصة إلا إنه هناك تأثيرات سلبية سوف يعاني منها الشعب تؤثر على مفردات حياته اليومية مما يؤدي نبذ شكل النظام هذا كما حصل في مظاهرات تشرين 2019 وكما سوف يتكرر حصول ذلك مستقبلا إذا لم يتدارك الساسة خطورة الطريق الذي رسموه لحكم العراق…وعندما يثور الشعب من جديد فإنه قد يسحق كل رموز المحاصصة في البلد والله وحده سبحانه وتعالى قادر على أن يجنبنا ما سوف يحصل في هذا البلد المتهالك عندما يثور الشعب من جديد.
نصيحتي لكل الطبقة التي تحكمت في العراق منذ 2003 ولحد الآن عربها وكوردها سنتها وشيعتها لا تستهينوا بالشعب العراقي الذي يغلي الآن ولا تركنوا إلى قدراتكم المالية ولا إلى السلاح الذي تتسلحون فيه ولا إلى خلفياتكم الدينية ولا إلى الملأ المنتفع الذين يحيطون بكم ولا إلى قنواتكم الإعلامية ولا إلى جذوركم الإقليمية التي تحرككم ضد شعبكم، أقول إن الشعب العراقي يعرفكم جيدا أكثر مما تتصورون وإذا كنتم تسوقون إلى إنتخابات قادمة على إنها هي المنقذ لما يعاني منه الشعب العراقي فإن تسويقكم هذا مثله كمثل ذاك الذي أحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها.
صدقوني إذا كان عدد المشاركين في الإنتخابات السابقة لم يتجاوز 17% من مجمل من يحق لهم الإنتخاب فإن الإنتخابات القادمة تكونون محظوظين لو حافظتم على هذه النسبة لأننا نعرف نبض الشارع جيدا ونعرف إن الشارع نبذكم وعرف أكاذيبكم حتى جمهوركم الذي تركنون إليه نبذكم لذلك فإن إنتخاباتكم القادمة ليست أكثر من تمثيلية سمجة محكومة بقانون محاصصة يديرها نظام محاصصة إتفقتم مسبقا على عدد المقاعد لهذا الكيان أو ذاك ولذلك فإن جمهور الشارع العراقي سائر بإتجاه المقاطعة الشاملة لهذه الإنتخابات لإنه يعرف نتائجها مسبقا….
يا سادتي عليكم أولا إصلاح البيت العراقي ونبذ الطائفية والمناطقية والمحاصصة وتهيئة الظروف الصحية لإجراء الإنتخابات لأن الشعب العراقي يعرف جيدا…
إن حالة الفقر بين طبقاته في زيادة مستمرة بسبب المحاصصة.
ويعرف إن نسبة العاطلين عن العمل في زيادة مستمرة بسبب المحاصصة.
ويعرف إن لا مجال للشباب العراقي في أي فرصة للعمل سواء كان في القطاع العام أو القطاع الخاص أو الشركات الأجنبية إلا عبر بوابة المحاصصة
ويعرف إن المحاصصة هي التي تسمح لقارىء حسيني بنزع عمامته ويتحول إلى منصب مهم يتحكم بمفردة مهمة تؤثر على حياة المواطن العراقي مباشرة.
ويعرف إن المحاصصة هي من تسمح لشخص غير حاصل على شهادة الإعدادية ولم يخدم في الجيش العراقي يوما واحدا عضوا في لجنة الامن والدفاع النيابية في أصعب الظروف الذي يمر بها البلد.
والمحاصصة هي من سمحت بتوزيع رتب عسكرية عالية وجعلتهم قادة عسكريين على أشخاص كانوا يحلمون أن يكونوا نواب ضباط في الجيش العراقي.
“شحكي حتى أحكي” على حد تعبير الأخوة السوريين عن المحاصصة
وأخيرا وليس أخرا المحاصصة هي التي سمحت بأن يكون أعضاء اللجنة المالية في البرلمان العراقي والمسؤولين عن مناقشة موازنة الدولة العراقية كل سنة لو تصفحت بمؤهلات أعضاءها سوف تجد هذا خريج إعدادية وذلك بكالوريوس دك مريدي والآخر تاريخ وذاك المهندس والآخر طبيب و..و..مفصلة بالضبط على مقاس الكتل السياسية لكل كتلة حصتها في هذه اللجنة وينسحب على بقية اللجان لذلك عندما يجتمعون لمناقشة مسودة قانون الموازنة ولأنهم يفتقرون إلى التخصص المؤهل لهم سوف يكون إهتمامهم الوحيد هو كم حصة كل كيان سياسي من هذه الموازنة وهل حافظ الكيان على حصته مثل في الموازنات السابقة…أ
ما ضرورة توفر حسابات ختامية للسنة السابقة ليتسنى لهم إقرار موازنة العام الحالي فهذا أصلا لا يفهمونه ولا يعرفون أصلا خطورة تغيير سعر صرف الدينار وتخفيضة على المواطن العراقي ولا يعرفون التعامل بلغة الأرقام أصلا وحتى لو وأقول لو إستعانوا بمستشاريين خارجيين فهؤلاء المستشارون أيضا متحزبين ينفذون رغبات كياناتهم…
عليه من يأمل إن اللجنة المالية سوف يكون لها تأثير على مسودة الموازنة هو واهم أو لم يقرأ حقيقة الوضع في العراق والمنطق يقول لا تحمل البعير فوق طاقته وبعيرنا اليوم هم اللجنة المالية في البرلمان. لو كانت اللجنة المالية تحترم نفسها وعملها عليها أن ترفض أن تناقش موازنة عام 2021 بدون وجود حسابات ختامية مرفقة معها على أقل تقدير للسنتين الآخيرتين مع تقرير الرقابة المالية مرفق وأن تعيدها إلى الحكومة لهذا الغرض لكن وللأسف الشديد نقول إن المحاصصة أفقدتهم حتى إحترامهم لأنفسهم.

 

أحدث المقالات